2.3قطعة خضار وفواكه حصة المواطن السوري يومياً!!
حسب المكتب المركزي للإحصاء، ووفق مسح متوسط إنفاق الأسرة الشهري على السلع الغذائية الأساسية حسب مهنة رب الأسرة والمحافظات(حضر ـ ريف)لعام 2007، فإنّ وسطي إنفاق الأسرة السورية حوالي 12ألف ل.س، وأعلى إنفاق على السلع الغذائية يتوفّر في القنيطرة، تليها محافظة درعا، وأدنى إنفاق يتوفّر في الرقة تليها محافظة ريف دمشق..، ويتراوح الفارق في الإنفاق بين أسرة تقطن في القنيطرة من جهة وبين أسرة تقطن في الرقة من جهة أخرى إلى حوالي ثمانية آلاف ل.س، وهو يعادل دخل موظّف صفته رب أسرة مؤلّفة من خمسة أفراد، وهذا ـ في حال صحة إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء ـ يحمل مؤشّراً مهمّاً على فروقات كبيرة في الإنفاق على الغذاء بين محافظتين واحدة شرقية وواحدة جنوبية، ومن اللافت أنّ قاطني ريف ست محافظات يتغذّون أفضل من قاطني مراكز المحافظات نفسها.
بالمقابل تزداد إشكالية الغلاء خصوصاً من جهة سوق الخضار والفواكه مع توجهات صحية في ضرورة أن تتغيّر الثقافة التغذوية لدى المواطن بحيث يتشجع على تناول الخضار والفواكه، كما ورد في دراسة أنجزتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وتبيّن في مسح شمل 8500شخص بأنّ متوسط تناول الخضار والفواكه 2.3 قطعة يومياً للشخص الواحد، وهذا يعتبر بعيداً عن الحدود الدنيا التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، وبالإشارة إلى أنّ الدراسة شملت السنوات من 2002 ـ 2004 فإنّها أحدث دراسة محلية في هذا المجال والوحيدة من نوعها، وتثبت الهوّة بين ما يجب تناوله من خضار وفواكه يومياً وما يتمّ تناوله فعلياً، ويحدث هذا في بلد زراعي بامتياز وحقق إنجازات كبيرة على صعيد الأمن الغذائي؟! وتبرز رؤية للاتحاد العام للعمّال تجاه مستوى المعيشة وارتفاع الأسعار، حيث يعتبر ـ وعلى ذمته ـ أنّ إنفاق الأسرة المكونة من خمسة أفراد على السلع الغذائية التي تسمح بتأمين 2400حريرة يومياً لكلّ من أفرادها يساوي قرابة9500ل.س شهرياً، وأنّه بملاحظة إنفاق الأسرة على السلع غير الغذائية للحياة اليومية العادية تصبح الحاجة وبشكل تقريبي إلى دخل يبلغ 24ألف ل.س شهرياًَ كحد أدنى لمستوى المعيشة الذي لا يؤمّن للأسرة السورية أكثر من مستوى الكفاف، ويقول أيضاً :إنّ 70% من العاملين في الدولة لا تغطي أجورهم وسطي تكاليف الإنفاق على المواد الغذائية فقط؟!
- اعتبر المكتب المركزي للإحصاء، وفق مسح متوسط إنفاق الأسرة الشهري على السلع الغذائية حسب مهنة رب الأسرة والمحافظات(حضر ـ ريف( لعام 2007، أنّ إنفاق الأسرة في دمشق 10748ل.س شهرياً، وفي حلب 10974، وفي ريف دمشق 10508، وفي حمص11276، وفي حماة12715، وفي اللاذقية 10163، وفي إدلب 11083، وفي الحسكة 13451، وفي دير الزّور 12914، وفي طرطوس 12551، وفي الرقة 9263، وفي درعا 13847، وفي السويداء 10962، وفي القنيطرة 17208ل.س.، وبذلك يمكن الوصول إلى رقم تقريبي يمثّل وسطي الإنفاق الشهري للأسرة السورية على السلع الغذائية الأساسية يبلغ حوالي12ألف ل.س. ويمكن ملاحظة أنّ أعلى إنفاق على السلع الغذائية يتوفّر في القنيطرة، تليها محافظة درعا..، وأدنى إنفاق يتوفّر في الرقة تليها محافظة ريف دمشق، ويتراوح الفارق في الإنفاق بين أسرة تقطن في القنيطرة من جهة وبين أسرة تقطن في الرقة من جهة أخرى إلى حوالي ثمانية آلاف ل.س، وهو يعادل دخل موظّف صفته رب أسرة بخمسة أفراد، وهذا ـ في حال صحة إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء ـ يحمل مؤشّراً مهمّاً على فروقات كبيرة في الإنفاق على الغذاء بين محافظتين واحدة شرقية وواحدة جنوبية، كذلك يصل الفرق بين إنفاق أسرة تقطن في درعا من جهة وإنفاق أسرة تقطن في ريف دمشق إلى 3340ل.س.. وقام المكتب المركزي للإحصاء بحساب متوسط إنفاق الأسرة الشهري تفصيلياً لعشر مهن هي (المديرون في الإدارة العامة وإدارة الأعمال ـ الاختصاصيون في المجالات العلمية والفنية والإنسانية ـ الفنيون في المجالات العلمية والفنية والإنسانية ـ المهن الكتابية ـ مهن البيع ـ مهن الخدمات ـ مهن الزراعة وتربية الحيوانات والطيور والصيد ـ المهن الهندسية الأساسية المساعدة ـ مهن أخرى)، وتوجد تفصيلات للإنفاق خاصة بكل مهنة حسب مركز المحافظة، وباقي الحضر في المحافظة، وريف كل محافظة..
ولدى تتبع الأرقام التفصيلية للإنفاق فإنّه توجد فوارق في الإنفاق ضمن ذات المحافظة بين القاطنين في مراكز المحافظات من جهة والقاطنين في ريف المحافظات من جهة أخرى، علماً أنّ محافظة دمشق خارج هذه القاعدة كونها لا تملك ريفاً يتبع لها، وكذلك محافظة ريف دمشق كونها لا تملك مركز محافظة يتبع لها، وكذلك محافظة القنيطرة حيث لم يدرس المكتب المركزي للإحصاء الإنفاق في مركز المحافظة بل درس الإنفاق في ريف المحافظة فقط..
وحسب الإحصاءات التفصيلية فإنّ إنفاق الأسرة في مراكز محافظات (حلب ـ إدلب ـ الحسكة ـ دير الزور ـ طرطوس( يفوق الإنفاق في ريف المحافظات المذكورة، وتصل بعض فروقات الإنفاق إلى حوالي أربعة آلاف ل.س كما في نموذج إدلب، فهل توجد هذه الفروقات تنطبق على مستوى المعيشة بين القاطنين في مركز المحافظة من جهة والقاطنين في ريفها من جهة أخرى؟! ويتوفّر الفارق الملحوظ أيضاً بين القاطنين في مركز محافظة الحسكة من جهة وريفها من جهة أخرى ويبلغ حوالي 3700ل.س؟! بينما الفارق بين قاطني مركز محافظة حلب من جهة وريفها من جهة أخرى يصل إلى حدود 2700ل.س، في حين الفروقات طفيفة في نموذج محافظتي طرطوس ودير الزّور.. وتنقلب صورة الإنفاق في محافظات )حمص ـ حماة ـ اللاذقية ـ الرقة ـ درعا ـ السويداء) حيث حسب إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء فإنّ إنفاق الأسرة القاطنة في ريف المحافظات المذكورة على السلع الغذائية الأساسية يتفوّق على إنفاق الأسرة القاطنة في مراكز تلك المحافظات على ذات السلع، فقاطنو ريف حمص ينفقون 5727ل.س زيادة عن إنفاق قاطني مركز المحافظة وهو رقم كبير يترك أسئلة محيرة؟! ولماذا الصورة السّائدة شعبياً في حمص بأنّ قاطني مركز المحافظة لديهم بحبوحة كبيرة في الإنفاق الغذائي مقارنة بقاطني الريف؟!
وكذلك الفروقات ملحوظة في محافظة درعا حيث تنفق أسرة الريف 5579ل.س زيادة عن إنفاق أسرة مركز المحافظة، وفي محافظة الرقة تنفق أسرة الريف 2149ل.س زيادة عن أسرة مركز المحافظة، بينما باقي فروقات الإنفاق طفيفة في محافظات حماة، واللاذقية، والسويداء.
ولابدّ من التنويه أنّ مسح نفقات الأسرة لعام 2007 تمّ قبل حدوث متغيرات عديدة لها انعكاسات حتمية وكبيرة التأثير وسلبية على إنفاق الأسرة السورية الخاص بالسلع الغذائية الأساسية، وتمثّلت تلك المتغيرات برفع جزئي عن دعم المشتقات النفطية (بنزين ـ مازوت ـ غاز(وزيادة طفيفة في الرواتب والأجور، وزيادة كبيرة في أسعار شتى السلع الغذائية والخدمات، منها خبز النخالة والخبز السياحي، والحليب ومشتقاته..إضافة إلى حمّى ارتفاع الأسعار العالمي، وأزمة الغذاء العالمية، وبالتالي لابدّ من مسح جديد للإنفاق يمكن أن يشكل قاعدة بيانات مطلوبة تستند عليها الجهات الوصائية في قراراتها الاقتصادية، وبما يناسب النهوض في مستوى معيشة المواطن.
- يعتبر الاتحاد العام للعمّال أنّ حمّى ارتفاع الأسعار يأتي على كلّ المكاسب التي تحققت خلال السنوات الماضية على مستوى الدخول الحقيقية، وأنّ المواطنين يعيشون حالة اقتصادية تجعلهم يشعرون بذوبان دخولهم في سوق تتعاظم فيه مصالح قوى السوق وتتآكل فيه دخولهم..، وأنّ ارتفاع كلفة المعيشة نتيجة الزيادة المحمومة في أسعار المواد والخدمات الأساسية بالنسبة لعامة الناس :الطحين، السكر، الحليب ومشتقاته، الخضار والفواكه، الأرز، والشاي، والمناديل الورقية، والزيت النباتي، والسمن النباتي المستورد والمحلي، والنقل، وماء الشرب، الكهرباء، والأدوية، ومصاريف الطبابة والدراسة، والإسمنت..إضافة إلى العديد من السلع الاستهلاكية والمواد الصحية..
كما ورد في إحدى الوثائق الصادرة عن الاتحاد العام للعمّال بأنّ "الفئات متوسطة الدخل تنسحق أسباب معيشتها تحت ضربات الغلاء والتضخم، وتنحسر هذه الفئات حيث يندرج قسم هام منها في قائمة الفقراء..
ويمكن تناول ظاهرة الغلاء في سوق الخضار والفواكه في ضوء توجهات صحية تتطلّب أن تتغيّر الثقافة التغذوية لدى المواطن بحيث يتشجع على تناول الخضار والفواكه، كما ورد في الدراسة المنوّه إليها سابقاً والتي أنجزتها وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومن جملة توصيات الدراسة المذكورة المحافظة على النمط التغذوي الكفيل بعدم رفع مستوى الكولسترول والشحوم الثلاثية والابتعاد عن المأكولات السريعة والجاهزة والمشروبات الغازية، وتشجيع الاهتمام بالتثقيف التغذوي وتناول الخضار والفواكه، وتصميم برامج هادفة إلى دعم استعمال هذه المواد في القوت اليومي، أي تغيير الثقافة التغذوية...
وممّا جاء فيها أيضاً: تلعب التغذية دوراً أساسياً في حياة الإنسان وذلك سواء من حيث كمية الأغذية المتناولة أو نوعيتها، وإنّ نوعية الأغذية لها دور في التأهب لحدوث بعض الأمراض الاستقلابية أو المزمنة، وبلغ متوسط عدد قطع الخضار المتناولة أسبوعياً 10.2تقريباًَ، كما بلغ متوسط عدد قطع الفواكه المتناولة أسبوعياً 5.8 فقط، وهي أرقام متدنية وبعيدة جداً عن الحدود الموصى بها..
ويوضّح معنيون في وزارة الصحة بأنّه خلال المسح ولدى اتباع التقسيم الوارد في تعليمات منظمة الصحة العالمية أي )حد الخمس قطع يومياً(تبين أنّ النسب في المسح والتي ينطبق عليها قليلة جداً وغير قابلة للتحليل، حيث لم يتجاوز في الإجمالي 4.2% عند الذكور، و4.4%عند الإناث، لذلك تمّ اعتماد حد القطعتين من الفواكه والخضار يومياً، وعندها تبين أنّ الأشخاص الذين يتناولون أقل من قطعتين يومياً يشكلون 42.6% مع اختلافات قليلة حسب الفئات العمرية وعدم وجود اختلافات بين الذكور والإناث.
وبين المسح أنّ أعلى متوسط لتناول الخضار هو في المنطقتين الساحلية (اللاذقية وطرطوس( والشرقية )الرقة ـ دير الزور ـ الحسكة)، وأعلى تناول أسبوعي للفواكه هو في المنطقة الساحلية، كما أنّ أعلى تناول يومي لخمس قطع خضار وفواكه هو في المنطقة الساحلية وأقلّه في المنطقة الشرقية..
فكيف تكون حالة تناول الخضار والفواكه وباقي السلع الغذائية الأساسية في عام 2008، وقد استعمر الغلاء شتّى السلع..، وباتت الأسرة تجري تقنيناً غذائياً..؟!
- ربّ أسرة مؤلّفة من خمسة أفراد ويملك بيتاً ووظيفة إذاً هو «محسود»بهذه المواصفات، ولكن يروي بحرقة كيف يقنّن وجبات الخضار والفواكه، ويقول: عندما تكون الفاصولياء مثلاً بـ70 ـ 75ل.س للكيلو الواحد فكم أسرة مثل أسرتي تمتلك الجرأة على تناولها؟! أو عندما يكون كيلو الكوسا بـ150ل.س كما حصل منذ بضعة شهور فكم أسرة يمكنها تناولها؟ وإذا قررت الأسرة العدول عن تناول الفاصولياء أو الكوسا فسيكون البديل وجبة خضار أخرى ولكنّها أيضاً بأسعار مرتفعة؟! وأيضاً إذا تناول كلّ فرد من الأسرة تفاحة باليوم فهذا يعني إنفاق ما لا يقل عن (75)ل.س على التفاح فقط، دون أيّة ضيافة لأحد..؟!
ربّة بيت حبست دمعتها وهي تروي كيف تخبّئ أحياناً ضيافة فواكه عن والدها أو والدتها كرمى تأمينها لأولادها؟! ومهما كانت النماذج فردية هنا فإنّها معبّرة عن شريحة الدخل المحدود في مجتمعنا..
يشار إلى أنّ سوق الخضار والفواكه والسلع الغذائية تشهد حالة غلاء ملحوظة بدأت تفرض نفسها منذ العام2004، وباتت حالة تقليدية ترهق المستهلك، ووصل الفرق بين أسعار الخضار والفواكه في الأعوام الأربعة الأخيرة من جهة وبين الأسعار في التسعينيات من الألفية الماضية إلى أربعة وخمسة أضعاف أسعارها في التسعينيات من الألفية الماضية، وفق نموذج بعض الأصناف المهمة للمستهلك؟!
ويبقى السؤال الضائع في سوق السلع الغذائية: هل الغلاء يشجّع على التثقيف التغذوي أم على التقنين الغذائي وعلى حساب الصحة؟!
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد