استقراء دورة العنف الرمضانية القادمة في الحدث السوري
الجمل: تشهد الساحة السياسية السورية، خلال هذه الأيام المزيد من عمليات التعبئة السياسية بواسطة النظام وحلفاءه في مواجهة عمليات التعبئة السياسية بواسطة المعارضة وحلفاءها، وفي هذا الخصوص، وعلى خلفية حسابات المواجهة بين الطرفين، يبرز السؤال الرئيسي القائل: ما هي أبرز الرهانات. وما هي مسارات السيناريو خلال الشهر القادم؟
* واقع الحدث السوري: أبرز التطورات والوقائع الجارية
تشير الوقائع والمعطيات الجارية، إلى أن أطراف المواجهة السورية، قد أصبحوا قاب قوسين أو أدنى، لجهة خوض الشهر الأكثر سخونة، وفي هذا الخصوص نلاحظ الآتي:
• سعى النظام السوري وحلفاءه لجهة التأكيد نظرياً وعملياً على خيار الإصلاحات التي تضمن الانتقال نحو عمليات التحديث السياسي والاقتصادي وصولاً إلى التحول الديمقراطي.
• سعت المعارضة السورية وحلفاءها لجهة التأكيد نظرياً وعملياً على خيار رفض الإصلاحات والعمل لجهة إنجاز هدف واحد، هو إسقاط النظام.
تبدو المسافة كبيرة بين تحديث النظام وإسقاط النظام، وفي هذا الخصوص، فقد بدت المزيد من الأطراف الثالثة الخارجية، أكثر قناعة لجهة الآتي:
• حلفاء المعارضة وتحديداً أطراف مثلث واشنطن ـ باريس لندن، أصبحوا أكثر إدراكاً لصعوبة واستحالة قيام المعارضة السورية بإنفاذ سيناريو إسقاط النظام، وذلك لعدة أسباب، من أبرزها: تماسك القوام السياسي المؤسساتي ـ تماسك المؤسسة العسكرية، إضافة إلى عدم اتساع نطاق الاحتجاجات السياسية بالقدر الكافي لدعم هدف المعارضة، على غرار ما حدث في تونس ومصر.
• حلفاء النظام، وتحديداً موسكو وبكين وطهران، إضافة إلى بعض الأطراف الشرق أوسطية، أصبحوا أكثر تمسكاً بضرورة دعم وتأمين دمشق من مخاطر التدخل الخارجي عن طريق التدويل، وما شابه ذلك. مع التأكيد على حصر المواجهة بين النظام والمعارضة باعتبارها شأناً داخلياً سورياً.
هذا، وتشير المعطيات الجارية، إلى ظهور المزيد من التحولات الجديدة في مواقف حلفاء المعارضة السورية الخارجيين، وعلى وجه الخصوص بالنسبة لتركيا، والتي أصبحت أكثر تردداً إزاء إبراز المواقف الداعمة لفعاليات المعارضة السورية ـ على الأقل من الناحية المعلنة، ونفس الشيء أصبح ينطبق على واشنطن، والتي أصبحت أكثر اهتماماً بإطلاق التصريحات التي تكتفي بممارسة العنف الرمزي ضد دمشق ضمن سقف محدود لم يعد يلبي طموحات وتطلعات رموز المعارضة، والذين ما زالوا يطالبون واشنطن بضرورة المضي قدماً في مسار التصعيد ضد دمشق.
* سيناريو المواجهات الرمضانية: الرهانات المتعاكسة
سعت المعارضة السورية، إلى تعزيز فعاليات الاحتجاجات السياسية، وإدارتها بشكل يتيح المزيد من احتقانات العنف السياسي الكامن الخفي، والظاهري السلوكي، وفي هذا الخصوص، وبحسب المعطيات الجارية نشير إلى الآتي:
• تحدث العديد من رموز المعارضة بأن شهر رمضان القادم سوف يشهد تصعيداً غير مسبوق لفعاليات المعارضة السورية، وبتحديد أكثر تحدث بعض رموز المعارضة بأن الفعاليات الاحتجاجية سوف يتم إطلاقها بشكل يومي وحصراً في عقب انتهاء صلاة التراويح.
• برزت العديد من التنسيقيات ـ أي لجان التنسيق التابعة للمعارضة ـ وهي تقوم بالدور الرئيسي في عمليات التعبئة الفاعلة لجهة تحريك المواكب الاحتجاجية خلال الجمع الأربع الأخيرة. وتقول المعلومات والتسريبات، بأن حركة الإخوان المسلمين السورية هي الأكثر حضوراً وفعالية في هذه اللجان التنسيقية.
وبالنسبة للنظام السوري، فقد سعى إلى القيام بعملية "تنفيس" الاحتقانات، وذلك عن طريق المزيد من الآليات والفعاليات، والتي تضمن أبرزها الآتي:
• حشد وتسيير مواكب أنصار النظام ضمن أعداد كبيرة وفي المدن الرئيسية وصولاً لردع فعاليات مواكب أنصار المعارضة.
• إعاقة جهود حلفاء المعارضة الخارجيين، بما أدى إلى تقويض مخطط تدويل الحدث السوري بواسطة مجلس الأمن الدولي.
• التأكيد على حق المواطنين بالمطالبة بالإصلاحات، ثم إطلاق الحوار الوطني، ثم إصدار بعض القرارات الإصلاحية العاجلة، وصولاً إلى مصادقة مجلس الوزراء السوري على قانون الأحزاب الجديد.
على أساس اعتبارات سباق الرهانات خلال الفترة الماضية، نلاحظ الآتي:
• كسبت المعارضة العديد من النقاط أبرزها: استمرار الاحتجاجات كل جمعة وإن كان الأمر يتم ضمن حدود صغيرة: ـ النجاح في تعبئة العديد من المناطق الريفية ـ النجاح في تحريك الاحتجاجات الضخمة في: حماة ـ حمص ـ دير الزور، وبرغم ذلك فقد خسرت المعارضة العديد من النقاط أبرزها كان بسبب: ـ التفاهم مع أمريكا وحلفاءها بشكل مستمر ودائم ـ استلام المعونات الأمريكية ـ اعتماد استراتيجية الاستقواء بالخارج ـ حضور اجتماع سان جيرمان الباريسي، الذي دعا إليه اليهودي برنار ليفي ودعي إليه أحد مساعدي وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك لحضوره كضيف شرف ـ نجاح حركة الإخوان المسلمين في فرض سيطرتها على فعاليات المعارضة الداخلية والخارجية ـ سعي الفصائل الكردية لجهة توظيف فعاليات المعارضة بما يؤدي إلى الاعتراف بقيام إقليم كردستان السوري ـ علميات القتل التي تضمنت التمثيل بجثث القتلى ـ عمليات القتل الجماعي في منطقة جسر الشغور ـ والتطهير العرقي في منطقة جبل الزاوية ـ إضافة إلى جريمة قلب قاطرة الركاب القادمة من حلب، والتي أدت إلى تدنٍّ كبير في شعبية المعارضة في أوساط كافة القطاعات.
• كسبت السلطة العديد من النقاط، والتي من أبرزها: الاحتفاظ بتماسك القوام المؤسساتي ـ الحفاظ على تماسك الجيش العربي السوري وقوات الشرطة والأمن ـ القدرة على تسيير المواكب الكبيرة في المدن الرئيسية بما في ذلك المدن التي تتمتع فيها المعارضة بشعبية أكبر ـ القدرة على إطلاق فعاليات هيئة الحوار الوطني ـ الأداء الإعلامي المتوازن الذي ظل يرصد فعاليات المعارضة جنباً إلى جنب مع فعاليات السلطة ـ الاحتفاظ بالخسائر ضمن الحد الأدنى مقارنة بخسائر عام 1982م ـ تأسيس خطاب مواجهة يقوم على الاعتراف بالحقوق والرغبة في الإصلاح ـ إصدار المزيد من قرارات العفو العام ـ كسب موقف الجامعة العربية ـ القدرة على دفع أنقرا باتجاه التزام الحياد ـ ضبط أنصار السلطة بما أدى إلى منع حدوث عمليات الانتقام والقصاص والرد بالمثل ـ إضافة إلى إصدار المزيد من القرارات الإصلاحية والتي كان من أبرزها قانون الأحزاب. وإضافة لذلك فقد تكبدت السلطة، الخسائر والتي كان من أبرزها: مواجهة الكم الهائل من الانتقادات الخارجية وعلى وجه الخصوص الإعلامية ـ قيام السفير الأمريكي والفرنسي والطواقم المصاحبة لهم بانتهاك القوانين السورية دون القيام بمعاقبتهما ـ نجاح المعارضين في إدخال الأسلحة عبر الحدود التركية والعراقية والأردنية واللبنانية ـ انتشار الشبكات السرية التابعة لحركة الإخوان المسلمين ـ تغلغل جماعة الإخوان المسلمين المكثف بما أدى إلى تمركزها العميق في مدن حماة وحمص ودير الزور، إضافة إلى درعا ـ نجاح أنصار وعناصر جماعة الإخوان المسلمين في إشعال الاحتجاجات في مناطق ريف دمشق. إضافة إلى القيام بتسيير بعض المواكب الاحتجاجية داخل العاصمة دمشق، وعلى وجه الخصوص في حي الميدان، والقدم، وإن كان ذلك بشكل محدود.
