ماذا تبقى من تنظيم الدولة بعد خسارته في سوريا والعراق ؟
نشرت صحيفة “جورنال دو ديمونش” الفرنسية تقريرا عرضت فيه أبرز المعلومات عن قدرات تنظيم الدولة، الذي دعا زعيمه، أبو بكر البغدادي، يوم الأربعاء الماضي أنصاره إلى مواصلة القتال والجهاد.
لكن، ماذا تبقى من تنظيم الدولة بعد خسارة معقله في سوريا، مدينة الرقة، ومعقله في العراق، مدينة الموصل، وسقوط مقاتليه بين قتيل وأسير؟
وقالت الصحيفة، إن أبو بكر البغدادي قد فنّد في تسجيله الصوتي الأخير شائعات موته التي تم تداولها في عدة مناسبات. وقد تطرق في خطابه إلى عدة أحداث، من أبرزها عملية الأردن التي جدت منذ أسبوع تقريبا.
وأكدت الصحيفة أن مقاتلي تنظيم الدولة، على غرار زعيمهم البغدادي، يعيشون متوارين عن الأنظار في عدة مناطق صحراوية في وسط وشرق سوريا. وبحسب مسؤولين عراقيين تحدثوا لوكالة فرانس برس الفرنسية، فإن أبو بكر البغدادي موجود في إحدى المناطق السورية الممتدة على طول الشريط الحدودي مع العراق.
وأضافت الصحيفة أنه بعد العملية العسكرية الواسعة التي قادتها القوات العراقية بدعم من قوات التحالف الدولي، لم يتبق من تنظيم الدولة سوى خلايا نائمة ومتوارية في العراق. لكن، “لا يخفي ذلك حقيقة أن التنظيم لا زال قادرا على شن هجمات داخل التراب السوري والعراقي”، بحسب تقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة هذا الأسبوع.
وأوضحت الصحيفة أن الأمم المتحدة تقدر عدد مقاتلي تنظيم الدولة المنتشرين في كل من العراق وسوريا بنحو 20 إلى 30 ألف مقاتل، على الرغم من أن هذه الإحصاءات غير ثابتة. فخلال كانون الأول /ديسمبر سنة 2017، أكد متحدث رسمي باسم قوات التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة، أن “قرابة الألف مقاتل من تنظيم الدولة لا زالوا في العراق وسوريا”. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تقدر بدورها عدد مقاتلي تنظيم الدولة في العراق في الوقت الحاضر بنحو 15.500 إلى 17.100 مقاتل، و14 ألف مقاتل في سوريا.
ونقلت الصحيفة على لسان رئيس مركز تحليل المخاطر الإرهابية الأوروبي، جان شارل بريسارد، قوله: “لا نعلم إلى حد الآن كم عدد القتلى الذين سقطوا في صفوف التنظيم خلال العمليات التي شنها التحالف الدولي، وخلال العمليات الروسية، أو خلال العمليات العسكرية العراقية أو التركية”. وأضاف بريسارد أن “جثث قتلى مقاتلي التنظيم ظلت في الغالب تحت الأنقاض التي خلفتها الضربات الجوية لطيران التحالف، ولم يتكفل أي أحد بالبحث عنها أو بانتشالها. وقد تم افتراض أن بعضهم قتلى دون دليل. وإلى حين أن نتأكد نهائيا من موتهم فعلا، فنحن نعتبرهم في الوقت الحاضر أحياء”.
وأشارت الصحيفة وفقا لبريسارد إلى أن “العديد من عناصر التنظيم نجحوا في التسلل خلسة للحدود التركية، أين لا زالوا يقبعون الآن، في انتظار تنقلهم إلى منطقة عمليات أخرى. ويجعل ذلك من الصعب تقدير عدد عناصر التنظيم. وقد ظل هذا التنظيم يعمل لفترة طويلة على نقل أهم عناصره إلى التراب التركي ليعمل فيما بعد على إعادة نشرهم من جديد”.
وأفادت الصحيفة أنه على الرغم من هزيمته في كل من العراق وسوريا، إلا أن تنظيم الدولة لم يختفي نهائيا. ونوه بريسارد بأن “التنظيم يعيد انتشاره أيضا في مناطق أخرى غير العراق وسوريا، على غرار باكستان وأفغانستان والفلبين، حيث لا زال مقاتلوه قادرين على عبور الحدود”.وبالنسبة لخبراء من مجموعة “صوفان” الدولية للاستشارات الاستراتيجية والاستخباراتية، فإنه “على الرغم من عودة التنظيم للعمل بأسلوب الجماعة المتمردة بعد أن كان دولة متأصلة، إلا أن ذلك لا يخفي حقيقة أنه يظل واحدا من أقوى الجماعات الإرهابية على مر التاريخ. كما أنه لا يفتقر إلى الأسلحة أو المجندين”.
وذكرت الصحيفة أن تقريرا صادرا عن الأمم المتحدة أشار إلى أن “عدد مقاتلي التنظيم الذين غادروا سوريا والعراق لا زال أقل من المتوقع”. إضافة إلى ذلك، لا يزال التنظيم نشطا في ليبيا أين ينتشر من ثلاثة إلى أربعة آلاف من مقاتليه إلى يومنا هذا. أما أولئك الذين نجحوا في الخروج من العراق وسوريا، فقد لجأ أغلبهم إلى أفغانستان، حيث تعددت الهجمات التي تبناها التنظيم في هذه الدولة.
ويوم الثلاثاء الماضي، استغرقت قوات الأمن الأفغانية أكثر من ست ساعات لفض هجوم بالقذائف تبناه تنظيم الدولة في كابل. وفي وقت سابق، تسبب هجوم في مدرسة واقعة بالعاصمة الأفغانية في مقتل ما لا يقل عن 37 شخصا أغلبهم من المراهقين.
وقالت الصحيفة إن تنظيم الدولة لم يتوان عن استهداف البلدان الغربية، بحسب ما يؤكده تبنيه السريع (الذي لا يزال مشكوكا في صحته) للعمليات التي تستهدف هذه الدول. ولعل آخرها هجمات بلدية كورنيلا دي يوبريغات الواقعة في إقليم كتالونيا، أو تبنيه لعملية منطقة تراب في فرنسا. من جانبه، طلب البغدادي من مقاتليه أن “يضربوا ليُرهبوا الغرب في عقر دارهم”.
عربي 21
إضافة تعليق جديد