“هدايا” الاحتلال: نصف غاز العراق لشركة أمريكية

10-09-2008

“هدايا” الاحتلال: نصف غاز العراق لشركة أمريكية

أورث الرئيس الأمريكي جورج بوش خلفه في البيت الأبيض قراراً بانسحاب جزئي وتدريجي لبضعة آلاف جندي أمريكي من العراق، فيما سلمت قواته هناك قاعدة عسكرية للجيش العراقي في كركوك، في وقت وقعت شركة شل الأمريكية “اتفاقاً” مع الحكومة العراقية لتقاسم الغاز، في صفقة وصفت بأنها إحدى أهم هدايا الغزو.

وجاء إبرام الاتفاق المبدئي بين الحكومة العراقية وشركة شل النفطية الكبرى لتجميع   وإسالة الغاز الناتج من حقول البترول العراقية، حيث يتوقع إنتاج يتراوح ما بين 500 - 600 مليون قدم مكعبة يومياً.

هذه الصفقة التي أدهشت الكثيرين فضحت امتلاك شركة بترول الجنوب العراقية 51% من أسهم الشركة المشتركة التي تعتزم إنشاءها مع شركة شل، أي أن الشركة الأجنبية ستمتلك عملياً ولمدى طويل الأجل 49% من غاز العراق، وأكدت مصادر أمريكية ل”الخليج”، أنه سيكون بوسع شركة شل ان تسترد استثماراتها المزمعة في هذا المشروع بالكامل في أقل من عامين، هذا إذا بيع الغاز بالأسعار العالمية الحالية، وحيث تزمع شركة شل استثمار ما بين (2-3) مليارات دولار في هذا المشروع.

المفارقة أن عمليات تجميع وإسالة وتصدير الغاز الناتج من حقول البترول العراقية عادة لا تستدعي تكنولوجيا عالية المستوى، بل، وحسب المصادر ذاتها، إنها عملية عادية، وان شركة شل ستلجأ لشركات أمريكية هندسية في هيوستن لتصميم هذه العملية.

وبهذا ستحصل شركة شل عملياً على 49% من الغاز في حقول الجنوب العراقي من دون مقابل تقريباً، فلا العراق في حاجة لأموال استثمارية وهي الدولة التي تمتلك فائضاً يتراوح ما بين 50 - 80 مليار دولار من عوائد البترول، ولا هي في حاجة لسوق لتوزيع إنتاجها، حيث الطلب العالمي على الغاز متصاعد.

جاء هذا بينما حرص الرئيس الأمريكي جورج بوش على إلقاء كلمة في جامعة الدفاع الوطني، أعلن فيها سحب 8 آلاف جندي أمريكي من العراق بحلول فبراير/شباط أي بعد مغادرته البيت الأبيض، ويأتي إعلان بوش هذا استجابة لمطلب تقدم به العسكريون الأمريكيون مؤخراً إلى بوش، حيث أصدروا توصية مكتوبة طالبوه فيها بوقف عمليات تخفيض القوات بالعراق الآن، وعلى الأقل حتى نهاية يناير/كانون الثاني المقبل أو أوائل فبراير/شباط وجاء في التوصية إمكان تخفيض القوات الأمريكية بسحب لواء بكامله (7500 جندي) كحد أقصى وذلك بعد فبراير مع ربط ذلك السحب بظروف الواقع على الأرض، وعلى أن  يتم إرسال قوات أخرى غير تلك القوات التي يعتزم سحبها إلى أفغانستان. وكان الجنرال بتريوس قد اطلع وزير الدفاع الأمريكي الأسبوع الماضي على عدة نقاط تقلقه بالعراق وهي تأجيل الانتخابات المحلية بالعراق (كان مفترض اجراؤها هذا الشهر، والوضع في كركوك، والتجاذب والصراع العرقي والطائفي، ومستقبل ميليشيا “الصحوة”) وقد لاقت مطالبة بتريوس بتأجيل سحب القوات تأييداً من الجنرال ريموند أوديرنو القائد العام الأمريكي بالعراق الجديد واستدعى الأمر بعدها عقد وزير الدفاع الأمريكي لاجتماع عاجل عبر الفيديو مع الرئيس الأمريكي الذي اقتنع بالفكرة وخرج بالأمس ليعلن قراره بعدم سحب القوات الآن، بل في فبراير/شباط المقبل، الأمر الذي بدا كمحاولة من جانب العسكر الأمريكيين تستهدف عدم إدخالهم وفق المعادلة الانتخابية، وحيث يتصدر الوضع في العراق قائمة المواضيع الساخنة في حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وكان الرئيس الأمريكي قد قال خلال كلمته أمس، إن الاتفاقية الأمنية المزمع توقيعها مع الحكومة العراقية ستحدد طبيعة الالتزام الأمريكي بالعراق. وحرص على الإشارة إلى انخفاض العنف إلى أدنى مستوياته منذ ربيع ،2004 وأوضح أنه “لم يعد هناك وجود لتنظيم القاعدة” وذلك بسبب “تعاون العشائر العراقية”، وكذلك “زيادة أعداد القوات الأمريكية (التصعيد)”. وأيضاً حرص بوش على التأكيد على إرسال المزيد من القوات الأمريكية إلى أفغانستان، حيث ان الولايات المتحدة “لن تسمح بعودة طالبان إلى هناك” حسب تعبيره.

وسلمت القوات الأمريكية أمس قاعدة الدوريات الخاصة بهم في منطقة مجمع النور جنوب كركوك شمال شرق العاصمة العراقية بغداد والواقعة بين ناحيتي الرشاد والرياض إلى الجيش العراقي في مراسم خاصة، حيث تم خلال المراسم إنزال العلم الأمريكي ورفع العلم العراقي.

حنان البدري

المصدر: الخليج

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...