مؤتمر باريس اليوم وتوقع عزل غزة عن الضفة

17-12-2007

مؤتمر باريس اليوم وتوقع عزل غزة عن الضفة

هل يشكل «مؤتمر المانحين لقيام الدولة الفلسطينية» في باريس،الذي يجرى اليوم في مركز المؤتمرات في جادة كليبير، الحلقة الاخيرة في مسلسل فصل غزة اقتصادياً عن الضفة الغربية، بعد العزل السياسي للقطاع إثر سيطرة حركة حماس عليه منتصف حزيران الماضي؟
سؤال يطرح نفسه بقوة،مع توقع ان يصادق ممثلون عن 70 دولة غالبيتهم على مستوى وزاري، إضافة الى ممثلين عن نحو 20 مؤسسة مالية دولية، على طلب رئيس الوزراء الفلسطيني في الضفة سلام فياض تقديم 5.6 مليارات دولار لتمويل خطة «الاصلاح والتنمية» التي اعدها للسنوات الثلاث المقبلة (2008ـ2010).
وستترأس فرنسا أعمال هذا المؤتمر،على ان يكون لها ثلاثة نواب للرئيس يمثلون النروج والمفوضية الاوروبية والموفد الخاص للجنة الرباعية طوني بلير. وإضافة الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس،يشارك في مؤتمر باريس الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ووزراء الخارجية الاميركية كوندليسا رايس والإسرائيلية تسيبي ليفني والروسي سيرغي لافروف.
ووصلت رايس الى باريس،متعهدة، بحسب مصادرها،بتقديم مساعدة بقيمة 550 مليون دولار للفلسطينيين عام .2008 وقالت رايس إن «سياسات حماس هي التي ادت الى عزلها وعزل غزة ايضا».
وتغيب دمشق عن تمثيل سياسي مماثل لتمثيلها في مؤتمر انابوليس،حيث يشارك السفير السوري في لندن سامي الخيمي بدلا من وزير الخارجية وليد المعلم الذي كانت الدعوة قد وجهت اليه شخصياً. يذكر ان دمشق كانت قد استدعت سفيرتها السابقة في باريس صبا ناصر،بعد اغتيال رفيق الحريري،ولم تعين بدلاً عنها. وتدير السفارة السورية في العاصمة الفرنسية القائمة بالأعمال شغف كيالي.
وبرغم أن المؤتمر يستدعي،نصاً،مانحين للأراضي الفلسطينية،إلا أن الحديث رسمياً،يمنح المبلغ للدولة الفلسطينية. وتبياناً للإلتباس،فتقديم الدولة التي لم تقم بعد،على سلطة قائمة،ليس حرقا للمراحل،ولكنه إلحاح رسمي فرنسي من وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير،رئيس المؤتمر،لأن الهدف ليس توفير دعم مالي،فحسب،في تحديد دبلوماسي فرنسي،بل استنهاض زخم اقتصادي في جادة كليبير،في سياق الزخم السياسي لأنابوليس،وما يُمهِّد لخطوة واقعية نحو الدولة الفلسطينية.
وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية إن المؤتمر أصبح ممكنا،بفضل الخطة التنفيذية التي وضعها فيَّاض،الذي سيشرف على استقبال 3.9 مليارات دولار في حساب وحيد للسلطة الفلسطينية،وتحت إدارتها،تخصص للإنفاق على أجهزتها،وموظفيها،وجسر العجز المزمن في ميزانيتها،للأعوام الثلاثة المقبلة. ولكن،سيكون بوسع من شاء من الدول اختيار تمويل المشاريع مباشرة،في صندوق منفصل،سيتلقى 7.1 مليارات دولار. ويناقش المؤتمر تقنيات لمراقبة عمليات الإنفاق،وفق ضمانات للشفافية،انطوت عليها خطة فيّاض.
واعتبرت المصادر الفرنسية،أن فصل 40 ألف عنصر أمني من لوائح رواتب السلطة،بقرار من فياض،يمنح الحكومة الفلسطينية مصداقية إدارية كبيرة،كما اشارت الى خطوة مشجعة للمانحين،تمثلت بإعلان خطة فيَّاض عن نقل تسعة آلآف موظف من قطاعات أمنية وإدارية لتشغيلهم في قطاعات الصحة والتعليم.
كما أن الحصار على غزة،سيجعل وصول الأموال،غير الإغاثية والإنسانية،صعباً.
ويحتل فيّاض موقعا بارزا في باريس،ليس لان استجلاب مبالغ المانحين، تتم على أساس خطة وضعها بنفسه، بل إن بقاءه لتنفيذ الخطة، بات ضمانة، لكي يستمر الدعم الدولي «للدولة الفلسطينية«، التي بدأت طريقته في إدارتها، تشكل محور استقطاب للمانحين.