هذا، وعلى أساس حسابات الفرص والمخاطر، فمن الممكن الإشارة إلى الآتي:
• سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على فعاليات الاحتجاجات الرمضانية سوف تتيح للجماعة فرصة تجنيد المزيد من العناصر الجديدة، ولكنه سوف يعرض الجماعة لمخاطر نفور جماعات المعارضة الأخرى، إضافة إلى نفور العديد من المكونات المجتمعية غير ذات الصلة أو العلاقة بتوجهات جماعة الإخوان المسلمين.
• قيام السلطة بالمضي قدماً في إعلان المزيد من الإصلاحات و عدم الاكتفاء بالإعلان عن الموافقة، بل وتجاوز ذلك عن طريق دعم الفعاليات العملية، منها على سبيل المثال لا الحصر، التسريع بإكمال إنفاذ تطبيق قانون الأحزاب وتشجيع الأحزاب على العمل، إضافة إلى تقديم الدعم لهذه الأحزاب بحيث تستطيع دخول الساحة السياسية وإطلاق فعالياتها.
وإضافة لذلك، السعي من أجل جعل الرأي العام يحس بمدى مصداقية هذه الإصلاحات، والانفتاح إزاء دول الجوار الإقليمي ومنظمات المجتمع الدولي، إضافة إلى تعزيز الروابط مع حلفاء دمشق الخارجيين.. جميع هذه النقلات تشكل مجتمعة أبرز الفرص التي يمكن أن تعزز موقف دمشق في معركة رمضان.
هذا، وما هو مثير للاهتمام خلال المواجهات الرمضانية، يمكن أن يتمثل في سعي الأطراف الأجنبية لجهة استخدام وتوظيف المزيد من الأيادي الخفية، بما يمكن أن يؤدي إلى إيقاع المزيد من الضحايا، وذلك على النحو الذي سوف تسعى المعارضة وأطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وبعض خصوم دمشق الشرق أوسطيين لجهة توظيف مفهوم "دم الضحية" في عمليات بث الدعاية السوداء وإشعال الفتنة وإثارة مشاعر الانتقام بما يمكن أن يؤدي بدوره إلى إفساح المجال أمام نشوء ما يطلق عليه الخبراء تسمية "دائرة العنف اللولبية الخبيثة" والتي لا تفضي حلقاتها إلا باتجاه المزيد من حلقات العنف الجديدة الأكثر دموية.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
الله يستر هالبلد و يحمي
يقول الرفيق الصنديد أبو هريرة
كفى
مسخرة
الاخوان والقتل والتخريب صنوان
إضافة
فرق منحرفة يجب التحذير منها :
شام شريف
أبو المجد
إسلام بلا مسلمين
لسا نحنا ساكتين.
معك حق
برأيي لازم من اول يوم برمضان
يسلم لسانك أبو أمجد
الأخ عمر الأتاسي .. بحسدك على
أكيد مع سوريانا ،،،
ابو المجد معك الحق
استقراء
الى السيد أبو مجد
إضافة تعليق جديد