الإبراهيمي ولافروف: موسكو ثابتة على موقفها بوقف القتال والحوار

30-10-2012

الإبراهيمي ولافروف: موسكو ثابتة على موقفها بوقف القتال والحوار

قال مسؤول كردي رفيع المستوى إن عمار الددايخي (أبو إبراهيم)، الذي خطف الزوار اللبنانيين، قتل مع خمسة من أتباعه في اشتباكات مع لجان الحماية الشعبية الكردية في قرية قسطل جندو قرب اعزاز بريف حلب، خلال محاولتهم اقتحام القرية امس.
ولم تتضح تفاصيل اكثر حول ظروف مقتل «ابو ابراهيم»، وما اذا كان لهذا التطور تأثيره المباشر على مأساة اللبنانيين المخطوفين المستمرة منذ شهور.
وأكد النائب السوري حسن بري ومصدران كرديان لقناة «الميادين» مقتل أبو إبراهيم، فيما نفى أبو محمد، أحد المفاوضين في ملف المخطوفين اللبنانيين، للقناة مقتل أبو إبراهيم. وقال رئيس جمعية «اقرأ» الشيخ بلال دقماق، في اتصال مع قناة «ال بي سي» إنه بخير، وأنه سمع صوت أبو إبراهيم أثناء تواصله مع أحد الوسطاء. ونفى «لواء عاصفة الشمال» الذي يقوده أبو إبراهيم مقتله.
في هذه الاثناء، بدا اللقاء بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث العربي والدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي مثمراً، إلا أن ثمراته حسب ما جاءت في المؤتمر الصحافي المشترك، في موسكو أمس، كانت أشبه بحالة «Déjà Vu».
في هذا المؤتمر بدا الموقف الروسي ثابتا على ما هو عليه منذ عام ونصف العام: نعم للحوار والديبلوماسية، لا للتدخل الخارجي، وإحباط «الإرهابيين» في سوريا لمحاولات وقف إطلاق النار، أما الإبراهيمي فكرر ما أعلنه في المحافل الدولية وعلى المنابر الرسمية «سنواصل العمل لحل الأزمة السورية وجمع أطراف النزاع حول طاولة الحوار»، مشددا على ان تواصل العنف في سوريا لن يثبط همته لإيجاد حل للازمة.
في هذا الوقت، تصاعدت أعمال العنف بشكل كبير جدا قبل ساعات من انتهاء هدنة عيد الأضحى، مع مقتل 11 شخصا، وإصابة العشرات، في انفجار سيارتين في جرمانا

وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية، في بيان، أن «المجموعات الإرهابية المسلحة واصلت اعتداءاتها على المواطنين الآمنين واستهداف حواجز الجيش وقوات حفظ النظام في اليوم الرابع والأخير لإعلان وقف العمليات العسكرية». وبعد أن عددت بالتفصيل الهجمات على مقار وحواجز لقوات النظام في مناطق مختلفة، شددت على أنها «إذ تضع الرأي العام أمام حقيقة ما ترتكبه المجموعات الإرهابية المسلحة من جرائم بحق شعبنا وقواتنا المسلحة تؤكد التزامها بتنفيذ واجباتها الدستورية في الدفاع عن الوطن وإصرارها على سحق الإرهاب وإعادة الأمن والاستقرار إلى كل شبر من وطننا الحبيب».
ومن موسكو كتبت مراسلة «السفير» ريما ميتا ان اللقاء بين لافروف والإبراهيمي كان لا بد منه، فروسيا - إلى جانب الصين طبعاً - لا تزال الحسكة العالقة في حلق الغرب، الذي كان يمكن أن يدخل الفضاء والأرض والمياه السورية منذ أشهر لولا «الفيتو» الروسي والصيني.
لم يحاول لافروف، الذي يزور باريس غدا، إخفاء استياء موسكو من «خرق الهدنة» التي جاءت باقتراح من الإبراهيمي وبدعم من روسيا.
عن هذا الخرق، الذي كرس ، قال الإبراهيمي «لن يستنفد عدم التزام الأطراف بوقف إطلاق النار عزمنا، لأن سوريا مهمة، والشعب السوري يستحق دعمنا الكامل، وسنواصل بذل الجهود في هذا الاتجاه، وسنكون على الاستعداد للتعاون مع اللاعبين الداخليين والخارجيين في هذه الأزمة».
وقال لافروف، من جهته، «يؤسف موسكو أن يلاقي نداء الإبراهيمي آذانا صماء في سوريا»، لكنه أشار إلى أن الوقت فات للحديث عن «المسؤول عن خرق الهدنة».
وبرأي لافروف، فإن العنف في سوريا يسير في طريق لا يمكن وصفه إلا «بطريق التصعيد»، ومن هنا فإن الوزير الروسي يعتبر أن «مهمة روسيا الأساسية تتجسد في هذه المرحلة الراهنة بدفع كافة السوريين الضالعين في هذا الصراع الدموي إلى وقف إطلاق النار والجلوس حول طاولة الحوار».
وفي معرض الحديث عن طاولة الحوار، لفت لافروف الأنظار إلى اللاعبين الآخرين، الذين لم يتمكنوا حتى اللحظة من الاتفاق رسميا على موقف موحد مع الكرملين من الأزمة السورية. وقال إن «أكثر ما يهم في إطار الحوار هو استخدام كافة اللاعبين في الخارج تأثيرهم وسلطتهم على مجمل المجموعات السورية المعنية بالصراع، سواء كانت نظامية أو معارضة» بهدف إيجاد حل للأزمة. وتابع «لن يحل أي شيء من دون الحوار مع الحكومة (السورية)، وتلك هي المشكلة الوحيدة التي تبقى في الطريق نحو عملية سياسية».
لا شك أن الإبراهيمي بدا موافقا على كافة طروحات لافروف، ولا عناء في تصور احتمال آخر، لأن وزير الخارجية والمبعوث العربي والدولي اجتمعا مطولا، وربما يكون ما تم بحثه وراء أبواب وزارة الخارجية قد اختلف عن الموقف الموحد الذي رغبا بثه ونقله للعالم.
وأكد لافروف أن موسكو ستدعم عودة بعثة المراقبين الدوليين إلى سوريا، لكنه شدد على أن ذلك لن يتم إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي وموافقة السلطات السورية، فيما أعلن الإبراهيمي أن الأمم المتحدة ليس لديها خطط فورية لإرسال قوات لحفظ السلام إلى سوريا «لكن توجد خطة طارئة لان ذلك قد يصبح ممكنا في المستقبل».
واستنكر الإبراهيمي بدوره أعمال العنف التي تجاهلت نداءه حول الهدنة، وتحولت إلى تفجيرات أخذت تأكل الأحياء السكنية واحدا تلو الآخر. وقال إن «التفجيرات التي تقع في الأحياء السكنية يجب أن تصنف كأعمال إرهابية تنفذها جماعات لا نرتبط بها بأي شكل». وأضاف أن سوريا في الوقت الحالي تقف على حافة «حرب أهلية»، تؤكد فيها السلطات أنها تحارب «إرهابيين» وتؤدي واجبها الوطني بحماية مواطنيها، في حين يشدد الطرف الآخر على أنه يحارب «حكماً سلطوياً قاسياً» عليه التنحي.
وتابع الإبراهيمي «لقد قلت سابقا واكرر إن الأزمة السورية خطيرة جدا، والوضع يسير من سيء إلى أسوأ». وأضاف «إذا لم تكن هذه حربا أهلية، فلا ادري ما هي الحرب الأهلية» بعد الإشارة إلى امرأة سورية يحارب ابناها كل مع احد طرفي النزاع، مؤكدا «هذه الحرب الأهلية يجب أن تنتهي، وأن يبني سوريا الجديدة كل أبنائها. تأييد روسيا ودول أخرى في مجلس الأمن لا غنى عنه».
ولعل هذه الكلمات، وبصرف النظر عن دقتها أو صحتها، تملي قلب الكرملين رضا وفرحا: أليست الخارجية الروسية أول من تحدث عن وقوف دمشق على أبواب حرب أهلية؟
بعد الساحة الحمراء سيعبر الإبراهيمي سور الصين العظيم لاستكمال مهمة «مستعصية»، ولكن ربما ستكون بكين اليوم أكثر ليونة في موقفها، خاصة أن الشأن السوري، لما يحمله من أهمية كبرى، يبقى أقل أهمية من الانتخابات التي ستواجهها البلاد بعد انطلاق مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في الثامن من تشرين الثاني المقبل.

باريس محمد بلوط

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...