مستويات عالية من التلوث وأمراض بالجملة «النترات» وصلت بطوننا والسرطانات بازدياد
يعتبر التلوث البيئي بمختلف أشكاله من الأسباب التي تؤدي إلى تدهور الموارد الطبيعية.
وإن استخدام المواد الكيميائية في الزراعة (الأسمدة، المبيدات، العقاقير الطبية الهرمونات...) لرفع الإنتاجية أصبحت تشكل قلقاً لدى المستهلكين نتيجة اكتشاف العديد من النتائج العلمية من قِبل علماء التغذية والسموم والأطباء والتنويه إلى مخاطر الملوثات وعلاقتها بالعديد من الأمراض الخبيثة، ما أدى إلى انعدام الثقة لدى المستهلكين بالتقانات الحديثة المطبقة في الإنتاج الزراعي والحيواني (تطبيقات الهندسة الوراثية، والتقانات الحيوية) وتفضيله للأغذية النظيفة بيئياً ودفع قيم باهظة لقاء ضمانات السلامة الصحية.
وبات التلوث اليوم مسالة في غاية الأهمية للمخاطر التي بدأت تظهر وانتشار الأمراض بشدة بوقت يرجع الأطباء الأسباب إلى استخدامات المواد الكيميائية والهرمونات واستخدامات مياه الصرف الصحي في إرواء المزروعات...!!
مخاطر التلوث!!
مؤخراً بدأت تظهر للعلن دعوات ودراسات تحذر من مخاطر التلوث التي وصلت إلى مستويات عالية...!! وقد انبرى لمواجهة ذلك جهات مختصة ومختصون في تقديم أبحاث مهمة، داعين الإعلام ليأخذ دوره كما يجب في كشف كل المخاطر لأنواع الملوثات واستخدامات المواد الكيميائية في الزراعة وما ينجم عنها من أمراض.
تلوث غذاء الإنسان
-المهندسة سيلفا عرضحالجيان- مديرية البيئة بمحافظة دمشق أكدت الدور الضروري جداً للإعلام في التنبيه للمخاطر وما هو المطلوب من أجل التوعية للحد من مخاطر التلوث وتدهور الموارد الطبيعية. وهنا يجب أولاً:
التوعية بمخاطر التلوث:
فتلوث التربة يتم: بالإسراف في استخدام المخصبات والمبيدات وهي مواد كيميائية سامة للإنسان والحيوانات ما يؤدي إلى الإضرار بالتربة وتلوث غذاء الإنسان إضافة إلى التلوث الذي تحدثه المناطق السكنية والصناعية العشوائية ضمن الأراضي الزراعية.
تلوث المياه يتم عن طريق المخلفات الصناعية ومياه المجاري واهتراء شبكات الصرف الصحي ومياه الشرب بما يحمله من سموم ومواد ضارة للإنسان والحيوان والتي تؤدي بدورها إلى انتشار الأمراض والأوبئة.
ارتفاع نسب الغازات!
وعن تلوث الهواء تقول المهندسة /سيلفا/ يكون بفعل عوادم السيارات والمداخن وأدخنة المصانع ومختلف الأنشطة ما يؤدي إلى زيادة الغازات في الجو مثل (ثاني أوكسيد الكربون ومركبات النتروجين والكبريت...) وغالباً ما تنتقل هذه المواد إلى الجو بوساطة الدورة الطبيعية للمياه ثم تعاد في النهاية إلى التربة أو المياه السطحية أو تدخل في المياه العضوية، ما ألحق أضراراً بعيدة المدى على الحياة وعلى البيئة، ويمثل المطر الحمضي أوضح البراهين على ذلك وهو عبارة عن الترسبات التي أصبحت حمضية بفعل التلوث البيئي للهواء، كما أن ارتفاع نسب الغازات في الهواء وخاصة غاز ثاني أوكسيد الكربون كان السبب الرئيس للاحتباس الحراري وتغيرات المناخ وتدهور الموارد الطبيعية.
فيما تزداد مشكلات النفايات الصلبة تفاقماً نتيجة لعدم التصرف السليم في التخلص أو الاستفادة، وذلك عن طريق نشر الوعي البيئي بين الناس من أجل فصل النفايات الصلبة من المنزل لما فيه من دور اقتصادي بيئي جيد حيث إن لإعادة استعمال النفايات أو تدويرها وإعادة تصنيعها فوائد كبيرة مثل تحويل النفايات العضوية إلى أسمدة وإعادة تدوير النفايات الصلبة والورقية للحفاظ على الموارد الطبيعية.
تقليل استخدامات المبيدات
وتؤكد المهندسة سيلفا على إكساب الأفراد القيم والاتجاهات الاجتماعية والسلوكيات التي تؤدي إلى المحافظة على الموارد الطبيعية وحمايتها من التلوث.
وهنا يجب تنظيم استعمال الكيماويات الزراعية وخاصة المبيدات عن طريق قصر استخدام المبيدات الكيماوية على حالات الضرورة التي تصل في الإصابة إلى الحد الاقتصادي الحرج وإعطاء الأولوية كلما كان ذلك ممكناً لطرق المكافحة الأخرى كالطرق الآلية والزراعية.
5 ملايين حالة تسمم
وفي إحصائية لمديرية بيئة دمشق: حول استخدامات المواد المضافة على المحاصيل الزراعية جاء فيها:
(هناك خمسة ملايين حالة تسمم بالمبيدات تحدث كل سنة) وتؤدي إلى وفاة آلاف الأشخاص وقد حذر تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية من تأثير المبيدات على الأطفال، وحث على اتخاذ خطوات للتقليل من تعرضهم لهذه المواد الكيميائية المميتة. وتستخدم البلدان النامية 25 بالمئة من المبيدات المنتجة من العالم، لكنها تكابد 99 بالمئة من الوفيات بالتسمم المبيدي.
وأكدت المهندسة سيلفا أهمية استخدام مبيدات أكثر أمناً وأقل سمية وأقل ثباتاً من وجهة نظر التحليل البيولوجي توقياً لمخاطر تراكمها، وكذلك الاهتمام باختيار مبيدات أكثر تخصصاً وتأثيراً على الآفة المعنية دون غيرها من الكائنات الحية البرية والمستأنسة، مع مراعاة استخدام أقل الجرعات المؤثرة واستخدام المبيدات بأفضل الطرق واختيار المبيد الذي يؤثر على أطوار الآفة الحساسة.
والمكافحة الكيميائية لها مخاطرها وأضرارها فقد تظهر سلالات جديدة للحشرة مقاومة للمبيد وهذا يعني لزوم البحث عن مبيدات جديدة، كما تحدث خللاً في التوازن البيئي لأن حشرات أخرى لابد من أن تموت بالمبيد وهي هامة في السلاسل الغذائية، وقد يتأثر العائل النبات بالمبيد فيرتفع معدل التكاثر للحشرة، كما يؤدي إلى مشكلات التسمم، ورواسب سامة في البيئة، كما يؤثر على الأحياء الأخرى غير الحشرة المقصودة.
ونادت المهندسة (سيلفا) بالتوسع في استخدام المكافحة الحيوية واستخدام الكائنات (الحشرات
والعناكب والفطور والبكتيريا) للقضاء على الآفات الزراعية، ولاسيما بعد أن أثبتت هذه الطريقة نجاحها في مكافحة الآفات المختلفة على الحمضيات السورية التي أصبحت بفضلها خالية من أي أثر للمبيدات مقارنة بالحمضيات المنتجة في بقية دول العالم.
النترات في بطوننا.. مسببة السرطانات!!
وتقول المهندسة سيلفا: حسب آخر الدراسات الحديثة، إن الزراعة اعتمدت في القرن الماضي التسميد الآزوتي الكيميائي بديلاً عن التسميد العضوي الذي كان مستخدماً في مراحل الزراعة الأولى ولم يكن هناك تصور واضح عن إمكانية أن تؤدي سلبيته وأمراضه الخطيرة من خلال وصول أملاح النترات والنتريت إلى المياه الأرضية فعندما تصل مادة النتريت إلى معدة الكائنات الحية ينشأ عنها الأورام والأمراض السرطانية وتُظهر الدراسات أن هناك تجاوزات لتركيز النترات عن الحدود المسموح بها حيث تتلوث المياه والأنهار والخلجان من صرف الزراعة المحمل ببقايا التسميد الآزوتي ما يترتب عليه تزايد تعداد ونمو مجاميع من الطحالب والبكتيريا الممثلة للضوء ما يقلل نسبة الأوكسجين الزائد في الماء إلى القدر الذي تتوقف معه حياة الأسماك والكائنات البحرية الأخرى وعندما تتراكم الأسمدة الآزوتية في الأرض الزراعية تزيد من حموضة التربة، التي تساعد على تحرير المعادن الثقيلة في التربة ما يضر بالنباتات ومن ثم يضر بمن يتناول هذه النباتات أو ثمارها بكثرة. كما يغسل نصف كمية السماد الآزوتي مع مياه الري بلا وقاية لبيئة مياه الأنهار والبحيرات والشواطئ ولا يوجد حتى الآن علاج شاف وشامل عندما تصل الملوثات الكيميائية إلى المخزون من المياه السطحية والجوفية.
يتبع تراكم التسميد الآزوتي تزايد توليد وتصاعد غازات الأكاسيد النتروجينية (غاز أوكسيد النتروز وغاز أوكسيد النتريك) وكلاهما يعمل على تآكل طبقة الأوزون.
كما أن هذا الأوكسيد يجعل ماء المطر يتحول إلى مطر حامضي يضرّ حين سقوطه بالمياه والتربة والنباتات.
الاهتمام بالزراعة الطبيعية (العضوية)
وجاء في تقرير صادر عن بيئة دمشق أن الزراعة العادية مسؤولة عن 11 بالمئة من انبعاثات الغازات الضارة سنوياً وتشكل مادة نترات الأكسيد الموجودة في المبيدات الحشرية النسبة الأكبر من هذه الغازات.
(الأرض هي القاعدة الأساسية التي يرتكز عليها النشاط الزراعي والغذاء المأمون صحياً اللازم لإطعام سكان الأرض وهو الناتج النموذجي للزراعة الطبيعية) natural agriculture، فلابد من التوسع بالزراعة العضوية التي تحقق العديد من الأهداف:
أ- المنتج الغذائي العالي الجودة والكافي لتغطية الاحتياجات السكانية المتزايدة والأمن لصحة الإنسان.
ب- المحافظة على البيئة من التلوث بكل أشكاله وألوانه.
ج- تأمين الحماية للبيئات النباتية والحياة البرية والمحافظة على التنوع الوراثي.
لبلوغ هذه الأهداف التي تؤمن الزراعة الطبيعية.
التوصية باستخدام «الدبال» في تحسين الإنتاج الزراعي بدل المخصبات الصناعية حيث إن «الدبال» يساهم مساهمة فعالة في زيادة الإنتاج الزراعي النظيف وذلك أنه يؤمن الامتناع عن حرق المادة العضوية نهائياً، هذا الحرق الذي يؤدي إلى المزيد من التلوث البيئي وتدمير الغابات والتصحر.
وأثبتت التجارب العلمية المطبقة في هذا المجال منذ عام 1920 أن استخدام «الدبال» في الحقول أدى إلى زيادة إنتاج هكتار القمح إلى الضعف وتخفيض استعمال مبيدات الأعشاب إن لم يكن عدم استعمالها نهائياً.
الوعي البيئي
وحسبما أكدت المهندسة /سيلفا/ من مديرية بيئة دمشق أن نشر الوعي البيئي فيما يخص المحافظة على التنوع الحيوي أي تأمين المحافظة على الحياة النباتية والحيوانية البرية في المناطق المعرضة للتصحر حيث إن التوازن البيئي يلعب دوراً حيوياً في منع عمليات تدهور البيئة التي تؤدي عادة إلى التصحر.
واتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع التصحر وإقامة حزام أخضر واق على حدود الصحراء لحماية الأراضي المزروعة من زحف الصحراء والرمال.
إن هكتاراً واحداً من الغابات يعمل خلال عام على إعدام 22 طناً من غاز ثاني أوكسيد الكربون وإطلاق 18طناً من غاز الأوكسجين.!!
تدوير المخلفات
لقد أثبتت الدراسات أن استغلال مياه المجاري في تشجير المناطق الصحراوية المتاخمة للمدن للاستفادة الكلية من الموارد المتاحة وحفاظاً على هذه الثروة وتلافياً لما ينشأ من سوء استغلالها.
(أخذ المخططون للموارد البيئية يدركون قيمة هذه الممارسة من حيث المحافظة على المياه وإعادة تدوير المخلفات وكطريقة لمنع تلوث المياه السطحية والجوفية.
إحصاءات خطيرة!!
بلغ عدد حالات السرطان المكتشفة والمسجلة عند المواطنين السوريين وغير السوريين مابين 2002-2007 /73198/ حالة وتم تسجيل أكثر من 70% من حالات السرطان من سجلات مشفى البيروني الجامعي في دمشق إضافة إلى مشافي الصحة ومراكز تشخيص وعلاج الأورام الخاصة.
وسجل معدل الإصابة بمرض السرطان 2007 -العمري والمعياري -120 حالة جديدة لكل مئة ألف من السكان مع الأخذ بالحسبان غياب أو نقص 30% من حالات السرطان لعدم تعاون بعض المراكز التشخيصية والعلاجية للسرطان في سورية في نظام الإبلاغ عن السرطان، أما متوسط معدل الإصابة العام بالسرطان فتتراوح ما بين 63 و65 حالة جديدة لكل مئة ألف من السكان.
لقد كان أكثر السرطانات شيوعاً بين الرجال هو سرطان الرئة ثم سرطان المثانة ومن ثم سرطان الدم وسرطان البروستاتة.
أما فيما يتعلق بالنساء فسرطان الثدي أولا ثم سرطان الدم ثم سرطان الدرق. ولوحظ ارتفاع الإصابة بسرطان الكولون والمستقيم حيث احتل هذا السرطان المرتبة الرابعة عند الذكور والإناث بتقرير حدوث 2007 والمتوقع أن يكون بالمرتبة الثانية عام 2010.
تقارير حديثة تشير إلى ارتفاع العدد الإجمالي للإصابات إلى أكثر من 80 ألف حالة لكل مئة ألف من السكان. وقد سجلت اللاذقية المرتبة الأولى بمعدل وسطي 108 حالات جديدة لكل مئة ألف من السكان سنوياً -حسب السجل الوطني بمرض السرطان في سورية- جاءت السويداء بالمرتبة الثانية بمعدل وسطي 107 حالات جديدة لكل مئة ألف سنوياً، ثم جاءت دمشق بالمرتبة الثالثة بمعدل وسطي 106 حالات جديدة لكل مئة ألف سنوياً، أما طرطوس فاحتلت المرتبة الرابعة بمعدل وسطي 103 حالات جديدة لكل مئة ألف سنوياً، درعا بالمرتبة الخامسة بمعدل وسطي 64 حالة جديدة لكل مئة ألف سنوياً،ثم حمص- دير الزور- الرقة- إدلب- حماة–حلب- الحسكة- ريف دمشق على التوالي.
يستقبل مشفى البيروني حوالي 70% من مرضى الأورام في سورية بما يعادل حوالى 13ألف جديدة في عام 2009 تزداد حوالى 15-20 % في كل عام جديد وتبلغ المراجعات السنوية للمشفى حوالى 300 ألف حالة من مختلف الأنواع ويراجع المشفى يومياً أكثر من 1200 مريض يتلقون كامل علاجاتهم في المعالجة الجراحية والشعاعية والكيماوية.
هني الحمدان
المصدر: تشرين
التعليقات
تعليق التلوث في كل مكان
إضافة تعليق جديد