الخطوط والملامح العامة المتوقعة لنهايات الحدث السوري
الجمل: انقضت أكثر من أربعة أشهر على بدء حركة الاحتجاجات السياسية السورية، وخلال هذه الفترة ظل الحدث السوري يأخذ مكانته متصدراً نشرات الأخبار وعناوين الصحف الرئيسية والفرعية، إضافة إلى انخراط معظم خبراء الشؤون الدولية والإقليمية والمحللين والمراقبين لجهة التعامل مع تطورات أحداث ووقائع الحدث السوري: على خلفية ما جرى خلال الأشهر الماضية، وما يجري حالياً، هل من الممكن ـ ولو ضمن الحد الأدنى ـ القيام بوضع ترسيمات يمكن من خلالها التعرف على خطوط وملامح تطورات وقائع الحدث السوري خلال الفترة القادمة؟
* توصيف الحدث السوري: ترسيم المعطيات الاحتجاجية
تنطوي عملية توصيف الحدث السوري، من خلال ترسيم المعطيات الاحتجاجية التي تشكل الجانب الجوهري في أدائه السلوكي، على المكونات الآتية:
• النطاق المكاني: رقعة سوريا إضافة إلى العواصم الرئيسية المعنية بالشأن السوري والشرق أوسطي.
• النطاق الزماني: توجد وجهتا نظر، الأولى تقول بأن الحدث السوري قد بدأت فعالياته في منتصف شهر آذار (مارس) 2011م الماضي، وهي وجهة النظر السائدة، وبرغم ذلك توجد وجهة نظر أخرى، تقول بأن الحدث السوري قد بدأ في نفس فترة بدء الحدث الاحتجاجي التونسي، وذلك عندما أقدم شاب سوري على حرق نفسه في إحدى مدن شمال شرق سوريا، تعبيراً عن الاحتجاج والتضامن مع الشاب الذي أحرق نفسه في مدينة سيدي بو زيد التونسية، ويتم تداول وجهة النظر هذه بين بعض سكان المنطقة الشمالية الشرقية، وتحديداً في القامشلي.
• الفاعلين: يوجد ثلاثة أنواع من الفاعلين، ويمكن الإشارة إليهم باختصار على النحو الآتي:
ـ المعارضة السورية: وتنقسم جهوياً إلى معارضة داخلية، ومعارضة خارجية، ونوعياً إلى عدد كبير من الفصائل والأحزاب ذات التوجهات المذهبية المختلفة والمتباينة، وتنقسم كمياً إلى حركة واحدة رئيسية هي حركة الإخوان المسلمين وحركات أخرى صغيرة متعددة.
ـ النظام السوري: ويضم جميع مؤسسات وأجهزة الدولة الفاعلة، إضافة إلى أنصار النظام والحزب الحاكم وحلفاءه.
ـ الأطراف الثالثة: وتنقسم إلى ثلاثة، الأول يتمثل في خصوم دمشق: إسرائيل ـ أمريكا ـ فرنسا ـ بريطانيا، والثاني يتمثل في حلفاء دمشق: طهران ـ موسكو ـ بكين، والثالث يتمثل في مجموعة المتأرجحين، الذين يعتمدون مواقفاً يتباين ظاهرها عن باطنها ومن أبرزهم: تركيا ـ السعودية ـ قطر.
* الفعاليات: وتنقسم إلى أربعة أنواع، هي:
• فعاليات داخلية، تهدف إلى رفع وتائر التصعيد الداخلي، وتتمثل في عمليات التعبئة والمظاهرات الصغيرة المحدودة التي ظلت طوال الأشهر الماضية تنطلق عقب صلاة الجمعة في بعض المساجد المنتشرة في أنحاء سوريا.
• فعاليات خارجية تهدف إلى مساندة التصعيد الداخلي، وتتمثل في عمليات الدعم التي ظلت تقوم بها بعض الأطراف الإقليمية والدولية، عن طريق المساندة الإعلامية المعنوية ـ تقديم الدعم المالي واللوجستي ـ محاولة استخدام منظمات المجتمع الدولي ـ إضافة إلى ممارسة العنف الرمزي الدبلوماسي ضد دمشق عبر إطلاق التصريحات المتواترة ذات المضمون السلبي الفاعل.
• فعاليات داخلية رسمية وشعبية، تهدف إلى الحد من التصعيد السلبي، إضافة إلى احتواء هذه التصعيدات، وتمضي هذه الفعاليات ضمن عدد من المسارات أبرزها: مسار المضي قدماً في إنفاذ عمليات الإصلاح على الأرض ـ مسار المضي قدماً في عمليات الحوار والتفاهم الوطني المنفتح ـ مسار حفظ الأمن والاستقرار وحماية المنشآت العامة ومنع عمليات التخريب والإضرار بالأرواح والممتلكات.
حتى الآن، ما زالت ماكينة الاحتجاجات السياسية السورية، مستمرة، ولكن، ضمن وتائر ثابتة، فهي ما زالت تعتمد بشكل رئيسي على حركيات ظهر الجمعة من كل أسبوع، وتحديداً بالانطلاق من بعض المساجد عقب صلاة ظهر الجمعة، إضافة إلى تنظيم بعض الفعاليات المتقطعة في بعض المناطق الريفية، وبرغم ذلك فما كان لافتاً للنظر ومثيراً للاهتمام هو اندلاع بعض مظاهر العنف المرتفعة الشدة في مناطق مثلث جسرالشغور ـ معرة النعمان ـ إدلب، إضافة إلى مدينة حماة وحمص وتل كلخ وبانياس ودرعا.
* واقع الحدث السوري: إشكاليات عقدة مفترق الطرق
تشير حركية تطورات الأحداث والوقائع إلى أن فعاليات الحدث السوري قد وصلت إلى نقطة مفترق الطرق، وتتمثل هذه النقطة في الآتي:
• استمرار فعاليات المعارضة الاحتجاجية برغم عدم قابلية إحراز المزيد من التوسع وضم الكتل والأطراف الداخلية الجديدة.
• استمرار فعاليات الحوار الوطني التفاهمي المصحوب بالمضي قدماً في إجراء الإصلاحات برغم رفض بعض عناصر المعارضة المشاركة في هذه الفعاليات.
• استمرار الأداء السلوكي المتعاكس بين أطراف دولية تسعى إلى استهداف دمشق، وأطراف دولية ترفض استهداف دمشق.
وتأسيساً على ذلك، يمكن ملاحظة الآتي:
• إشكالية استمرار الفعاليات الاحتجاجية في ظل محدودية المشاركة.
• إشكالية استمرار الفعاليات الحوارية في ظل امتناع بعض أطراف المعارضة.
• إشكالية مخاطر المواجهات الدبلوماسية الدولية في ظل تزايد حدة اعتماد المواقف المتعاكسة.
في ظل استمرار هذه الأوضاع والإشكاليات القائمة، من المتوقع أن تأخذ فعاليات الحدث السوري، نفس طابعها الرتيب المتكرر الإيقاع الذي ظل سائداً طوال الأشهر الماضية.
* الحدث السوري إلى أين: أبرز السيناريوهات؟
سعت تحليلات العديد من مراكز الدراسات الأمريكية والأوروبية الغربية لجهة الامتناع عن محاولة ترسيم سيناريوهات مستقبل الحدث الاحتجاجي السوري، وبدلاً عن ذلك ركزت الأغلبية العظمى من هذه المراكز على سيناريو وحيد الاتجاه، والذي يعتمد رهان "انهيار دمشق". ومن الواضح أن عامل التحيز الأمريكي ـ الأوروبي الغربي المرتبط بإسرائيل هو العامل الرئيسي الذي دفع هذه المراكز إلى اعتماد هذه المقاربة دون سواها، وبرغم ذلك، يمكن الإشارة إلى المقاربة السيناريوية التي وضعها كريستوفر فيليبس خبير الشؤون الشرق أوسطية البريطاني، والذي حدد أربعة سيناريوهات متوقعة الحدوث، ويمكن الإشارة إليها على النحو الآتي:
• سيناريو نجاح دمشق في القضاء على الاحتجاجات: وهو سيناريو ممكن الحدوث، ولكنه يمكن أن ينطوي على الآتي:
ـ إجراء الإصلاحات بمصداقية عالية، بما يؤدي إلى كسب ثقة المحتجين، ويدفعهم إلى الكف عن الاحتجاجات.
ـ استخدام القوة في قمع الاحتجاجات، بما يؤدي إلى كسر قوة المحتجين، ويدفعهم إلى الشعور بالضعف والتراجع.
• سيناريو قيام دمشق بتقديم التنازلات والمزايا ضمن حدود معينة: وهو سيناريو ممكن الحدوث، ولكنه يمكن أن ينطوي على الآتي:
ـ تقديم التنازلات ضمن حجم ونطاق محدد تتوافق عليه الأطراف، بشكل مرضي للمعارضة ومقبول لدمشق.
ـ قبول المعارضة بالمزايا والتنازلات سوف يرتبط حصراً بإدراك المعارضة وحلفاءها الخارجيين بأن المضي قدماً سوف لن يجدي وعلى وجه الخصوص إذا برزت المزيد من عمليات انسحاب المحتجين من المشاركة في المواكب الاحتجاجية.
• سيناريو المواجهة المسلحة: وهو سيناريو ممكن الحدوث، ولكنه ينطوي على الآتي:
ـ توافر قدر كبير من طاقة الكراهية والرغبة المتبادلة في القضاء على الآخر.
ـ توافر قدر كبير من المواقف المتصلبة، بحيث تسعى المعارضة إلى رفض كل جهود دمشق الإصلاحية. وتمضي لجهة التخلي عن استخدام المواكب الاحتجاجية واللجوء لاستخدام السلاح.
ـ توافر الرغبة في أوساط أنصار المعارضة لجهة حمل السلاح والانخراط في المواجهات.
• سيناريو انهيار دمشق: وهو سيناريو ممكن الحدوث، ولكنه ينطوي على الآتي:
ـ توافر الإجماع السلبي الكامل في أوساط الرأي العام الداخلي.
ـ توافر الإجماع السلبي الكامل في أوساط المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية والمؤسسة الشرطية.
ـ توافر الإجماع السلبي الكامل في أوساط أنصار دمشق لجهة الرغبة في التخلي عن مساندتها.
على أساس الاعتبارات التقييمية لهذه السيناريوهات، يمكن ملاحظة أن الأكثر احتمالاً لجهة الحدوث يمكن أن يتمثل في الآتي:
• سيناريو نجاح دمشق في القضاء على الاحتجاجات، وتحديداً ضمن الصيغة التي تتضمن إجراء الإصلاحات بمصداقية عالية تتيح لدمشق كسب ثقة المحتجين.
• سيناريو قيام دمشق بتقديم التنازلات والمزايا ضمن حدود معينة، وذلك ضمن صيغة تحفظ توازن الحقوق والواجبات بين الأطراف، ولكن هذا السيناريو رهين بمشاركة المعارضة بالفعالية المطلوبة في مؤتمر الحوار الوطني.
أما بالنسبة لسيناريو المواجهة المسلحة، وسيناريو انهيار دمشق، فهما مجرد سيناريوهات افتراضية نظرية، وحالياً تشير المعطيات الجارية إلى أن حدوث أي واحد من هذين السيناريوهين هو أمر غير ممكن، حتى لو استمرت فعاليات الاحتجاجات الجارية بشكلها الحالي لثلاثة أعوام قادمة على الأقل، وإضافة لذلك، فإن عدم مصداقية الرهان على سيناريو المواجهة المسلحة، وسيناريو انهيار دمشق مصدرها الأساس، عدم وجود أي مؤشرات في أوساط الرأي العام السوري تفيد لجهة وجود أي رغبة في خوض هذا النوع من المواجهات إضافة إلى أن عدم مصداقية الرهان على سيناريو انهيار دمشق مصدرها الأساسي، قدرة دمشق الحالية على حشد وتعبئة أنصارها بمعدلات تفوق قدرة خصومها المعارضين. إضافة إلى قدرة دمشق لجهة الحفاظ على تماسك القوام المؤسسي على مستوى جميع أجهزة الدولة الرسمية. وهي قدرة مصحوبة بعدم قدرة خصوم دمشق المعارضين على القيام بأي عمليات اختراق تتيح لهم فرصة تقويض تماسك دمشق.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
السيناريو الثالث
في الظل والعلن
اول خريطة مع لواء
خارطة سورية من دون اللواء
سوريا اليوم تناشد أهلها
نحن ابناء سوريا الاسد وسنبقي جند اوفياء للوطن
معارضة؟
دراسات ،،،؟؟؟
لا يمكن للمد أن يحتل الشاطئ
وقود الثورة
التاريخ يعيد نفسه وما تتعرض
الله يحمي سوريا من الظالمين الذين طغو فيها و فرقو اهلها
إضافة تعليق جديد