ليبيا: وقف لإطلاق النار مواكبة لمفاوضات جنيف
يبدو أن جولة المحادثات الأولى في جنيف، التي عقدت بين أطراف النزاع في ليبيا برعاية الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، والتي غاب عنها ممثلون عن حكومة وبرلمان طرابلس الذي يسيطر عليهما الإسلاميون، قد أفضت إلى اتفاق على تهدئة ولو مؤقتة، في محاولة لفتح نافذة في جدار الأزمة التي تهدد بانهيار ليبيا وتسرب الفوضى والخطر الأمني إلى الدول المجاورة، إذ أعلنت القيادة العامة للجيش الليبي المعترف به دولياً اليوم وقفاً لإطلاق النار استجابة لتوصيات حوار جنيف، وذلك بعد يومين من إعلان مليشيات "فجر ليبيا" الإسلامية التزامها وقف القتال، وتزامن ذلك مع إعلان "المؤتمر الوطني العام" (برلمان طرابلس المنتهية ولايته، والذي يسيطر عليه الإسلاميون) أيضاً موافقته على المشاركة في جلسات الحوار المقبلة، وإن كان اشترط عقدها داخل الأراضي الليبية.
وأعلنت القيادة العامة للجيش الليبي، الذي يأتمر بقرار حكومة عبد الله الثني المنبثقة عن البرلمان الجديد، والمعترف بها دولياً، في بيان، " وقف إطلاق النار بدء من منتصف ليل الأحد (اليوم) في البر والبحر والجو على كل الجبهات"، مستثنية "عمليات ملاحقة الإرهابيين الذين لا يعترفون بحق الليبيين في بناء دولتهم الوطنية، ولا يقرون الأسس الديموقراطية التي تقوم عليها هذه الدولة". وأضافت القيادة في بيانها أنها "مستمرة في عمليات الاستطلاع لمنع تغيير الأوضاع على الجبهات، ومنع نقل السلاح والذخائر والأفراد براً أو بحراً أو جواً إليها، واعتبار ذلك خرقاً لوقف إطلاق النار يتم استهدافه على الفور"، متعهدة أنه "سواء نجح حوار جنيف أم فشل، فإنه سيواصل حماية الشعب الليبي والسعي لتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار بعيداً عن أي تجاذبات سياسية".
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، أن "قرار القيادة العامة للجيش الوطني جاء لمواكبة ما يجري في جنيف، احتراماً للمفاوضات القائمة خاصة مع الأطراف التي لا تتبع الإرهاب، والتي أمرت بدورها بوقف إطلاق النار، وقررت الانصياع للحوار".
وأوضح المسماري أن "القيادة العامة أبرقت البيان إلى تلك الجبهات، التي وافقت على احترام المفاوضات القائمة"، كاشفاً أن "القتال لن يتوقف في الجبهات التي يقاتل فيها الجيش الإرهابيين، خصوصاً جبهتي بنغازي ودرنة".
من جهته، جدد "المؤتمر الوطني العام" تأكيده على تمسكه بضرورة إجراء حوار " ليبي - ليبي " كـ"خيار أساسي" لحل الأزمة الليبية والالتزام بمبادئ وأهداف "ثورة السابع عشر من شباط" ، باعتباره "أمراً دستورياً، وهو أساس لأي حل سياسي".
وأكد المتحدث باسم المؤتمر عمر حميدان خلال مؤتمر صحافي أن "الحوار الحقيقي الجاد تكون أطرافه متوازنة وقادرة على الالتزام بمخرجاته وتحقيقها على أرض الواقع"، مقترحاً أن يكون مكان الحوار مدينة غات الليبية "تحقيقاً لرغبة الليبيين"، مبدياً استعداد المؤتمر لـ"مناقشة أي مقترح من شأنه أن يخرج البلاد من أزمتها الراهنة".
وشدد حميدان على ضرورة "تكليف فريق حوار من داخل المؤتمر الوطني العام للتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة لتحديد زمان وبنود الحوار وآلياته".
وكانت ميليشيات "فجر ليبيا"، التي تسيطر منذ شهر آب الماضي على العاصمة طرابلس، والتي تعتبر الذراع العسكري للإسلاميين الرافضين لنتائج الإنتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في شهر حزيران الماضي، أعلنت يوم الجمعة الماضي وقف إطلاق النار على مختلف جبهات القتال الذي تخوضه ضد القوات الحكومية، وذلك غداة اختتام الجولة الأولى من حوار جنيف.
وقالت "فجر ليبيا" في بيان إنها تعلن موافقتها "على وقف إطلاق النار لعمليتي فجر ليبيا والشروق، على أن يلتزم الطرف الآخر بذلك"، معربة عن سعيها إلى "فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى والمرضى وإخراج المحاصرين في مدينتي بنغازي وككلة وغيرها من بؤر التوتر".
ورحب مجلس الأمن الدولي أمس بإعلان الميليشيات الإسلامية وقف إطلاق النار على مختلف جبهات القتال الذي تخوضه ضد القوات الحكومية، مهدداً بفرض عقوبات على معرقلي جهود السلام. كما أعرب عن دعمه للجولة الثانية من مفاوضات السلام المقررة في جنيف الأسبوع المقبل، مطالبا بإلحاح كل أطراف النزاع بالمشاركة فيها.
ويأمل مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا برناردينو ليون أن يهدف الحوار إلى تشكيل حكومة وفاق وطني تمثل جميع الليبيين، وذلك بهدف "التوصل إلى تسوية سياسية مقبولة، ووقف الاقتتال الدائر بين الأطراف المتنازعة".
وكالات
إضافة تعليق جديد