الوزراء العرب يقرورون إرسال وفد من الجامعة وقطر تحبط اقتراحاً لتبني الإصلاحات ومنع التدخل
طالب وزراء الخارجية العرب، في القاهرة، أمس، «بوقف إراقة الدماء» في سوريا قبل إرسال وفد من الأمانة للجامعة العربية إلى دمشق سيكون بمثابة «لجنة لتقصّي الحقائق»، كما دعوا الحكومة السورية الى إجراء حوار وطني تشارك فيه مختلف القوى السياسية في البلاد لحل الأزمة، فيما تحفّظ لبنان على البيان الذي أعلنت سوريا رفضها له معتبرة أنه «عمل عدائي وغير بناء في التعامل مع الأزمة ومحاولة لإفشال مهمة الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي.
وقالت مصادر دبلوماسية إن لبنان تحفظ على البيان المتعلق بسوريا والذي كان مستوحى من بيان دول مجلس التعاون الخليجي. وذكرت المصادر أنه كان يفترض انتقال رئاسة لجنة المبادرة العربية والجامعة العربية للدورة من الآن وحتى آذار من سلطنة عمان إلى فلسطين، لكن المندوب الفلسطيني تنازل للقطري، الذي يبدو أن لديه اجندة خاصة، وهو قال إن الوفد العربي لن يتوجه إلى دمشق قبل أن يوقف النظام أعمال العنف، وردّ ممثل سوريا يوسف احمد أنه لو كان الجيش السوري وحده من يستخدم السلاح لأمكن ضمان ذلك، لكن ماذا عن المجموعات المسلحة الأخرى ومن يضمنها، لكن القطري لم يقبل بالمعادلة وأصرّ على رأيه. وقال له السفير السوري «أنا أضمن أن يزور الوفد الوزاري كل المناطق السورية، وألا تحصل ضربة كفّ من قبل الجيش، ولكن لا نضمن المجموعات المسلحة».
وأكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية أنه «جرى التداول في مختلف الأبعاد المتصلة بالأزمة في سوريا وسبل مساهمة الجامعة العربية في معالجتها بما يضمن تطلعات الشعب السوري وضمان أمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها ومنع التدخلات الخارجية». وأضاف إن المجلس «خلص إلى التعبير مجدداً عن بالغ قلقه من استمرار أعمال العنف وسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى من المواطنين».
وتابع البيان إن «الموقف الراهن في سوريا ما يزال في غاية الخطورة، ولا بدّ من إحداث تغيير فوري يؤدي إلى وقف إراقة الدماء وتجنيب المواطنين السوريين المزيد من أعمال العنف والقتل». ودعا «القيادة السورية إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة لتنفيذ ما وافقت عليه من نقاط أثناء زيارة الأمــين العـام للجامعة العربية نبيل العربي وفقاً للمبادرة العربية، وخاصة في ما يتعلق بوقف أعمال العنف بأشكاله كافة، وإزالة أي مظاهر مسلحة، والعمل على تنفيذ ما جرى إقراره من إصلاحات».
وأكد الوزراء «ضرورة إجراء حوار وطني شامل يضمن المشاركة الفعالة لجميع قوى المعارضة السورية بأطيافها كافة، من أجل إحداث عملية التغيير والإصلاح السياسي المنشود تلبية لتطلعات الشعب السوري». وشددوا على «ضرورة العمل على تحقيق وقف شامل وفوري لإطلاق النار وجميع أعمال العنف». وقرر المجلس «إيفاد وفد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الرفيع المستوى للقيام بالمهمة الموكلة إليه في سوريا، بعد وقف إطلاق النار وكافة أعمال العنف».
وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، خلال مؤتمر صحافي مع العربي في ختام الاجتماع، إن «العرب متفقون على وحدة سوريا واستقرارها ومنع التدخل الأجنبي في شؤونها»، مشيراً إلى أن «هناك ألماً عربياً من الدماء التي تسال هناك».
ورداً على سؤال حول ما هو البديل إذا استمرت سوريا في قتل المتظاهرين، قال الشيخ حمد «إن علينا حل الموضوع في إطار سوري ـ سوري أو عربي ـ سوري، وفي هذا الإطار فقط، ولكن في الوقت ذاته علينا مسؤوليات كعرب وبشر إذا استمرت أعمال القتل والقمع في سوريا فسيتم تدارس الموقف من جديد». وأضاف إن «هناك مشككين في نيات بعض الدول العربية التي تحاول حل الأزمة في سوريا، ولكن الأفعال هي التي تعبر عن النيات، ونحن لن نقبل بالاستمرار في القتل والعنف بهذه الطريقة، فلا بد من انسحاب الجيش وقوى الأمن لحقن الدماء، وحتى نستطيع أن نتحدث عن حوار بين الحكومة والمعارضة بأسرع وقت ممكن».
وحول ما حدث بالنسبة لبقية نقاط المبادرة العربية، قال العربي إن «تنفيذ المبادرة يتوقف على التنفيذ من الجانب السوري». وأضاف «كان هناك تجاوب في المرة الثانية، فقد تجاوب الجانب السوري مع بعض الأمور مثل وقف العنف مع الاحتفاظ بحق التدخل في أي وقت، وإطلاق دفعة من المعتقلين».
وحول قرار إيفاد لجنة عربية إلى سوريا لتقصي الحقائق وهل هناك ضمانات لكي تحقق هذه اللجنة مهامها، قال العربي إنه «لا توجد ضمانات، ولكن إيفاد لجنة هو قرار اتخذ بأغلبية ساحقة في المجلس، وأن فكرة إيفاد لجنة وافق عليها الرئيس السوري، ورأى مجلس الجامعة العربية أن تقوم اللجنة بتقصي الحقائق بعد أن يتم وقف إطلاق النار». وأوضح أن السلطات السورية وافقت خلال الزيارة التي قام بها لدمشق السبت الماضي «على وقف العنف مع الاحتفاظ بحق الدولة في ملاحقة المجرمين»، كما وافقت على «الإفراج عن دفعة من المعتقلين وفتح المجال أمام وسائل الإعلام» لزيارة سوريا.
وقدّم مندوب سوريا لدى جامعة الدول العربية يوسف احمد مداخلات خلال الاجتماع أكد فيها أن «سوريا ماضية في طريق الإصلاح الذي أعلنته، وفي تلبية المطالب المشروعة لمواطنيها وفي أداء الواجب الوطني المتمثل في حماية أرواحهم وأمنهم وممتلكاتهم، وفي الدفاع عن امن سوريا واستقرارها ووحدتها الوطنية، وأنها تنفذ عملية إصلاح حقيقية وجادة تنبع من قناعاتها الوطنية والقومية ومن احتياجات شعبها وتطلعاته».
وأكد احمد أن «محاولات التدخل الخارجي في الشأن السوري لم تكن في يوم من الأيام نابعة من الحرص على مصالح سوريا وأمنها واستقرارها، وإنما تنطلق من الضغط المستمر على سوريا للتخلي عن مواقفها القومية والمبدئية الداعمة للحق العربي وللقضية الفلسطينية، والتخلي عن دعمها لقوى المقاومة العربية، وذلك في مقابل إنهاء جميع أشكال الضغط والعقوبات على سوريا، بما في ذلك وضع حد نهائي للأزمة الحالية وعودة الأمن والاستقرار إليها»، مشيراً إلى أن «هذه هي المطالب التي كانت تصرّ عليها الوفود الغربية صراحة في زياراتها إلى دمشق، وفي تواصلها مع المسؤولين السوريين منذ عقود والى الآن».
وأكد احمد أن «سوريا ستبقى قوية وستخرج من الأزمة الحالية أكثر مناعة وعزيمة، وستنتصر إرادتها في مواجهة المؤامرة التي تستهدفها، مهما تعاظمت حملة الضغوط الخارجية عليها أو تمادت بعض وسائل الإعلام في تشويه حقيقة وواقع المشهد السوري، بهدف التحريض ضد سوريا واستحضار التدخل الخارجي بأي ثمن من خلال وسائل وأدوات رخيصة وغير أخلاقية».
وشدّد على أن «الموقف الرسمي السوري، المدعوم بأغلبية شعبية كبيرة، ينطلق من التزام مطلق بمصالح وتطلعات الشعب السوري ورغبته في المضي بمسيرة الإصلاحات الشاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة، وفي الوقت ذاته فإن سوريا تدرك حجم المؤامرة التي تستهدف بشكل فاضح موقعها وموقفها الوطني والقومي في خضم سعي قوى إقليمية ودولية للسيطرة على مقدرات هذه الأمة وطاقاتها ووأد القضايا القومية الأساسية والمصيرية، وفي مقدمها قضية الصراع العربي ـ الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وذلك من خلال حلول منقوصة على حساب كرامة العرب وحقوق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية الرازحة تحت الاحتلال».
وحذر احمد من أن «هناك أطرافاً عربية تتخذ مواقف سلبية لا تساعد على الإطلاق في حل الأزمة في سوريا، وتقوم بتنفيذ إملاءات بعض القوى الدولية التي تقود المؤامرة وتمارس الضغط المشبوه على سوريا»، مشيراً إلى «واقعة وجود مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان في الدوحة أثناء انعقاد اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية في 23 آب، وإقرار طرف عربي يومها بأن فيلتمان يمارس ضغوطاً على العرب من أجل تبني موقف سلبي يتجاوب مع الأجندة الأميركية والغربية ضد سوريا، ويسهّل استدعاء التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية».
وأكد احمد أن «أي موقف تتخذه جامعة الدول العربية تجاه الوضع في سوريا يجب أن يستند إلى المضمون البناء والايجابي لتقرير أمينها العام، وإلا فإن الشعب السوري الذي لم يتوان في يوم من الأيام عن تقديم الدعم والمساعدة لأشقائه العرب من المحيط إلى الخليج سيبقى يذكر على الدوام أن بعض العرب رفض مساعدته، بل لعب دوراً سلبياً إلى جانب القوى الدولية التي تستهدف امن سوريا واستقرارها وموقعها ودورها الوطني والقومي ودعمها للمقاومة ضد الاحتلالات الإسرائيلية والأجنبية».
ثم تقدم احمد بمبادرة سورية «تتضمن مشروع قرار يصدر عن مجلس جامعة الدول العربية، ويعكس رؤية عربية متكاملة تلبي الإرادة المشتركة للشعوب العربية من خلال تبني حزمة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبما يكفل تعزيز الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان ويتصدى لمحاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول العربية إلا أن رئيس وزراء قطر الرئيس الجديد لمجلس جامعة الدول العربية تجاهل بشكل غير مبرر التعامل مع المبادرة أو إصدار أي قرار أو توصية بشأنها».
وفي ختام الاجتماع، أعلن أحمد «رفض سوريا للبيان جملة وتفصيلاً، واعتبره عملاً عدائياً وغير بنّاء في التعامل مع الأزمة في سوريا ومحاولة لإفشال مهمة الأمين العام لجامعة الدول العربية، وهي الحقيقة التي انعكست من خلال مواقف ممثلي بعض الدول العربية، ومن مناخات التفاوض التي سادت اجتماع المجلس والتي تناقضت بشكل فاضح مع المضامين الايجابية لتقرير الأمين العام لجامعة الدول العربية عن زيارته الأخيرة إلى سوريا ولقائه بالرئيس الأسد». واستشهد «بوقائع ثابتة وموثقة حول محاولة بعض الأطراف العربية الرسمية والإعلامية منذ البداية إفشال مهمة الأمين العام وعرقلة زيارته إلى سوريا ولقائه بالرئيس الأسد».
وفي موسكو، شدّدت المستشارة في الرئاسة السورية بثينة شعبان، خلال لقائها رئيس جمعية الصداقة الروسية ـ السورية ألكسندر دزاسوخوف في موسكو، على أن «الأحداث الجارية في سوريا مرتبطة بمخططات صهيونية وغربية لتقسيم الدول العربية، وإنهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي من دون إعادة أي حقوق للعرب». وقالت «إننا ننطلق من أولوية تحقيق مصالح الشعب السوري الأساسية في جميع المجالات، ونحن لا نصدق الغرب وبعض القوى الأخرى في المنطقة حين يتحدثون عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، ولدينا أمثلة صارخة عن انتهاك هذه الحقوق وتدمير الدول في العراق وأفغانستان وباكستان وغيرها».
وقال ناشطون سوريون إن سفراء الولايات المتحدة وفرنسا والدنمارك واليابان زاروا بلدة داريا في ريف دمشق للتعزية بالناشط غياث مطر. وأضافوا إن «قوات الامن السورية هاجمت مجلس العزاء بعد مغادرة السفراء»، مؤكدين ان «هجوم الامن على العزاء تخلله اطلاق غاز مسيل للدموع وعيارات نارية في الهواء لتفريق المتظاهرين بعد مغادرة السفراء».
وفي بروكسل، قال دبلوماسيون في الاتحاد الأوروبي إن حكومات الاتحاد توصلت إلى اتفاق مبدئي يمنع الشركات الأوروبية من القيام باستثمارات جديدة في مجالات التنقيب عن النفط وإنتاجه وتكريره. وقالوا إنه الى حين الموافقة النهائية فإن أحدث جولة من العقوبات الاقتصادية الاوروبية على النظام السوري قد يبدأ نفاذها الأسبوع المقبل.
وقال دبلوماسي أوروبي «الهدف هو ضرب قدرة النظام على الحصول على أموال في الأجل الطويل». وقال الدبلوماسيون إن العقوبات الجديدة ستمنع الشركات الأوروبية من إنشاء مشروعات مشتركة جديدة مع مؤسسات في قطاع الطاقة السوري ومنحها قروضاً وكذلك شراء حصص في الشركات السورية أو زيادة هذه الحصص.
وتحدّث دبلوماسيون عن ملامح تفاهم على نقطة أخرى: منع تسليم أموال نقدية مطبوعة في اوروبا لحساب البنك المركزي السوري، وفق مصادر دبلوماسية. ورغم عدم تبني هذه النقطة حتى الآن الا ان «اي طرف لم يعارضها» وفق الدبلوماسيين.
وفي بكين، أعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن اعتقاده بأنه لم يؤثر على موقف الصين حيال «قمع» التظاهرات في سوريا، لاتخاذ موقف مشترك في الامم المتحدة. وقال «قلت إن علاقاتنا (بين باريس وبكين) ممتازة لكن هذا لا يعني اننا نتفق على كل الامور».
المصدر: السفير+ وكالات
التعليقات
أمير قطري!! وقذر أيضاً !!!
إضافة تعليق جديد