21-11-2017
تحضيرات «جنيف» السعودية: إطاحة «الهيئة» لحساب وفد موحّد؟
كما فرضت معادلات الميدان واقعاً جديداً، بات على واشنطن وحلفائها التعامل معه، يبدو المسار السياسي المربوط بالقرار الأممي 2254، طريقاً شائكاً لهياكل المعارضة العالقة قبل «جنيف 1». ومن المحتمل أن يقود التوافق الروسي ــ الأميركي على مرجعية «الحل» الأممية، إلى إطاحة تلك الهياكل، وعلى رأسها «هيئة التفاوض العليا»
تطرأ تغيرات كثيرة ومتسارعة على المشهد السوري، بشقيه الميداني والسياسي، تشير في معظمها إلى بدء مرحلة جديدة من عمر الحرب. ومن المتوقع أن تكون المعارك المستقبلية فيها محدودة وواضحة، بعد تثبيت خطوط «منع تصادم» واتفاقات «تخفيف تصعيد» على طول الجغرافيا السورية. ولكن هذا «الاستقرار» مرتبط بقوننة تلك الاتفاقات عبر تقدم على المسار السياسي.
ومع التغيرات التي طرأت على طريقة إدارة الدول الداعمة للمعارضة السورية ــ وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية ــ للمحور المعارض، يمكن التطلع إلى جولة محادثات جنيف المقبلة، على أنها ستشكل نقطة مهمة في مسار الحل السياسي، بمعزل عن نجاحها في تحقيق اختراق عن سابقاتها من الجولات. بواكير ما قد تشهده جنيف بدأت من أروقة اجتماعات الرياض التي يفترض أن تنطلق غداً. إذ خرج عدد كبير من صقور «هيئة التفاوض العليا» المعارضة باستقالات «اعتراضية»، أمس، وعلى رأسهم كان المنسق العام رياض حجاب.
الاستقالات التي صوّرت كاعتراض على السقف المتدني، لطروحات توحيد الوفد المعارض، والذي لا تشترط رحيل الرئيس بشار الأسد، أتت بعد ثلاثة أشهر من نفي «الهيئة» ممثلة بمنسقها العام أي ضغوطات سعودية بهذا الخصوص، وضمت عناصر من الجناح المحسوب على قطر. يومها، خرجت أخبار تتحدث عن طلب الرياض اجتماع الغد، بسقف مطالب ضمن القرار الدولي 2254. وجاءت هذه الاستقالات بعد حديث مطوّل في كواليس المعارضة عن قرب تنحية حجاب من منصبه، إلى جانب عدد كبير من شاغلي المناصب في «الهيئة». وهذا ضمن تفاهم روسي ــ أميركي، أُشركت فيه السعودية كراعية لحوار منصات المعارضة، وتم البت فيه خلال زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، المطوّلة إلى دول الخليج. الانزياح السعودي لتشكيل وفد موحّد لا يخرج عن فحوى البيان المشترك الذي خرج قبل أيام عن الرئيسين الأميركي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. هذا البيان طلب بوضوح من جميع الأطراف، الانخراط الفاعل ضمن محادثات جنيف، محدداً القرار الدولي 2254 كمرجعية وحيدة لأيّ حلّ سياسي. وهو قرار يؤكد أن الانتقال السياسي يجري عبر حوار بين المعارضة والحكومة.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن وكيل وزارة الخارجية السعودية للشؤون السياسية والاقتصادية عادل بن سراج مرداد، كان قد استقبل في الرياض قبل ثلاثة أيام، المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، وهو المكلّف التنسيق مع القوى الإقليمية بمستجدات مسار «التسوية السورية».
وشهدت بعض الأوساط المعارضة أمس، حملات تضامن مع المستقيلين من «الهيئة»، في وقت نقلت فيه مصادر معارضة أنه يجري الإعداد لتحرك في عدد من الدول، تضامناً مع حجاب، وغيره من المستقيلين، ومنهم سهير الأتاسي وعبد الحكيم بشار. وترافقت بحملة مضادة ضد منصة موسكو، التي جددت تأكيدها أن مطلب «إزاحة الأسد» عن الحكم كشرط مسبق، مرفوض بالكامل. وينتظر ما سيخرج عن اجتماع الرياض الذي يفترض أن يمتد على يومين، في ضوء الاتصالات الواسعة التي أجراها أعضاء من «الهيئة» خلال الشهر الماضي، في محاولة لضم أكبر طيف من الشخصيات المستقلة المقربة منها، لضمان تمثيل أوسع ضمن الوفد الموحّد، على حساب منصتي القاهرة وموسكو.
وفي مقابل الخلافات الداخلية بين المعارضات، تخوض موسكو وأنقرة تحدياً خلافياً جديداً، حول مشاركة «حزب الاتحاد الديموقراطي» الكردي في مؤتمر «الحوار الوطني» الذي تعد له روسيا. وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ضرورة تمثيل كافة مكونات المجتمع السوري. بدوره، أشار مستشار السياسة الخارجية في الكرملين، يوري أوشاكوف، إلى أن موضوع مشاركة القوى الكردية في المؤتمر، سيُتناوَل خلال القمة الثلاثية المرتقبة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، في مدينة سوتشي الروسية.
وفي موازاة الإصرار التركي على تحييد «الاتحاد الديموقراطي»، شهد ريف حلب الغربي أمس، تصعيداً جديداً، بعد إعلان تركي عن تعرض إحدى «نقاط المراقبة» التي يشغلها هناك، لقصف بقذائف الهاون من طرف «وحدات حماية الشعب» الكردية. وقالت وكالة «الأناضول» إن القصف لم يسبّب إصابة أي من الجنود الأتراك، وإن وحدات الجيش التركي ردّت على مواقع إطلاق تلك القذائف.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد