مراهنة أميركية على انفصال “إقليم درعا”؟
المصدر الروسي الذي يكشف لوكالة نوفوستي عن تخطيط بدعم أميركي لإنشاء إقليم انفصالي في جنوب سوريا، ربما تعوّل عليه إسرائيل التي تنتقل مساعيها من الحزام الأمني لحماية الحدود إلى إقليم مستقل يخوض معاركها بالوكالة ضد إيران. لكن إدارة ترامب قد تجد فيه ضالتها لابتزاز الأموال الخليجية في دعوتها دول عربية للمشاركة في الحرب ضد سوريا.
محاولات شنّ معركة واسعة من أجل توسّع مناطق الجماعات المسلحة في الجنوب السوري، تلاحقت في الأسبوع الأول من الشهر الماضي بموازاة معارك تحرير الغوطة الشرقية. فالإدارة الأميركية تحت إشراف وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون جهّزت الجماعات المسلّحة في الجنوب بوصول 200 ضابط إلى قاعدة التنف التي تضم غرفة عمليات تشترك بها الجماعات وفرنسا وبريطانيا والأردن، بحسب تصريح القائد العام لقوات التحالف في سوريا.
ما وصفته صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية بالتحضير لهجوم واسع النطاق، أوضحت فشله والأناضول للأنباء بسبب عدم استعداد أهالي درعا والجولان والقنيطرة لتدمير مناطقهم من أجل حروب عبثية لمصلحة الأعداء. فما يسمى “مجلس حوران الثوري” برئاسة عبد الحكيم المصري يتوعّد بالانتقام من معركة الغوطة الشرقية “التي نسفت تماماً اتفاق خفض التصعيد” بحسب تعبيره، لكن ما يسمى “مجلس محافظة درعا الحرّة” اتهم الجماعات المسلّحة بالتقاعس عن نجدة الغوطة كما قال، لكنه لم يستطع أن يجهّز المقاتلين من الجماعات المسلّحة لخوض المعركة بسبب انهيار معنويات الفصائل على ضوء الانهيار في الغوطة الشرقية.
وفي هذا السياق اتهم رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية سيرغي رودسكي الولايات المتحدة بأنها تحاول التعويض عن خسارتها الجماعات الارهابية في الغوطة الشرقية، وفق تعبيره.
ما يكشف عنه المصدر الروسي لوكالة نوفوستي، ربما يتجاوز المراهنات السابقة على إثر متغيرات ذات دلالة استراتيجية بعد تحرير الغوطة الشرقية والتحضير لتحرير الغوطة الغربية في مخيم اليرموك والحجر الأسود وحي التضامن. في هذا الإطار تدخل اسرائيل على خط المواجهة المباشرة بذريعة أنها لن تسمح لإيران تحسين مواقعها في سوريا وتزويد حزب الله بأسلحة نوعية تهدّد الوجود الاسرائيلي.
في المقابل، تهدّد إيران بالرد على عدوان مطار تيفور الذي وصفه السيّد حسن نصر الله بأنه “خطأ تاريخي وحماقة كبرى ترتكبها اسرائيل في التعرّض لإيران بشكل مباشر”. وفي هذا السياق تأخذ اسرائيل التهديدات على محمل الجدّ بحسب مسؤولي الأركان الذين يعتقدون أن الرد الإيراني أتٍ لامحالة ولو بعد حين. فالمصدر الروسي يُفصح عن إبلاغ ممثلي أميركا والأردن في مركز المتابعة في عمّان عن فتح ممرات على الحدود الأردنية والإسرائيلية لتزويد الجماعات المسلّحة براجمات صواريخ وأسلحة ثقيلة، وتمكين حوالي 12 ألف مسلّح من مخطط إنشاء إقليم مستقل عن سوريا عاصمته مدينة درعا.
وربما في هذا السياق تعلن وزارة الدفاع الروسية أنها أبلغت غرفة العمليات الأميركية في سوريا عن عدم استطاعة موسكو تقديم غطاء للقوات أميركية في حال مهاجمتها من قبل قوات إيرانية.
وربما في السياق نفسه تحاول الحكومة الأردنية ضبط تداعيات الرد الإيراني في الدعوة لانعقاد لقاءات على مستوى الخبراء واللجان الأمنية الحدودية استباقاً لعمليات عسكرية متوقعة في جنوب سوريا.
بموازاة المسعى الأردني بذريعة ضبط الحدود مع سوريا، ربما يعوّل على محاولات اسرائيل لإنشاء إقليم جنوبي مستقل خلافاً للمراهنات السابقة في إنشاء حزام أمني على الحدود مع سوريا. لعلّ إسرائيل تراهن على هذا الإقليم لخوض حربها بالوكالة ضد ما تسميه توسّع النفوذ الإيراني في سوريا. فالقوات الشعبية في جنوبي سوريا، قد تكون قادرة على مواجهة اسرائيل عبر مواقعها في تل ماكر وتل العدس وكناكر وفي مدينتي إزرع والصنمين شمالي درعا ومنطقتي البعث وخان أرنبة في القنيطرة.
في أغلب الظن أن المراهنة الإسرائيلية تستند إلى المتغيّر الأميركي الذي يدعو بموجبه ترامب الدول الخليجية لدفع التكاليف والدفع بقواتها للحرب ضد سوريا. فمن غير المتوّقع أن تتجرأ دول عربية للزج بجنودها في القتال على الأرض السورية. ومن غير المحتمل أن تقبل تركيا بالسماح لمواقع هؤلاء الجنود على حدودها. لكن المراهنة الاسرائيلية في الجنوب السوري، ربما تتيح لترامب استمرار الابتزاز المالي وقد تتيح للدول الخليجية دعم إسرائيل بدعوى المشاركة مع الأردن.
قاسم عز الدين - الميادين
إضافة تعليق جديد