هل تعيد زيارة أنان إلى سوريا الحياة إلى مبادرته المترنحة؟
عاد الوضع السوري ليتصدّر الاهتمامات الاقليمية مع عودة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان إلى دمشق بعد ستة أسابيع على بدء المراقبين الدوليين عملهم، وهي مرحلة حفلت بالعديد من التفجيرات والانتكاسات الامنية التي كان آخرها مجزرة الحولة بالقرب من مدينة حمص والتي ذهب ضحيتها عدد كبير من المدنيين، وتبادل النظام ومعارضوه الاتهامات بشأن مرتكبيها.
وتأتي زيارة أنان في غمرة من الاحداث المتنقلة بين سوريا ولبنان، وهي بمجملها توحي بأنّ مبادرته تشارف على الانتهاء بعد جولة عنيفة من الكباش بين مؤيديها والعاملين على افشالها، بحيث بات زوار العاصمة السورية يعربون عن أكثر من خشية على المبادرة العربية – الاممية المشتركة التي لم تسر بالاصل على سكتها الصحيحة، وذلك في ظل عقبات جذرية تحول دون تنفيذ البند الاول منها القاضي بوقف اعمال العنف من قبل الجميع.
ويرجح هؤلاء الزوار أن تلقى زيارة أنان مصير سابقاتها من المراوحة، وذلك باعتبار أنّ الحوار الذي عاد من أجله دونه عقبات بارزة ظهرت إلى العلن في أكثر من محطة بينها اختطاف اللبنانيين العائدين من زيارة العتبات المقدسة على مقربة من الحدود مع تركيا، مع ما يُحكى في هذا السياق عن دور لعدد من الفصائل المسلحة غير المتناغمة لا في الشكل ولا في المضمون، الأمر الذي يتكامل مع العديد من الاراء السياسية التي تسمح بالتأكيد على شرذمة المعارضة، بما يحول دون اتفاقها على متحدث واحد باسمها.
غير أنّ مصادر دبلوماسية اوروبية مطلعة على تفاصيل الازمة السورية والمراحل التي تمر بها تعرب عن شكها بتوقف المبادرة لعدة أسباب أبرزها عدم التوافق الدولي والعربي على أيّ من البدائل في ظل أكثر من إعلان غربي باستحالة التدخل العسكري، في موازاة تأكيدات روسية صارمة بأنّ موسكو لن تخرج عن سياسة دعمها للحكومة السورية، ولن تغير من قناعاتها بوجود فريق ثالث يعمل على تفجير الاوضاع كلما لاحت في الافق بوادر تسوية ما للازمة السورية، وذلك بدليل اتساع رقعة التوتر وانتقالها إلى لبنان بما يعزز فرضية الفتنة السنية – الشيعية وما يتفرع عنها من توترات تعم المنطقة العربية برمتها.
يضاف إلى هذه الاسباب، من وجهة النظر للدبلوماسي عينه، استمرار الحوار الاميركي الايراني الذي يأخذ بالاعتبار الازمة السورية وتداعياتها الخليجية والعربية، بما يشير إلى أنّ واشنطن لا ترغب في تغيير سياساتها في الوقت الفاصل عن موعد انتخاباتها الرئاسية، فضلا عن إصرارها على عدم إقفال النافذة المفتوحة مع طهران، والتي قد تؤدي إلى ورقة انتخابية رابحة في أيدي الرئيس باراك اوباما.
وفي سياق متصل، يعرب المصدر عن اعتقاده بأنّ هناك خلافات جدية في وجهات النظر بين واشنطن وتل ابيب على خلفية التعاطي مع ازمات المنطقة، وهذا ما يبرّر الارباك الحاصل على المستويات السورية واللبنانية كافة، أكان في موضوع صوابية تفجير الوضع الاقليمي أم في لملمته بانتظار ما يمكن أن تحمله الاشهر القليلة المقبلة من تطورات واستحقاقات هامة على غرار نتائج الانتخابات المصرية وما اذا كان الاخوان سيتسلمون زمام السلطة السياسية، أو ماهية الحديث عن امكانية توافق روسي اميركي على كيفية التعاطي مع المنطقة وازماتها، وذلك في ظل معلومات دبلوماسية اكيدة تشير إلى ان هناك اتصالات غير معلنة تجري منذ اكثر من عشرة ايام بين واشنطن وموسكو على خلفية الازمة السورية وما يتصل بها من تداعيات على لبنان.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد