التوازنات السورية ومصيرها على تركيا

12-09-2016

التوازنات السورية ومصيرها على تركيا

الجمل- تولكا تانيش- ترجمة: محمد سلطان: قامت القوات  التركية بعد بدء عملية "درع الفرات" في 24 آب الماضي بفرض سيطرتها على خط (جرابلس - اعزاز) والذي يبلغ حوالي 98 كيلومتر خلال مدة أسبوعين من دخولها مدينة جرابلس. وبذلك انتقلت السيطرة إلى أيادي الجيش التركي بعد عامين من سيطرة داعش على  تلك المنطقة.

ما هو الهدف؟ ما هي النتيجة؟ ماذا بعد ذلك؟
لا نعرف إن كانت هذه العملية ستخفف من استخدام داعش للحدود التركية أم لا. أو إن كانت ستؤثر على ذلك بالأصل. ولكن الأميركيون باتوا يستخدمون مصطلح "المنطقة العازلة" على هذا الحزام الذي لا يتجاوز عمقه 10 كيلوميترات. ولكن كيف ستبقى هذه المنطقة قائمةً؟ ومن سيؤمن حمايتها وإدارتها؟ الأمر غير واضح إلى الآن. ولكن سنقوم باستعراض ما لدينا من وقائع ومعلومات لنحاول تسليط الضوء عليها لتحليل نتائج هذه العملية وما ينتظرها.

1.    بدايةً, ستكون هذه العملية مكلفةً جداً بالنسبة للجيش التركي. حتى هذه اللحظة سقط 7 ضحايا في صفوف الجيش التركي وتم إعطاب 6 من دباباته (دبابتين على يد القوات الكردية, وأربع دبابات عى يد داعش) خلال مدة 17 يوماً فقط. هذا بالرغم من أنهم لم يدخلوا ضمن مواجهات  جدية مع المذكورين.

2.    من الصعب على عناصر الجيش الحر, الذين قاموا بمرافقة الجيش التركي في هذه العملية, القيام بحماية المناطق التي أخلاها داعش بعد بدء هذه العملية، على الرغم من أنه هذا ما كان منتظرا. قمت خلال  الأسبوع بطرح هذا السؤال على المتحدث باسم البنتاكون جون دوريان وقلت له: "من سيقوم بتأمين حماية تلك المناطق؟" فقال: "لا أدري".
تحدثت الأسبوع الماضي إلى أحد القياديين من الفصائل الذين يقاتلون في تلك المنطقة، في الفترة التي كان يحكى فيها عن التقدم بإتجاه منبج التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية", قال: "سيطرنا على مناطق كبيرة. لا نملك قوات كافية للتثبيت والتمركز فيها. لذلك أوقفنا التقدم". أساساً قاموا بوقف  التقدم بناءً على طلب أميركي. والسبب كان هو نفس الذي تم ذكره، لأنه سبب منطقي.

3.    وسنلاحظ مدى تأثير هذا السبب والصعوبات التي سترافقه في موضوع باب الهوى الحدودي. هذه المرة لم تعترض أميركا على ذلك. كذلك دخول القوات التركية إلى عمق 40 كيلومتر جنوب الحدود نحو مناطق تمركز داعش, سيكون بمثابة تطور سيفرح الأميركيين وسيجعلهم يرضون عنهم. في لقاء أجريته مع أحد القياديين في الجيش الحر, أفادني بوجود وحدات من الجيش الحر بتعداد 2000 عنصر متمركزون الآن في منطقة على بعد 7 كيلومتر جنوب مخفر تشوبان بيي الحدودي. حيث أن هذا القوات جاهزة للتحرك نحو منطقة الباب. ولكنها حتى هذه اللحظة لم تتلق التعليمات. لذلك هي تنتظر . ماذا عن بقية الشريط؟ أضاف بأنهم سيتركون 1000 عنصر لتأمين حماية المنطقة. يطلقون على بعضهم ألقاب "فصيل", "لواء", "فرقة" ولكن في الحقيقة هم يشكلون ائتلافاً من 13 مجموعة مختلفة. 8 من هذه المجموعات تابعة لـ"اتحاد موم MOM" المدعوم بشكل مباشر من الاستخبارات الأميركية CIA. واثنان منهم يعملان بالتنسيق مع البنتاغون وهم: فرقة حمزة والفرقة 51. بالاضافة إلى 3 مجموعات يعملون بشكل مستقل وهم كتيبة أحرار الشام وكتيبة أحرار الشرقية ولواء نور الدين الزنكي.

4.    لنفترض أنه تم تأمين حماية المنطقة العازلة. وقام الجيش بإرسال تعزيزات إلى المنطقة. هل سيستطيع الجيش الحر بتعداد 2000 عنصر من السيطرة على منطقة الباب؟ هنا يوجد أمرين في حال تم ذلك. أولاً؛ تركيا فقدت 6 من عساكرها و4 من دباباتها على أيدي الدواعش دون دخولها بصدام مباشر. فهنا الحديث عن الضحايا والخسارة في صفوف الجيش التركي في حال اصطدامه بشكل جدي مع داعش الذي بدوره لن يريد بطبيعة الحال خسارة الشريط الحدودي. ثانياً؛ النقص في المعنويات. لماذا دخلت تركيا إلى جرابلس؟ حسب التصريحات, السبب هو محاربة داعش. ولكن من جهة أخرى نرى الحرب مع قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحماية الشعبية سبباً آخراً بعد تمكنهم من منبج وتوجههم نحو منطقة الباب. بعد التعليمات الأميركية لقوات سوريا الديمقراطية بعدم التوجه إلى منطقة الباب وإبقاء تركيزهم على الرقة, لا أعلم إن كان ذلك سيشكل رغبة قوية لتركيا من أجل الباب.

5.    ماذا عن الرقة؟ ماذا عن التحرك الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده جاهزة لتقديم الدعم لإنجاحه؟ ولكن في المقابل لا يوجد لهذه التصريحات انعكاس على الميدان. لأن هذا ما صرح عنه القائد الأميركي الجديد للحملة الأميركية في الحرب على داعش ستيفن تاونسيند. كما صرح بتعليق عملية تحرير الرقة في الوقت الراهن. ولكن لماذا؟ بسبب التوتر الذي عاشه الجيش التركي مع قوات الحماية الشعبية بعد عملية جرابلس. فهم يصرحون بأنهم مازالوا في مرحلة التخطيط للعملية. ولكن في الحقيقة أي عملية عسكرية ضد داعش في الرقة تعتبر خطرة مع بقاء الحدود التركية مباحة أمام داعش. وبسبب هذه المخاطر علقت العملية.

في النتيجة: لم نرَ بعد النتائج الجديدة  الهامة. ولكن خلال شهر أيلول سيتضح كل شيء. هل ستستطيع تركيا منطلقةً من عملية جرابلس من إغلاق حدودها كاملة أمام تنظيم داعش؟ هل فعلاً ستغلق الحدود التركية السورية التي يستخدمها الأجانب الذين ينضمون إلى داعش والذي يبلغ عددهم 500 عنصراً شهرياً؟ في حال نجاح المنطقة العازلة, هل سيتمكن الجيش التركي وعناصر الجيش الحر منع داعش من التسلل إلى هذه المنطقة؟ إذا نجح كل ذلك, هذا يعني أنه تمت العملية بنجاح. وإن فشلت, ستخسر تركيا المزيد من الضحايا في حين ستقوم أميركا بإعادة ترتيب الطاولة وتحديد ضيوفها.

(تولكا تانيش – صحيفة: حرّييت)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...