مدينة الدانة: إمارة وشذوذ ومظاهرات وصحوات
الجمل ـ عبدالله علي : شهدت مدينة الدانة بريف محافظة إدلب اشتباكات عنيفة مستمرة منذ يومين، بين كتائب تابعة للجيش الحر ومسلحين تابعين للدولة الإسلامية في العراق والشام التي تعتبر مدينة الدانة معقلاً أساسياً من معاقلها في المحافظة، وبينما لا تزال الاشتباكات مستمرة حتى ساعة إعداد هذا التقرير، فإن قيادات في الدولة الإسلامية في العراق والشام أبدت تخوفها من أن تكون أحداث مدينة الدانة البداية الفعلية لحرب الصحوات.
خلفية الأحداث
رغم أن مدينة الدانة القريبة من مدينة "حارم" تعتبر إمارة تابعة للدولة الإسلامية في العراق والشام يقودها الأمير التونسي "أبو أسامة" بتفويض من الأمير العام للدولة أبو بكر البغدادي،إلا أن أهالي المدينة سرعان ما اكتشفوا الوجه الحقيقي لهذه الدولة التي ترفع شعار الخلافة الإسلامية وتطبيق شرع الله، وأدركوا أنها تتاجر بدماء السوريين لأهداف بعيدة كل البعد عن الدين. وقد كان لحادثة "اللواطة" أثر كبير في تشجيع بعض الأهالي على الالتحاق بالمظاهرات والتنديد بالدولة الإسلامية.
فقد تمكن عناصر تابعون للدولة من إلقاء القبض على ما قالوا أنه "شبكة لواطة"، وعندما قام أميرهم ابو أسامة بالتحقيق تبين له أن اثنان من عناصره قد قاموا بممارسة اللواطة مع الأطفال أحدهما يدعى((حذيفة ناصر)) والآخر تونسي الأصل، وقد فوجئ الأهالي أن الأمير الذي يفترض أنه يقضي بشرع الله قد أمر بلفلفة الأمر وإغلاق القضية خوفاً من الفضيحة التي سوف تلحق بسمعة عناصره، مما زاد من غضبهم ودفعهم إلى الاشتراك في المظاهرات ضد الدولة وممارساتها مطالبين بخروجها من مدينتهم. وقد كان هذا الغضب على موعد مع الانفجار عندما قام عناصر الدولة بالقبض على أحد المتظاهرين بتهمة سبّ النبي.
بداية الاشتباكات:
خرجت يوم الجمعة الماضي مظاهرة كبيرة في مدينة الدانا، تندد بممارسات الدولة الإسلامية وتطالب بخروجها من المدينة. وتعرض عناصر تابعون للدولة لهذه المظاهرة محاولين منعها، وقاموا باعتقال أحد المتظاهرين بتهمة سب النبي. وهنا بدأ إطلاق الرصاص، وبدأ الاختلاف في رواية الحادثة.
ففي حين تؤكد مصادر الجيش الحر أن عناصر الدولة قاموا باستهداف المظاهرة بالرصاص الحي مما أدّى إلى مقتل مواطن مدني وهو ما استدعى من قوات الجيش الحر التدخل لحماية الأهالي والمتظاهرين، تشير مصادر الدولة الإسلامية إلى أن مجموعة قناصين تابعين للجيش الحر هم من قاموا بإطلاق الرصاص حيث سقط خمسة مجاهدين من الدولة ومتظاهر مدني.
وبعد ذلك تصاعدت حدة الاشتباكات بين الطرفين، وتدخلت كتائب عديدة من الجيش الحر في القتال حيث تمكنت من محاصرة مدينة الدانة من جميع الجهات، مهددة باقتحامها في أي لحظة.
أبو جندل الكويتي:
وفي اتصال مع أحد الجهاديين الموجودين في ريف إدلب ويدعى "أبو جندل الكويتي" قال الأخير لنا أنه موجود في منطقة غير قريبة من منطقة الاشتباكات ولكن الأخبار تصله تباعاً عبر الاتصالات التي يجريها مع إخوانه، مؤكداً صحة الخبر الذي يتحدث عن تمكن الجيش الحر من محاصرة مدينة الدانة. وقال الكويتي أن هناك محاولات للتوسط بين الفريقين وإنهاء القتال وذلك عبر اتصالات تجري مع بعض داعمي كتائب الجيش الحر في الكويت وعلى رأسهم وليد الطبطبائي.
في هذه الأثناء كان عناصر الدولة الإسلامية يرسلون نداءات استغاثة لنجدتهم وفك الحصار عنهم، ولا سيما بعد مقتل أحد قياداتهم العسكرية ويدعى "أبو خالد الجزراوي" سعودي الجنسية.
ووفق حصيلة غير نهائية فقد فقدت الدولة الإسلامية خمسة من عناصرها ثلاثة أنصار (أي سوريون) وتونسي وجزراوي، بينما خسر الجيش الحر أربعة عشر قتيلاً من صفوفه.
صحوات إدريس بدأت تنفيذ المهمة:
في ظل هذه الاشتباكات العنيفة، سارعت قيادات في الدولة الإسلامية إلى اتهام اللواء سليم إدريس رئيس هيئة أركان الجيش الحر بأنه ينفذ خطة أوباما التي حولته إلى زعيم صحوات مهمته الوحيدة هي محاربة المجاهدين في سبيل الله، وذلك مقابل وعود أميركية بتزويده بأسلحة نوعية. وقد قال لنا أحد القياديين في الدولة واسمه (عمر) : " لا تظنوا بأن استقبالات الغرب للواء إدريس أمر دبلوماسي، بل هي موافقات وتواقيع منه على إملاءاتهم وأولها قتال المجاهدين وهو ما يحدث اليوم" بحسب قوله.
هذا ويذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها مجموعة تابعة للجيش الحر من قتال عناصر الدولة الإسلامية والتغلب عليها ومحاصرتها بهذا الشكل المهين، وربما هذا ما استشعر قياديو الدولة خطورته فبدأوا بتضخيم الموضوع والتحدث عن صحوات ودعم أميركي للجيش الحر بالسلاح النوعي، كي يغطوا على فشلهم وضعفهم الذي بدا جلياً في مدينة الدانة وأحداثها الدموية.
إضافة تعليق جديد