بوش يجهض حق العودة ويكرس يهودية «إسرائيل»
كرّس الرئيس الاميركي جورج بوش، خلال لقاءاته في رام الله والقدس المحتلة في اليومين الماضيين، إسرائيل «وطنا للشعب اليهودي»، مثلما سبق له ان فعل امام الوفود العربية في انابوليس قبل اسابيع. وفي المقابل، طالب بوش الفلسطينيين، كما العادة، بالتنازل الاكثر مجافاة للمنطق والتاريخ، بالتخلي عن حق العودة والقبول بآلية تعويضات. اما العرب فقد خصهم بدعوته المحببة: «تواصلوا» مع إسرائيل.
وذكرت تقارير ان الحكومة الاسرائيلية حصلت على موافقة اميركية لشن عدوان عسكري كبير على غزة، ما ينذر بحمام دم اكبر في القطاع، في حين كان بوش يتنقل في بيت لحم، حيث ولد السيد المسيح قائلا ان «روحه ارتقت» بهذه الزيارة. وفي خروج عن البروتوكول الذي يتبعه الزوار الأجانب، والذي لم تتوقف عنده السلطة الفلسطينية بتاتا، تجاهل بوش ضريح الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات قرب مبنى المقاطعة في رام الله، برغم انه سيضع في القدس المحتلة اليوم اكليلا من الورد في متحف «ياد فاشيم» لتكريم ضحايا المحرقة، قبل ان ينتقل الى المرحلة الثانية من جولته العربية التي بدأت مع السنة الهجرية الجديدة، بالذهاب الى دول خليجية، حاملا معه «الخطر الايراني» كبديل عن الخطر الاسرائيلي.
ويتوجه بوش اليوم الى الكويت، مطلقا جولته الخليجية التي ستقوده ايضا الى البحرين والامارات والسعودية، قبل ان ينهي جولته في مصر في 16 كانون الثاني الحالي. ويسعى الرئيس الأميركي للحصول على تأييد زعماء دول الخليج العربية لكبح جماح إيران، لكنه قد يجد ان حلفاءه التقليديين باتوا أكثر ميلا للمسار الدبلوماسي الخاص بهم، بسبب احباطهم من سياساته في العراق ولبنان وفلسطين التي تفاقمت أزماتها.
وقال بوش للصحافيين في القدس، بعد لقائه الرئيس محمود عباس في رام الله، «ينبغي إنهاء الاحتلال الذي بدأ عام .1967 ويجب ان ينص الاتفاق على ان تكون فلسطين وطنا للشعب الفلسطيني كما هي اسرائيل وطن الشعب اليهودي» متحدثا عن «تعديلات متفق عليها من الجانبين لخطوط هدنة 1949 لتعكس الوقائع الحالية». اضاف «اعتقد انه علينا النظر في اقامة دولة فلسطينية وآليات دولية جديدة تشمل التعويضات لحل قضية اللاجئين» معتبرا ان «القدس موضوع صعب». وتابع «ادعو الدول العربية الى التواصل مع اسرائيل، وهي خطوة كان يجب ان تحصل منذ فترة طويلة». (تفاصيل صفحة 16).
وشدد مستشار الرئيس الاميركي للامن القومي ستيفن هادلي على ان بوش لم يعلن، في أي من تصريحاته، سياسة اميركية جديدة في المنطقة، وانما كان يحاول ان يؤكد الموقف الاميركي. وقال ان «الأمر المهم... هو ما بدأ يسمعه من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
ونقلت «رويترز» عن مسؤول اسرائيلي قوله «نرى في تصريحات بوش اساسا للمضي قدما. نقبلها. نرى فيها اتساقا مع التفاهمات مع الاميركيين واساسا ايجابيا للمضي قدما».
وقال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة، من جهته، ان دعوة بوش لانهاء الاحتلال تشكل «خطوة اولى نحو سلام فعلي» مضيفا «على اسرائيل ان تفهم ان الاستيطان غير شرعي». غير ان المتحدث باسم حركة حماس سامي ابو زهري اعتبر تصريحات بوش «اعلان حرب» مضيفا ان «زيارة بوش وتصريحاته اشارت الى ان زيارته جاءت لدعم الاحتلال ولم تأت بشيء للفلسطينيين سوى بالشر».
وتوحد الفلسطينيون أمس، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة واراضي الـ,48 لرفض زيارة بوش الى فلسطين، التي اعتبرتها حماس «تكريسا للانقسام» بين الضفة وغزة، فيما قمعت السلطة بالقوة تظاهرة منددة بالزيارة في رام الله.
وذكرت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إن عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت توصلا لاتفاقات غير مكتوبة حول قضايا الحل النهائي، تشمل اقامة عاصمتين للشعبين في القدس، وتطبيق حق العودة بصورة محدودة وعلى أساس «إنساني»، كما يحصل الفلسطينيون على أراض من إسرائيل «تعويضا» عن الكتل الاستيطانية التي تسعى إسرائيل لضمها.
ونقلت صحيفة «يديعوت احرونوت» عن اولمرت، الذي كان قد التقى بوش امس الاول، قوله «لقد أوضحنا ان وضع القدس مختلف عن وضع المستوطنات» في الضفة. أضاف «ثمة امور ستحصل في القدس وفي الكتل الاستيطانية، امور تشكل نتيجة المناحي اليومية التي لا يمكن تجاهلها». وذكرت «يديعوت» ان اولمرت قال لبوش «نحن نستعد لعملية واسعة النطاق في غزة» كما نقلت عن مقربين من اولمرت أن «إدارة بوش ستبدي تفهما وتسمح لإسرائيل بالدفاع عن مواطنيها في ما يخص العملية ضد غزة بالذات».
وافادت «يديعوت» و«معاريف» ان اولمرت «عرض على بوش تفاصيل البرنامج النووي السري الإيراني» مدعومة بوثائق وتحاليل وصور جديدة التقطت عبر الأقمار الاصطناعية. ونقلت «يديعوت» عن مصدر في مكتب أولمرت أن بوش «يبدو أنه سيكون مستعدا في المستقبل لدراسة توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية، حتى لو كان الآن يتحدث فقط عن حل دبلوماسي».
من جهتها، ذكرت «هآرتس» ان بوش ناشد الوزراء الإسرائيليين، خلال حفل عشاء اقيم على شرفه في مقر رئيس الحكومة في القدس، البقــاء خلف اولمرت، كما حثهم على ابقـائه في السلطة. واعتبر بوش اولمرت زعيما قويا، مشيرا الى انه يقدره بقوة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد