وثائق أميركية: 20 قطرياً يموّلون "الإرهاب"
كشفت وثائق نشرتها وزارة الخزانة الأميركية عن تورّط 20 قطرياً في تمويل الإرهاب بينهم خالد محمد تركي السبيعي، وهو أحد ممولي "العقل المدبّر" لهجمات 11 أيلول خالد شيخ محمد، بعدما أفرجت السلطات القطرية عنه.
وكشفت صحيفة "دايلي تلغراف" البريطانية أنّ الوثائق تشير إلى صلات بين السبيعي وممول إرهابي آخر، اتهم بتمويل مخطّط لتنظيم"القاعدة" كان يقضي بتفجير طائرات مدنية عبر استخدام قنابل موضوعة في عبوات لمعجون الأسنان، ولكن الجيش الأميركي تمكن من إجهاض المخطّط في ضربة جوية على مقرات قيادة الجماعة في سوريا الأسبوع الماضي.
قطر وتهم الإرهاب
ورأى الصحافي روبرت مينديك الذي كتب التقرير، أن هذه القضية تلقي الضوء على القلق المتنامي من فشل قطر في تضييق الخناق وتوقيف الشبكات الممولة للإرهاب داخل أراضيها.
ونسجت قطر علاقات وثيقة مع بريطانيا خلال السنوات الماضية، حيث استثمرت مليارات الدولارات في المملكة المتحدة، مع بروز انتقادات تدعو الحكومة البريطانية إلى تدقيق أكبر بصلات قطر بالإرهاب العالمي.
وحذّر رئيس لجنة الأمن والاستخبارات في البرلمان البريطاني مالكولم ريفكيند من أنه على قطر "أن تختار أصدقاءها أو تتحمّل العواقب"، بينما أكد مدير مركز دراسات الأمن والاستخبارات في جامعة "بكنغهام" البروفسور أنتوني غليس أنه آن الأوان "لوضع حد للاستثمارات الخليجية في بريطانيا". وقال: "كي تكتشف الإرهابيين، يجب أن تبحث عن مصادر تمويلهم. وفي هذه اللحظة يبدو أنه يأتي من قطر".
وسيُصدر أحد مراكز الأبحاث الأميركية في مجال الأمن، خلال الشهر المقبل، تقريراً جديداً يصنّف حوالي "20 شخصية قطرية كممول أساسي أو وسيط في دعم الجماعات الإرهابية"، بينهم عشرة أشخاص سبق لهم أن أضيفوا إلى لائحتي الإرهاب الأميركية والبريطانية.
ومن بين الأشخاص العشرة، السبيعي (49 عاماً)، وهو موظف في المصرف المركزي القطري، وقد أدرج ضمن لوائح الإرهاب كممول للإرهاب في العام 2008، ولكن يبدو أنه لا يزال متورطاً بشدة في تمويل الجماعات الإرهابية.
واتهم التقرير الأميركي الرسمي الذي نُشر في العام 2008، السبيعي بـ"تقديم الدعم المالي والعمل لمصلحة، زعماء بارزين في تنظيم القاعدة من بينهم خالد شيخ محمد العقل المدبّر لهجمات 11 أيلول، والذي اعتقل في آذار العام 2003".
وتتّهم واشنطن السبيعي أيضاً بـ "تقديم الدعم المالي للقاعدة في باكستان، ونقل الإرهابيين الذين تمّ تجنيدهم إلى مركز تدريب القاعدة في باكستان. كما عمل كصلة وصل ديبلوماسية بين القاعدة وأطراف أخرى في الشرق الأوسط".
حكم غيابي
وفي العام 2008، اتهمت محكمة بحرينية السبيعي غيابياً بـ"دعم الإرهاب وتدريب الإرهابيين ونقلهم إلى الخارج لتلقي تدريبات والانضمام إلى منظمة إرهابية". وفي آذار من العام ذاته، اعتُقل السبيعي في قطر وسُجن على خلفية هذه الاتهامات.
وألمحت برقية ديبلوماسية أميركية صدرت في أيار من العام 2008، إلى وجود خلاف بين أجهزة الاستخبارات القطرية ورئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم آل ثاني حول كيفية التعامل مع قضية السبيعي.
وتنصح البرقية التي أرسلها القائم بالأعمال الأميركي مايكل راتني، قبيل زيارة وزير الخزانة الأميركي هنري باولسون إلى قطر، بأن يتمّ التعامل مع هذه القضية "عبر دائرة الإدعاء العام والاستخبارات القطرية وليس عبر رئيس الوزراء حمد بن جاسم".
وفي أيلول العام 2009، أطلقت السلطات القطرية سراح السبيعي. وأضافته الأمم المتحدة، على الفور، إلى قائمة "الأشخاص الذين يجب أن يخضعوا لعقوبات بسبب صلتهم بالإرهاب".
صلات السبيعي "الإرهابية"
وبالعودة إلى الوثائق الأميركية، التي نُشرت في نهاية أيلول الماضي، فإن السبيعي على صلة بـ"الإرهابيَين" الأردنيَين أشرف محمد يوسف عثمان عبد السلام وعبد الملك محمد يوسف عثمان عبد السلام، اللذين يحملان الهوية القطرية، بحسب ما أفاد مسؤولون أميركيون.
