روما الجديدة

08-04-2006

روما الجديدة

منذ إعلان نفير الحرب، بدت الديمقراطية بين أيدي المحافظين الجدد كما لو أنها كلمة حق يراد بها باطل، وغدت رغبتهم بتصدير الديمقراطية الأمريكية أشبه بالالتزام السوفياتي بتصدير الشيوعية أيام ستالين. ولهذا كانت أول مشاكل الولايات المتحدة هي مع الدول الديمقراطية التي عارضت الحرب على العراق !؟
وبالعودة إلى الوراء نرى أن أقسى انتكاسات المؤسسة الديمقراطية الأمريكية جاءت بعد كارثة 11 أيلول التي استثمرها الامبراطوريون الجدد لتحقيق مآربهم، إذ أخذت طموحاتهم اتجاهاً معاكساً لمسيرة الديمقراطية التي رسخها الآباء المؤسسون عبر تاريخ طويل من الدموع والدماء، فاعتلت صحة الديمقراطية بعدما أخذت شكل دُمّل اسمه جون أشكروفت، وزير العدل الأمريكي الذي أقر ودعم مراقبة المساجد والأماكن العامة، والمنتديات، ومواقع الانترنيت، والمكتبات، والاتصالات والمؤسسات الدينية دون الحاجة إلى تقديم أدلة على وجود نشاط جنائي فيها، الأمر الذي ساعد على رفع نسبة التجييش الأمني حتى بدت الولايات المتحدة بعد 11 أيلول أشبه بسوريا بعد تفجيرات جماعة الأخوان المسلمين فيها حيث قويت شوكة الأمن وتمددت على حساب الحريات العامة، مما دفع بعض المحللين إلى تشبيه النظام الأميركي بنظام الدول الشمولية التي تناصبها العداء !؟
الآن وبعد مرور ثلاث سنوات على احتلال العراق بذرائع ديمقراطية نرى كيف وصلت المؤسسة الديمقراطية الأمريكية إلى أسوأ حالاتها، ففي الوقت الذي قدمت فيه الخارجية الأمريكية ملياراً وأربعة ملايين دولار لبرامج دعم وحماية حقوق الإنسان ونشر الديمقراطية في العالم، أعلن الكونغرس على لسان توم لانتوس (الديمقراطي) رفضه المشاركة في أعمال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة!؟
والآن نرى أن أسوأ ما فعلته السياسة الأمريكية هو أنها، وعلى غفلة منها، أسلمت رسالة الديمقراطية إلى العسكر، فبدت أشبه بأثينا تحكمها إسبارطة، مما دفع بعض الكتاب الأميركيين إلى القول: «دون أن ينتبه أحد، أصبحت القوة العسكرية مكوناً أساسياً لما بقي من الهوية القومية الأميركية» لذلك يمكن القول إن أفضل ما يفعله الأميركان اليوم هو نزع ملف الديمقراطية من بين براثن العسكر قبل أن تتحول الولايات المتحدة إلى روما جديدة.. فروما القديمة قد سقطت لنفس الأخطاء التي يرتكبها الآن الإمبراطوريون الجدد في البيت الأبيض ..

                  قال المتنبي :       أكلما أنبت الزمان قناة               ركّب المرء في القناة سنانا !
                           

الجمل 

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...