الأزمة الماليـة العالمية تضرب إسرائيـل

07-10-2008

الأزمة الماليـة العالمية تضرب إسرائيـل

واصلت البورصة الإسرائيلية تدهورها، أمس، في ظل تعاظم المخاوف من احتمال حصول تدهور كبير في الاقتصاد الإسرائيلي. ودفع هذا الواقع رئيسة الحكومة المكلفة تسيبي ليفني ووزير الدفاع إيهود باراك إلى الاجتماع سوياً مع طاقم من كبار الاقتصاديين، للبحث في أثر الأزمة الاقتصادية على مساعي تشكيل الحكومة.
ورأى محللون اقتصاديون أن التجاوب السلبي لبورصات العالم مع خطة الإنعاش الأميركية، لم يفاجئ قادة الاقتصاد الإسرائيلي. وأوضح هؤلاء أن الرد شبه المتفائل للبنك المركزي ووزارة المالية الإسرائيلية، لم يكن مقنعاً، وهو ما يحدث دافعاً لدى المودعين في المصارف للشروع بمحاولات إخراج ودائعهم، الأمر الذي قد يقود إلى انهيار بل وإلى إفلاس مصرفي. وسبق لإسرائيل أن واجهت محنة مماثلة قبل حوالى ربع قرن.
وترى أوساط مالية إسرائيلية أن الشعور السائد هو أن هناك »فراغاً في تل أبيب. فإما أنهم يستعدون للمقبل من الأيام من دون أن ندري، وهو ما لا يبدو معقولاً، وإما أنهم يتصارعون على قضايا لا شأن لها، وهو ما يقلقنا حقيقة«. وأشار اقتصادي كبير لصحيفة »إسرائيل اليوم« إلى أن السقوط المريع في بورصة تل أبيب هو ثمرة مباشرة وسريعة لعجز الحكومة في كل ما يتصل بالقدرة على إدارة الدولة، معتبراً أن السوق لا يتصرف بالطريقة المعهودة. وأضاف أن صمت الدولة، حتى وإن كان يستهدف عدم بث الذعر، فإنه يقود عملياً إلى الشلل.
وتراجعت البورصة الإسرائيلية بنسب عالية، وصلت في بعض المؤشرات إلى ١٠ في المئة يومياً. وأدى هذا التراجع إلى تحطيم قيمة الشركات الكبرى في الاقتصاد الإسرائيلي، خصوصاً تلك العقارية والمالية. وعلى سبيل المثال فإن سهم »أفريقيا إسرائيل« وهو من الأسهم القيادية في بورصة تل أبيب، فقد منذ مطلع العام حتى يوم أمس ٨١,٢ في المئة من قيمته. كما أن سهم »ديلك العقاري« فقد ٦٣,٤ في المئة من قيمته. وهذان السهمان ليسا سوى مجرد نماذج. ومع ذلك فإن الأسهم التي انهارت تماماً في تل أبيب هي أسهم السندات. وفي يوم واحد خسرت سندات »الشركة الاقتصادية للقدس« حوالى ربع قيمتها، وكذلك حال سندات شركة »أفريقيا إسرائيل«. والأدهى من ذلك ما حدث لصناديق التقاعد في إسرائيل، التي خسرت منذ بداية العام حوالى ٩٠ مليار شيكل (أكثر من ٢٥ مليار دولار).
وثمة من يشدد على أن انهيار البورصة في إسرائيل يؤثر نفسياً على المستهلك ويقود إلى تراجع مشترياته.
ومن معالم اقتراب الأزمة الاقتصادية في إسرائيل، تراجع معدل متوسط الأجور في شهر تموز الفائت بنسبة ٣,٥ في المئة، مقارنة بشهر حزيران. وتتوقع مصادر اقتصادية إسرائيلية أن يزداد هذا التراجع في الشهور التالية، بسبب تعاظم الأزمة المالية العالمية.
كما أن التقديرات الاقتصادية تشير إلى اقتراب موجة من الإقالات والطرد في المشاغل والمصانع الإسرائيلية. ويرى المعلقون الاقتصاديون أن هذه الموجة ستشمل على وجه الخصوص قطاعات الصناعة والمصارف والتكنولوجيا العالية.
