تقويم العمليات العسكرية على المسرحين الأفغاني و الباكستاني
الجمل: ستشهد وقائع الأحداث الجارية حالياً في شبه القارة الهندية المزيد من التطورات الجديدة التي تشكلت مفاعيلها على خلفية احتقانات الصراع المسلح الأفغاني – الأمريكي والصراع الباكستاني – الباكستاني.
* المعلومات والتساؤلات:
تجري حالياً على الصعيدين العسكري الميداني والسياسي الدبلوماسي العديد من الوقائع النوعية الجديدة وفي هذا الخصوص يمكن الإشارة إلى الوقائع الآتية:
• التفاهم الهندي – الباكستاني الذي تم على هامش قمة عدم الانحياز في شرم الشيخ في مصر، وتقول المعلومات والتسريبات أن القاهرة لعبت دوراً في عقد اللقاء الثنائي الهندي – الباكستاني.
• زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للهند والتي برغم قلة التسريبات والمعلومات فإن من الممكن قراءة خطوطها العامة على خلفية التوتر الأمريكي – الصيني المتزايد.
• تمركز أعداد كبيرة من المسلحين الأفغان والباكستانيين في المناطق الطاجيكية القريبة من الحدود بين طاجيكستان وباكستان، وتقول المعلومات أن امتدادات القبائل الباشتونية الموجودة داخل طاجيكستان إضافة إلى الحركات المسلحة الإسلامية الطاجيكية أصبحت تستعد لخوض جولة مسلحة جديدة ضد السلطات الطاجيكية وتشير المعلومات إلى احتمال وجود حركة طالبان طاجيكية تسعى إلى المواجهة من النظام الطاجيكي تماماً كما فعلت حركة طالبان الباكستانية مع الحكومة الباكستانية.
برغم اتساع نطاق هذه التحركات العسكرية والدبلوماسية فإنها جميعاً ترتبط وتصب في مجرى السيناريو المتوقع القادم للصراع في شبه القارة الهندية وعلى هذه الخلفية تبرز التساؤلات الآتية:
• انتقلت عدوى الصراع الأفغاني – الأمريكي إلى باكستان بحيث أدت هذه العدوى إلى اندلاع الصراع الباكستاني – الباكستاني فهل من إمكانية لاندلاع الصراع الداخلي الطاجيكي وما هي احتمالات حدوث ذلك؟
• تؤدي نتائج المعارك العسكرية الميدانية إلى نتائج دبلوماسية وسياسية جديدة وحالياً تدور معركة كبيرة داخل باكستان ومعركة كبيرة داخل أفغانستان فما هي النتائج المحتملة وما هو تأثيرها المحتمل على الحسابات الاستراتيجية.
• تسعى روسيا والصين إلى منع واشنطن من التغلغل والسيطرة على آسيا الوسطى فكيف سيكون الموقف الصيني – الروسي في حالة انتقال عدوى الصراع إلى آسيا الوسطى وهل سينتقلان إلى التعاون مع أمريكا في الحرب ضد الجماعات الإسلامية المسلحة أم سيكون الموقف الروسي مغايراً للموقف الصيني أم سيلتزم الطرفان الصمت وتجاهل الأمر طالما أن الذي سيتورط هو واشنطن؟
تقديم الإجابة الشافية لكل هذه التساؤلات هو أمر غير ممكن في هذه الحالة، ولكن برغم ذلك فإن الاحتمال ما زال قائماً بأن يتم التفاهم حول المزيد من الصفقات التي بالطبع ستكون أكثر هشاشة من الصفقات التي سبقتها.
* هل من حسابات استراتيجية جديدة؟
تقول المعلومات أن اختلاف منظور إدارة أوباما الديمقراطية عن منظور إدارة بوش الجمهورية إزاء المنطقة الآسيوية عموماً وشبه القارة الهندية وآسيا الوسطى وشمال شرق آسيا خصوصاً، هو اختلاف سيترتب عليه إعادة صياغة المعادلة الاستراتيجية التي سبق أن اعتمدتها إدارة بوش ويمكن الإشارة إلى الاختلافات بين المعادلتين:
• سعت إدارة بوش إلى بناء تحالف استراتيجي هندي مع التأكيد على بناء تحالف ظل موازي يقوم على حلف استراتيجي هندي – إسرائيلي غير معلن.
• سعت إدارة أوباما إلى غض الطرف عن بناء التحالف الاستراتيجي مع الهند وسعت إلى التأكيد على أهمية مثلث الصين – الهند – باكستان من حيث أهمية دورها الوظيفي في الحد من نمو وتمدد الحركات المسلحة الأصولية الإسلامية بما يحقق الوقاية لأمريكا من احتمالات حدوث حادي عشر من سبتمبر جديد. ودور الصين الوظيفي يتمثل في أهمية مكانتها إزاء تعزيز انتعاش الاقتصاد الأمريكي أما الهند فتتمثل أهميتها بالنسبة لأمريكا في تعاونها لجهة تثبيت أمن المحيط الهندي إضافة إلى وزنها الديمغرافي بالنسبة للقارة الآسيوية.
وتأسيساً على ذلك فإن ما سيغضب الإسرائيليين أكثر فأكثر هو الانكماش المتوقع في الدور الإسرائيلي إزاء مناطق شبه القارة الهندية، وحالياً تسعى تل أبيب لإقناع واشنطن للعودة إلى حسابات المعادلة الاستراتيجية السابقة التي تقوم على أساس اعتبار الهند بمثابة الشريك الرئيس لأمريكا في المنطقة.
أدركت نيودلهي نوايا الإدارة الأمريكية الجديدة وبالفعل وعلى غير العادة فإن نيودلهي لم تحرك ساكناً إزاء الأزمة الإيغورية الأخيرة علماً أنها سبق أن ملأت الأرض ضجيجاً عندما اندلعت الأزمة التبتية.
عموماً، سيتوقف مصير المعادلة الاستراتيجية الجديدة على الآتي:
• مدى نجاح العمليات العسكرية الجارية حالياً في المسرح الأفغاني والمسرح الباكستاني.
• مدى احتمالات انتقال عدوى الصراع إلى طاجيكستان.
• مدى تورط روسيا والصين في الصراعات الجارية.
• مدى احتمالات اندلاع الحرب الباردة الصينية – الأمريكية.
ولكن ما يمكن الإشارة إليه باعتباره أمراً مثيراً للاهتمام يتمثل في مساعي حل الأزمة الكشميرية وبرغم أنه لا توجد حتى الآن أية معلومات عن التفاهم الباكستاني – الهندي فمن الممكن أن نفهم بأن القاهرة كانت حاضرة بقوة في هذا التفاهم وهو حضور لا يمكن أن يتم دون الحصول على موافقة واشنطن المسبقة فهل ستساعد دبلوماسية القاهرة الوقائية في حل الأزمة الكشميرية وبكلمات أخرى هل سيقدم الوزير أبو الغيط حصيلة خبرته في دبلوماسية الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ويسعى لإدارة أزمة كشمير كما سبق أن سعى لإدارة أزمة غزة!!؟
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد