موسكو تواجه واشنطن في سورية والخليج وإيران
ظافر ناجي:
إذا كان ثمة عنوان ينبغي معرفتُه للتأكد من فشلِ قمةِ الرئيسين الروسي والأميركي فلاديمير بوتين وجو بايدن قبل فترة قصيرة، فإن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أطلق مجموعة من العناوين وليس عنوانا واحدا تؤكد هذا الفشل، وذلك في خلال لقائه نظيره البحريني عبد اللطيف بن راشد الزيّاني، ما يشي باحتمال عودة التنافس العسكري على الأراضي السورية والسياسي على الساحات الخليجية والإيرانية والتركية.
سورية أولا:
سورياً، تحدّى لافروف كل محاولة الضغط الأميركية، وقال:” إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية هي خطوة مهمة وقريبة” مُرحّبا بإعادة فتح سفارة البحرين في دمشق، وشنّ حملة ضد أميركا والدول الغربية والعقوبات ” غير الشرعية” واتهم أميركا ب ” افتعال أزمة إنسانية”
ويُمكن تخليص مواقف لافروف النارية بحضور نظيره البحريني بالتالي:
- لا وجود لأي بديل عن التسوية السياسية السلمية لحل النزاع في سورية بناء على القرار الدولي 2254
- إن العقوبات غير الشرعية واحتلال قوات أجنبية لأراضٍ ومناطق خصبة وثرواتٍ طبيعية سورية هي سبب تفاقم الوضع الإنساني في سورية (ولذلك هدّدت موسكو بالفيتو في مجلس الأمن لو أقدمت أميركا وحلفاؤها على محاولة فتح معبرين الى جانب باب الهوى بريف إدلب، وتقول إن هذا سيُعزز دعم الإرهابيين)
منذ بداية النزاع السوري تشجع موسكو الكُرد السوريين على التحاور مع الحكومة السورية بغية التفاهم على كيفية التعايش معاً في دولة واحدة ونحن على تواصل مع الهياكل الكردية ونطلعها على مواقفنا، لكن الأهم هو أن تُبرهن عن استقلال قرارها واهتمامها بحل جميع المسائل العالقة مع الحكومة المركزية
حضر ممثلو الكُرد الى موسكو بعد إعلان إدارة دونالد ترامب النية بسحب الجيش الأميركي من سورية، وطلبوا مساعدتنا لإقامة جسور حوار مع دمشق، لكن هذا المسعى الكُردي اختفى بعد تغيير الإدارة الأميركية، ونحن نُحذّر من التحريض الأميركي لبعض التشكيلات الكُردية على الانفصال
مع تراجع خطر داعش بفضل التعاون الأميركي الروسي، فإن الخطر الأهم حاليا يأتي من هيئة تحرير الشام، ولذلك فمن واجب الدول التي تذرّعت بالإرهاب لتبرير وجودها العسكري غير الشرعي في الأراضي السورية، العمل أولاً على إزالة هذا الخطر وليس احتلال أجزاء واسعة من الأراضي السورية واستغلال مواردها الطبيعية بشكل غير قانوني
هل تعود الحرب الى إدلب؟
هذا الهجوم اللافروفي على واشنطن والدول الغربية يُشير بوضوح الى أن قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدن لم تُثمر نتائج إيجابية في ما يتعلق بالملف السوري، وهو ما يزيد احتمالات العودة الى التصعيد العسكري، وفي هذا المجال يُشير المرصد السوري لحقوق الانسان ومركزه لندن الى عودة التعزيزات العسكرية في إدلب ومحيطها بين الجيش السوري والمُسلّحين، لكن إعلان موسكو عن عملية تبادل أسرى بين حكومة دمشق والمعارضة التي تدعمها تُركيا عند معبر أبو الزندين بريف حلب والتي قضت بالإفراج عن خمسة ضباط وجنود من الجيش السوري مقابل 5 مُسلّحين سابقين من المعارضة، يؤكد أن موسكو مُستمرة في محاولة إنهاء بؤر التوتر وإعادة الدولة السورية الى كافة الأراضي عبر التفاهمات مع أنقرة وطهران ودمشق… حتى إشعارٍ آخر. ويُشير أيضا الى حرص موسكو على إبقاء الورقة التُركية في يدها خصوصا بعد مساعي إدارة بايدن لمغازلة أنقرة وسحبها من المدار الروسي.
يُذكر أن السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف كان قد قال أمس أنه لا توجد أي تحولات جوهرية في العلاقات بين موسكو وواشنطن منذ قمة جنيف التي عقدت في الشهر الماضي بين رئيسي البلدين.
ومن جانبها أعلنت وزارة الدفاع الروسية:” أن التنظيمات الإرهابية المنتشرة في منطقة خفض التصعيد في إدلب تُعدُّ لفبركة هجوم كيميائي في إدلب بالتعاون مع ممثلي منظمة الخوذ البيضاء الإرهابية”
وغالبا ما تسبقُ مثلُ هذه التصريحات، تصعيدا عسكرياً على الأرض.
الخليج وإيران
كان لافتا في المؤتمر الصحافي الذي عقده لافروف والزيّاني، الدخول الروسي الواسع من بوابتي الخليج وإيران، فخليجيا رحب الوزير الروسي بالمصالحة بين قطر ودول الخليج، وقال “يبدي أصدقاؤنا اهتمامهم بمبادرتنا القديمة بشأن مفهوم الأمن الجماعي في منطقة الخليج، ونعد الآن، نظرا للتطورات الأخيرة، نسخة محدثة منه وسنكون مستعدين في المستقبل القريب لمشاركتها مع الأطراف المعنية”.
أما إيرانيا فقد جدّد لافروف وقوف بلاده الى جانب إيران ولكن هذه المرة على نحو أوضح وهو ما يُشير الى أن موسكو تحاول لعب كل الأوراق في مواجهتها مع واشنطن، فهو اذ تحدّث عن تقدم ملموس في المفاوضات الا أنه قال “إذا كانت الولايات المتحدة قد انسحبت من جانب واحد من الاتفاق بما يمثل انتهاكا صارخا لقرار مجلس الأمن الدولي، فمن المرجح أن تقضي عودتها إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بالاستئناف الكامل وغير المشروط لكافة الالتزامات التي تتحملها بموجب هذا الاتفاق وقرار مجلس الأمن رقم 2231”.
وعلّق لافروف على إعلان إيران استعدادها للعودة إلى تطبيق كافة مسؤولياتها بموجب الاتفاق النووي فور استئناف الصفقة، قائلا: “أعتقد أنه موقف نزيه جدا يقضي باستئناف كل ما تم الاتفاق عليه والمصادقة عليه من قبل مجلس الأمن الدولي”
هل ثمة أوضح من كلّ ما تقدّم للتأكد من أن العلاقة الروسية الأميركية ليست على ما يُرام؟
إضافة تعليق جديد