لقاء نتنياهو- أوباما وإعادة إحياء مشروع "شرق أوسط جديد"
الجمل: تزايدت التصريحات التي تحمل الإشارات المتعاكسة على خط واشنطن- تل أبيب، فيما تؤكد واشنطن تمسكها بضرورة الاستمرار في عملية سلام الشرق الأوسط بما يتيح الوصول إلى تحقيق خيار حل الدولتين، فإن تل أبيب بعد صعود حكومة ائتلاف الليكود- كاديما، أصبحت أكثر إصراراً إزاء التملص وتفادي التزامات الاستمرار في عملية سلام الشرق الأوسط.
• ماذا تقول المعلومات:
أكد المحللان الإسرائيليان ألون بين، وباراك رافيد، بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو يقوم حالياً بالانهماك في تطوير وإعداد مشروع شرق أوسطي جديد، من أجل تقديمه للرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقاءهما في العاصمة الأمريكية واشنطن الشهر القادم.
كما أفادت التسريبات الإسرائيلية بأن خطة نتياهو الجديدة ستتضمن ثلاثة مراحل، يمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
- المرحلة الأولى: إيقاف البرنامج النووي الإيراني.
- المرحلة الثانية: توقيف علاقات إسرائيل مع المعتدلين العرب.
- المرحلة الثالثة: التعامل مع القضية الفلسطينية عبر العديد من القنوات المتنوعة.
وأكدت التسريبات بأن نتياهو سوف يركز في نقاشه مع أوباما على النقاط الآتية:
- عدم استعداد نتنياهو للاعتراف بأي حق للفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة، إذا لم يعترف الفلسطينيون بحق إسرائيل في أن تكون دولة يهودية خاصة بالشعب اليهودي.
- اعتراف الفلسطينيين بيهودية الدولة الإسرائيلية هو اعتراف يجب أن يمثل المطلب الرئيسي اللازم بجهة القيام بأي مفاوضات حول الوضع النهائي.
- لقد طرحت حكومة أولمرت السابقة في مفاوضاتها مطلب الاعتراف بيهودية الدولة أمام المفاوضين الفلسطينيين، ولكنها وبسبب المعارضة الشديدة، عادت وسحبت هذا المطلب من طاولة المفاوضات وقد أدى سحب حكومة أولمرت لمطلبها من طاولة المفاوضات، إلى تآكل الموقف التفاوضي الإسرائيلي الرئيسي، وبالتالي لابد من إعادة مطلب الاعتراف بيهودية إسرائيل إلى طاولة المفاوضات والتشديد عليه بقوة، لإعادة التوازن التفاوضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين
خطة الثلاثة مراحل التي يقوم بنيامين نتياهو الإعداد لها حالياً، سيترتب عليها المزيد من التعقيدات، سواء في ملف العلاقات الإسرائيلية- الأمريكية، أو في ملفات الصراع العربي- الإسرائيلي المتعددة.
التحركات الموازية لخطة نتياهو الجديدة:
تناقلت التقارير المعلومات حول زيارة وزير المخابرات المصري عمر سليمان، ولقاءه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو زعيم الليكود الإسرائيلي، ومع وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا.
* الأبعاد المعلنة لتحركات وزير المخابرات المصرية في إسرائيل.
تقول المعطيات والحيثيات الجارية لجدول أعمال زيارة وزير المخابرات المصري إلى إسرائيل أنها تضمنت القيام بالآتي:
- لقاء مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز
- لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو.
- لقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان.
- لقاء مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك.
وتناقلت الصحف الإسرائيلية التقارير التي حاولت التسويق على أن موضوع الزيارة هو التفاهم حول ملف مفاوضات إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
* ثانياً الأبعاد غير المعلنة لتحركات وزير المخابرات:
بعد صعود حكومة ائتلاف الليكود- إسرائيل بيتنا، أصبح الثنائي المصري، الرئيس مبارك ووزير خارجيته أحمد أبو الغيط، في مواجهة ورطة حقيقية مع الإسرائيليين، وذلك بسبب الآتي:
- توجهات الحكومة الإسرائيلية الجديدة، وما سوف يترتب عليها من إرباك لعلاقات خط القاهرة- واشنطن، وخط القاهرة- تل أبيب.
- تصريحات وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط والتي أعلن فيها بكل وضوح أن القاهرة لن تسمح للزعيم الإسرائيلي افيغدور ليبرمان بأن تطأ قدمه أرض مصر.
وعلى ما يبدو فإن الرئيس المصري حسني مبارك، بدأ يحاول إيجاد المخرج عن طريق "لعبة الكراسي" بحيث يقوم بإحلال وزير المخابرات المصري عمر سليمان في التعامل مع ملف علاقات القاهرة- تل أبيب بدلاً من أبو الغيط. وعلى هذه الخلفية تشير المعلومات إلى الآتي:
- سعي القاهرة للتفاهم مع تل أبيب بما يتيح لها اللحاق بركب قطار دبلوماسية الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
- تمهيد المسرح للتعاون المصري الدبلوماسي خلال المرحلة القادمة، والسعي لتنقية الأجواء من الخلافات السابقة والتوترات التي سببتها تصريحات أبو الغيط في حق وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد افيغدور ليبرمان.
هذا، وتشير التفاصيل الدقيقة وخلفياتها إلى أن دبلوماسية الوزير عمر سليمان سوف تركز على الآتي:
. التفاهم لجهة التأسيس للتنسيق المصري- الإسرائيلي بما يتيح التفاهم والتحرك المشترك في كافة ملفات الصراع العربي- الإسرائيلي خلال الفترة القادمة.
. محاولة إيجاد دور تقوم به القاهرة في تنفيذ خطة نتياهو الجديدة ذات المراحل الثلاث.
. التأسيس لبناء موقف إسرائيلي- مصري مشترك لجهة التعامل مع إدارة أوباما.
وبكلمات أخرى، فإن التحركات المصرية- الإسرائيلية المشتركة خلال الفترة القادمة سوف تكشف عن أن تزايد النزعة الليكودية لم يكن في الساحة السياسية الإسرائيلية وحدها، وإنما في الساحة السياسية المصرية، والتي على ما يبدو سوف تنخرط باتجاه تبني دبلوماسية "ليكودية إزاء الشرق الأوسط، وهو أمر لا يمكن قوله افتراضاً، و ذلك لأن التحركات السياسية المصرية الأخيرة قد كشفت بعض ملامح توجهات القاهرة الليكودية.
- الحملة المصرية ضد حزب الله اللبناني تتطابق مع نوايا حكومة نتياهو- ليبرمان إزاء حزب الله اللبناني.
- الحملة المصرية ضد إيران، تتطابق مع مضمون المرحلة الأولى الواردة في خطة نتياهو الجديدة.
- تعزيز العلاقات المصرية- الإسرائيلية يتطابق مع مضمون المرحلة الثانية في خطة نتياهو الجديدة..
- على غير العادة لم يتحدث الوزير المصري عمر سليمان خلال زيارته لإسرائيل عن عملية سلام الشرق الأوسط.. وتجاهل الوزير المصري الحديث عن عملية سلام الشرق الأوسط وخيار حل الدولتين، هو تجاهل ينسجم ويتطابق تماماً مع موقف الثنائي نتنياهو- ليبرمان المتجاهل أصلاً لعملية سلام الشرق الأوسط وخيار حل الدولتين .
زيارة وزير المخابرات المصري عمر سليمان إلى تل أبيب، ودعوته لكل من رئيس الوزراء نتياهو، ووزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان، ووزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، هي زيارة تقوم على مذهبية دبلوماسية استباقية تهدف هذه المرة ليس إلى استباق خطة نتياهو والتأثير عليها لجهة جعلها تبدو أكثر مرونة واعتدلاً.. وإنما إلى حجز مقعد للقاهرة، لكي تقوم بدور إيجابي بناء في تنفيذ هذه الخطة، خاصة وأن القاهرة قد استبقت الخطة وبادرت بتقديم مساهماتها من خلال حملتها الأخيرة ضد حزب الله اللبناني وإيران..
الأداء السلوكي الدبلوماسي المصري إزاء ملفات الشرق سوف يشهد تغيراً كبيراً خلال الفترة القادمة، وعلينا أن لا نندهش إذا اكتشفنا أن القاهرة قد لعبت دوراً في الضغط على المبعوث الأمريكي الخاص ميتشل لجهة تأجيل مشاوراته مع سوريا، وأيضاً إذا علمنا أن القاهرة قد سعت لإقناع إدارة أوباما بضرورة اعتماد خطة نتياهو الجديدة، والتركيز على السلام الاقتصادي مع الفلسطينيين.. طالما أن السلام السياسي معهم لم يعد ممكناً.
الجمل قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد