الجعفري: اتفاق خفض التصعيد في إدلب مؤقت
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أنه ليس هناك دولة في العالم تقبل الرضوخ للتهديد الإرهابي وتعريض حياة مواطنيها للخطر أو سلب حقها السيادي والدستوري في الدفاع عن أرضها وعن مواطنيها مشددا على أن الدولة السورية هي المعنية بحماية إدلب وأبنائها السوريين فيها من الإرهاب.
وقال الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الوضع في سورية: إننا وعلى خلاف ما يتصوره البعض لا نعارض عقد هذه الجلسة فهي تتيح الفرصة لنا ولعدد آخر من الدول عرض حقيقة ما يجري في مدينة إدلب التي يسيطر عليها تنظيم جبهة النصرة الإرهابي إلا أننا نود في هذا الإطار التعبير عن تحفظنا حيال المقاربات المسيسة التي تتبعها بشكل ممنهج دول أعضاء في مجلس الأمن من خلال طلب عقد مثل هذه الجلسات بشكل متكرر عندما تتخذ الدولة السورية وحلفاؤها إجراءات قانونية لحماية مواطنيها من ممارسات المجموعات الإرهابية.
وأوضح الجعفري أن هذه الدول ذاتها تستمر بتجاهل جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف الأمريكي غير الشرعي في سورية بالتواطؤ مع ميليشيات عميلة له وفي مقدمتها “قسد” بما في ذلك تدمير مدينة الرقة بالكامل وقتل وتهجير أهلها الأمر الذي أكدته حتى منظمة العفو الدولية مؤخراً عندما قالت إن هجمات “التحالف الدولي” حولت مدينة الرقة إلى أكثر المدن دماراً في التاريخ الحديث إضافة إلى الجرائم المروعة التي شهدتها محافظة دير الزور والتي أدت إلى إزهاق أرواح آلاف المدنيين وتهجير عشرات الآلاف غيرهم
وبشكل خاص في منطقة الباغوز وقبل أيام في بلدة الشحيل وكذلك احتجاز عشرات آلاف المدنيين السوريين رهائن في مخيم الركبان بمنطقة التنف مشيرا إلى أن هذا النهج الانتقائي المعتمد من قبل بعض أعضاء مجلس الأمن يمثل دعما للإرهابيين وتأليبا وتجييشا ضد الدولة السورية وعرقلة لجهودها في حماية مواطنيها ومكافحة الإرهاب.
وبين الجعفري أن مدينة ادلب وبعض المناطق المجاورة لها في شمال غرب سورية تخضع لسيطرة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي المدرج على قائمة مجلس الأمن للتنظيمات والكيانات الإرهابية واستغل هذا التنظيم الإرهابي عدم التزام النظام التركي بتعهداته بموجب اتفاق خفض التصعيد وتفاهمات أستانا وسوتشي لفرض سيطرته على إدلب وخلق بؤرة إرهابية تبتز الدولة السورية.
وقال الجعفري: هنا أشير ردا على ما تفضل به مندوب بلجيكا إلى أنه ليس هناك هجوم عشوائي على المواطنين السوريين المدنيين في إدلب بل هناك عمليات عسكرية يقوم بها الجيش العربي السوري وحلفاؤه ضد كيان إرهابي مدرج على قوائم مجلس الأمن بهدف تحرير المدنيين السوريين في إدلب من استخدام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي لهم رهائن ودروعا بشرية مؤكدا أنه ما كان للإرهابيين الذين يحتلون إدلب أن يستمروا باعتداءاتهم واستفزازاتهم لولا الدعم الذي تقدمه السلطات التركية لهذا التنظيم الإرهابي وتنكرها لتعهداتها بموجب تفاهمات أستانا وسوتشي.
وأشار الجعفري إلى أن هذا التنظيم الإرهابي يضم في صفوفه عشرات آلاف الإرهابيين الأجانب الذين قامت حكومات دول معروفة وبعضها أعضاء في مجلس الأمن بتجنيدهم واستقدامهم من جميع أنحاء العالم لينضووا في تنظيمات إرهابية متعددة التسميات والولاءات كتنظيم “حراس الدين” و”جيش المهاجرين والأنصار” و”جيش تركستان الشرقية” وغيرها وهو الأمر الذي أكدته تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة وكل هذه التنظيمات لها أسماء لا علاقة لها بسورية من قريب ولا من بعيد ولكن يحلو للبعض أن يسميهم أحيانا “معارضة سورية مسلحة معتدلة”.
ولفت الجعفري إلى أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي يتخذ مئات آلاف المدنيين دروعاً بشرية ويرتكب بحقهم أبشع الجرائم الهمجية وينشر الموت والخراب والدمار ويستبيح المرافق المدنية بما فيها المشافي والمدارس التي حولها إلى مراكز لاحتجاز وتعذيب وقتل كل من يرفض فكره التكفيري المتطرف وأحكامه الجاهلية والأنكى من ذلك هو أن رعاة هذا التنظيم استحدثوا له ذراعاً إجرامية سموها “الخوذ البيضاء” تحظى برعايتهم وتفوز بجوائزهم الاستخباراتية.
وبين الجعفري أن جرائم هذا التنظيم الإرهابي لم تقتصر على المناطق التي يسيطر عليها بل امتدت لتطال مدن حلب وحماة واللاذقية ومحردة والسقيلبية وغيرها من المناطق السورية الآمنة بالقذائف والصواريخ العشوائية التي أدت إلى استشهاد عشرات المدنيين جلهم نساء وأطفال ولم نسمع أي تحرك من “حملة القلم الإنساني” في هذا المجلس للمبادرة إلى الدعوة لعقد جلسة للمجلس لمناقشة هذا التطور الخطير متسائلا متى ستتوقف حكومات بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخارجه عن رعاية الإرهاب في سورية ومؤكدا أن “ثناء” مندوبي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا على ما يقوم به النظام التركي في شمال غرب سورية يسقط أي مصداقية لكلامهم.
وشدد الجعفري على أن اتفاق خفض التصعيد في إدلب مؤقت ويجب أن يدرك الجميع أن الحفاظ عليه يستلزم التزام النظام التركي بإنهاء احتلاله مساحات واسعة من المناطق السورية وبتعهداته التي قطعها للضامنين الروسي والإيراني وللمستضيف الكازاخي والكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في إدلب ووقف ممارسات التتريك وبناء الجدار مؤكدا أن إدلب محافظة سورية وبالتالي فإن الدولة السورية هي المعنية بحماية إدلب وأبنائها السوريين من الإرهاب وواجب مجلس الأمن هو مساعدة الدولة السورية في ذلك.
وقال الجعفري: نسأل الدول التي دعت لعقد جلسة مجلس الأمن ما خياراتكم لمواجهة قيام تنظيم إرهابي يضم آلاف الإرهابيين الأجانب بالسيطرة على إحدى مدنكم وارتكابه جرائم جسيمة بحق أهلها واستهداف مدن أخرى بالقذائف والصواريخ، تخيلوا مثلا قيام تنظيم إرهابي يتبع للقاعدة بالسيطرة على مدينة دورتموند الألمانية واستهدافه مدن دوسلدورف وبون وكولن بالقذائف والصواريخ أو قيام تنظيم مماثل بالسيطرة على مدينة انتويرب البلجيكية واستهداف مدينتي غينت وبروكسل بالقذائف والصواريخ أو قيام تنظيم ثالث بالسيطرة على مدينة العبدلي الكويتية واستهدافه جزيرة البوبيان ومدينة الكويت بالقذائف والصواريخ أو قيام تنظيم إرهابي رابع بالسيطرة على مدينة يونكرز شمال نيويورك وارتكابه الجرائم الجسيمة بحق أهلها واستهداف مانهاتن وبروكلين وكوينز بالقذائف والصواريخ.
وأضاف الجعفري: أمام هذه السيناريوهات التي لا نتمنى على الاطلاق حدوثها ما الخيارات المتاحة لحكوماتكم آنذاك لحماية المدنيين، أعتقد أن الجواب بسيط إذ لن تقبل أي دولة على الإطلاق الرضوخ لهذا التهديد الإرهابي وتعريض حياة مواطنيها للخطر بانتظار ما ستؤول إليه الألاعيب السياسية للبعض والنفاق المغطى بشعارات إنسانية ولن تسمح أي دولة بتاتا بأن يسلب حقها السيادي والدستوري في الدفاع عن أرضها وعن مواطنيها، هذا الحق الذي كفله القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
وأكد الجعفري أن إنهاء معاناة السوريين في إدلب يتطلب الكف عن النفاق والتسييس والتوقف عن الاستثمار بالإرهاب والتلاعب بمصائر الشعوب وأرواحها واعتماد مقاربات موضوعية ومنطقية مبنية على إدراك كامل للحقائق والخيارات المتاحة والقيام بالحد الأدنى باستعادة الدول للإرهابيين الأجانب الذين يحملون جنسياتها بدلاً من ممارسة ألاعيب سحب الجنسية والإدلاء بتصريحات مخجلة لا أخلاقية تعظ الحكومتين السورية والعراقية بالإبقاء على إرهابيي تلك الدول على أراضيهما وتحمل وزر نتائج إرهابهم مجدداً بعد أن عانى البلدان لسنوات من شر إرهابهم متسائلا… هل هذه الدول مستعدة لاستعادة إرهابييها المنغمسين في الأعمال الإرهابية في سورية والكشف عن حكومات الدول التي جندتهم ومولتهم ودربتهم وسهلت عبورهم إلى سورية وأفتت لهم باستباحة دماء السوريين.
وأوضح الجعفري أن التنظيمات الإرهابية في إدلب تحضر لمسرحية كيميائية جديدة وتدرب بعض أفرادها على التظاهر بأنهم تعرضوا لمواد سامة ليتم تصويرهم من قبل الشبكات الإعلامية المعروفة واتهام الجيش العربي السوري بذلك لافتا إلى أنه رغم توجيه سورية مئات الرسائل إلى الأمين العام ورئيس مجلس الأمن والهيئات الأممية المختصة بمكافحة الإرهاب وحظر انتشار الأسلحة الكيميائية حول تحضيرات الإرهابيين لمسرحيات كيميائية فإن سورية متأكدة من أن البعض في الأمم المتحدة لن يتردد في تبني روايات المجموعات الإرهابية وتوجيه الاتهام للحكومة السورية لا لشيء إلا لأن أجندات النفوذ داخل هذه المنظمة تفرض على هذا البعض أن يصبح شريكاً في عملية ابتزاز سورية واستهدافها مع حلفائها الذين يحاربون الإرهاب نيابة عن العالم أجمع.
وأكد الجعفري أن الاستمرار في المتاجرة بالدم السوري وبمعاناة الشعب السوري من خلال اختزال ما يجري على أنه مسألة إنسانية بحتة لن يثني سورية بدعم من حلفائها عن ممارسة واجبها الدستوري والقانوني في مكافحة الإرهاب وحماية مواطنيها.
وفي مداخلة له ردا على سؤال لمندوبة بريطانيا الدائمة لدى مجلس الأمن أعاد الجعفري إلى الأذهان قصة مشفى الكندي في مدينة حلب وهو أهم مشفى لطب العيون في منطقة الشرق الأوسط عندما ادعت بعض الحكومات الغربية آنذاك أن الحكومة السورية قامت بقصف هذا المشفى وقال: “عندئذ سمحنا لممثل منظمة الصحة العالمية في سورية أن يذهب لزيارة المشفى وأن يعود إلى كل من يعنيه الأمر بتقرير يوضح حقيقة الأمر في مشفى الكندي بحلب” مضيفا أن “ممثل المنظمة زار المشفى بترتيبات خاصة مع الهلال الأحمر العربي السوري حيث كانت منطقة شرق حلب آنذاك تحت سيطرة الإرهابيين .. ثم عاد وقال لنا ولمنظمة الصحة العالمية إنه لا يوجد مشفى .. وإنه دخل إلى بناء كله إرهابيون وأن المشفى قد أزيلت معالمه الطبية بالكامل”.
وبين الجعفري أن الكيان الإرهابي الذي احتل مشفى الكندي هو نفسه الذي نتحدث عنه في إدلب اليوم موضحا أن هذه شهادة من ممثل أممي زار مشفى الكندي آنذاك وقد تكررت القصة عدة مرات.
ولفت الجعفري إلى أنه لا أحد يتحدث عن تدمير عشرات المشافي في الرقة بالكامل من قبل طائرات التحالف الأمريكي طالما أن الأمريكيين هم من يقومون بذلك مبينا أن الحكومة البريطانية قامت من جهتها برعاية إنشاء وتشكيل تنظيم “الخوذ البيضاء” الإرهابي والتي كانت مهمته الرئيسية فبركة مشاهد الحوادث الكيميائية في سورية من أجل استدعاء عدوان عسكري أميركي أو بريطاني أو فرنسي أو “ثلاثي” ضد سورية.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى الهجوم الكيميائي على منطقة خان العسل في ريف حلب في شهر آذار عام 2013 والذي استشهد خلاله 18 جنديا سوريا وعدد من المدنيين وقال: “جاءتني تعليمات من دمشق بعد ساعات من حصول الهجوم بأن أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون آنذاك وأن نطلب مساعدته في أمرين هما.. معرفة فيما إذا حدث هجوم واستخدام للمواد الكيميائية .. ومن هي الجهة التي قامت بهذا الهجوم”.
سانا
إضافة تعليق جديد