مستقبل المسألة الكردية في المنظور الغربي

05-02-2008

مستقبل المسألة الكردية في المنظور الغربي

الجمل: تتفاوت وجهات النظر المحلية والإقليمية والدولية حول طبيعة الأزمة الكردية، وتأسيساً على ذلك أصبح لكل طرف منظوره الخاص به إزاء واقع ومستقبل هذه الأزمة.
* الموقف الغربي والأوروبي: النموذج البريطاني:
نشر برنامج الشرق الأوسط التابع لمركز شاتهام هاوس البريطاني ورقة بحثية مختصرة حملت  عنوان «أساس السياسة الكردية»، أشار الملخص التنفيذي للورقة إلى النقاط الآتية:
• عمل الأكراد خلال عدة حقب من أجل تعبئة وكسب الاهتمام الدولي، والآن وللمرة الأولى أصبحت بعض الأطراف الدولية الرئيسية تولي اهتمامها بالمسألة الكردية.
• إقليم كردستان الذي تمت إقامته في شمال العراق يتيح فرصة كبيرة للزعماء الأكراد في القيام بتنفيذ مخططاتهم المستقبلية وممارسة النفوذ على المخيمات الكردية الموجودة في المنطقة التي تضم العراق، تركيا، إيران، وسوريا.
• حدوث أي اقتحام عسكري لشمال العراق سوف يكون ضاراً بواقع ومستقبل الحركات الكردية ويتوقف مصير حدوث هذا الاقتحام على الآتي:
* علاقات أنقرة – واشنطن: يزيد احتمال حدوث الاقتحام في حالة تدهور العلاقات التركية – الأمريكية، ويقل احتمال حدوث الاقتحام كلما تحسنت هذه العلاقات.
* علاقات حزب العدالة والتنمية – المؤسسة العسكرية التركية حيث تضغط هذه المؤسسة لجهة تنفيذ الاقتحام العسكري ويحاول حزب العدالة والتنمية الموازنة بين تخطيط ضغوط المؤسسة العسكرية المطالبة بالاقتحام وضغوط الإدارة الأمريكية الرافضة للاقتحام.
* الرأي العام التركي مقابل الأنشطة الكردية: كلما تزايدت الأنشطة الكردية كلما تزايد عداء ورفض الرأي العام التركي المطالب بضرورة تنفيذ الاقتحام العسكري.
• مطالب الحركات والقوى الكردية ما تزال محدودة على المستوى المعلن ولكنها على المستوى غير المعلن تشير إلى الكثير من الشكوك والمخاوف بالنسبة للرأي العام التركي.
• شبكة العلاقات المعقدة بين القوى والحركات الكردية والدول الإقليمية الأربعة المعنية بالمسألة الكردية هي شبكة تشير إلى أن الملف الخاص بالمسألة الكردية سوف يلعب دوراً هاماً فقي استقرار مستقبل الشرق الأوسط.
• دوائر صنع واتخاذ القرار في الدول الغربية تحتاج إلى القيام بإعادة النظر بدور الملف الكردي في العراق ودور الملف الكردي في تركيا، وأيضاً في كيفية تفاعل أكراد سوريا مع الدولة السورية وأكراد إيران مع الدولة الإيرانية ومدى تأثير القوى والحركات الكردية المسيطرة على إقليم كردستان وعلى تفاعلاتها مع أكراد سوريا وإيران مع بلدانهم.
* أزمة الموقف الغربي: بين المعقول واللامعقول:
لم يحدث أن برزت نظرية المؤامرة بالشكل الذي برزت فيه من خلال الأداء السلوكي الغربي إزاء ملف المسألة الكردية. بكلمات أخرى، الموقف الغربي إزاء الحركات الكردية الموجودة والناشطة في العراق يختلف ويتنافى في تعاكس وتناقض تام مع الموقف الغربي إزاء الحركات الكردية الموجودة والناشطة في تركيا. وبرغم أن الخطاب السياسي لهذه الحركات الموجودة في شمال العراق وجنوب شرق تركيا هو خطاب واحد موحد يتعلق بمسألة واحدة فإن الخطاب السياسي الغربي اختار مفردات متعاكسة لخطاب تعامله مع كل المسألة الكردية في تركيا والمسألة الكردية في العراق. التدقيق الفاحص في الإدراك الغربي ودوافعه إزاء المسألة الكردية يشير إلى أن هذا الموقف الغربي لا علاقة له بالمسألة الكردية أو الحقوق الكردية وغير ذلك وهو موقف يقوم فقط على علاقة النظام في أنقرة وبغداد من الغرب:
• لحسن حظ الحركات الكردية العراقية فإن علاقات بغداد صدام حسين كانت غير جيدة مع الغرب.
• لسوء حظ الحركات الكردية التركية أن علاقات أنقرة كانت جيدة مع الغرب.
وبالتالي، إذا ساءت علاقات أنقرة بالغرب فإن حظ الحركات الكردية سوف يتغير ويصبح جيداً وإذا تحسنت علاقات بغداد مع الغرب فإن حظ الحركات الكردية العراقية سيصبح سيئاً. وحالياً، تقول نظرية المؤامرة بأنه يتبقى أمام كل هذه الحركات الكردية رهان واحد وهو: إفساد علاقات بغداد وأنقرة بالغرب، لكي يصبح الحال جيداً لهذه الحركات في منطقتي شمال العراق وجنوب شرق تركيا!!
* شاتهام هاوس وإعادة إنتاج ملفات نمط الإدارة الكولونيالية الاستعمارية:
تعتبر حكومات الإمبراطورية البريطانية الأكثر حثاً من بين أقرانها الفرنسيين والبلجيك في استخدام الأساليب الإدارية لجهة ممارسة السيطرة والنفوذ على الآخرين عن طريق:
• استخدام أسلوب الإدارة المحلية غير المباشرة.
• تحريك النزعات المحلية والإقليمية.
• تطبيق سياسة التفريق بين الأطراف المستهدفة.
لم تركز ورقة مركز شاتهام هاوس على العراق وتركيا باعتبارهما البلدين الأكثر أهمية لجهة الحجم الديمغرافي الكردي الكبير الموجود فيهما، وإنما ركزت على سوريا وإيران، والغريب في الأمر أن ورقة مركز شاتهام هاوس لم تشر إلى أن الحجم الديمغرافي الكردي في هذين البلدين يعتبر صغيراً جداً بالنسبة لعدد السكان إذا ما قورن بالحالتين العراقية والتركية، كذلك لم تشر الورقة إلى انفتاح سوريا وإيران إزاء سكانهما الأكراد وبدلاً عن ذلك أشارت الورقة إلى الآتي:
• إن أكراد سوريا وإيران أقل اهتماماً بالتأثر بالتطورات الجارية في إقليم كردستان العراق.
• إن زعماء إقليم كردستان العراقي غير قادرين على التأثير في أكراد سوريا وإيران.
وتخلص ورقة شاتهام هاوس البريطاني إلى ضرورة الاهتمام بالبحث في ظاهرة عدم تجاوب أكراد سوريا وإيران مع أجندة أربيل، وتضيف الورقة بعض المواقع التي تحاول التأكيد على أن النزعة القومية العربية السائدة في سوريا هي نزعة تشكل خطراً على المنطقة لأنها تؤدي إلى التمييز، وقد تجاهلت ورقة شاتهام هاوس مدى المشاركة الواسعة لأكراد سوريا في أجهزة الحكم والدولة طوال المراحل الماضية والحالية والمعاصرة. أما بالنسبة لإيران فقد تفادت ورقة المركز الإشارة إلى موقف الغرب إزاء أكراد إيران خلال فترة حكم الشاه واكتفت بتناول الملف الكردي الإيراني خلال مرحلة نظام الثورة الإيرانية المعارض للغرب وأشارت الورقة إلى أن قيام إقليم كردستان العراقي يجب أن يتم استغلاله وتوظيفه كحدث يدفع إلى إعطاء قوة الدفع والزخم الديناميكي في أوساط أكراد إيران من أجل العمل لاستعادة دولة «المهاباد» الكردية التي سبق أن أقيمت باتفاق دولي خاص واستمرت لمدة عام ثم انهارت بموجب الاتفاق الخاص بين ستالين وشاه إيران.
عموماً حتى الآن ما زال الفرق والتباين كبيراً ليس بين الماضي والحاضر إزاء مشروع الملف الكردي وإنما كبيراً ومتبايناً ضمن الحركات الكردية الانفصالية نفسها، فهناك من وضع خارطة لدولة كردية تضم شمال العراق وجنوب شرق تركيا، وهناك من أضاف وسط العراق وكل منطقة غرب إيران وما كان مثيراً للسخرية أن هناك من أضاف لها البصرة وشمال شرق السعودية والكويت وقطر والبحرين!! وعلى ما يبدو أن حدود هذه الخارطة تتذبذب مع تذبذبات تأثير العامل الإسرائيلي على الحركات الكردية. بكلمات أخرى، كلما كانت علاقات أربيل – تل أبيب في تحسن كلما تزايد حجم الخارطة والعكس بالعكس كما يقولون.

 

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...