فالإقالات هذه هي حصيلة أزمة الأسواق العالمية، التي تؤثر أساساً على أرباح المصارف وشركات التأمين. ولكن الإقالات ستزداد جراء تفاقم أزمة السيولة التي ستضرب قطاعات انتاجية أخرى. فالزيادة التي طرأت على الصادرات الإسرائيلية في العام الأخير، كانت بفعل شركتي الكيميائيات والأدوية، فيما كفت الشركات الأخرى تقريباً عن دفع ساعات عمل إضافية وبدأت بطرد العمال.
وهذا ما دفع رئيس نقابة العمال (الهستدروت) عوفر عيني إلى الإسراع في إقامة شبكة أمان اجتماعية للعاملين، لتلافي آثار الموجة المقبلة. وأبدت جهات في »الهستدروت« خشيتها من أن البطالة ستطال ما لا يقلّ عن مئة ألف أجير في قطاعات التجارة والصناعة، فقط بسبب تآكل قيمة الدولار والأزمة المالية العالمية.
وإذا لم تكن المؤشرات الداخلية كافية، فإن هناك إشارات خارجية للركود المتوقع في إسرائيل. فقد حدث تدهور في منسوب المخاطر الاقتصادية في إسرائيل في شهر أيلول. وبرغم أن هذا التدهور طفيف حتى الآن مقارنة بشهر آب الفائت، إلا أنه يعتبر تدهوراً كبيراً مقارنة بأيلول من العام الفائت.
وكان المحاسب العام السابق لوزارة المالية الإسرائيلية يارون زليخة قد أعلن أن الأزمة العالمية وصلت إلى إسرائيل، متهما الحكومة بالتعامل معها بطريقة النعامة ودفن الرأس في الرمال. وقال إن الحكومة انتهجت سياسة كاذبة »وهم يخدعون، ليس أنفسهم فقط، بحديثهم عن المناعة الاقتصادية. لقد تبخر ثلث قيمة البورصة، كما أن الاستثمار في الاقتصاد يمارس السقوط الحر والأمر الأشد إقلاقاً هو افتقارهم للقدرة على الفعل«.
ويعتبر اقتصاديون أن الخطر الفوري الذي يواجه الاقتصاد الإسرائيلي يكمن حالياً في أزمة الاعتمادات المالية للقطاع الإنتاجي. وأشارت معطيات اتحاد الغرف التجارية الإسرائيلية إلى أن مشهد تقليص الاعتمادات المالية صار أشد وضوحاً. ومن مؤشرات الركود تراجع قيمة المشتريات بالبطاقات الائتمانية في أيلول الفائت بنسبة ١٠ في المئة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الفائت.
وأشار معلقون إسرائيليون إلى أن الأزمة الاقتصادية قد تفتح الباب أمام ليفني لتشكيل الحكومة الجديدة، بسبب أن جزءاً من اشتراطات حزبي »العمل« و»شاس« للدخول فيها كانت مالية. ومعلوم أن »العمل« طالب بفتح الإطار العام للميزانية وتوسيعها بما لا يقلّ عن ٢,٥ في المئة، وهو ما كان يرفضه وزير المالية روني بار أون.
وكانت ليفني قد أعلنت أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي، برغم الإشكاليات التي تواجه الاقتصاد العالمي. وقالت إنها ستدعم تدخل الدولة في كل شأن يقود إلى استقرار الاقتصاد الإسرائيلي. كما أن بار أون حاول طمأنة الإسرائيليين، معلناً أنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق »وأنا أقترح عدم الانضمام إلى حالة الذعر«. ولكن بار أون طالب بعدم اختراق إطار الميزانية العامة، لإرضاء مطالب الشركاء الائتلافيين.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...