الصليب الأحمر الدولي: حصان طروادة الغربي داخل أسوار البيت السوري
الجمل: تحدثت التقارير الجارية مساء الأمس وصباح اليوم عن تحركات منظمة الصليب الأحمر الدولي لجهة الحصول على الموافقات اللازمة من أجل القيام بزيارة تفقدية لمناطق الاحتجاجات السياسية السورية، فما هي حقيقة تحركات منظمة الصليب الأحمر، وما هي نوايا المنظمة إزاء سوريا خاصة أن منظمة الصليب الأحمر الدولية، وإن كانت تظهر وجهاً إنسانياً من ناحية، فإنها من الناحية الأخرى تواجه المزيد من الاتهامات: بأنها تخفي وجهاً آخر بشعاً وغير إنساني؟
* الصليب الأحمر الدولي: قصة وجهين
تقول العديد من المعلومات والدراسات والتقارير الموثقة في العديد من مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن العديد من المنظمات الدولية غير الحكومية أصبحت عملياً غير قادرة لجهة القيام بممارسة مهامها واختصاصاتها بالشكل النزيه الواضح المنصوص عليه في أنظمتها الأساسية، وعزت هذه الدراسات الأسباب إلى الآتي:
• اعتماد المنظمات الدولية غير الحكومية على تمويل أنشطتها عن طريق المساعدات والمنح والتبرعات التي ظلت تقدمها لها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية الغربية الأخرى الحليفة لواشنطن، وتحديداً فرنسا وبريطانيا.
• العناصر التي تتولى المناصب الرئيسية في هذه المنظمات، أصبحت تنتمي بشكل غالب إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية الغربية، إضافة إلى العناصر الأخرى والتي يتم تعيينها حصراً على خلفية دعم بعض الأجهزة والأطراف الأمريكية.
هذا، وتعتبر منظمة الصليب الأحمر الدولي واحدة من المنظمات الدولية الرئيسية التي أصبحت أكثر انكشافاً أمام اختراق الأيادي الخفية، وتقول المعلومات والتقارير بأن دور منظمة الصليب الأحمر الدولي قد انكشف مسفراً على وجه في غاية القبح من خلال ما قام به الصليب الأحمر الدولي في أزمة دارفور السودانية، وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الآتية:
• سعت واشنطن خلال فترة إدارة بوش إلى اتهام السلطات السودانية بارتكاب المذابح والجرائم ضد الإنسانية وعمليات القتل الجماعي في إقليم دارفور.
• رفضت السلطات السودانية الاتهامات وتبادلت الخرطوم وواشنطن المزيد من التصريحات الساخنة.
• وقف الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية إلى جانب السودان، إضافة إلى قيام روسيا والصين بعدم الموافقة على الاتهامات الأمريكية.
• أرسلت منظمة الصليب الأحمر الدولي خبراءها إلى إقليم دارفور، وذلك تحت مبررات زيارة المنطقة وأخذ فكرة حقيقية عن حجم المعاناة بما يتيح للمنظمة تقدير حجم المساعدات الممكن تقديمها، إضافة إلى إقناع المانحين الدوليين بالتبرع وتقديم المساعدات.
• خلال تلك الفترة، كانت منظمة الصليب الأحمر الدولي تبدو مجرد منظمة مهنية تعمل بمصداقية عالية إزاء تقديم المساعدات الإنسانية وتخفيف المعاناة.
جاء خبراء منظمة الصليب الأحمر الدولي إلى إقليم دارفور، وبعد ذلك سرعان ما أعدوا تقريراً يتحدث عن إقليم دارفور، بلسان مختلف تماماً، أوردوا في هذا التقرير شتى صنوف المعلومات غير الحقيقية، وما كان لافتاً للنظر أن المعلومات التي أوردوها في التقرير، كانت تنسجم تماماً لجهة القيام بدور الأسانيد والبراهين التي تعزز مصداقية مزاعم واتهامات الإدارة الأمريكية. ولاحقاً سعت واشنطن وحلفاءها الأوروبيين الغربيين إلى أخذ تقرير منظمة العفو الدولية وتقرير منظمة الصليب الأحمر الدولي، إلى مجلس الأمن الدولي، حيث تم استخدامها مع وثائق أخرى قدمتها حركات تمرد دارفور حصراً، ومن ثم تم تمرير هذه التقارير والوثائق إلى المحكمة الجنائية الدولية، والتي لم يكلف محققها العام أوكامبو نفسه بزيارة الإقليم. وإنما اكتفى بالتقارير وإفادات متمردي دارفور. ورفع مذكرته لقضاة المحكمة الجنائية الدولية. والذين وافقوا على الفور لجهة المصادقة عليها.
* سيناريو منظمة الصليب الأحمر الدولي في سوريا: إلى أين؟
تشير المعطيات الجارية إلى حدوث التطورات الآتية:
• سعت قبل حوالي ثلاثة أيام منظمة العفو الدولية إلى إصدار تقرير تحدث عن قيام دمشق بـ(انتهاكات) لحقوق الإنسان، وذلك بالاعتماد على إفادات خصوم دمشق الخارجيين، وركز التقرير على الوقائع الاحتجاجية التي حدثت في بعض مناطق سوريا، وعلى وجه الخصوص المنطقة الوسطى والشمالية.
• سعى السفير الأمريكي في سوريا روبرت ستيفن فورد، ومعه مجموعة من طاقم السفارة الأمريكية لجهة القيام بالتسلل سراً والدخول خلسة إلى مدينة حماة السورية، دون الحصول على أي إذن رسمي بذلك.
• تحاول منظمة الصليب الأحمر الدولي حالياً الحصول على موافقة دمشق الرسمية من أجل القيام بإرسال خبراءها لزيارة بعض المناطق السورية وعلى وجه الخصوص المنطقة الوسطى والمنطقة الشمالية.
بعد اكتمال زيارة وفد خبراء منظمة الصليب الأحمر الدولية، سوف تكون واشنطن وباريس ولندن، قد نجحت في بناء حملة الذرائع الآتية:
• الحصول على تقرير منظمة العفو الدولية الذي صدر بالفعل، وتضمن المزيد من التنديد وتوجيه الاتهامات في حق دمشق، إضافة إلى القيام بمخاطبة مجلس الأمن الدولي من أجل القيام باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد سوريا.
• الحصول على تقرير منظمة الصليب الأحمر الدولية، وهو التقرير الذي سوف يسعى إلى تقديم الجانب الآخر من الذرائع المكملة للذرائع الواردة في تقرير منظمة العفو الدولية، وعلى الأغلب أن يسعى هذا التقرير إن نجحت المنظمة في دخول سوريا، لجهة القيام بدعم وتعزيز نفس وجهات نظر تقرير منظمة العفو الدولية، إضافة إلى مخاطبة مجلس الأمن الدولي ومنظمات المجتمع الدولي بتنفيذ توصيات تتطابق تماماً مع توصيات تقرير منظمة العفو الدولية.
أما بالنسبة لزيارة السفير الأمريكي روبرت ستيفن فورد، وطاقم السفارة المرافق له إلى مدينة حماة، والذين كان من أبرزهم الملحق العسكري الأمريكي روبرت إي فرايدنبيرج، فيمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:
• يوجد خلاف في واشنطن إزاء رد الفعل الأمريكي المطلوب ضد سوريا، والمطلوب حالياً هو أن يقوم السفير الأمريكي بإعداد تقرير تلعب حيثياته دوراً أكبر في دعم وجهة نظر الأطراف الأمريكية المتشددة، خاصة وأن هذا التقرير سوف تسعى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لاستخدامه كسند لوجهة نظرها المتشددة ضد دمشق.
• وجود الملحق العسكري الأمريكي الكولونيل روبرت إي فرايدنبيرج ضمن طاقم زيارة مدينة حماة، يهدف إلى إتاحة الفرصة أمام الملحق للتعرف ميدانياً على مسرح المواجهة في المنطقة، وإعداد تقرير يتضمن تقييم الأوضاع الميدانية، إضافة إلى وضع التوصيات التي تسعى لتحديد ما هو مطلوب لدعم قدرات المعارضة في هذه المنطقة.
إذاً، لقد أصبحت خطوط السيناريو الأمريكي الجديد واضحة المعالم، فالمطلوب على وجه الدقة يتمثل في الآتي:
• إضعاف الموقف الأمريكي الرافض لردود الأفعال المتشددة إزاء دمشق، ودعم موقف معسكر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون المتشدد.
• استخدام المنظمات الدولية غير الحكومية، وتحديداً منظمة العفو الدولية، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، في عملية الضغط على مجلس الأمن الدولي.
وتأسيساً على ذلك، من المتوقع أن تسعى واشنطن هذه المرة إلى تقديم مشروع قرار جديد تستند فيه على تقارير منظمة العفو، ومنظمة الصليب الأحمر، بما يؤدي بالضرورة إلى جعل موسكو وبكين تقفان ليس في مواجهة أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وحسب. وإنما في مواجهة إفادات المنظمات الدولية غير الحكومية، وذلك على أمل أن تنجح المحاولة الثالثة لعملية تدويل ملف الاحتجاجات السورية بعد أن فشلت المحاولة الأولى، والثانية.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
عندما نعقت غراب البيت الابيض
عندما نعقت غراب البيت الابيض
ما هكذا تورد الإبل
معليش ياجماعة
وبالناقص
لوكنت بدل وزير الخارجية
موافق تماما
إضافة تعليق جديد