خطط بريطانيا العسكرية ضد سورية: الترتيبات السياسية أولا
الجمل- كون كوغلين (المحرر العسكري)/روبرت وينيت (المحرر السياسي)- ترجمة: د. مالك سلمان:
قائد القوات المسلحة البريطانية يحذر اليوم: على بريطانيا أن تجهز نفسها "للذهاب إلى الحرب" إذا كانت ترغب في كبح النظام السوري عبر إقامة مناطق حظر طيران وتسليح المتمردين.
في مقابلة مع "الديلي تلغراف", قال الجنرال سير ديفيد ريتشاردز "إذا أردتم التأثير الفعلي في حسابات النظام السوري, الذي يسعى إليه البعض", يجب "ضرب الأهداف الأرضية".
كما حذر قائد الجيش أن على الحكومة أن توضحَ "هدفها السياسي" في سوريا قبل تقديم خطة عسكرية متكاملة للتعامل مع نظام الأسد.
أشار ديفيد كاميرون وباراك أوباما, في الشهر الماضي, إلى أنهما سيدرسان اتخاذ إجراءات عسكرية بعد ظهور دلائلَ على استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية ضد مواطنيه.
لكن يبدو أن حماسَ رئيس الوزراء في الأيام الأخيرة بدأ في الخمود بعد تحذيرات خاصة من السير ديفيد والسير جون سوورز, رئيس جهاز (إم آي 6), حول خطورة الانجرار أبعد من ذلك إلى الحرب الأهلية السورية.
يتقاعد السير ديفيد اليوم بصفته الضابط الأعلى رتبة في البلاد, وفي مقابلة مع هذه الصحيفة يعبر عن قلقه حول تعقيد الوضع في سوريا. فقد قال:
"هناك غياب لإجماع دولي حول التعاطي مع هذه الأزمة. نحاول الآن التقريبَ بين مجموعات المعارضة, لكن ذلك صعب لأنها متباينة جداً ولكل منها أبعاده الخاصة.
إنه موضوع قيد الدراسة, لذلك أتوخى الوضوح في نصيحتي العسكرية التي أقدمها للحكومة بأننا بحاجة إلى فهم الهدف السياسي قبل أن نتمكن من تقديم النصائح بخصوص الجهود والقوات العسكرية اللازمة في هذا الشأن."
وأضاف: "نتحاور في ذلك كثيراً, من رئيس الوزراء إلى المراتب الأدنى. وعلينا أيضاً أن نتحاورَ مع حلفائنا. للحلفاء وجهات نظر متباينة حول ما يجب فعله لاحقاً. من المفهوم أن هناك تردداً في إرسال قوات عسكرية إلى مكان مثل سوريا."
كما حذر قائد الجيش من أن إقامة منطقة حظر طيران لوحدها لن تؤثر في شيء, وأن هناك حاجة للقيام بإجراءات عسكرية أخرى.
وقال السير ديفيد (61 عاماً):
"إذا أردتم التأثير الفعلي في حسابات النظام السوري, الذي يسعى إليه البعض, فإن منطقة حظر طيران لوحدها لن تكون كافية.
عليكم أن تكونوا قادرين, كما فعلنا في ليبيا, على ضرب الأهداف الأرضية.
عليكم أن تقيموا منطقة للسيطرة على الأرض. عليكم أن تدمروا دفاعاتهم الجوية. وعليكم أيضاً أن تتأكدوا من عدم قدرتهم على المناورة – مما يعني أن عليكم أن تدمروا دباباتهم, وناقلات جنودهم, وكل شيء يستخدمونه في هجومهم.
إذا أردتم التأثير الفعلي الذي يسعى إليه البعض عليكم أن تتمتعوا بالقدرة على ضرب الأهداف الأرضية, مما يعني أنكم ستذهبون إلى الحرب, إذا كان هذا ما تريدون أن تفعلوه."
وأضاف: "هذا قرار كبير وهام. هناك آراء كثيرة تقول بضرورة القيام بذلك, كما أن هناك آراءَ كثيرة أيضاً تقول بعدم ضرورة فعل ذلك."
وقد وصف أكبر ضابط عسكري في البلاد الوضعَ في سوريا على أنه "معقد جداً" واقترحَ أن تركيز عمل الحكومة كان أيضاً على ضمان عدم "امتداد" النزاع إلى البلدان المجاورة.
فقد قال: "إننا ننظر إلى سوريا بشكل أكبر من منظور إقليمي ونتأكد أن الأمور, على الرغم من سوئها, لن تمتدَ بشكل فعلي إلى بلدان أخرى مثل لبنان والأردن."
في اجتماع القمة الأخير ﻠ "مجموعة الثماني" في شمال إيرلندة, نالَ رئيس الوزراء الاستحسان بسبب سعيه لإقناع الرئيس الروسي, فلاديمير بوتين, بدعم مؤتمر سلام يهدف إلى حل الأزمة السورية. وكان السيد كاميرون قد حذر مسبقاً من أن أولئك الذين لا يقفون في وجه نظام الأسد "ملطخون" بدماء الأطفال الذين قتلوا.
لكنه يواجه معارضة متزايدة داخل "حزب المحافظين" حول أي تحرك لتسليح المتمردين السوريين وسط مخاوف من وقوع هذه المعدات في أيدي الإرهابيين.
في مقابلة اليوم, يتحدث السير ديفيد – الذي ينهي اليوم مهنة عسكرية امتدت على مدى 40 عاماً – عن شعوره بالفخر لما تم إنجازه في أفغانستان قبل انسحاب الوحدات المقاتلة السنة القادمة. قال إنها كانت "سنة جيدة" وإن الجنود الذين قضوا في هذا النزاع "يجب أن يكونوا فخورين بما حققوه."
فقد قال:
"أنظر إلى نفسي كجندي أخلاقي. أنا لا أربط الجيش بالحروب وسفك الدماء بمعنى ضيق. أنا, في الحقيقة, أربط الجيش بفعل الخير, والقضاء على المستبدين, ومساعدة الناس على تحقيق طموحاتهم من أجل أطفالهم.
إن معظم الناس يشعرون بالأمان نتيجة ما فعله البريطانيون وحلفاؤهم. التاريخ وحده سيقرر نجاحَ أو فشلَ بعض هذه المغامرات. لكن القوة العسكرية هي التي مكنت من حدوث هذه الأشياء – ولا نفعل سوى ما تطلبه منا حكومتنا المنتخبة ديمقراطياً."
كما أنه أثنى على نجاح البعثة لمنعها تنفيذ أية هجمات إرهابية تنطلق من الأراضي الأفغانية ضد بريطانيا منذ سنة 2001.
يقول قائد الجيش إنه على الرغم من أن الوحدات المقاتلة سوف تنقل من البلاد السنة القادمة, سيكون للجيش دور "متبقي" في أفغانستان لسنوات قادمة طويلة. وسوف يتم تقرير ذلك من قبل خلفه و "مجلس الأمن القومي" في الخريف.
وأضاف قائلاً: "إذا كنا قد خسرنا ثقة الشعب الأفغاني بسبب تراجعنا عن الوعود التي قطعناها على أنفسنا, عندها يكون لدينا سبب للقلق."
يترك السير ديفيد الجيش بعد عراك مرير حول ميزانية الدفاع التي تعرضت لتقليص شديد من قبل "الائتلاف".
لم تكن "دورة الإنفاق" الأخيرة – التي حددت الإنفاق للسنة المالية 2015- 2016 – سيئة كما كان متوقعاً للجيش مع تجميد الإنفاق. لكن السير ديفيد يحذر من أن أية تخفيضات أخرى سوف تقوض استراتيجية البلاد الأمنية.
تُرجم عن ("الديلي تلغراف", 17 نموز/يوليو 2013)
الجمل
التعليقات
لاتشد على حالك!
إضافة تعليق جديد