ضريبة الديمقراطية

23-11-2010

ضريبة الديمقراطية

فضيلة السويسي الإعلامية الجزائرية، الكاعب، الحسناء، الفاتنة، المهيوبة، ذات الطلة البهية، والنظرة التي توقع الطائر المحلق في أعالي السماء جثة هامدة، تظهر على شاشة 'أبو ظبي الأولى' ضمن برنامج مثير للجدل، يحمل العنوان نفسه (مثير للجدل)، يبث يوم السبت ويعاد بثه في ظهيرة يوم الاثنين من كل أسبوع، وهي تخصصه لأكثر قضايا الساعة في العالمين العربي والإسلامي إشكالية وحرجاً.
تناولت، هذه المرأة الشجاعة، المقدامة، الاقتحامية، في حلقة السبت 6 / 11 / 2010، قضية الفضائيات الدينية التي أُغلقت، وتلك المهددة بالإغلاق، ومشكلة الدعاة الدينيين، وعلاقتهم بالنشء الصاعد، وكيف يمكن لهذه الفضائيات، ولهؤلاء الدعاة الدينيين الذين يظهرون على شاشاتها، أن يكونوا نافعين للناس، وبالتالي كيف يتم تجنب التعصب والتمترس وإثارة الفتن الطائفية والمعارك الجانبية؟
بينما أنا أشاهد هذه الحلقة الجميلة حقاً، وأستعرض وجوه السادة المشاركين فيها، إذ خطر في بالي أن أشقاءنا المصريين هم أكثر الشعوب والأقوام العربية مقدرةً على تأليف الأمثال الشعبية ذات الدلالات الصائبة، ففي مثل هذه الحالة يتساءل الإنسان المصري: يا ترى إيه اللي لَمّ الشامي على المغربي؟ بمعنى، ما الذي يجمع امرأة حسناء تظهر- على قولة أهل حلب- بالقرعة (أي: من دون غطاء رأس)، وترتدي بلوزة (نص كم)، مع ثلاثة رجال ملتحين، هم الشيخ المتنور جمال قطب، والداعية الإسلامي أمجد قورشة، ومن السعودية، بالصوت والصورة، الشيخ عبد الله الجفن، إضافة إلى رجل آخر غير ملتح هو الدكتور عبد الحميد الأنصاري من الجامعة القطرية.. في برنامج واحد؟
وكان جوابي لنفسي هو أن هذا البرنامج، حقيقة، يقدم صورة ناطقة لإمكانية تعايش الناس في المجتمعات العربية مع بعضهم من دون حقد، أو تكفير، أو إلغاء للآخر، وأن الحوار بين مختلف أصحاب الرأي والاعتقاد، من دون عقد نفسية، ومن دون تكويع، أو لف أو دوران، أمر ممكن.. ولعله الأمر الوحيد الذي يفيد الأمتين العربية والإسلامية.
طرحت فضيلة السويسي على طاولة الحوار فكرة كبيرة تهم الشارعين العربي والإسلامي، نَسَبَتْها إلى أحد العلماء الأزهريين، يشير فيها إلى اعتماد الداعيين الأستاذين عمرو خالد وطارق سويدان على أحاديث نبوية شريفة ضعيفة (من حيث الإسناد) في كلامهم الموجه إلى الناس.. وقالت إن الكثير من الناس في مصر وغيرها يرون أن عمل بعض الدعاة فيه نَفَس تجاري، وأنه مخصص للأغنياء.
لا يهمنا هنا أن نعرض، أو نسرد، كل ما جاء في الندوة من حوارات ومعارضات، ولكن ثمة نقاط يمكن للمرء أن يتوقف عندها، منها رد الدكتور الأنصاري على مشكلة اعتماد الدعاة على الأحاديث الضعيفة بقوله: هل يجوز لنا أن نأتي بأقوال أو أفكار لا أصل لها من أجل أن نحبب الناس بالدين؟!
ولكن الأمر الأجمل في البرنامج كله، والأكثر إثارة للجدل، هو ما ذكره الداعية الإسلامي أمجد قورشة عن (الصحوة) الدينية في الجامعات العربية، وتزايد عدد البنات اللواتي يضعن الحجاب على رؤوسهن، مضيفاً أنه، في السابق، كانت نسبة السفور عالية، لأن (العَلْمَانيين) كانوا يسيطرون على الخطاب الاجتماعي السائد، ومعلومٌ (معلومٌ عنده طبعاً) أن العلمانيين هم من أهل الغرائز والشهوات، وأنَّ المهم عند العلماني أن يأخذ صاحبته (ويسكر)!
هذه الفكرة، في الحقيقة، هي مربط الفرس في القضية ذاتها، والسيد 'قورشة' وضع إصبعه - كما يقولون- على الجرح الممضّ، وعرف في أي كعب من كعبي القضية المطروحة يوجدُ المَقْتَل.. والإعلامية البارعة فضيلة السويسي، برأينا المتواضع، قَصَّرَتْ في ملاحقة هذه الفكرة الجوهرية، ولم تسع للاستيضاح من صاحبها عن بعض الأمور البالغة الأهمية المتعلقة بها.
كان حرياً بها أن تسأله، مثلاً، عن الوجهة التي يأخذ العلماني صاحبته إليها، وهل هي مكان عام، (مطعم أم كافيتيريا كما يحصل في المسلسلات العربية المحتشمة، حيث يكتفي العاشق بلمس أصابع صاحبته) أم مكان خاص ينطبق عليه مفهوم الخلوة الصحيحة؟! وهل يقعد (العلماني) ويسكر وحده، أم (تجابره) صاحبته (بِبُقّين) كما تغني بنت بلدنا أسمهان؟ ويا ترى، إذا حصلت هذه المجابرة، ماذا سيجري بينهما بعد ذلك؟
إن العلماني، الغرائزي، الشهواني- وهذا ما لم يذكره السيد الداعية - لا يكتفي، في الواقع، بأخذ صاحبته إلى مكان ما والسكر معها، بل هو شخص اتكالي، يعيش في هذه الحياة على عماها، شعاره الأغلى في الحياة هو (خربتْ.. عمرتْ.. بسيطة)، لم يسبق له أن تصدى لحاكم، أو طالب، لنفسه ولغيره، بحرية الرأي والعيش والاعتقاد، كل ما في الأمر أنه يطالب سلطات بلاده بالسماح بتعدد الأحزاب، وبالديمقراطية، وبتبييض السجون، وبوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وبالتداول السلمي للسلطة..
صحيح أن معظم السلطات العربية تحارب هذا العلماني الغرائزي، الشهواني، الحقير، وتزج به في غياهب السجون والمعتقلات، (خَرجه، الله لا يقيمه).. ولكنه لا يهتم لهذا الأمر بتاتاً، ومهما مكث في السجن، وحتى ولو خرج من السجن، بعد عمر طويل، كسيحاً، محلولاً، يمشي على العكاز، فسرعان ما يأخذ تكسي سكارسا من السجن إلى بيت صاحبته، يأخذها معه، على الفور، ويسكر!
استعنا على العلماني بالله، شو عنيد، ودماغه ناشفة!

مأساة رولا شامية
في لقاء مثير بين طارق سويد والفنانة الظريفة رولا شامية، بطلة برنامج (لا يمل) وهو البرنامج الكوميدي العربي الأول من حيث الأهمية، على قناة أو تي في (العونية)، ضمن برنامج (لألأة)، أشار طارق إلى ما تناقلته الصحف والمجلات الفنية عن فيلم إباحي تم تناقله في بعض الأوساط اللبنانية (يزعم) البعض أنه من بطولتها.
تبين من خلال الجواب الغاضب والحزين للفنانة رولا شامية أن ثمة من استولى على امرأة شبيهة بها، وأجبرها بالضغط والإكراه على تمثيل الدور المطلوب لأجل الإساءة لرولا، ولتاريخها الفني.. وقالت إن هذه الصحف والمجلات، حينما ظهرت الحقيقة الساطعة التي تثبت براءتها امتنعت عن نشرها..
يستطيع المرء هنا أن يتساءل: ماذا ستستفيد هذه الصحف والمجلات إذا نشرت على صفحاتها الأولى مانشيتاً يقول: رولا شامية إنسانة محترمة لا يوجد في تاريخها أي شيء مُخجل؟ هل يوجد من يمد يده إلى جيبه ويشتري مجلة أو صحيفة تحتوي على مثل هذا الكلام الذي يسعى لإنصاف للناس، والدفاع عن تواريخهم؟
بالقياس على ذلك يمكننا أن نتساءل: إذا عمدت الفضائيات الدينية التي حكينا عنها في الفقرة السابقة، كلها من دون استثناء، إلى الحديث عن الإسلام بوصفه ديناً عظيماً، جاء ليوحد الناس، ولكي يبعدهم عن الفتن، ويعلمهم المحبة والتسامح، ويأمرهم بقبول إسلام كل أهل المذاهب (الأخرى) قياساً على المبدأ الإسلامي العظيم القائل بأن (الأعمال بالنيات).. فإلى متى ستستمر هذه الفضائيات موجودة؟ وهل ستستطيع جذب الناس المتعصبين المنغلقين المنحازين إلى التوتر والتعصب والتكفير وإلغاء الآخر، كائناً من كان، ومهما تكن عقيدته؟

ضريبة الديمقراطية
تجري الانتخابات البرلمانية في المملكة الأردنية الهاشمية، كما أذاعت 'الجزيرة'، والأردنية الرسمية، و'السيفن ستارز'، و'زوينة بلدنا' على ما يرام ويُشتهى، رغم مقاطعة الإخوان المسلمين الذين يمتلكون- بحسب الإحصاءات التقريبية- كتلة لا تقل عن مئة ألف صوت، ورغم قيام بعض زعماء العشائر بشراء أصوات بعض الناخبين..
الشيء الطريف الذي حصل في العاصمة عمان، أثناء عملية الاقتراع، أن سائق سيارة على ما يبدو أنه شربان كأسين عرق زيادة عن (عيار رأسه) لطش بسيارته جدار أحد المراكز الانتخابية، مما أدى إلى جرح اثنين من المقترعين!
معليش شباب. هذه واحدة من الضرائب الكثيرة المفروضة بحق الديمقراطية!

خطيب بدلة

المصدر: القدس العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...