موقف مجموعة الدول الست من العرض الإيراني النووي

12-09-2009

موقف مجموعة الدول الست من العرض الإيراني النووي

الجمل: بعد انتهاء الضجة الإعلامية والسياسية التي حدثت على خلفية نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية عادت اليوم المسألة الإيرانية لتأخذ مكانها على سطح الأحداث العالمية فقد تقدمت إيران من ناحية بعرضها الخاص للتعاون النووي حول ملف البرنامج النووي الإيراني ومن الناحية الأخرى وافقت مجموعة الستة على العرض الإيراني فما هو شكل السيناريو القادم.
* العرض الإيراني: ماذا يحمل؟
تقدمت طهران رسمياً بتصورها لكيفية حل الأزمة ضمن ما أطلقت عليه تسمية "التعاون من أجل السلام والعدالة والتقدم: حزمة مقترحات الجمهورية الإسلامية الإيرانية من أجل المفاوضات الشاملة والبناءة"، وفي هذا العرض أبدت إيران استعدادها للتفاوض من خلال المحاور الآتية:
المحور الأول: المسائل السياسية – الأمنية:
• حماية كرامة الناس واحترام ثقافتهم وحقوقهم.
• تعزيز الاستقرار وتقوية السلام العادل وترقية الديمقراطية وتعزيز ازدهارها بين أمم المنطقة التي عانت من عدم الاستقرار والعسكرة والعنف والإرهاب.
• مواجهة المخاطر الأمنية المشتركة عبر التعامل والتصدي الفاعل والجاد لمسببات المخاطر الأمنية الرئيسية.
المحور الثاني: المسائل الدولية:
• إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.
• إيلاء الأهمية والاعتبار للقضايا البيئية.
• المساواة العادلة في حقوق الفضاء والتكنولوجيا.
• تحديد وتقنين الحقوق المتعلقة بالحصول على التكنولوجيات المتطورة.
• تطوير الإشراف القانوني والعادل لوظيفة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وخلق الآليات اللازمة لاستخدامات الطاقة النووية النظيفة.
• ترقية شمولية وكالة الطاقة الذرية لجهة وضع البرامج الأساسية التي تسعى لتحقيق نزع الأسلحة النووية الكامل ومنع تطوير ونشر هذه الأسلحة.
• تعزيز الاعتبارات الإنسانية والأخلاقية.
المحور الثالث: المسائل الاقتصادية:
• الطاقة وأمن إنتاجها وإمداداتها ونقلها واستهلاكها.
• التجارة والاستثمار.
• القدرة على البناء من أجل تطوير الرفاه في العالم وتقليل الفقر والفوارق الاجتماعية فيه.
• التوصل إلى جذور الأزمات الاقتصادية والمالية العالمية.
• محاربة الاقتصاد السري والفساد الاقتصادي والغش المالي والجريمة المنظمة.
تقول التقارير أن مجموعة الستة (أمريكا، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا، ألمانيا) وافقوا على قبول العرض الإيراني وبرغم قبولهم فإن ردود أفعالهم ما تزال تعكس تبايناً في المواقف والنوايا وعلى وجه الخصوص واشنطن وموسكو:
• الولايات المتحدة الأمريكية ما تزال تراهن على تشديد العقوبات الإضافية ضد إيران طالما أن الأخيرة لم تلب مطلب وقف تخصيب اليورانيوم خلال المهلة التي حددتها واشنطن والتي ستنتهي بنهاية أيلول 2009.
• روسيا وردت ردود أفعالها من خلال تصريح وزير الخارجية سيرجي لافروف الذي قال أن العرض الإيراني يمكن التعامل معه كما صرح رئيس الوزراء بوتين أن موسكو ستظل تعارض استخدام القوة أو العقوبات ضد إيران.
إضافة لذلك، صرح بي جيه كراوبي المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأمريكية مفسراً الموقف الأمريكي قائلاً أن افتقار إيران للرغبة في إيقاف تخصيب واليورانيوم لا يمكن أن يكون سبباً لرفض عرضها بالمحادثات، وبرغم أن إدارة أوباما قد ظلت تتجاوب بشكل سيلبي إزاء ما يمكن أن تؤدي إليه المحادثات مع إيران فإن هذه الإدارة ستظل في أفضل الأحوال شريكاً غير متفائل بمستقبل المفاوضات مع إيران.
* العرض الإيراني: إلى أين؟
من الواضح أن العرض الإيراني يهدف لتوسيع نطاق المفاوضات بحيث تشمل العديد من المواضيع، وبكلمات أخرى النقاش والتفاوض حول محاور العرض الإيراني معناه بكل وضوح التفاوض حول مستقبل النظام الدولي فهل ستقبل مجموعة الستة أن يتحول التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني إلى تفاوض حول النظام الدولي بحيث يتم التطرق إلى ملفات أزمة البيئة ومحاربة الفقر وإصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي واستخدام الفضاء وحقوق الإنسان وسيادة الدول وما شابه ذلك، وهل ستقبل المجموعة بتقديم التنازلات في كل قضايا النظام الدولي مقابل تنازل إيران عن برنامجها النووي؟
* من هم اللاعبون الأساسيون في ملف البرنامج النووي الإيراني؟
من خلال استعراض قائمة مجموعة الستة نلاحظ أن اللاعبين الأساسيين هم: أمريكا وروسيا، لأن الأولى تزعم تصعيد الأزمة مع إيران والثانية تسعى لعرقلة التصعيد، أما البقية فهم عبارة عن "كومبارس" لا يملكون أي حيلة أو خيار في إدارة الأزمة سوى الوقوف إلى جانب خيار واشنطن و خيار موسكو أو خيار "المنزلة بين المنزلتين".
تجدر الإشارة إلى أن اللاعب الأكثر أهمية يوجد خارج المجموعة وهو إسرائيل واللوبي الإسرائيلي ولتوضيح ذلك نشير إلى الآتي:
• يرفض الإسرائيليون أي صيغة للتعايش مع إيران النووية.
• تضغط جماعات اللوبي الإسرائيلي باتجاه دفع واشنطن إلى عدم قبول إيران نووية.
رتبت إسرائيل مخطط الهجوم العسكري ضد إيران وفي حالة وقوعه فإن أمريكا ستكون مضطرة للتدخل عسكرياً وهو ما سيعرضها لخسارة العراق وأفغانستان إضافة إلى إلحاق الضرر بمصالحها في الشرق الأوسط.
* ما هو شكل السيناريو القادم؟
حتى الآن لم يتحدد جدول أعمال المفاوضات بين مجموعة الست وإيران وأن السيناريو سيتضمن الآتي:
• مطالبة الإيرانيين لمجموعة الست بالتفاوض تفصيلياً حول المحاور الثلاثة ومكوناتها الفرعية.
• رفض مجموعة الست للتفاوض حول هذه المحاور ولكن من الممكن إن قبلت مجموعة الست أن يتم التفاوض حول العموميات وليس حول التفاصيل.
• رفض إيران لوقف تخصيب اليورانيوم تحت ذرائع أن برنامجها النووي سيهدف لأغراض مدنية سلمية والمطالبة بالاستناد على تقارير وكالة الطاقة الذرية.
• رفض واشنطن المتشدد لاستمرار طهران في تخصيب اليورانيوم.
• وقوف موسكو إلى جانب طهران إضافة إلى لجوء بكين إلى الحياد المتواطئ مع إيران وبالنسبة لبريطانيا فستقف إلى جانب واشنطن أما فرنسا وألمانيا فستحاولان اللجوء إلى الخيار الوسط ولكنهما في حالة إصرار واشنطن ستقفان لجانبها.
إذا لم يتم قطع المفاوضات وإعلان انهيارها فمن المؤكد أن تنتهي بإصرار إيران على الاستمرار في تخصيب اليورانيوم أو ربما القبول بإشراف روسي على عملية تخصيب اليورانيوم يتوقف ذلك على التفاهمات الجانبية الروسية – الإيرانية، أما إذا انتهت المفاوضات دون التوصل إلى حل فستصر أمريكا على ضرورة إنفاذ العقوبات المتعددة الأطراف ضد إيران، وخيار الضربة العسكرية سيعتمد على نوايا إسرائيل وقدرتها على المخاطرة بوجودها وفي ظل احتمالات وجود أسلحة دمار شامل (كيميائية - بيولوجية) لدى حزب الله وقد تقوم إسرائيل خلال فترة المفاوضات بشن عملية عسكرية تكتيكية ضد الحزب بحيث إذا نجحت في القضاء على ترسانته العسكرية فإن الخطوة التي ستكون بعدها هي استهداف إيران.
إضافة لذلك، فإن قيام إسرائيل بشن عملية عسكرية خلال فترة المفاوضات ضد حزب الله قد يكون الهدف منها ليس القضاء على ترسانته العسكرية وإنما ردع
إيران ودفعها لتقديم التنازلات على طاولة المفاوضات مع مجموعة الست.


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...