جهاد الخازن: المعارضة العربية أسوأ من حكوماتها

06-05-2007

جهاد الخازن: المعارضة العربية أسوأ من حكوماتها

الحكومات العربية كلها مقصّرة، إلا أن المأساة الحقيقية هي أن المعارضة العربية أسوأ منها، وإذا كان لي ان اختار بين أي نظام عربي والمعارضة المحلية له فسأختار النظام، واستثنائي الوحيد هو ليبيا ما لا أحتاج معه الى شرح.

في غير بلد عربي الحكومة أكثر ليبرالية وانفتاحاً على العالم من المعارضة، وهذه نوعان، معارضة رسمية، أي بموافقة السلطات ولا قيمة لها، ومعارضة في الشارع، عادة بقيادة جماعات أصولية تؤيد الارهاب في السر والعلن، وتريد أن تعود بالشعوب العربية الى القرن الثاني أو الثالث الهجري. ثم أدين الليبراليين والتقدميين العرب الغرباء في أوطانهم ولا يعرفون الشارع العربي ولا يتعاملون معه.

شئنا أو أبينا النظام في مصر أفضل من معارضة الاخوان المسلمين، الذين طلعت جميع الحركات الأصولية الارهابية من تحت عباءتهم، وفي سورية أفضل من الجماعات الأصولية السرية، وفي الجزائر أفضل من معارضة الارهاب المسلح، وفي السعودية أفضل من التكفيريين الضالين الذين يقتلون المسلمين لأنهم لا يجدون «كفاراً» يقتلونهم.

كل هذه البلدان واجهت ارهاباً لا معارضة، وأستطيع أن أزيد عليها المغرب واليمن والأردن حيث عزّى برلمانيون بالإرهابي الزرقاوي. وحتى في دول الخليج الصغيرة حيث هناك ممارسة برلمانية وقسط معقول من الديموقراطية تظل الحكومات أفضل من المعارضة مع بعد هذه عن الإرهاب».

ولعل برلمان البحرين مثل واضح على سوء المعارضة، فهو يجمع متطرفين من جماعة الوفاق مرجعيتهم قم، لا النجف، ومتطرفين من السلفيين والمنبر الاسلامي، في وجه حكومة ليبرالية تحاول رفع سوية عيش المواطنين في أكثر بلدان المنطقة اكتظاظاً بالسكان قياساً بالمساحة وأقلها دخلها نفطياً.

مرة أخرى، أقول إن الحكومات العربية كلها مقصرة، ولا أدافع عنها بل أحملها المسؤولية عن غياب الديموقراطية في بلادنا، فلا حكم قانون ولا محاسبة أو شفافية ولا حقوق امرأة (أو رجل أو طفل).

غير انني أصر على أن المعارضة العربية في الداخل والخارج أسوأ من الحكومات، وإذا كان برلمان البحرين، أو مصر، وحتى الكويت، مثلاً على سوء أداء المعارضة، فإن هناك معارضين أسوأ من كل ما سبق المثل عليهم المؤتمر اللاوطني العراقي، وأحمد الجلبي الذي عمل لعصابة الحرب، وأعطى ادارة بوش ما طلبت، فشنت حرباً غير مبررة على العراق دمرت البلد على رؤوس أهله.

أفهم أن المحافظين الجدد يريدون تدمير العراق وأي بلد عربي يعتبرونه خطراً على اسرائيل، وأفهم أن ليز تشيني تدافع عن سياسة أبيها ديك تشيني، نائب الرئيس وزعيم عصابة الحرب، غير أنني لا أفهم أو أقبل أن يلعب معارض عربي لعبة أعداء العرب والمسلمين من واشنطن، خصوصاً أن أمامه تجربة المعارضين العراقيين ومأساة العراق بهم.

كتبت أمس دفاعاً عن سورية ضد أميركا واسرائيل، وتوكأت على مقال كتبته ليز تشيني يهاجم سورية ويحرض عليها نشرته «واشنطن بوست» في 12 من الشهر الماضي، فتبعها فريد الغادري في اليوم التالي بمقال نشرته «واشنطن تايمز» اليمينية يهاجم رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لزيارتها سورية، ويهاجم معها النظام السوري.

