كيفية القضاء على القبضة الحديدية لحماس في غزة
الجمل ـ عبد المتين حميد: منذ إعلان حركتي حماس و فتح في نيسان الماضي الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني خلال خمسة أسابيع، و رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو غاضب و غير راضٍ عن المصالحة. إلا أنّ عاموس يلدين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية و الرئيس الحالي لمعهد دراسات الأمن الوطني في الكيان, اختلف معه في هذه النقطة و صرّح بأنّ رعاية المصالحة و حكومة التوافق من شأنها إضعاف سلطة حماس في غزة, فحماس حالياً, كما يرى يلدين, في أضعف أوقاتها, و استراتيجيتها في مواجهة الحرب الحالية فوضوية وعشوائية, و صواريخها لا تسقط فوق المدن "الإسرائيلية" (على الرغم من إغلاقها الأجواء), و مقاتلوها غير قادرين على القيام بعمليات خطف لجنود صهاينة, بالإضافة إلى الإطاحة برعاتها الإخوان المسلمون في مصر, و الأهم من كل ذلك هو خسارتها لقاعدتها في سورية.
بشكل مشابه لعاموس يلدين, كتب ديفيد أغناتيوس (المعروف بصلاته الوثيقة مع مجمّع الاستخبارات الأمريكي) في مقالته الأخيرة في الـ"واشنطن بوست" بعنوان "كيفية القضاء على القبضة الحديدية لحماس في غزة":
"نقطة الضعف الرئيسية لحماس تتجلّى في اختفاء شعبيتها بين فلسطيني القطاع في الوقت الراهن. فقد أظهر استطلاع أُجري في حزيران الماضي قبيل بدء الحرب تأييد 70% من الغزاويين لاستمرار وقف إطلاق النار مع "اسرائيل", و رغبة 57% أن تؤدي حكومة الوحدة بين فتح و حماس إلى ترك العنف المتبادل مع "اسرائيل", كما وافق 73% على وجود تأثيرات إيجابية للمقاومة السلمية, كما أنّ غالبية ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون بفشل حماس في مواجهة الجريمة و مكافحة الفساد في غزة. و في سؤال عمّا إذا كان يتوجّب على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إرسال مجموعة من موظفي الأمن و المسؤولين لاستعادة الإدارة في قطاع غزة, كانت 65% من الإجابات تقول نعم. نُشر الاستطلاع في تقرير أعدّه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى في تموز الحالي".
في الحقيقة فإن أغناتيوس قد اجتزأ من التقرير ما أراده و أغفل أجزاء أخرى. فمما جاء في تقرير المعهد: "على المدى الطويل, و فيما يتعلّق بالقضية الجوهرية بخصوص حل الدولتين, فإنّ الرأي العام الفلسطيني قد اتخذ منحى متطرفاً. فقد أظهرت استطلاعات أخرى حالية, على الرغم من انهيار محادثات السلام الأخيرة, تفضيل الغالبية أو الأكثرية ممن شملتهم الاستطلاعات لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية و القطاع إلى جانب "اسرائيل" (مع أنّ هذه الأرقام تتناقص عمّا كانت عليه في السنوات السابقة). أمّا الآن فإن الغالبية الصريحة (60% ممن شملهم الاستطلاع, و منهم 55% في الضفة الغربية و 68% في غزة) تقول بأنّ هدف السنوات الخمس يجب أن يكون في العمل نحو إعلان الدولة المستقلة على أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر."
كما أنّ جاكسون ديهل شدّد في مقالته في الواشنطن بوست المعنونة "عندما تنتهي حرب غزة, يمكن الذهاب نحو الأفضل" على أهمية قيام حكومة الوفاق الوطني لإضعاف حماس فقال:"الاستراتيجية الأمريكية الذكية يجب أن تهدف إلى التوسّط لعقد اتفاق ما بين "اسرائيل" و محمود عباس و حماس يشتمل على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين و تخفيف الحصار عن قطاع غزة مقابل التزام حماس بوقف إطلاق نار طويلة الأمد و إجراء انتخابات حرة نزيهة لإنشاء حكومة فلسطينية موحّدة. النتيجة قد تكون خلق جيل جديد من القادة الفلسطينيين مع تفويض حقيقي من قبل شعبهم".
إذاً يحذّر معظم المحللين في الغرب من تواصل العدوان الصهيونية على قطاع غزة, لأنّه يضعف سلطة محمود عباس بينما تفوز حماس عبر خسارتها فهي تكسب المزيد من التعاطف الشعبي و التأييد الفلسطيني. إلا أنّهم يغفلون عن حقيقة أنّ حماس لم تنجح في الانتخابات التشريعية 2006 بسبب جماهيريتها, بل لأنّ الشعب الفلسطيني لم يكن راضياً عن اتباع الطريق التفاوضي الذي انتهجته فتح, و سيبقى الشعب الفلسطيني متمسّكاً بالمقاومة المسلحة بأنها الطريق الوحيد لتحرير أرضه من النهر إلى البحر, و إنّ حماس لا تحتكر المقاومة فلو تحوّلت إلى "فصيل معتدل" في صراعها مع الكيان الصهيوني و اختارت طريق التفاوض فسيذهب التفاوض و أهله و تذهب هي معه و يبقى الشعب الفلسطيني مدافعاً عن أرضه مدعوماً من محور المقاومة شعباً و حكومات.
إضافة تعليق جديد