لافروف: لن ندخل في حرب مع أحد بسبب سوريا
حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من خطورة القيام بأي عمل عسكري ضد سوريا، على خلفية الاستخدام المحتمل للسلاح الكيميائي في منطقة الغوطة الشرقية قرب دمشق، مشدداً على أن أي تدخل من هذا النوع، لا يمكن أن يتم من دون قرار يصدر عن مجلس الأمن الدولي.
موقف لافروف جاء خلال مؤتمر صحافي أجاب فيه على تساؤلات عدّة ترافق تفعيل عملية التدخل الأجنبي في سوريا على خلفية الكارثة الكيميائية التي شهدتها الغوطة الشرقية.
وبالرغم من وضوح الموقف الروسي في ما يتعلق بمصير سوريا، وبالرغم من صدور أكثر من إعلان روسي رسمي الأسبوع الماضي للتشديد على ضرورة انتظار انتهاء التحقيق في موضوع «الكيميائي»، وتشديد الوزير الروسي على أن الغرب لم يقدم أي أدلة في هذا الإطار، إلا ان اللافت في المؤتمر الصحافي كان رد لافروف على سؤال بشأن الموقف العملي لروسيا في حال قرر الغربيون التدخل في سوريا.
«هل سترد روسيا على الولايات المتحدة في حال تدخلها عسكرياً في سوريا؟»، سئل لافروف، فكان الرد بكل حزم: «روسيا لا تعتزم الدخول في أي حرب مع أي كان بسبب سوريا».
وقال لافروف «تلقيت بقلق بالغ التصريحات التي تطلق من باريس ولندن حول أن الحلف الأطلسي قد يتدخل لتدمير الاسلحة الكيميائية في سوريا حتى من دون قرار من مجلس الأمن الدولي... هذا طريق خطير للغاية، وقد سار شركاؤنا الغربيون فيه مرات عديدة (في السابق)».
وأضاف لافروف أن الدول الغربية تأخذ لنفسها دور مجلس الأمن من دون أن تنتظر نتائج التحقيق بشأن المعلومات عن استخدام السلاح الكيميائي.
ورأى لافروف أن موجة الهستيريا حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، والتي أثيرت في الفترة الاخيرة، تهدف الى احباط مؤتمر «جنيف -2».
ورداً على سؤال هل ستوجه ضربة عسكرية الى سوريا في وقت قريب، حسب رأيه، قال لافروف إنه تجري الآن «عملية ترويع»، مماثلة لتلك التي كانت قبل الحرب في العراق قبل 10 سنوات، مشيرا الى أن تطور الوضع لاحقاً لا يمكن التنبؤ به.
وعلق الباحث والمحلل الروسي ورئيس المجلس الروسي للسياسة الاقتصادية والدفاعية، فيودر لوكيانوف على المؤتمر الصحافي للوزير الروسي، قائلاً إن «لافروف كان واضحاً في قوله إن روسيا لن تدخل في حرب مباشرة مع أي كان من أجل سوريا، ولكن الحديث هنا يدور حول تدخل ميداني ومباشر، بالتالي فإن كلام لافروف لا يستبعد أو يستثني تدخلاً روسيا عبر وسائل أخرى».
واضاف «انا لا أتحدث هنا عن المساعدات العسكرية لسوريا، والتي تؤكد روسيا أنها تجري وفق عقود قديمة، لأن إمكانية تسليمها إلى الجانب السوري في حالة الحرب ستكون غير ممكنة. وهنا لا يستبعد أن تقوم روسيا بمساعدة إيران، التي ستقوم من جهتها بمؤازرة سوريا».
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع السوري السابق حسن تركماني وقّع مع نظيره الإيراني السابق مصطفى محمد نجار في طهران في منتصف حزيران العام 2006، اتفاق تعاون عسكرياً يشمل «تعزيز التعاون المتبادل وكذلك ضرورة الحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة».
وبالتالي فإن سوريا تستطيع، في حال الحرب، أن تلجأ إلى هذه الاتفاقية، وأن تدخل العنصر الإيراني إلى المشهد الميداني.
وأكد لوكاينوف أن «روسيا ستساعد سوريا بشكل مباشر أو غير مباشر، حسب ما توفره الظروف» مشيراً إلى أن موسكو لا تزال تحذر الغرب من عواقب التدخل العسكري.
وعن الموقف الروسي، قال لوكيانوف: «إذا ما وضعنا جانباً احتمال التدخل الروسي غير المباشر، فعلى الأرجح سيكون موقف الكرملين تجاه سوريا مشابهاً لموقفه إزاء العراق في العام 2003، حيث بقيت روسيا جانباً لتراقب. وما حدث في العراق يثبت من جديد النظرية الروسية القائلة بمساوئ التدخل العسكري على الأراضي الأخرى. فالأميركيون لم يخرجوا منتصرين من العراق، وفي سوريا سيكون الوضع على ما هو عليه. ولا شك في أن روسيا بحيادها، إذا ما اعتمدت الحياد، ستكون خاسرة على مستويات عدة في المنطقة لأنها ستكون قد تركت مواقعها وثمن العودة ليس بالبخس».
ويعتبر لوكيانوف أن احتمالات التدخل العسكري الغربي موجودة في سوريا إلا أنها ربما ليست الخطوة التالية مباشرة، معتبراً أن واشنطن ستسعى للتدخل بداية عن طريق دعم المعارضة بشكل مكثف بالأسلحة وبالمعدات في انتظار تغيير موازين المعركة، وإذا لم تنجح فربما ستبدأ بالتجهيز لحربها.
وبالفعل، فإنّ روسيا لم تدخل، ولن تدخل، طرفاً في حرب ميدانية، وما قاله لافروف عندما طرح أمثلة يوغوسلافيا والعراق وليبيا يعكس حقيقة ما يفكر به الروس، ولكن من الصعب الاعتقاد فعلاً بأن روسيا ستتخلى عن سنتين ونصف السنة من القتال السياسي على المنابر الدولية من أجل سوريا.
روسيا تعتمد سياسة واضحة في ما يتعلق بسوريا، ولكنها سياسة تعتمد مبدأ الشد والإرخاء، ففي وقت يجري فيه لافروف اتصالاته على كل الجبهات الغربية لتعزيز الخط الديبلوماسي، يصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسي ألكسندر لوكاشيفيتش بأن موسكو «تطلب بحزم عدم فرض النتائج على لجنة التحقيق»، وهي فكرة أكملها أليكسي بوشكوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الدوما على مدونته، حيث كتب: «الولايات المتحدة وبريطانيا سترفضان أي تقرير لمفتشي الأمم المتحدة في سوريا لا يوفر الذريعة لضرب دمشق، أي أنهما لن تقبلا إلا تقريراً يتهم الرئيس السوري بشار الأسد بشن الهجوم (الكيميائي) في ريف دمشق يوم الأربعاء الماضي».
وأضاف بوشكوف عبر موقع «تويتر»: «لقد أكدت واشنطن ولندن مسؤولية الأسد (عن المجزرة) قبل أن يقدم فريق مفتشي الأمم المتحدة أي تقرير. إنهما في حاجة إلى تقرير يتهم الأسد، وسترفضان أي تقرير آخر».
سوريا محط الأنظار اليوم أكثر من أي وقت مضى فهي التي ستكون ربما نقطة التحول الجذري في المنطقة ككل بل وفي العالم. في هذا الصدد كان تصريح لافـــروف جلياً: «تقليل شركائنا الأوروبيين من أهمية القانون الدولي أمر بالـــغ الســوء ومن يعتقد أنه بإمكــــانه اعتـــماد قوانـــين كانـــت في عهد اللاقانـــون، فهـــو لا يــنظر إلى المـــدى البعيد، وهــــــذا الأمـــر سينقـــلب عليه تماماً».
ريما ميتا
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد