أسئلة حول زيارة جعجع المريبة للسعودية
الجمل: شهدت الأيام الماضية قيام رئيس حركة القوات اللبنانية الزعيم المسيحي المثير للجدل سمير جعجع بزيارة المملكة العربية السعودية، الأمر الذي أثار انتباه المحللين والمراقبين، وفي هذا الخصوص، وعلى خلفية حساسية الزيارة تبرز المزيد من الأسئلة الحرجة، والتي في مقدمتها: ما هو جدول أعمال سمير جعجع في الرياض، وما هو جدول أعمال الرياض في لبنان، والدور الذي سوف يقوم به سمير جعجع؟
* محفزات الزيارة: توصيف المعلومات الجارية
تحدثت المعلومات بشكل خافت واصفة زيارة الزعيم المسيحي اللبناني سمير جعجع إلى السعودية بالهامة، إضافة إلى وصفها بالغير متوقعة، وفي هذا الخصوص تشير المعلومات إلى أن أبرز محفزات زيارة جعجع للمملكة العربية السعودية تتمثل في الآتي:
• سيطرة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على ملف دبلوماسية قوى 14 آذار، الأمر الذي جعل من زعيم الكتائب أمين الجميل، وزعيم القوات اللبنانية سمير جعجع مجرد عناصر هامشية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات والتحركات الخارجية، وبالتالي، فإن زيارة جعجع للمملكة العربية السعودية، تندرج ضمن جهود رفع معنويات جعجع، وإضفاء قدر من الفاعلية الدبلوماسية السياسية على كاريزمية زعامته، والتي أصبحت زعامة محلية ـ داخلية، وهو أمر لا ينسجم مع مواصفات "البريستيج السياسي اللبناني".
• سعى سعد الحريري زعيم تيار المستقبل لجهة الجمع بين مزايا "سياسة المناورة على الخطوط الخارجية" بفعل سيطرته على دبلوماسية قوى 14 آذار الآخرين، وعلى وجه الخصوص أمين الجميل وسمير جعجع.
هذا، وتقول المعلومات بأن وقائع الأداء السلوكي الخاص بتحالف قوى 14 آذار، شهدت خلال الأسابيع الماضية خلافات شديدة التعقيد، بحيث بدأت مكونات هذا التحالف أكثر تناحراً إزاء العديد من الملفات الداخلية والخارجية، ومن أبرزها:
• خلافات مسيحية ـ إسلامية سنية.
• خلافات مسيحية مارونية ـ مارونية.
• خلافات مسيحية مارونية ـ أرثوذكسية.
وعلى خلفية هذه الاصطفافات، بدا تحالف قوى 14 آذار أكثر تصدعاً، وعلى وجه الخصوص بشكل برز من خلال الآتي:
• مؤشرات الفشل في ردع صعود قوة حزب الله اللبناني وحلفاءه.
• مؤشرات الفشل في إسناد فعاليات العمليات السرية الجارية ضد سوريا بالانطلاق من الساحة اللبنانية.
• مؤشرات الفشل في ردع صعود قوة التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الجنرال ميشيل عون.
• مؤشرات الفشل في تحريض المجتمع المسيحي اللبناني لجهة القيام بدعم وتأييد لفعاليات المعارضة السورية.
• مؤشرات الفشل في توظيف عمليات الدعاية السوداء الموجهة لجهة حث وتحريض المسيحيين السوريين من أجل الانخراط إلى جانب فعاليات حركة الإخوان المسلمين السورية المعارضة لدمشق.
• مؤشرات الفشل في منع تدهور شعبية تحالف قوى 14 آذار، خلال الأشهر الماضية.
جميع هذه المؤشرات وغيرها أصبحت تشكل معطيات الإنذار المبكر، لجهة أن الاحتمالات أصبحت أكبر بأن تتآكل شعبية تحالف قوى 14 آذار بما سوف يؤدي بالضرورة إلى التأثير سلباً على موقفها في الساحة السياسية اللبنانية.
* شراكة سمير جعجع ـ عاهل الحرمين: إلى أين؟
تعتبر الدبلوماسية السعودية من بين الأكثر تكتماً وسرية في العالم، وذلك لجهة قلة التصريحات والتقارير، وبرغم ذلك، فقد تحدثت التسريبات عن زيارة الزعيم المسيحي اللبناني سمير جعجع للعاصمة السعودية الرياض قائلة بأن فعاليات زيارة جعجع تضمنت الآتي:
• عقد اللقاءات مع كبار المسؤولين السعوديين، وعلى وجه الخصوص المعنيين بالشأن الدبلوماسي، والأمن القومي السعودي، إضافة إلى بعض كبار رموز الأسرة المالكة السعودية.
• التفاهم على بنود جدول أعمال جديد تركز بشكل مكثف على مواجهة المخاطر المحتملة إزاء تطورات وقائع الحدث الاحتجاجي السياسي السوري.
• التفاهم على كيفية التعاون لجهة التعامل مع تداعيات مرحلة ما بعد خروج القوات الأمريكية من العراق، وما يمكن أن يترتب على ذلك من تزايد الحضور الإيراني في الساحة السياسية اللبنانية.
هذا، وتقول التسريبات بأن خارطة طريق السياسة الخارجية السعودية والخليجية إزاء لبنان سوف تسعى من جديد لجهة تحقيق الآتي:
• السعي لتقويض معطيات اتفاق الدوحة، باعتباره السبب الرئيسي الذي أتاح لقوى 8 آذار من الصعود وإقصاء قوى 14 آذار الحليفة لأمريكا والسعودية ودول الخليج.
• السعي من أجل إعادة إنتاج اتفاق الطائف ضمن نسخة جديدة معدلة تضع في الاعتبار إغلاق المنافذ التي تتيح لدمشق فرصة التأثير على فعاليات المسرح السياسي اللبناني.
وإضافة لذلك، أشارت التسريبات إلى أن سيناريو الانقلاب على اتفاق الدوحة سوف يتضمن إشعال الساحة اللبنانية، والفرصة الوحيدة السانحة لتحقيق ذلك سوف تحدث حصراً في حالية انهيار دمشق بفعل سيناريو الحدث الاحتجاجي السياسي الجاري حالياً، والمدعوم أمريكياً ـ فرنسياً ـ بريطانياً ـ سعودياً ـ خليجياً وتركياً. وأضافت التسريبات بأن محادثات جعجع مع السعوديين قد ركزت حصراً على سيناريو الانقلاب. إضافة إلى إعداد الترتيبات وتجهيز الموارد اللازمة لذلك، وفي هذا الخصوص، تقول التسريبات بأن الرياض أصبحت أكثر وعياً بمدى حساسية سمير جعجع إزاء التبعية لنفوذ سعد الحريري ، وسوف تشهد الفترة القادمة قيام خط دبلوماسية علاقات معراب ـ الرياض، والذي سوف يربط سمير جعجع رأساً مع المملكة العربية السعودية، دون المرور عبر نافذة الحريري.
من المتوقع أن تسعى الرياض لجهة فتح نافذة تعامل ثالثة مباشرة مع أمين الجميل، وذلك بما يتيح للرياض المناورة على الخطوط الثلاثة، وبكلمات أخرى، تستطيع الرياض من خلال هذه النوافذ التعامل مع كل طرف على حدة، تفادياً للحرج الذي ظل يطل برأسه من جراء اقتصار الرياض لتعاملها مع جعجع والجميل عبر نافذة سعد الحريري، فالحريري من المعروف عنه أنه تاجر أولاً وقبل كل شيء، ويتمتع بالقدرة الفائقة على اصطياد "المصاري" خاصة إذا كانت سعودية ـ خليجية المصدر والمنشأ، أما سمير جعجع، فهو يتميز بالقدرة لجهة القيام بعمليات من نوع: نشر القناصة ـ إدارة عمليات الخطف ـ إنشاء السجون السرية ـ نشر وزراعة شبكات العملاء. وهي الخدمات التي تحتاج إليها واشنطن وأطراف محور الرياض ـ الدوحة في سوريا، وعلى وجه الخصوص في المناطق المتوترة، وتأسيساً على ذلك، فإن الخيار الأفضل بالنسبة للرياض هو التعامل مع "الزبون" المناسب مباشرة، ودون أي وسطاء حفظاً للسرية، وتقليلاً للتكاليف.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
بيان صحفي
ليس غريبا
إضافة تعليق جديد