ويزعم أشرف عبد السلام، الذي يقاتل في سوريا منذ بداية العام الحالي، أنه "ساعد السبيعي في نقل مئات الآلاف من الدولارات إلى القاعدة في باكستان". وتعتبره الاستخبارات الأميركية أنه "الداعم المالي لتنظيم القاعدة في العراق وجبهة النصرة في سوريا".
كما تكشف الوثائق عن صلات السبيعي بعبد الملك محمد يوسف عثمان عبد السلام المعروف بـ"عُمر القطري"، الذي أرسل، بحسب المسؤولين الأميركيين، "عشرات الآلاف من الدولارات" إلى زعيم جماعة "خُراسان" في سوريا محسن الفضلي، الذي يُعتقد أنه يقف وراء مخطّط لاستخدام "عبوات معجون الأسنان" كقنابل لتفجير الطائرات المدنية الأميركية والأوروبية، والذي تفيد التقارير بأنه قُتل في غارة أميركية على حلب الشهر الماضي.
وتشير الوثائق إلى أن "عمر القطري جمع التبرعات للقاعدة عبر الانترنت، ونسّق مع السبيعي لنقل عشرات آلاف الدولارات للقاعدة وزعمائها". و"عمر القطري" مسجون حالياً في لبنان بعدما أعتُقل في العام 2012 قبيل توجّهه إلى قطر لـ"حيازته آلاف الدولارات لإيصالها إلى القاعدة".
وتشمل الشبكة التي يتواصل معها السبيعي، القطري إبراهيم عيسى حجي محمد البكر، الذي أُضيف إلى قائمة الإرهاب الأميركية الشهر الماضي. ووصف البكر في العام 2006 بـ"اللاعب الأساسي في خلية إرهابية كانت تخطّط لهجمات على القواعد العسكرية الأميركية في قطر". وسبق له أن سُجن في قطر في بداية العام 2000 بتهمة "تمويل الإرهاب"، لكن "أُفرج عنه لاحقاً بعدما وعد بعدم تنفيذ أي نشاط إرهابي في قطر"، وفقاً للوثائق الأميركية التي تشير أيضاً إلى أنه "تحوّل إلى ممول أساسي للقاعدة وطالبان ويعمل كصلة وصل بين ممولي القاعدة في الخليج وأفغانستان".
كما كشفت الوثائق أن أحد الممولين القطريين، لم تُعرف هويته، أرسل 1,25 مليون جنية استرليني لطارق الحرزي الذي تتّهمه وزارة الخزانة الأميركية بأنه "عميل للدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، سهل مرور الجهاديين الأوروبيين عبر الحدود التركية إلى سوريا".
وصنّفت الإدارة الأميركية القطري عبد الرحمن بن عمير النعيمي ضمن قوائم الإرهاب في كانون الأول العام الماضي. وكان النعيمي مستشاراً لدى الحكومة القطرية ومؤسساً لمؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية التي لها صلة بالعائلة الحاكمة في قطر. والنعيمي متّهم بنقل 1,25 مليون جنية استرليني شهرياً للقاعدة في العراق.
تاريخ يتكرّر
وفي سياق متّصل، يحضّر ديفيد وينبرغ من مؤسسة "الدفاع عن الديموقراطيات"، الذي قدّم شهادته أمام الكونغرس الأميركي عن تمويل قطر للإرهاب، تقريراً يضمّ 20 شخصية قطرية على علاقة بتمويل الإرهاب.
وقال وينبرغ إن "نطاق جمع التبرعات القطرية للإرهابيين يبعث على الدهشة". ووفقاً لمسؤولين أميركيين، تفوّقت قطر على جارتها السعودية بكونها مصدر التمويل الأول لداعش والجماعات الإسلامية المتطرّفة في سوريا والعراق".
وأضاف: "قطر تعيد تاريخها الطويل في التغاضي عن داعمي القاعدة داخل أراضيها، برفضها اعتقال ممولي الإرهاب والمعروفين. فممولو الإرهاب الذين تطلق سراحهم تحوّلوا إلى كبار داعمي المجموعات الإرهابية مثل داعش وخراسان وغيرها من الجماعات المرتبطة بالقاعدة"، مشيراً إلى أنه من "غير المنطقي" أن يُسجن شخص كالسبيعي لفترة قصيرة وهو المدرج على لائحة الأمم المتحدة للإرهاب.
وسأل أكاديمي بريطاني مختص في الشؤون القطرية، رفض الكشف عن اسمه، "كيف يمكن لرئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم أن يكبح الإرهاب ضمن مهام عدة موكلة إليه". وقال:"حمد رجل أعمال. هذه هي سياسته. لا يقف ضدّ هذا أو ذاك. هو مؤيد للمال. لكنّه أيضاً رجل بمهام عدة. وسيكون الحكم على نجاحه في كبح الإرهاب قاسياً بالنظر إلى توليه وزارة الخارجية ومهام رئاسة الوزراء وأعماله الخاصّة".
يُذكر أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قد دافع ضدّ التهمّ الموجهة لبلاده، قائلاً في حوار مع شبكة "سي ان ان" الأسبوع الماضي، "إننا لا نمول المتطرفين".
روبرت مينديك- (ترجمة: نغم أسعد عن "دايلي تلغراف")
السفير
إضافة تعليق جديد