قمة الكويت: هل هي قمة مصالحات استراتيجية أم تكتيكية؟
الجمل: انعقدت القمة العربية في الكويت والتي كانت قمة مخصصة للتفاهم حول القضايا والملفات الاقتصادية ولكن بسبب التطورات الدامية التي شكلت خلفية العدوان الإسرائيلي ضد قطاع غزة، فقد تحولت قمة الكويت إلى ما يمكن أن نطلق عليه تسمية قمة المصالحات وذلك بسبب لقاء الفرقاء العرب على خلفية هذه القمة.
* المصالحات العربية: هل ستكون استراتيجية أم تكتيكية؟
نقلت الفضائيات ووسائط البث المباشر كلمات الزعماء العرب "المؤثرة" في قمة الكويت وما كان بارزاً هو الطابع الإجماعي الذي تميزت به مواقفهم إزاء رفض العدوان الإسرائيلي وضرورة دعم وإعادة إعمار قطاع غزة، والدفع باتجاه حل الخلافات وتوحيد المواقف.
كثيرة هي الخلافات والخصومات العربية – العربية وكثيرة هي المصالحات العربية – العربية فهل ستأخذ المصالحة العربية الجارية حالياً طابعاً نوعياً جديداً لجهة بناء الروابط العربية – العربية بحيث لا تنفرط مرة أخرى وينقسم العرب إلى فريقين يقتل بعضهما بعضاً على طريقة قابيل وهابيل؟
* نعم للمصالحة ولكن لماذا الخلاف أصلاً؟
تشير معطيات خبرة الخلافات والمصالحات العربية – العربية إلى الآتي:
• اختلف العرب وتخاصموا حول اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ولكنهم عادوا وتصالحوا مع مصر.
• اختلف العرب وتخاصموا على خلفية حرب حزب الله مع إسرائيل ولكنهم عادوا وتصالحوا على خلفية حرب حماس مع القوات الإسرائيلية.
من خلال هذين المثالين البارزين يتضح لنا أن خبرة الخصومات والمصالحات العربية – العربية تتضمن الآتي:
• هشاشة الإدراك العربي لطبيعة علاقات التعاون والصراع.
• هشاشة بنية هياكل صنع القرار السياسي العربي.
• تزايد قوة الأطراف الخارجية وقدرتها على التغلغل في هياكل صنع القرار العربي بما مكن هذه الأطراف من القيام بتفعيل هياكل القرار بما أدى إلى إعادة توجيه الكثير من اتجاهات القرار العربي.
لقد كان الخصام العربي – العربي الأخير، بسبب ملف الأزمة اللبنانية، وملف الأزمة الفلسطينية، ففي لبنان كان الصراع يدور بين طرفين أحدهما حليف واشنطن وحليف غير معلن لإسرائيل، والطرف الآخر طرف مقاوم يتمسك بحق المقاومة والسيادة وبأنه لا يمكن مطلقاً المساومة على الثوابت والحقوق العادلة والمشروعة.
هذا، وقد اختارت بعض الأطراف العربية الوقوف إلى جانب حلفاء محور واشنطن – تل أبيب اللبنانيين دون التقيد بحق حزب الله بالإمساك بالجنود الإسرائيليين، بما يتيح تحرير الأسرى اللبنانيين الذين ظلت تحتجزهم إسرائيل في سجونها لأكثر من عشرين عاماً، وبالفعل فقد حرر الأسرى بعد موافقة إسرائيل على مبادلتهم مع حزب الله ولو ظلت حكومة حلفاء واشنطن – تل أبيب ومعها حلفائها العرب لقرون طويلة لما كانت ستنجح في الحصول على موافقة تل أبيب بمجرد مقابلة الأسرى اللبنانيين ناهيك عن إطلاق سراحهم!!
وبالنسبة للخصام العربي حول ملف القضية الفلسطينية فقد كان في حقيقة الأمر مجرد امتداد للخلاف العربي – العربي حول جدوى اتفاقية كامب ديفيد كنموذج للاحتذاء والتعميم في تحويل نموذج علاقات الصراع العربي – الإسرائيلي إلى نموذج علاقات التعاون العربي – الإسرائيلي وعلى هذه الخلفية فقد راهن حلفاء أمريكا العرب على إقناع إسرائيل بالحسنى تفادياً للمواجهة التي تقود إلى التهلكة، ولكن فات عليهم إن الإقناع بالحسنى ليس معناه التراجع وتقديم التنازلات وهو أمر أكدته لهم إسرائيل نفسها والتي ظلت كلما قدموا تنازلاً وتراجعوا تقوم هي بالتقدم وملء الفراغ ثم مطالبتهم بالتنازل والتراجع مرة أخرى وهكذا فقد وجد هؤلاء العرب أنهم قد تراجعوا وأصبحت إسرائيل على وشك أن ترمي بهم في البحر، تماماً مثلما تحاول إسرائيل الآن أن ترمي القضية الفلسطينية عن طريق رمي ملف الضفة الغربية في البحر الميت وملف غزة في البحر المتوسط.
* المصالحة العربية – العربية الجديدة إلى خلاف جديد أم إلى ماذا؟
تصالح العرب وبالتأكيد سوف يسعى محور تل أبيب – واشنطن إلى جعلهم يتخاصمون مرة أخرى ولن يستطيع العرب تفادي الخصام إلا إذا اقتنع حلفاء واشنطن بضرورة بلع حبوب "منع الخصام".. بكلمات أخرى يتوجب تأسيس الوفاق العربي هذه المرة على الثوابت العربية والحقوق المشروعة العادلة، مع ضرورة عدم توريط الدول العربية في الروابط والاتفاقات العسكرية والأمنية التي لن تؤدي إلا إلى الانتقاص من السيادة الوطنية والقومية وحالياً يتوجب على الأطراف العربية التركيز على أن تكون الخطوة الأولى لهذه المصالحة هي كيفية أن لا يختلف العرب مرة أخرى، وما هي الآلية الوقائية التي يمكن أن تمنع الخلافات قبل وقوعها وسوف يرتكب العرب خطأً فادحاً إن تركوا الجامعة العربية وهي تسير بلا قيود وبلا ضوابط وبلا مصداقية وربما بلا ضمير كما حدث في حالة ما أشار إليه وزير الخارجية القطري مؤخراً لجهة التسبب في تضليل الرئيس الفلسطيني مما أدى إلى تخلفه عن حضور قمة الدوحة!!
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد