دينيس روس: كيف نحول فتح إلى نموذج للنجاح في الشرق الأوسط
الجمل: نشر اليوم دينيس روس، الخبير بمعهد واشنطن، ومبعوث السلام الأمريكي السابق في الشرق الأوسط، تحليلاً في صحيفة يو إس تودي، حمل عنوان (آن الأوان لتحويل فتح إلى نموذج النجاح في الشرق الأوسط).
يقول دينيس روس:
ظل الفلسطينيون تاريخياً يشعرون بأنهم لن يضطروا إلى تحمل القيام بمقاتلة بعضهم البعض، ولاحقاً، اليوم ونحن نشهد مثل هذا القتال بين فتح وحماس، فقد أصبح صميم الانتماء الفلسطيني للفلسطينيين وقضيتهم موضعاً للرهان. فهل ستكون القضية قضية وطنية أم قضية دينية؟ وهل حل إقامة الدولتين –أي إسرائيل وفلسطين- مازال ممكناً، أم أن الصراع سوف يكون حقيقة دائمة ومستمرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟
تمثل فتح وحماس حركتان سياسيتان متمايزتان. ففتح تمثل الفصيل الذي هيمن وسيطر على حياة الفلسطينيين طوال ما يقرب من 40 عاماً، وهي حركة وطنية. وعن طريق عملية سلام أوسلو عام 1993، وافقت فتح على مبدأ قيام الدولتين. أما حماس فهي حركة دينية ترفض هذا الحل وتعارض وجود إسرائيل وتهدف وتسعى إلى إقامة دولة إسلامية في عموم الأرض الفلسطينية التاريخية.
التعايش المشترك بينهما ضمن حكومة الوحدة الوطنية كان يغلب عليه الغموض والضعف. ففي الأسبوع الماضي وعندما قامت حماس بالتغلب على قوات فتح في غزة، فإنها يمكن أن تكون قد سعت إلى توظيف واستخدام قبضتها في غزة كوسيلة لإرغام وإجبار محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لكي يقدم التنازلات حول المسائل المتعلقة بالحكم ودور حماس في المؤسسات الأكثر أهمية في الحياة الفلسطينية: المجلس الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية. وبدلاً من ذلك قام محمود عباس بالإعلان حالة الطوارئ وفصل رئيس وزراء حماس وإنهاء حكومة الوحدة الوطنية. والآن يمكن القول بأنه عملياً أصبحت توجد دولتان فلسطينيتان: فتح في الضفة الغربية، وحماس في غزة.
• ما الذي يجب القيام به:
- أولاً وقبل كل شيء: الاعتراف بأن حماس يمكن أن تكون قوية في قطاع غزة ولكن من الممكن أن يتحول قطاع غزة ويصبح ترياقاً وجرعة سامة لحماس. فغزة تعاني من الفقر الشديد، والبطالة التي بلغت حوالي 70%. وأصبحت بلا قانون، وكياناً فوضوياً يضم عشرات الميليشيات التي تنشط وتعمل. وإذا أرادت حماس ورغبت بأن تحكم غزة بمساعدة الأطراف الخارجية فإن عليها أن تتصرف بمسؤولية. وفي الوقت نفسه يجب إيقافها ومنعها من الحصول على الأسلحة، فمصر تمثل المفتاح الرئيسي لإيقاف ومنع التهريب، وإلى اليوم فإن جهودها ماتزال محدودة وغير منسجمة مع ما هو مطلوب. إن بإمكان مصر أن تقوم بالكثير. وقد آن الأوان لأن يتم إشراك الأوروبيين والسعوديين وبعض الأطراف الأخرى من أجل التركيز على هذه المسألة. فما هو غائب يتمثل الآن في أن حماس سوف تستمر في الحصول على الصواريخ الطويلة المدى، وآجلاً أم عاجلاً فهي سوف تقوم بقدح زناد حرب جديدة مع إسرائيل، ليس لسبب آخر، وإنما فقط لكي تقوم بصرف الانتباه عن إخفاقاتها في غزة.
- ثانياً: لوقاية ومنع الضفة الغربية من أن تصبح تحت هيمنة وسيطرة حماس فقد آن الأوان لحركة فتح لكي تقوم بإصلاح وإعادة بناء نفسها، وفي المناقشات التي قمت بها مؤخراً في رام الله وأبوديس والقدس الشرقية، رأيت جاهزية واستعداداً من الوهلة الأولى لتنظيم فتح بدءاً من قاعدتها وجذورها الرئيسية والاستجابة إلى الحاجات الاقتصادية والاجتماعية الفلسطينية العامة. وفي الحقيقة فإن الجيل الأكثر شباباً لحركة فتح يبدو وهو أكثر التزاماً وانهماكاً بإقامة العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد الذي أدى إلى إضعاف وتآكل الحركة. وأعتقد أن سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد، بمساعدة مجتمع المانحين ومن بينهم على وجه الخصوص السعوديين، يحتاج إلى التركيز على استراتيجية تهدف إلى تقوية وتعزيز كل أولئك الذين يقومون بتقديم الخدمات والبرامج والذين لديهم الإرادة لتعزيز وتقوية مصداقية وموثوقية حركة فتح. وإذا كان السعوديون لا يريدون أن تكون إيران قادرة على استغلال وتوظيف الصراع الفلسطيني، فإنهم يحتاجون إلى تأمين وضمانة أن لا تأتي حركة حماس وتسيطر على القضية بكاملها في فلسطين على النحو الذي يؤدي إلى القتال والصراع اللامحدود.
- ثالثاً: تحتاج إسرائيل إلى التنسيق مع فياض والآخرين الذين يهتمون بتكريس جهدهم للتعايش المشترك، والذين يبحثون ويسعون إلى تحسين واقع الحياة اليومية للفلسطينيين. وعلى إسرائيل أن تساعد الزعماء الفلسطينيين المنافسين لحماس. كذلك فإن تسوية موضوع الأمن على أساس اعتبارات أنه يحتاج من الفلسطينيين الى القيام بإحراز المزيد من التقدم هو في حد ذاته أمر يعتبر في غاية الأهمية.
وأخيراً تحتاج إدارة بوش إلى التركيز على ضرورة أنه بحلول نهاية ولايتها في البيت الأبيض فإنه يتوجب أن تكون حماس غير مسيطرة على القضية الفلسطينية، وهذا يتطلب إيقاف الأسلحة نهائياً عن حماس، وبنفس الوقت يتطلب مساعدة فتح بإعادة بناء وتكوين نفسها ومكانتها على الأرض.
لقد آن الأوان لكي نلتفت إلى الضفة الغربية بحيث نجعل منها نموذجاً للنجاح يقف بالمقابل لإخفاقات حماس في قطاع غزة، كذلك تجدر الإشارة إلى أن الشرق الأوسط يحتاج إلى الكثير من الأمثلة الأخرى لهذا النوع من النجاح المتعلق بنماذج نجاح المعتدلين مقابل نماذج إخفاقات الإسلاميين.
الجمل: قسم الدراسات الترجمة
إضافة تعليق جديد