بيل كلينتون: يمكن تحقيق سلام بين سورية وإسرائيل خلال 35 دقيقة
الجمل: تدور الكثير من الأحاديث والنقاشات التي تحاول التكهن بمستقبل عملية السلام في الشرق الأوسط. ونحاول هنا أن نسلط الضوء على الواقع القائم حالياً إزاء هذه العملية.
• الخلفية العامة الراهنة:
أولاً: تصريحات بيل كلنتون:
صرح الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون قائلاً بأن التوصل إلى اتفاقية سلام بين سوريا وإسرائيل هو أمر ممكن تحقيقه خلال 35 دقيقة فقط.
كذلك قال كلنتون بأن سوريا وإسرائيل كانتا في عام 1998 على وشك التوصل إلى الاتفاق. وأضاف: إن عملية اغتيال اسحق رابين التي حدثت في عام 1995م، قد أدت إلى فشل عملية السلام الجارية آنذاك. وبرر كلنتون تأثير اغتيال اسحق رابين السلبي على مستقبل السلام استناداً إلى ثقة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الكبيرة في اسحق رابين.
تحدث بيل كلنتون عن ضرورة اعتماد أسلوب المحادثات السرية، وذلك لأن نموذج محادثات أوسلو السرية المكثفة الذي أدى إلى اتفاق إعلان المبادئ بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في عام 1993م، هو النموذج الأنسب والأفضل الذي يمكن لأطراف الصراع الشرق أوسطي الحالي أن تتوصل عبره لاتفاق السلام الشامل.
ثانياً: تصريحات سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي:
تحدث إيفور إيفانوف سكرتير مجلس الأمن الروسي محذراً بأن اتفاق وقف إطلاق النار الشامل بين سوريا وإسرائيل يمكن أن يتصاعد إلى حالة الحرب في حالة حدوث خطأ متبادل في حسابات ميزان القوى بين الطرفين.
كذلك قابل أيفور إيفانوف عيلان ميزراحي رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وبعد أن استمع إلى وجهة نظر ميزراحي القائلة بأن قيام روسيا بإمداد سوريا بالأسلحة سوف يؤدي إلى تهديد الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. أجاب قائلاً: بأن روسيا تقوم بتزويد سوريا وإيران فقط بأنظمة الأسلحة الدفاعية، وأضاف قائلاً للإسرائيليين بأن الرئيس السوري بشار الأسد حريص على التفاوض من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل.
ردود الأفعال الجارية:
تحليل الأداء السلوكي لأطراف الصراع الشرق أوسطي يشير إلى الآتي:
• الأطراف الخارجية:
- الولايات المتحدة: الإدارة الأمريكية
* الإدارة الأمريكية والجمهوريون من جماعة المحافظين الجدد لا يريدون التوصل لأي اتفاق سلام بين العرب والإسرائيليين، ويرجع هذا الموقف المتشدد بقدر كبير إلى علاقة المحافظين الجدد بتيار الليكود الإسرائيلي.
* الديمقراطيون والمحافظون التقليديون: يؤيدون إجراء المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق سلام شامل بين سوريا وإسرائيل، وسبق أن عمل الديمقراطيون من أجل ذلك خلال فترة إدارة بيل كلنتون.. ولكن الديمقراطيين برغم جهودهم، فإنهم لم يستطيعوا إحراز التقدم المطلوب وذلك بسبب عدم قدرتهم على ممارسة الضغوط على إسرائيل بما يجعلها تصبح أكثر مرونة في أجندتها التفاوضية، إضافة إلى اصطدام إدارة كلنتون السابقة التي كانت تقوم برعاية المفاوضات بالحكومة الإسرائيلية التي يسيطر عليها تيار الليكود، والذي كان واضحاً منذ البداية أنه دخل المفاوضات على مضض، وظل ينتهز الفرص من أجل إفشالها.
- الاتحاد الأوروبي:
دول الاتحاد الأوروبي الرئيسة كانت تؤيد عملية التفاوض بين سوريا وإسرائيل، ولكن بعد وصول جماعة المحافظين الجدد إلى السلطة، ونشوء التحالف الفرنسي- الأمريكي- البريطاني الجديد عقب عملية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والتحركات الفرنسية- البريطانية- الأمريكية التي دفعت مجلس الأمن الدولي لكي يصدر القرارات الدولية التي تعمدت استهداف سوريا مثل القرار 1559 وغيره.
- روسيا والصين:
برغم تأييد روسيا والصين للحقوق العربية العادلة والمشروعة، وإدانتهما للاعتداءات والتجاوزات الإسرائيلية، وإدراكهما التام للدور الأمريكي الداعم لإسرائيل، فإن روسيا والصين تتعاملان مع أزمة الشرق الأوسط ضمن مخطط توازنات المصالح في الصراع مع الولايات المتحدة المتعلق بأجندة النظام الدولي.. وعلى سبيل المثال عندما لا توافق روسيا أو الصين على مشروع أي قرار دولي، فإنهما لا تلجآن لاستخدام الفيتو –على غرار ما تفعل أمريكا من دعم إسرائيل- وإنما تكتفيان بالامتناع عن التصويت وإفساح المجال أمام أمريكا وإسرائيل من أجل التورط في المزيد من الاعتداءات والأخطاء.. وتهدف روسيا والصين من هذه المواقف إلى تحقيق الكسب في الصراع الدولي ضد الولايات المتحدة، وحلفائها، ومن ثم إذا كان التورط في العراق سوف يؤدي إلى خسارة الولايات المتحدة وإضعافها، فمن الأفضل عدم اعتراض سبيلها وتركها تتورط، وهنا تكمن ذرائعية وانتهازية الموقف الصيني- الروسي عندما تصل الأمور إلى لحظة الحسم.
• الأطراف الداخلية:
وتتمثل في الآتي:
- الأطراف العربية: وتنقسم إلى مجموعتين:
* دول قوى المواجهة: وتتمثل في سوريا، المقاومة اللبنانية، حركات المقاومة الفلسطينية، والدول والقوى العربية المؤيدة لسوريا ومعسكرها.
* دول وقوى عدم المواجهة: وتتمثل في مصر، الأردن، حركة فتح، إضافة إلى حلفائهما مثل حكومة السنيورة وتونس والمغرب.
- إسرائيل:
استطاعت إسرائيل بدعم ومساندة الإدارة الأمريكية الالتفاف على الأطراف العربية، وذلك عن طريق بناء تحالف المعتدلين العرب الداعم لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، ويقابل ذلك من الناحية الأخرى تحالف القوى والأطراف العربية التي ماتزال متمسكة بحقوقها العادلة.. ويمكن القول بأن الموقف العربي أصبح موزعاً بين معسكرين، الأول هو قوى المعركة، والثاني هو قوى خارج المعركة.. أما بالنسبة لإسرائيل فمن المعلوم أنه يتنازع السياسة الإسرائيلية معسكرين، الأول يتمثل في معسكر الرافضين للسلام مع العرب، ويتمثل في تيار الليكود وحلفائه من القوى الدينية اليمينية.. والثاني يتمثل في معسكر المؤيدين للسلام مع العرب، ويتمثل في تيار حزب العمل وبعض الأطراف المشاركة في تحالف حزب كاديما الحاكم حالياً. ويتمتع التيار المتشدد إزاء العرب بتأييد 65% تقريباً مقابل 35% مؤيدة للسلام مع العرب.
وعموماً فإنه رغم إعلان الإسرائيليين رسمياً عن رغبتهم في التوصل إلى السلام الشامل مع الأطراف العربية، إلا أن التوقعات تشير إلى الآتي:
- سقف المطالب: سوف تسعى حكومة إسرائيل إلى وضع سقف تفاوضي أكثر تشدداً إزاء قضايا الانسحاب من الأراضي المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعودة اللاجئين الفلسطينيين، وبالتأكيد أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بإضافة الموضوعات المتعلقة بالقرارات الدولية التي أصدرها مجلس الأمن حول الملف اللبناني باعتبارها من الركائز الأساسية للسلام والاستقرار.
- هامش المناورة: المناورة الإسرائيلية من المفاوضات سوف تركز على كسب الرأي العام الإسرائيلي المتشدد عن طريق التشدد في المفاوضات، وأيضاً سوف تركز على إحداث انقسام وعدم توافق بين الأطراف العربية إزاء بنود التفاوض، وذلك عن طريق استخدام الإدارة الأمريكية كعنصر ضغط على الأطراف العربية لكي تقبل بالتعديلات المتدرجة على بنود مبادرة السلام العربية، بحيث يقود كل تعديل إلى تعديلات أخرى، وهكذا حتى تصل بنود المبادرة إلى الشكل والصيغة التي تريدها إسرائيل.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد