(وثائق سورية): خطاب شكري القوتلي عن ثورة تموز في العراق
نص خطاب المواطن العربي الأول الرئيس شكري القوتلي بدمشق، بتاريخ
19/7/1958
أيها الإخوة أيها المواطنون.
هذا يوم من أيام العروبة، هذا يوم من أيام الوحدة العربية الشاملة، هذا يوم العراق ولقد قلتم يا شباب الجمهورية العربية المتحدة، لقد قلتم يوم أعلنتكم وحدتكم، وحدة الإقليم مع الإقليم الجنوبي أننا نخطو خطوة أولى في سبيل العروبة وفي سبيل الوحدة العربية. وها أنتم ترون بأعينكم نتيجة جهودكم ونتيجة نضال شعب العراق. أنكم خطوتم خطوة ثانية في العراق إلى سوريا وإلى مصر.
ها أنتم أيها الإخوة المناضلون أيها الإخوة الذين ناضلتم وجاهدتم في سبيل استقلالكم وفي سبيل استقلال العرب ترون بأعينكم ولله الحمد والشكر، ترون بأعينكم يد العراقي تلتقي مع يد المصري مع يد السوري وغداً مع الأردني واللبناني ومع سائر الشعوب العربية.
أيها الإخوة:
لا يدري الذين يلتجئون إلى المستعمر ويضعون نفوسهم تحت نفوذه وتحت سيطرته لا يدرون أنهم يرتكبون أكبر جريمة، يرتكبها إنسان في التاريخ يرتكبها رجل لا يعرف قدرة هذه الأمة، لا يعرف نضال هذه الأمة وجهادها حتى أخرجت المستعر من بلادها، لا يعرف قيمة هذا النضال ولا يعرف قيمة هذا الجهاد لأنه لم يكن عندما حارب المصري وحارب السوري وحارب العراقي، حارب المستعر وأجلاه عن بلاده لا يعرف قيمة ذلك ولا يعرف عز ذلك لأنه لم يكن موجوداً لأنه لم يكتب له أن يشترك في نضال هذا الشعب العربي ولم يشترك في جهاد ونضال هذا الشعب العربي. فلا يسعنا إلا أن نعلن ونقول بأنه مسكين في نفسه، مسكين في ذله، مسكين في مصيره، ويكفي بأن يعتبر بما حل بغيره.
إن ما حل بالعراق لأعوان الاستعمار يكفي بأن يكون عبره لمن يريد أن يكون عوناً لهذا المستعمر، لمن يريد أن يأتي بالمستعمر ليضع قيده وسلاسله في أعناق أمنه وشعبه.
يأبى الله سبحانه وتعالى وتأبى نفوسكم وتأبى النفوس العربية الكريمة وتأبى النفوس العزيزة إلا أن تحطم هذه القيود وهذه السلاسل وتدفع عن هذه الأمة بدمائها وبكل ما تملك من قوة ومنعة ومن نفس ومن نفيس وسيرى هؤلاء الذين يهددوننا بأنهم سوف يعتدون علينا كيف يلقون الغد وكيف يلقونه يوم تنجلي هذه الغيوم ويوم تبيض هذه الوجوه ويوم تدفع هذه القلوب حياض الوطن العزيز كل ذل وكل عار.
لقد تسلمنا بإيماننا بالله تسلمنا بإيماننا برجالنا وبكبارنا وبزعمائنا وتسلمنا بإيماننا وبسواعدنا واعتمادنا على هذا الشعب العربي وعلى هذا الزحف القومي المقدس الذي لم يعد هنالك فراغ لمستعمر يجده في هذا الكون العربي يحل فيه فنحن أبناء هذا الشعب العربي نحن نملك كل شبر من أرض هذه المجموعة العربية وسوف تتوحد بعون الله كلمة العرب رغماً من المستعمر ورغماً من عون المستعر وأعوانه حيث كانوا وأينما كانوا.
نحن أيها الإخوة أيها المواطنون في هذا البلد المجاهد في هذا البلد المناضل نحيي إخواننا ولا نقول نحيي ضيوفنا لأنهم أخوان لنا ولأنهم أعزاء على نفوسنا، رجال العراق الذين بيضوا صفحة العراق والذين أوجدوا جاهاً وعزاً للعرب سوف يخلده التاريخ أبد الآبدين.
حياهم الله ونبعث إلى زعمائهم ورجالهم وإلى الشعب العراقي رجالاً ونساءً، نبعث إليهم بتحياتنا وتحياتكم وتهانينا وتهانيكم وتبريكاتنا جميعاً لهم متمنين لهم التوفيق وإن يؤلفوا في هذه الوحدة العربية العقدة الأصلية، العقدة التي لا تنفصم والتي سوف تجمع شمل العرب تحت قباب هذه السماء العربية والتي لا وجود ولا محل لأي مستعمر فيها بإذن الله والسلام عليكم.
المصدر:
صحيفة الأهرام عدد 20/7/ 1958م.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد