وصايا زيليكوف العشر تمهد لمسرحية كوندوليزا في المنطقة

02-10-2006

وصايا زيليكوف العشر تمهد لمسرحية كوندوليزا في المنطقة

الجمل: قدم فيليب زيليكوف المستشار بالخارجية الأمريكية محاضرة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، حملت عنوان: (استراتيجيات من أجل حرب متعددة ضد الإسلاميين المتطرفين).. وذلك في يوم 15/9/2006م، وما كان غير عادي، تمثل في عدة جوانب، أبرزها:
- ان توقيت تقديم المحاضرة، كان قبل مقابلة كوندوليزا رايس للصحفيين، والتي كانت حول الملف الشرق أوسطي، وتوجهات الخارجية الأمريكية في المنطقة.
- الاهتمام الكبير في معهد واشنطن بموضوع المحاضرة، ومقدمها، خاصة وان معهد واشنطن من أبرز مراكز الدراسات التي تعمل تحت مظلة اللوبي الإسرائيلي.
- الاهتمام والضجة الكبيرة التي أثارتها هذه المحاضرة في أوساط الرأي العام الإسرائيلي، وتركيز الإعلام الإسرائيلي على ما ورد فيها.
في بداية المحاضرة قام هاوارد بيركوفيتز –رئيس معهد واشنطن- شخصياً بتقديم المحاضر، وقد تضمنت مقدمته الكثير من العبارات، نذكر منها الآتي:
• «نحن نلتقي هذا المساء على صحوة زلزال شرق أوسطي: حرب الصيف بين إسرائيل وحزب الله.
• نحن نلتقي بعد خمسة سنوات من زلزال عالمي، فهجمات 11 أيلول... أمم العالم المتحضرة ماتزال تجاهد وتصارع من أجل صيغة صحيحة لمنع ودرء طوفان مدمر محتمل: امتلاك وحيازة آيات الله في إيران للأسلحة النووية.
• غايتنا أن نلقي نظرة على مسارح العمليات المتعددة للحرب العالمية ضد الإرهاب الجارية الآن، والحرب المعلنة بوساطة المتطرفين الإسلاميين ضد الغرب.. وهي حرب تأخذ أشكالاً مختلفة في أماكن مختلفة، في كابول، بغداد، بيروت، غزة، لندن، مدريد، بالي، أورشليم، وفي نيويورك. أحياناً يحارب الخصوم باسم التطرف السنّي وأحياناً باسم التطرف الشيعي.. وأحياناً هذان المتطرفان يوقفان القتال بينهما.. ويحاربان ضد الكافر، ومن الكافر؟ اليهود، الأمريكيون، والغرب عموماً.
• هدفنا فهم الجبهات المختلفة في هذه الحرب، وتحديد وصياغة وانتهاج الاستراتيجيات الفاعلة، من أجل كسب كل واحدة منها، وهذه ليست مهمة سهلة، وهذا هو السبب الكامن خلف مؤتمرنا هذا الذي نفتتحه بمداخلة المتحدث الرئيسي: فيليب زيليكوف».
فيليب زيليكوف، يعمل حالياً مستشاراً في الخارجية الأمريكية، ويعتبر من أبرز المستشارين ذوي ا لتأثير القوي في السياسة الخارجية الأمريكية، (كبير مستشاري الشؤون السياسية بالخارجية الأمريكية)، كذلك سبق أن عمل زيليكوف مديراً تنفيذياً للجنة التحقيق حول أحداث الحادي عشر من أيلول، وأيضاً مديراً لمركز ميلر للعلاقات والشؤون العامة التابع لجامعة فيرجينيا.
بداية محاضرة زيليكوف، أخذت أيضاً طابعاً غير عادي، لأنها كشفت عن مدى عمق التأثير العقائدي اليهودي على عملية صنع وتخطيط وتشكيل الإدراك الأمريكي إزاء قضايا الشرق الأوسط والأدنى.
بدأ زيليكوف قائلاً:
(لقد طلبتم مني الليلة أن أتحدث حول موضوع صغير يتعلق بـ«بناء الأمن في الشرق الأوسط الكبير».. وهي منطقة تبدو حالياً ملتهبة من البداية إلى النهاية، وبالتالي، أستحضر قول التلمود المأثور حول التلميذ الذي رغب أن يتعلم التلمود، وقال: «أيها الرابي، علمني التلمود بينما أكون واقفاً على قدم واحدة..» ثم بالطبع أجابه الرابي بكل لباقة، قائلاً: «افعل للآخرين نفس ما تريد أن يفعلوا لك...».
إن مناقشة مهمة بناء الأمن في الشرق الأوسط الكبير، في بضع دقائق هي أمر غير ممكن، وسوف أحاول القيام بذلك عن طريق تغطية عشرة نقاط، وقد أخذت عشرة نقاط كما تعرفون جميعاً فإن عشرة هو الرقم الذي له قوة روحية سريّة عندما تتم مناقشته في الشرق الأوسط –وصايا، الأسباط- وبالتالي فالنقاط عشرة.
• أولاً: تحديد مصادر عدم الأمن:
يقول زيليكوف إن الحداثة قد فرضت تحدياً على العالم العربي والإسلامي، وقد أوضح أن الحداثة تعني المؤسسات التجريدية الطابع، والثقافة المدنية، والمجتمع المدني الذي يدين بالطاعة والولاء للمفاهيم التجريدية، ونحن نقصد مجتمعاً يهيمن عليه الثبات، إزاء التغيير، فالمجتمعات العربية والإسلامية تقوم على مخزونات عميقة، من الإرث التقليدي، بحيث يكون الولاء للعائلة، العشيرة، القبيلة، وبالتالي فإن التغيير يمثل عاملاً مهدداً.
• ثانياً: نقاط ومناطق الاشتعال المستمرة:
يرى زيليكوف بأنها تتمثل في الصراع العربي- الإسرائيلي، وأيضاً هناك نقطة اشتعال تتمثل في مواجهة إيران للعالم العربي، والتي سوف ترجع للمقدمة مرة أخرى، وأيضاً هناك نقاط الاشتعال داخل البلدان المحددة، مثل لبنان والعراق.
• ثالثاً: الإرهاب كعامل للقسر والإرغام:
ويرى زيليكوف أن الإرهاب لا يمكن أن يكون وحدهن بل يرتبط بالقسر والإرغام، وهو مثل الحامض القوي التأثير، والذي يقوم بعملية انحلال وذوبان الروابط التي يقوم عليها تماسك المجتمع، لتضعف بعد ذلك وتنحل بشكل يؤدي إلى انحلال وتفكك المجتمع.
كذلك يرى زيليكوف بأن للإرهاب وجوهاً متعددة، ومن أبرزها ثلاثة على الأقل:
- الوجه الأول: القاعدة (وتمثل الاتجاه السنّي).
- الوجه الثاني متطرفي الشيعة، وبالذات المدعومين إيرانياً.
- الوجه الثالث: المتطرفون المحليون، والذين يتقاطعون مع شبكات الإرهاب العابرة للحدود من عدة جوانب وطرق، ومن أمثلة ذلك ارتباط شبكات التمرد في العراق مع الشبكات الخارجية الأخرى مثل القاعدة، وطالبان، وغيرها من تنظيمات شبكات آسيا، وآسيا الوسطى، وأفريقيا.
• رابعاً: اختفاء المساومات القديمة السابقة:
ويقول زيليكوف إن الكثير من الحركات والشبكات الإسلامية استطاع أن يتعايش مع العلمانية، كما في حالة مصر وتركيا، حيث فرض العلمانية على الحياة بوساطة الدولة، ولكن حالياً أصبحت عملية الفرض هذه تواجه وضعاً صعباً ومختلفاً إزاء مواجهة هذا النوع من الحركات الإرهابية، وحالياً حتى الحكومة السعودية نفسها تواجه مأزقاً في التعامل معها.
• خامسا: المثالية العملية التطبيقية:
وأشار زيليكوف إلى حديث كوندوليزا رايس، باعتباره يمثل مثالية تطبيقية، وقابل زيليكوف بين المثالية والواقعية، ورفض المقابلة بينهما، وقال بأنه من الممكن أن تكون أمريكا مثالية واقعية، وعملية في كيفية تطبيق قيمها (المثالية)، بـ(واقعية).. وبالنسبة للإدارة الأمريكية، رأى زيليكوف أن هناك:
- خطابات وتصريحات بوش في عام 2002م و2004م، وقد أدت إلى الانتقال باتجاه علاقات مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين.
- تحرير العراق، وما أدى إليه من تعزيز مشاركة الشيعة في السلطة.
- خطاب بوش في ولايته الثانية عام 2005م.
أبرز التطورات هي خروج سورية من لبنان، وما أدى إليه من قيام حكومة لبنانية أكثر تمثيلاً للشعب اللبناني عما كان من قبل، وماتزال هناك الكثير من التطورات والتغييرات التي سوف تجري وتأخذ طريقها حالياً.
• سادساً: تشكيل البيئة- مسلك الحرب العالمية على الإرهاب:
يرى زيليكوف أن تشكيل البيئة سوف يتم بوساطة مسلك الحرب على الإرهاب، والحرب ضد الإرهاب لا يمكن أن تنفصل عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن تنفصل ما نقوم به في غوانتانامو أو مع المعتقلين، عن السياسة الأمريكية والفرص في الشرق الأوسط.
وطالب زيليكوف بانتهاج سلسلة من الاستراتيجيات الجديدة، لمواجهة الإرهاب، والتي تركز على تغيير المؤسسات، والانتباه إلى دور ووظيفة الراديكالية الإسلامية المتطرفة، والرغبة في مواجهة الأفكار –الإسلامية- بشكل مباشر. وقد أبدى زيليكوف امتعاضه وعدم موافقته على تساهل الإدارة الأمريكية الجديد إزاء معتقلي غوانتانامو.
• سابعاً: إيران:
ويرى زيليكوف أن إيران تمثل مسألة مركزية في عملية التفكير إزاء وضع استراتيجية شاملة مكثفة متماسكة من أجل المنطقة: وهذه الاستراتيجية –برأي زيليكوف- تستلزم فهم أهمية الطموحات الثورية الإيرانية، باعتبارها تمثل تهديداً مركزياً ليس فقط على إسرائيل، وإنما على العالم العربي أيضاً، فإيران تريد تحدي الأمر الواقع، والمراهنة على الهيمنة من عدة جوانب وتفكيك وهدم ما هو قائم.
ويقول زيليكوف: يوجد الآن عدد من الناس يكتبون أن إيران أصبحت تشعر بالثقة وبأن الأمور أصبحت تعمل وفق ما تريده إيران، وبالنسبة لي كمؤرخ، أعتقد أنه من المفيد أن ننظر إلى الآفاق القادمة، فهناك دائماً لحظة ينظر فيها العدو عالياً بشموع عشرة أقدام، ثم بعد أشهر قليلة يمكن أن تصبح تسعة ونصف قدم. فإيران لها جوانب ضعف، وهي بالأساس ليست بلداً قوياً مزدهراً موحداً.. فهي تمثل مجرد قاعدة ضعيفة إزاء التصدي للمنطقة، ومن المفيد أن نضع ذلك في الاعتبار.
• ثامناً: لبنان:
ويرى زيليكوف أن الحكمة السائدة تقول حالياً إن حزب الله وإيران قد كسبا، وأن إسرائيل وأمريكا قد خسرا. وطالب زيليكوف بالنظر مرة أخرى على أساس أن: الموقف في تغيُّر، والوقائع الآن في مسار إذا استمرت عليه، فإنها سوف تكون مختلفة جداً خلال بضعة أشهر عما هي عليه الآن، وبالتالي فسوف يتغير ويتبدل معيار الحكمة السائدة الآن، والتي بدأت من أول 72 ساعة بعد تمرير القرار 1701.
ويرى زيليكوف  أن الهدف الرئيس للسياسة الأمريكية هو تغيير الأمر الواقع الذي أدى للحرب الأخيرة، وذلك حتى لا يؤدي لحرب أخرى مثلها على الأقل.
وأشار زيليكوف إلى الأولويات الاستراتيجية الأمريكية، والتي تهدف إلى تقبل الخطر المتعلق بالهجوم على إسرائيل من الجانب اللبناني.. بحيث لا يستطيع الطرف المهاجم أن يستخدم لبنان كـ(بروكسي) أو وكيل في مسرح الحرب، يستطيع من خلاله فتح جبهة هجوم ضد (فلسطين المحتلة).
وقال زيليكوف: إن القوات الدولية سوف تقوم بإنشاء منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان لحماية إسرائيل، كذلك رأى أيضاً أن الحدود اللبنانية السورية تمثل منطقة غير آمنة، وبالتالي يجب تأمينها.
وقال زيليكوف: إن حزب الله سوف يواجه معضلة جديدة، إزاء الخيارات الجديدة، وأيضاً قال: إن سوريا التي خرجت من لبنان العام الماضي، سوف تبقى خارج لبنان، ولا يمكن السماح لها باستخدام لبنان من أجل التفاوض على الجولان.
• تاسعاً: العراق:
قال زيليكوف: إن الاستراتيجية الأمريكية برغم أنها مختصرة، إلا أنه من الصعب تطبيقها، وهي تقوم على ثلاثة مرتكزات:
- الأمن وهو الأساس، وتمثل بغداد نقطة البدء فيه.
- الضغط بشدة من أجل عملية التسوية الوطنية بحيث يتعايش العراقيون مع بعضهم جنباً إلى جنب.
- تدعيم التوجه الدولي للاستثمار في العراق، وفقاً لشرط أن يتعايش العراقيون، على النحو الذي يوفر البيئة المناسبة للاستثمار الخارجي إلى أن يتدفق إلى داخل العراق.
وقد أبدى زيليكوف تشاؤماً من تداعيات العنف الدائر حالياً في العراق.
• عاشراً: إسرائيل وجيرانها:
حدد زيليكوف العناصر الأساسية للتحالف الذي يمكن أن يتصدى للمهددات والمخاطر وقال: إنها تتمثل في: الولايات المتحدة، الحلفاء الأوروبيون الرئيسيون، إسرائيل، والعرب المعتدلين الذين يسعون من أجل مستقبل حافل بالسلام، وقال: إنه من الممكن إطلاق تسمية تحالف البنائين عليهم، وليس مجرد تحالف الراغبين.. وقال: إن الطريقة التي يتم بها المحافظة على تماسك هذا التحالف تتوقف على الكيفية التي تتم بها مواجهة المسائل العربية- الإسرائيلية.
وختم زيليكوف حديثه قائلاً: إن هذه النقاط العشرة يمكن أن تساعد كثيراً في فهم توجهات الإدارة الأمريكية إزاء بناء الأمن في الشرق الأوسط الكبير.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...