الأسد مستعد لنشر منظومة صواريخ روسية في سوريا
أعلن الرئيس بشار الأسد امس، استعداد دمشق للقبول بنشر منظومة صاروخية روسية على الاراضي السورية، ردا على الدرع الصاروخية الاميركية في أوروبا، معتبرا ان النزاع الاخير بين روسيا وجورجيا كشف الدور الاسرائيلي والاميركي، ليفتح بذلك باب التعاون العسكري بين دمشق وموسكو على مصراعيه ومن دون أي عراقيل.
وفي حديث لصحيفتي »كوميرسانت« و«غازيتا« الروسيتين عشية زيارته الى روسيا التي تبدأ رسميا اليوم بلقاء نظيره الروسي ديميتري ميدفيديف، قال الأسد »نحن نؤيد روسيا بالكامل.. وما يجري الآن جرى معنا في السابق، فجورجيا هي التي بدأت هذه الأزمة بينما يعمد الغرب إلى اتهام روسيا ويقوم بتضليل إعلامي شامل وتشويه الوقائع ومحاولات عزل روسيا دوليا«. وأضاف »هذا الامر استمرار للسياسة الأميركية منذ أيام الحرب الباردة.. وما فعلته روسيا هو أنها دافعت عن مصالحها المشروعة«.
وقدم الرئيس الأسد ما يشبه الموافقة على طلب روسي محتمل بنصب شبكة صواريخ من طراز »اسكندر« في سوريا ردا على الدرع الصاروخية الاميركية في أوروبا. وقال »قبل سنوات، طرحت سوريا مسألة شراء منظـومات اسـكندر مـن روسيا.. ولقد اقترحـت علينا موسكو أنواعا عديدة من الأسلحة التي كان بإمكاننا شراؤها وطُرحت مسألة منظومات اسكندر«.
وأضاف الاسد »لم تقدم إلينا بعد أي اقتراحات بشأن ذلك.. وموقفنا يتلخص في أننا مستعدون للتعاون مع روسيا في كل ما من شأنه أن يعزز أمنها. أما في ما يتعلق بالتفاصيل، فيجب انتظار المفاوضات مع المسؤولين الروس، وأعتقد انه ينبغي لروسيا أن تفكر فعلاً بتدابير الرد التي ستتخذها عندما تجد نفسها في طوق الحصار«.
وكرر ترحيبه بمساعدة روسيا في هذا السياق، اذ قال رداً على سؤال عمّا إذا كانت سوريا على استعداد للنظر إيجابا في طلب روسيا مساعدتها الرد على الدرع الصاروخية الاميركية »نعم، لكننا لم نفكر بذلك بعد ولم نتسلم أي اقتراح من هذا النوع.. وفي كل الأحوال، يجب على الخبراء العسكريين أن يدرسوا أولاً مثل هذه المشاريع.. وإذا ما تقرر شيء، فإننا سنعلنه صراحة«. وأضاف »ليست لدى سوريا أي اتفاقيات ملموسة تتعلق بشرائها منظومات اسكندر، وحتى المفاوضات بهذا الشأن لم تجر في الآونة الأخيرة«.
وتحدث الاسد عن محاولات عزل دمشق وموسكو. وقال »بعض البلدان وقفت ضدنا.. ولكن ماذا كانت النتيجة، لقد وقعوا هم في العزلة«. وأضاف »أما في ما يتعلق بمسألة عزل روسيا، فالأمر هنا أكثر وضوحا، إذ ان حل أهم القضايا في آسيا الوسطى والقوقاز وأوروبا يستحيل من دون روسيا، وان ميزان القوى الدولي يتوقف على سوريا كما على روسيا ونحن في وضع واحد«.
ورأى الاسد ان »روسيا أصبحت أكثر قوة بعد أزمة جورجيا، ومن المهم أن تشغل موقف الدولة العظمى وعندها ستحبط محاولات عزلها«. ولفت الى »ازدواجية المعايير الدولية«، موضحا انه »في ما يتعلق بكوسوفو، كان الغرب يتكلم دوماً عن مبدأ تقرير المصير، بينما يلاحظ ميل مغاير لذلك في ما يتصل بأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا«.
في موازاة ذلك، أكد الأسد انه يريد توسيع التعاون العسكري مع موسكو. وقال »مسألة التعاون العسكري التقني مسألة أساسية، فشراء الأسلحة مهم جدا.. أعتقد انه يجب علينا تسريع الأمور، علماً بأن الولايات المتحدة وإسرائيل لا تكفان عن الضغط على روسيا وعلى سوريا معا«.
وربط الرئيس السوري بين هذه المسألة والنزاع الأخير بين جورجيا وروسيا ودور أميركا وإسرائيل فيه. وقال »أعتقد أن روسيا والعالم يدركان الآن تماماً دور إسرائيل ومستشاريها العسكريين في جورجيا، وإذا كان هناك في روسيا سابقاً أشخاص يعتقدون أن هذه القوى يمكن أن تكون صديقة، فإنني أعتقد أن عددهم أصبح الآن أقل، لذلك فإنني أفترض أن ذلك لن يعرقل بعد الآن تعاوننا العسكري التقني«.
وقال الاسد »اننا على علم بالمدى الواسع لنفوذ إسرائيل في جورجيا، وليس سرا على أحد علاقات التقارب بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ونحن نرغب في أن تدرك روسيا بكل وضوح الدور الذي أدته إسرائيل في هذه الحرب«.
ونفى الاسد شراء سوريا أسلحة روسية وإرسالها إلى إيران. وقال »العلاقات بين إيران وروسيا جيدة جداً، ومنظومات الدفاع الجوي الروسية الصنع الموجودة لدى إيران، هي أكثر حداثة من تلك الموجودة لدى سوريا، لذا، يبدو انه يتوجب علينا شراء مثل هذه المنظومات من إيران وليس العكس«. واتهم الولايات المتحدة بنشر هذه »الشائعات.. حتى ان فرنسا في عهد جاك شيراك مارست مثل هذه السياسة أيضا، وكذلك بريطانيا في عهد طوني بلير.. وهناك بعض البلدان الأوروبية كانت مجرد ببغاوات تكرر ما يقال لها«.
وأشاد الاسد بالسياسة الروسية في الشرق الاوسط، وقال »السياسة الخارجية الروسية غدت أكثر ديناميكية بعد عام ,.٢٠٠٠ ومع ذلك، كانت روسيا تحاول في ذلك الوقت إقامة علاقات مع الغرب.. ولكننا كنا نعلم سلفاً أن الغرب يطرح أمام نفسه هدف تطويق روسيا«. ورأى ان »ما جرى في جورجيا يشكل نقطة تحول.. في السابق كان لروسيا صوت قوي جداً، أما الآن فلدى روسيا يد قوية ونحن نعيش اليوم في عالم القوة.. لقد أظهرت روسيا للعالم حالياً أنها لا تزال دولة عظمى«.
وعن التطورات في الازمة الايرانية، حذر الاسد من ان »الإدارة الاميركية الحالية هي إدارة حرب ومن الطبيعي ان الحرب هي هدف هذه الإدارة.. غير ان حرباً ضد إيران لن تكون مجرد نزهة سهلة للولايات المتحدة، وان انعكاسات حرب كهذه لن تقتصر على منطقة الخليج أو الشرق الأوسط فحسب بل على العالم بأسره«. وأضاف »علينا السعي لعدم حدوث هذه الحرب رغم أننا مثلنا مثل إيران لا نستبعد هذا الاحتمال«.
لبنانيا، قال الأسد ان »حزب الله قوة سياسية كبيرة.. يقيم بصورة صحيحة علاقات مع القوى السياسية الأخرى في لبنان ويكتسب تأييد الجماهير بصورة متزايدة من يوم إلى آخر«. وأضاف ان »الغرب يتهمنا بالتدخل في شؤون لبنان، لكننا باعتبارنا دولة مهمة في المنطقة لا نفعل شيئاً آخر سوى أننا نقيم علاقات شفافة وحواراً علنياً مع مختلف القوى السياسية، والحوار ليس تدخلاً أبداً ويتلخص الأمر في أننا نملك وجهة نظرنا الخاصة بشأن الأحداث في لبنان، ووجهة النظر هذه معروفة جداً، وهذا شبيه بما يجري لدى روسيا بشأن جورجيا، فلديها موقفها ولديها مصالحها ولكن هذا ليس تدخلاً«.
وتحدث الاسد عن الوضع في العراق قائلا »انها فوضى ولا يمكن إدارتها أو توجيهها بل بالإمكان زيادتها ومضاعفتها.. وليس في العراق أي سيطرة على الوضع والأمور تسير هناك من سيئ إلى أسوأ، وتجري عملية سياسية على نطاق محدود.. ولكن هذه القضايا مؤهلة بحد ذاتها لتفجير العراق وتقسيمه الى أجزاء مبعثرة.. ولا يمكن أن نضيف شيئاً جديداً على كلمة الفوضى«.
من جهة اخرى، يتوقع أن يجتمع الاسد مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف اليوم الخميس لمناقشة التطورات على الساحة الدولية والتعاون الاقتصادي، علما بأن المراقبين ينظرون الى الزيارة على انها سياسية أكثر مما هي اقتصادية. وقال مصدر دبلوماسي في موسكو إن روسيا وسوريا تعدان لإبرام عدد من الصفقات التي تشـمل نظما صاروخية مضادة للطائرات ومضادة للدبابات.
وأضاف المصدر »دمشق هي شريك موسكو القديم في التعاون العسكري، ونتوقع التوصل الى اتفاق من ناحية المبدأ بشأن صفقات أسلحة جديدة«، مشيرا الى ان سوريا مهتمة أيضا بشراء نظم صاروخية دفاعية من طراز »بانتسير اس١« ونظام الصواريخ أرض جو المتوسطة المدى من طراز »بي يو كيه ام١« وطائرات عسكرية ومعدات اخرى.
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد