فشل جديد لقناة الميادين: تبييض صورة العدو على حسابنا
الجمل ـ محمد صالح الفتيح: عندما حط «الربيع العربي» رحاله في سورية، أدرك الجميع ضعف مؤسسات الإعلام السورية، المقروءة والمكتوبة، الحكومية والخاصة على حد سواء، في مواجهة المؤسسات الإعلامية التي تبنت عملية غسيل المخ الجمعي السوري وتسويغ عملية هدم الدولة والمجتمع. كان الاستنتاج الفوري يومها أن الصمود في المعركة على الأرض يحتاج أيضاً إلى الرد على الحرب في الفضاء الإعلامي. كان هذا الهدف الذي انطلقت قناة الميادين لكي تحققه. فالجمهور الذي يؤيد القيادة السورية كان مرتاحاً، بشكل عام، لأداء التلفزيون السوري وقنوات الدنيا وسما والقنوات اللبنانية والعراقية المؤيدة. أما الميادين فكان الدور الذي أُريد لها هو أن تتقدم بخطاب قادر على استعادة الجمهور الذي استقطبته قنوات الجزيرة والعربية وسواها. لا أحد يعلم، في الحقيقة، كم كلفت عملية إطلاق قناة الميادين وكم أنفق عليها خلال العامين الماضيين، ولكن الأكيد أن الكلفة مرتفعة ولاسيما في ظل غياب أي إعلانات تجارية تلفزيونية قادرة على تغطية جزء من المصاريف المرتفعة المعروفة للقنوات الفضائية الإخبارية. ولكن بعد عامين على انطلاق قناة «العالم كما هو»، لايمكن القول أن ذلك الهدف الاستراتيجي قد تحقق، ولو بشكل جزئي، ولكن يمكن القول بثقة أننا قد قدمنا خدمةً جليلةً لأعدائنا من جيبنا. وبأعدائنا أقصد الإسلاميين بكل ألوان طيفهم.
مع إن القناة، عند انطلاقها، لم تبدو صراحة كمنبر إعلامي للإسلاميين أو للإخوان المسلمين، إلا أنها قدمت الكثير من المفاجآت، لاحقاً، وخصوصاً خلال الأسبوعين الماضيين تحديداً. كانت مفاجأة الجمهور السوريّ بها في البداية عندما قررت هذه القناة الإخبارية، لسبب ما يعجز العقل عن فهمه، أن تقدم لنا برنامجاً للمناجاة في شهر رمضان وأن تختار لتقديم هذا البرنامج منشداً مغربياً، رشيد غلام، لايملك في سيرته الذاتية سوىشهرة حصل عليهامن خلال الأناشيد التي يتطاول فيها على سورية وقيادتها. بالرغم من أن الميادين قد تراجعت عن قرارها هذا لاحقاً، إلا أن القرار كان كافياً لإثارة حفيظة الكثيرين من المتابعين الذين بدأوا التمحيص في ما تقدمه القناة بحثاً عن نمطٍ خفيٍ لم يتم ملاحظته في السابق. وهكذا بدأت تبرز بعض التساؤلات وعلامات الاستفهام. لماذا تقوم قناة تلفزيونية إخبارية، يفترض أن مموليها يتعرضون لحرب شرسة رأس الحربة فيها المتطرفون الإسلاميون والإخوانيون العرب، بتقديم برنامجين أسبوعيين عن القضايا الإسلامية،«أ ل م» و «إسلاميون وبعد»، إضافة إلى الظهور المتكرر، غير المبرر، للكثير من الضيوف الإسلاميين في الكثير من برامج القناة الأخرى. ويجب أن لاننسى أيضاً البرامج الوثائقية والبرامج الموسمية، مثل«رمضان بين الشعوب» و «رمضان بالمصري». هل هذه قناة إسلامية أم قناة إخبارية؟ إذا كانت هناك نية لتقديم برنامج عن مصر، فلماذا يتم اختيار برنامج إسلامي ومصر خارجة للتو من عباءة الإخوان؟ لماذا لم يكن البرنامج مثلاً عن التغييرات التي حصلت خلال العام الماضي منذ أن أُطيح بالإخوان؟ لماذا لم يكن هناك برنامج وثائقي عن مصر عبد الناصر، مثلاً؟ لماذا تناقض القناة نفسها وتعطي حيزاً صغيراً للفكرة التي تقول أن المشير السيسي هو عبد الناصر جديد، بغض النظر عن صحة هذا القول، بينما تخصص حيزاً كبيراً بشكل غير مبرر على شاشتها للإخوان والقادة الإسلاميين المصريين؟ باختصار، لماذا أصبح من الأسهل لمتابع قناة الميادين أن يحصي وجوه الرجال غير الملتحية ورؤوس النساء الحاسرة من أن يحصي الإسلاميين والإسلاميات الذين يطلون علينا عبر هذه القناة؟
إلا أن القناة لم تتوقف هنا فقدجاءت الصدمة الأبرزمع بداية الحرب في غزة. بالرغم من أن هذه الحرب، ودوافعها تثير الكثير من الريبة، إلا أن إدارة القناة قررت تجاوز كل علامات الاستفهام والانخراط في تغطية مباشرة مفتوحة أتت على حساب تغطية الأحداث في سورية والعراق. وبالرغم من أن الوسائل الإعلامية السورية الرسمية وقناة المنار وغيرها قدمت تغطية فاترة للحرب، ولذلك أسباب كثيرة لامجال لمناقشتها هنا، إلا أن قناة الميادين تحولت إلى منبر للناطقين باسم حماس. كان التباين الأبرز مساء يوم السبت عندما نقلت الميادين أن حماس توعدت بإطلاق صواريخ على تل أبيب عند الساعة التاسعة مساء وفتحت بثها المباشر لتنقل الصورة من سماء تل أبيب واستمر الحال لأكثر من ساعة بقليل بينما استمرت قناة المنار في عرض مسلسلاتها الرمضانية! المفارقة هنا أن هناك مؤسستين إعلاميتين في العالم كله تواظبان على ترويج رواية مفادها أن كل مايحصل في غزة، من اطلاق صواريخ وخلافه، على أنه من فعل حماس بالدرجة الأولى، هاتان المؤسستان هما: التلفزيون الإسرائيلي وقناة الميادين! لماذا كل هذا الإصرار على تقديم هذه الفرصة الذهبية لحماس لكي تقوم بتبييض صورتها الملطخة بدماء السوريين؟ وبالمناسبة لماذا لم يتسائل أحد لماذا كانت الميادين هي الوحيدة التي تتجنب الإشارة إلى دور حماس في الحرب السورية وإلى الفلسطينيين القادمين إلى سورية لقتال الجيش السوري؟ هل حماس تسبق الجيش السوري في سلم أولويات الميادين؟ وإذا كانت كذلك فلماذا يتم الاستمرار بتمويلها– وهي التي فشلت، أساساً في تحقيق هدفها الأصلي؟لايمكن تفسير سلوك الميادين على أنه مجرد مثال على التخبط، فقد كانت القناة حريصة على عرض «برومو» يُظهر غسان بن جدو وهو يقوم شخصياً بمتابعة تفاصيل إعداد البرامج المتعلقة بتغطية حرب غزة. فلماذا يفعل بن جدو ذلك؟ هل كانت الـ «يا ساتر» التي خرجت من فيه عندما سمع رفض الرئيس بشار الأسد لوجود الإخوان المسلمين في سورية واحدة من اللحظات الصادقة لبن جدو؟ هل خدعنا بن جدو واعاد إدخال الإسلاميين والإخوان والحمساويين من «الشباك»بينما نحن مازلنا نقاتل لنوصد الباب بوجههم؟ ألم يحن الأوان للقيام بمراجعة شاملة لمسيرة الميادين؟
الجمل
التعليقات
100%--100%حياك الله حضرة
ليس فشلا
إنها في صلب المخطط
تمويل القناة ايراني و هي تروج
أنا من المهتمين بما ينشر في
خريجين بشهادات ...
أنا من المهتمين بما ينشر في
سؤال بريء
منذ اللحظات الأولى للميادين
تعويض الجزيرة
أيها السوريون لا تخونوا المقاومة
إلى الأخ "الواقع كما هو": هل
إضافة تعليق جديد