وقد ينزلق النقاش في كليبير من الخطة الإقتصادية، إلى فيّاض نفسه، تكرارا «لعارض لبناني(، أصاب المانحين، الذين رأوا، في استمرار فؤاد السنيورة في رئاسته للحكومة اللبنانية، شرطاً للمنح والهبات. يتحول فيّاض، وضمان بقائه على رأس الحكومة الفلسطينية، عنصراً مماثلا يطمئن المانحين، ويقيد سلطة عباس.
وبخلاف «باريس 3» اللبناني، وفي غياب الرئيس السابق جاك شيراك، الذي كان يسمي، على الهواء مباشرة من قاعة المؤتمر، إسم البلد المشارك، وممثله، ويطلب منه المبلغ الذي ستمنحه بلاده للبنان، لن يتاح لأحد، مباشرة على الأقل، أن يعلم كم سيدفع كل مشارك. فالرئيس الفرنسي ساركوزي لن يقود عمليات التحصيل منحا وهبات، والتلفزة، ستنقل من المؤتمر كلمة ساركوزي الافتتاحية، ويعكف ممثلو تسعين هيئة ودولة، على إلقاء كلمة، تعهدوا ألا تتجاوز الدقيقتين، سيان بين أكرمهم منحا، أو من جاء بدعم سياسي فقط للمؤتمر.
وقال فياض ان «كسب ثقة المانحين امر اساسي لا سيما اننا نطلب منهم تخصيص 70 في المئة من الهبات أي 3.9 مليارات دولار لمساعدة الموازنة على تغطية النفقات الجارية. لن يكون ذلك ممكنا اذا كانت ادارتنا تثير الشبهات... هل هذا كاف؟ كلا. الباقي يعتمد على ما تقوم به إسرائيل وما لا تقوم به». وتابع «يصعب ان نشهد امكان حياة اقتصادية طبيعية... الى ان يتم تخفيف، وفي نهاية الامر ازالة القيود على حرية التحرك التي تفرضها اسرائيل».
وقال عباس بعد لقائه ساركوزي ان للمؤتمر «اهمية خاصة لأنه يأتي بعد مؤتمر انابوليس»، معتبرا انه «ليس مؤتمرا اقتصاديا فحسب بل له هدف سياسي ايضا لأن مجيء هذا الحشد من دول العالم ليس فقط للدعم الاقتصادي بل السياسي ايضا». وتابع ان ساركوزي «ملتزم تماما عملية السلام في الشرق الاوسط وله علاقات وثيقة مع كل الاطراف الاسرائيليين والعرب ما يؤهله لأداء دور مهم».
وقال المتحدث باسم الأليزيه دافيد مارتينون، من جهته، ان ساركوزي «كرر لمحمود عباس ان هدفه هو التوصل سريعا لقيام دولة فلسطينية»، معتبرا ان هذا المؤتمر «اقتصادي الا انه سياسي ايضا». اضاف ان ساركوزي «كرر للرئيس عباس انه صديق اسرائيل، وبهذه الصفة سيذكر بهدف قيام دولة فلسطينية، وأعرب ايضا عن تمسكه بأمن اسرائيل، الأمر غير القابل للتفاوض(.
وبناء على طلب عباس، تطرق الحديث مع ساركوزي الى حماس. وقال مارتينون ان ساركوزي شدد على ان فرنسا «لن تقيم علاقات ولن تجري محادثات ولا حوارا مع حماس ما لم يتم التجاوب قبلا مع الشروط التي وضعها المجتمع الدولي»، موضحا ان الاثنين بحثا ايضا الانتخابات الرئاسية في لبنان.
في المقابل، قالت ليفني بعد لقائها عباس في باريس ان «انشاء دولة فلسطينية وتحديث اقتصادها يصبان في مصلحة اسرائيل، كما ان وقف الارهاب يصب في مصلحة الفلسطينيين»، مضيفة «ينبغي ان يظهر العالم وجود وجهين للمعادلة عبر دعم بناء اقتصاد فلسطيني ومكافحة الارهاب من اجل امن اسرائيل». وتابعت ان «الوضع على الارض لا يزال يثــير اشكالية كبيرة... ينبغي انشاء حقيقة جديدة اقتصادياً وعلى المستوى الامني».
وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت قد قال خلال اجتماع حكومته «بالطبع نحن نؤيد تقوية السلطة الفلسطينية واستنفار (المجتمع) الدولي بهدف تحسين معيشة الفلسطينيين. فتحديث بناهم التحتية ستسمح لهم بألا يعتمدوا على اسرائيل»، مضيفاً «بالطبع، تبقى المسألة الاساسية لإسرائيل، قدرة السلطة الفلسطينية على مواجهة المسائل الامنية وتفكيك المنظمات الارهابية وضمان الا يمارس الارهاب ضد اسرائيل».
وأعلنت وزيرة التنمية الالمانية هايدماري فايكزوريك زويل ان بلادها ستمنح السلطة الفلسطينية 200 مليون يورو من الآن حتى عام ,2010 مشددة على ان «خطة التنمية لا يمكن ان تكون فاعلة الا اذا احرزت عملية السلام تقدما فعليا وما عادت الحواجز تزعج الاقتصاد الفلسطيني وأوقفت اسرائيل بناء المستوطنات وتم تجــاوز الانقسام داخل فلسطين».

محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...