الغادري من أصل سوري ووظيفته الحالية هي رئيس حزب الإصلاح السوري، ويديره من مكتب في واشنطن، ما يذكرنا بأحمد الجلبي والمبعدين العراقيين «الخبراء» الذين ساهموا في تدمير العراق.

فريد الغادري يستشهد في مقاله بالمعارضين السوريين كمال اللبواني وميشال كيلو، وأنا أدعو الى الافراج عنهما فوراً من دون قيد أو شرط، وأعارض سجن أي معارض، غير أن الغادري يستشهد بهما من دون أن يكون مثلهما، فهو يشن حرب «نظارة» على بلاده عن خمسة آلاف ميل، وهما يناضلان داخل بلدهما. وأسأل بعد اجتماع شرم الشيخ بين وزيري الخارجية السوري والأميركية، هل يحصل اتفاق تضحي ادارة بوش بعده بالمعارضة السورية. وهل فكر فريد الغادري، وكل معارض عربي في واشنطن، في هذا الاحتمال.

لا أدعو أي معارض عربي أن يعود الى بلاده ليواجه النظام فيها، بل انني أدعو بعض المعارضين الى الحذر وهم في الخارج، فقد رأينا النظام الليبي يخطف المعارضين من بلدان مجاورة ويصفيهم، ويبطش بالمعارضين داخل البلد.

والنظام الليبي ليس وحده في هذا لذلك أدعو المعارضين الى الحذر، ثم أصر على أن المعارضة من واشنطن، مع ما عندنا مما أصاب العراق ترتد على أصحابها.

ولاحظت أن مقال الغادري يزعم أن زيارة بيلوسي تخفض ثقة الشعب السوري بقدرته في الاعتماد على الغرب، خصوصاً أميركا، لمساعدته، ومن شأن هذا أن تكون له مضاعفات سلبية على المصالح الأميركية في المنطقة. وهكذا فالزيارة مسؤولة لا الحرب على العراق وقتل مليون من مواطنيه وتشريد ملايين أخرى، ثم أي شعب في الشرق الأوسط يثق بإدارة بوش ونواياها، مع انحيازها الكامل لإسرائيل واستخدامها الفيتو لتمكين اسرائيل من تدمير البنية التحتية للبنان.

هل يريد فريد الغادري المقيم في واشنطن أن تساعد ادارة بوش السوريين كما ساعدت العراقيين؟ هو من الفصام السياسي عن بلادنا أنه يستشهد في مقاله العبقري باثنين من أحقر أعداء العرب والمسلمين هما عضو الكونغرس اليهودي الأميركي الهنغاري الاسرائيلي توم لانتوس، والسياسي اليهودي الروسي الاسرائيلي ناتان شارانسكي، وكنت أرجو لو أن الغادري قرأ مقالاً كتبه السناتور السابق جيمس أبو رزق موضوعه كيف ساعدت سورية الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب وكيف ردت هذه بإنكار الجميل.

الغادري وتشيني يحرّضان على سورية، وهو يطالب الإدارة بربط تطبيع العلاقات مع سورية بالعدالة للشعب السوري، وأسأل هل هي العدالة نفسها التي نالها الشعب العراقي؟ وهي تطالب بمحكمة دولية تحت الفصل السابع، وأقول إنني أريد محاكم دولية تحت كل فصول ميثاق الأمم المتحدة، فواحدة تحاكم المتهمين بالجرائم الإرهابية من الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى الشاب الشهيد بيار الجميل. وكل ضحية بينهما، وواحدة تحاكم مجرمي الحرب الإسرائيليين على جرائمهم النازية ضد الفلسطينيين واللبنانيين، وواحدة تحاكم أركان الادارة الأميركية، خصوصاً ديك تشيني، على جرائم الحرب وأكاذيبها في العراق.

جهاد الخازن

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...