القوات السعودية تطلق النار على المعارضين البحرينيين
لم تكن 24 ساعة قد مرت على دخول القوات العسكرية السعودية والإماراتية تراب البحرين، حتى تخضب بدماء شهيدين وأكثر من 200 جريح من المعارضين العزّل، سقطوا بنيران التحالف الميداني الثلاثي بين الجيوش الخليجية وقوى الامن البحرينية والبلطجية، تحت غطاء حالة الطوارئ التي أعلنها الملك وحديث واشنطن التي أوفدت مساعد وزيرة خارجيتها لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان الى المنامة، عن «الحوار»، فيما تزامنت اعمال العنف مع تواجد وزير دفاعها روبرت غيتس في العاصمة البحرينية.
لكن اشتعال الجبهة الداخلية البحرينية عمّق أيضا شرخا خليجيا - ايرانيا متجذّرا أصلا، وأطلق حملة دبلوماسية من جانب السعودية والبحرين اللتين اعتبرتا الموقف الايراني الرافض للاقتحام العسكري، «تدخلا في الشؤون الداخلية»، علما بان طهران استدعت سفيري السعودية والبحرين لديها وابلغتهما احتجاجها على التدخل العسكري السعودي، كما نقلت تحذيرا من مخاطر هذا التدخل الى الادارة الاميركية.
- وأعلن الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة فرض الأحكام العرفية في البلاد وواصلت حكومته محاولاتها قمع الانتفاضة الشعبية بمؤازرة عسكرية سعودية إماراتية. ونص المرسوم ايضا على تكليف القائد العام لقوة دفاع البحرين «بسلطة اتخاذ التدابير والاجراءات الضرورية اللازمة للمحافظة على سلامة الوطن والمواطنين» على ان «تنفذ هذه التدابير من قبل قوة دفاع البحرين وقوات الامن العام والحرس الوطني وأي قوات اخرى اذا اقتضت الضرورة ذلك».
وفي ظل «حالة السلامة الوطنية» أو الأحكام العرفية التي ستستمر ثلاثة أشهر وتسلم السلطة في البحرين إلى قوات الأمن، قال مصدر طبي إن رجلين قتلا خلال اشتباكات في منطقة سترة وإن أكثر من 200 شخص آخرين أصيبوا بجروح في حوادث مختلفة. وذكر التلفزيون الرسمي أن شرطيا بحرينيا لقي حتفه ايضا. ونفى، كما وزارة الدفاع السعودية، تقارير إعلامية عن مقتل جندي سعودي رميا بالرصاص.
وأكد عدد من المصابين أن القوات السعودية فتحت النار عليهم بين منطقتي عالي والبوري في جنوب المنامة، وقال المصاب محمد عبد الله مكي الذي تلقى طلقا ناريا في ركبته إنه كان في سيارة مع أصدقائه بين القريتين عندما تعرضوا لإطلاق النار، مؤكدا أن عددا كبيرا من العربات العسكرية ومنها ما يحمل العلم السعودي، ومضيفا «رأونا وبدأوا اطلاق النار».
ودعا خمسة من كبار رجال الدين الشيعة في البحرين المجتمع الدولي والاسلامي الى التدخل لمنع «المجزرة». وناشد هؤلاء في بيان اصدروه «كل الحوزات والمؤسسات الدينية والعلمية والحقوقية ومراجع الدين في عالمنا الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي ومجلس الأمن والأمم المتحدة والمجتمع الدولي والضمير الإنساني وكل الدول المنصفة والشعوب الحرة، التدخل الفوري لإنقاذ المستهدفين بهذه الكارثة والوضع المدمر». وطالبوا بالعمل على تجنب «ما يتوقع من إحداث مجزرة رهيبة في دوار اللؤلؤة» مقر الاعتصام الدائم في المنامة حيث تظاهر الآلاف احتجاجا على الانتشار العسكري الخليجي.
واكد رجال الدين الشيعة في بيانهم انه «لا عداوة عند شعب البحرين بين السنة والشيعة»، معتبرين ان «الحكومة تفتعل هذه العداوة». ومن الخمسة الموقعين على هذا البيان الشيخ عيسى القاسم، والسيد عبد الله الغريفي، والشيخ عبد الحسين الستري، والشيخ محمد صالح الربيعي. وسبق ان اعلنت جمعيات المعارضة البحرينية السبع والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين استنكارها لاعلان حالة الطوارئ و«التصعيد الامني الخطير» وناشدت المجتمع الدولي التدخل لحماية المعتصمين في دوار اللؤلؤة. وقالت هذه الجمعيات في بيان «تستنكر الجمعيات السياسية المعارضة واتحاد النقابات ما أقدم عليه النظام السياسي بإعلان حالة السلامة الوطنية» في موازاة «تصعيد أمني خطير واعتماد خيار عسكري لحل أزمة سياسية تسبب بها النظام نفسه». واعتبرت ان «أعمال القتل والتصعيد الأمني قد نسفت مبدأ الحوار وتركت البلاد مفتوحة لاستباحة قوات الأمن والجيش المحلي والخارجي». من جانبه، قال القيادي في جمعية الوفاق المعارضة عبد الجليل خليل «يريدون أن يتكلموا بمسدس مصوب إلى رؤوسنا، ليقولوا: إما تقبلون او تموتون».
وحمل نحو خمسة آلاف متظاهر أعلام البحرين وساروا من دوار اللؤلؤة إلى السفارة السعودية الواقعة في منطقة راقية في المنامة. وهتف المتظاهرون بسقوط ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسي آل خليفة. وقال متظاهر إن «الناس غاضبون. نريد أن ينتهي هذا الاحتلال. لا نريد أن يساعد أي شخص آل خليفة (الاسرة السنية الحاكمة في البحرين) أو يساعدنا». وأضاف «لن نهاجم السفارة لكن إذا شنوا هجوما فسندافع عن أنفسنا».
- واستدعت ايران السفير السعودي والسفيرة السويسرية التي تتولى تمثيل المصالح الاميركية في ايران والقائم بالاعمال البحريني لتقديم احتجاج رسمي على ارسال قوات خليجية الى البحرين، وفق ما اورد موقع التلفزيون الرسمي الايراني. وقال مدير دائرة شؤون الخليج والشرق الاوسط في وزارة الخارجية الايرانية حسين امير عبد اللهيان متوجها الى السفير السعودي، ان «دخول القوات السعودية الى البحرين سيزيد الوضع تعقيدا وسيحول الازمة الداخلية البحرينية الى ازمة اقليمية». كما نددت ايران بـ«الدعم الاميركي للتدخل العسكري» في البحرين، معتبرة انه «مخالف للتنظيمات والقوانين الدولية». وقال المسؤول مستقبلا السفيرة السويسرية في طهران «ان جمهورية ايران الاسلامية تحتج وتؤكد ان الولايات المتحدة مسؤولة عن العواقب الخطيرة لهذا العمل غير الشرعي»، في تأكيد على موقف أعلنه رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني والمتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست .
وتم استدعاء القائم بالاعمال البحريني الى وزارة الخارجية حيث ابلغه مسؤول «المخاوف البالغة» الايرانية طالبا من الحكومة البحرينية الامتناع عن «اللجوء الى القوة وتلبية مطالب السكان». كما اتصل وزير الخارجية علي اكبر صالحي بالامين العام للامم المتحدة بان كي مون للتعبير عن قلقه ازاء قمع «التحرك السلمي» في البحرين، وتواجد قوات اجنبية على ارض المملكة. وطلب صالحي من بان كي مون «مواصلة جهوده بجدية لدعم مطالب الشعب البحريني المشروعة». كما اتصل صالحي بنظيريه القطري والتركي وبالامين العام للجامعة العربية عمرو موسى بشأن الوضع في البحرين. وأكد وزير خارجية ايران ان «تدخل قوات اجنبية يمكن ان يسبب ازمة اقليمية، الامر الذي سيخلف عواقب وخيمة».
من جهتها، أدانت البحرين موقف ايران من ارسال قوات خليجية اليها، معتبرة انه «تدخل سافر» في شؤونها و«تهديد لامن المنطقة»، واستدعت سفيرها لدى طهران للتشاور، بحسب وكالة انباء البحرين. ونقلت الوكالة عن وكيل وزارة الخارجية البحرينية حمد العامر قوله ان الموقف الايراني «يعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي البحريني ومن دولة يفترض انها ترتبط مع المملكة بعلاقات حسن الجوار». واشار العامر الى ان البحرين «على اتصال مع الامم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي حول هذا التدخل الايراني السافر».
واضاف العامر ان «التصريح الايراني يتعارض ولا يتماشى مع ابسط مبادئ حسن الجوار... ومع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة المؤتمر الاسلامي التي تحث جميعها على احترام واستقلال وسيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية». وقال المسؤول البحريني ان البحرين «تدين بشدة هذا التصريح الايراني الذي يعد تدخلا في شؤونها الداخلية» و«ترفضه رفضا باتا وقاطعا باعتباره تهديدا لامن المنطقة واخلالا بالسلم والامن الدوليين». واعتبر العامر ان «دخول قوات درع الجزيرة مملكة البحرين يأتي انطلاقا من وحدة المصير المشترك وترابط امن دول مجلس التعاون على ضوء المسؤولية الجماعية المشتركة للمحافظة على الامن والاستقرار في المنطقة». واكد ان «امن دول مجلس التعاون كل لا يتجزأ بمقتضى اتفاقيات التعاون الدفاعية والامنية المشتركة بين الدول الاعضاء في مجلس التعاون». واضاف «عليه، قررت مملكة البحرين استدعاء سفيرها في طهران بصفه فورية للتشاور».
إلى ذلك، اكد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في تصريحات لقناة «الجزيرة» ان دخول قوات خيليجية البحرين تم وفقا للمعاهدات الامنية الخليجية مؤكدا ان المعارضة البحرينية «هي جزء من الشعب البحريني» ودعاها للحوار وترك الاعتصام. وقال الشيخ حمد «ان المعارضة البحرينية جزء من الشعب البحريني وهم يعزّون علينا مثل بقية شعب البحرين». وحول وصف المعارضة للتدخل الخليجي بانه «احتلال»، قال الشيخ حمد «هناك معاهدات خليجية ودرع الجزيرة واتفاقات امنية خليجية واضحة فيها التزامات واضحة». ودعا رئيس الوزراء القطري المعارضة البحرينية للدخول في حوار جاد يحل مشاكل البحرين. وقال «انا انصح الاخوة المحتجين بان ينسحبوا من اماكنهم، وهذه دعوة صادقة، ويبدأوا حوارا جادا من قبل الحكومة ومن قبلهم للوصول الى النتائج المرجوة في البحرين».
- أما أميركيا، فقال المتحدث باسم البيت الأبيض تومي فيتور إن جيفري فيلتمان وصل إلى البحرين، وإنه «سيحث جميع الأطراف على التصرف بمسؤولية والسماح باجراء حوار يتسم بالمصداقية». وردا على سؤال عن إعلان البحرين الأحكام العرفية قال فيتور «هناك شيء واضح: لا حل عسكريا للمشاكل في البحرين. الحل السياسي ضروري وعلى كل الأطراف أن تعمل الآن على بدء حوار يتناول احتياجات جميع المواطنين البحرينيين». واضاف فيتور «نحث جميع الاطراف على التصرف بمسؤولية والسماح بالمساحة اللازمة لاجراء حوار يتسم بالمصداقية... لدينا مسؤول كبير بوزارة الخارجية يعمل على المسألة بقوة على الارض بينما نحن نتحدث الآن».
من جانبها، دعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون السلطات البحرينية الى «اتخاذ خطوات الآن» للتفاوض في شأن حل سياسي للازمة. وقالت كلينتون في القاهرة التي وصلت اليها في اول زيارة منذ قيام «ثورة 25 يناير» تستمر يومين «ينبغي ان يتخذوا خطوات الآن للتفاوض في شأن حل سياسي»، وشددت على انها قالت لوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل خلال اتصال هاتفي معه ان «التحديات الامنية لا يمكن ان تكون بديلا عن الحل السياسي» في اشارة الى ارسال قوات من السعودية والامارات وقطر. وقالت «اننا نأسف ان الحوار لم يبدأ» بعد، فيما قال نظيرها المصري نبيل العربي إنه «في ما يتعلق بالبحرين فهي دولة صديقة ومصر تؤيد اي شعب يطالب بمزيد من الحرية»، مؤكدا ان «كل ما نطلبه ان يتم ذلك سلميا مثلما كانت الثورة المصرية بيضاء بل ناصعة البياض».
المصدر: وكالات
التعليقات
اتقوا الله فيما تكذبون
إضافة تعليق جديد