تركيا«تشرّع» تورطها في الدم السوري..دمشق وطهران تحذران وعين العرب على شفا السقوط
سلك نظام رجب طيب اردوغان طريق التشريع البرلماني ليغطي انتقاله الى مرحلة العداء الجديدة لدمشق، بعد اكثر من ثلاثة اعوام من التورط التركي المبطن في الحرب السورية، وحصل بالامس على تفويض صريح من البرلمان الذي يهيمن عليه «حزب العدالة والتنمية» الاخواني للتدخل عسكريا في سوريا، بالاضافة الى العراق، وذلك تحت مبررات مختلفة، من بينها تنظيم «داعش»، في حين ان التداعيات الحقيقية لمثل هذه الخطوة التركية، اذا تمت، تمثل عدوانا اضافيا على السيادة السورية المهددة، وتستهدف من بين ما تستهدفه، تقويض الوجود الكردي في مناطق الشمال السوري.
وفيما كان المقاتلون الأكراد في عين العرب يستعدون لحرب شوارع في المدينة في محاولة مستميتة لمنع تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» من السيطرة عليها، بعدما اصبح مقاتلوه على بعد مئات الأمتار منها، حذّر قادة الأكراد من أن إقامة منطقة عازلة وسقوط عين العرب بيد «داعش» سيؤدي إلى وقف عملية السلام مع أنقرة. وقال زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، من معتقله في جزيرة ايمرالي، إن سقوط كوباني يعني انتهاء «عملية الحل» مع تركيا والعودة إلى العنف، فيما حذر رئيس الهيئة القيادية في الحزب جميل باييك من أنه في حال إقامة «منطقة عازلة» من جانب تركيا في سوريا، فهذا يعني بدء الحرب ضد أنقرة.
وفي مؤشر اضافي على خطورة الخطوة التركية، حذر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نظيره التركي مولود جاويش أوغلو من زيادة تفاقم الوضع في الشرق الأوسط بعد قرار البرلمان التركي السماح بالتدخل عسكريا في سوريا والعراق.
وانتقد ظريف، في اتصال هاتفي بجاويش اوغلو قبل إقرار البرلمان مذكرة الحكومة، «الوسيلة المختارة لمكافحة الإرهاب»، معربا عن قلقه «من أي عمل يزيد الوضع تفاقما». وشدد على انه «في الوضع الحالي يجب على دول المنطقة التحرك بمسؤولية وتفادي الإسهام في زيادة تفاقم الوضع».
واعتبر نائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد، في تصريح لقناة «الميادين»، أن «أي عمل تقوم به تركيا هو عمل عدواني وعلى مجلس الأمن أن يتعامل مع هذا الموضوع»، لكنه أضاف «إننا لا نعتقد أن مجلس الأمن سيتخذ أي إجراء بحق تركيا والقرار العدواني الذي اتخذه برلمانها». وأشار إلى أنه «لو قرأنا قرار مجلس الأمن رقم 2178 نجد أنه موجه إلى تركيا والسعودية ويجب عدم استثناء أي كان من تنفيذه».
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن مبعوث الرئيس باراك أوباما المكلف بتشكيل التحالف المناهض لـ«داعش» الجنرال المتقاعد جون آلن بدأ زيارة إلى بغداد، وسينتقل منها إلى الأردن ومصر وتركيا وبلجيكا. وأضافت، في بيان، أن جولة آلن، وهي الأولى له في الخارج في مهمته الجديدة، تأتي «لدعم جهود التحالف الدولي لتحجيم الدولة الإسلامية وهزيمته». وكان آلن حذر، في مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، من أن عملية تدريب مقاتلي المعارضة السورية «المعتدلة»، قد تستغرق سنوات.
وبعد ساعات من إقرار البرلمان التركي مذكرة الحكومة المرفوعة إليه للسماح لها بإرسال قوات عسكرية إلى خارج الحدود، والسماح بوجود قوات أجنبية على الأراضي التركية، ترأس الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اجتماعا أمنيا «لمناقشة آخر التطورات في المنطقة، فضلا عن السياسات الأمنية للبلاد».
وقالت مصادر في الرئاسة التركية «يشارك في الاجتماع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، ورئيس الأركان الجنرال نجدت أوزيل، ووزراء الخارجية مولود جاويش أوغلو والداخلية أفكان ألا والدفاع عصمت يلماظ، ورئيس الاستخبارات حاقان فيدان».
وقد صوت إلى جانب المذكرة 298 نائبا من حزبَي «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» وعارضها 98 نائبا من حزبَي «الشعب الجمهوري» و«الشعب الديموقراطي الكردي» اللذين وصفا المذكرة بأنها «مذكرة حرب».
وخلافاً للسنوات السابقة، فقد جمعت الحكومة في مذكرة واحدة إرسال القوات إلى سوريا والعراق، بعدما كان لكل دولة مذكرة خاصة بها. والجديد هنا، والذي لم يرد في المذكرات السابقة، هو إمكانية السماح لقوات أجنبية بالتمركز على الأراضي التركية، بما يفسح المجال أمام إعطاء تسهيلات للقوات الأميركية تحديدا باستخدام الأراضي التركية لمهاجمة أهداف في سوريا والعراق.
ولقد بررت الحكومة طلب التفويض من البرلمان بالتهديدات التي يمكن أن يتعرض لها الأمن القومي التركي، وحددتها بأربعة: من «الكردستاني» لجهة العراق، ومن النظام السوري و«داعش» ومنظمات أخرى، لم تسمها، لجهة سوريا.
وقال يلماظ، ردا على سؤال حول ما يمكن أن تقوم تركيا به، «لا تتوقعوا أي خطوة فورية».
لكن هذا الأمر قد يتغير إذا هاجم «داعش» ضريح سليمان شاه، حيث انتهز اوزيل مناسبة عيد الأضحى لمخاطبة الجنود الذين يحرسون الضريح. وقال «لا تنسوا أنكم لستم وحدكم، إن عيوننا وآذاننا وقلوبنا معكم دائما. كونوا على يقين بان قواتنا المسلحة ستكون إلى جانبكم بمجرد أن تطلبوا منها ذلك».
وذكرت وسائل اعلام تركية ان مقاتلتين من نوع «اف 16» حلقتا على طول الحدود مع سوريا قبالة الضريح الذي يقع في ريف حلب.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيانات، إن مقاتلي «داعش» يشتبكون مع المقاتلين الأكراد على بعد مئات الأمتار جنوب وجنوب شرقي عين العرب، كما تدور اشتباكات على بعد اثنين إلى ثلاثة كيلومترات على الجانب الغربي، مشيرا إلى أن «هناك مخاوف جدية من اقتحام الدولة الإسلامية للمدينة في أي لحظة، وذبح من تبقى فيها».
وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن «معارك الساعات الأربع والعشرين الماضية هي الأعنف منذ بدء هجوم الدولة الإسلامية في المنطقة» في 16 أيلول الماضي، مشيرا إلى «صعوبة لدى المقاتلين الأكراد في الصمود في مواجهة الدبابات والأسلحة الثقيلة التي يمتلكها التنظيم».
وقال قائد للمسلحين في عين العرب عصمت شيخ حسن إن المقاتلين الأكراد يستعدون لحرب شوارع في عين العرب، فيما كانت الاشتباكات تتواصل على بعد مئات الأمتار منها.
وقالت مصادر كردية في المدينة إن التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، أغار على قرية جنوب عين العرب، لكن يبدو أنها لم تفعل شيئا يذكر لوقف تقدم «داعش».
وذكر «المرصد» أن «حوالي 20 انفجارا وقعت في مناطق سد تشرين ومدينة منبج الواقعة على مسافة 50 كيلومترا جنوبي عين العرب نتيجة هجمات صاروخية يعتقد أن قوات التحالف شنتها».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد