الجيش يتقدم شمالا وجنوبا والغرب خائف من عودة وحوشه من سورية
لم تكد الانتخابات الرئاسية السورية تنتهي حتى انفجر الوضع بشكل كبير على محور المليحة في ريف دمشق، حيث أطلق الجيش السوري عملية عسكرية واسعة لقطع احد أهم شرايين الدعم للمسلحين في هذه المنطقة، في موازاة تقدمه في ريف حلب، حيث شدد الخناق على الأحياء التي يسيطر عليها المسلحون داخل المدينة، التي تلوح في افقها أزمة مياه، بعد تعرض خطوط الجر إلى أضرار كبيرة جراء التفجيرات.
في هذا الوقت، دافعت موسكو وطهران عن الانتخابات السورية وفوز الرئيس بشار الأسد بولاية رئاسية جديدة، واعتبرتا أن السوريين اختاروا مستقبل بلادهم، فيما وصفها «الائتلاف الوطني» المعارض بأنها «غير شرعية»، مؤكدا استمرار «الثورة»، في حين رأت لندن أنها تمثل «إهانة للسوريين».
وفي بلدة المليحة في الغوطة الشرقية (ريف دمشق) اهتزت صفوف مسلحي المعارضة . في الأيام الماضية، وجهوا نداءات استغاثة تحت عنوان: «إذا سقطت المليحة تسقط الغوطة». لكن هذه النداءات لم تنفع. فليل أول من أمس، قُطعت طرق الإمداد عن البلدة، بهجوم وحدات الجيش ومقاتلي حزب الله على مواقع المسلحين عبر محورين، فعزلت المنطقة من جهة جسرين وزبدين. وانقطعت إثر ذلك كل خطوط الإمداد، وقد فرّ جزء من المسلحين، لكن القتال استمر ليلاً وطيلة يوم أمس.
وتبدو عودة البلدة كاملة إلى قبضة الجيش السوري «مسألة ساعات فقط»، بحسب أحد القادة الميدانيين حيث قال : بالتزامن مع معارك منطقة القلمون في الريف الشمالي لدمشق، والمحاذي للحدود اللبنانية الشرقية، انسحب عدد كبير من المسلحين وتحديداً من مدينة رنكوس من جبهة النصرة والجبهة الإسلامية في اتجاه الغوطة الشرقية، وتمركزوا تحديداً في المليحة». في موازاة ذلك، اتّجهت إلى المليحة أيضاً جماعات مسلحة من عدرا، حيث «خفّ جهدهم العسكري بعدما أجهضت خططهم في الغوطة؛ التي كان آخرها محاولتهم العودة واقتحام العتيبة ومحيط المطار». إذاً، انتقل إلى المليحة عدد كبير من المسلحين ذوي الخبرة. في المقابل، كان مخطط الجيش والقوى الرديفة له «استنزاف أكبر عدد منهم (المسلحين) في هذه البقعة، وهذا ما حصل فعلاً. إذ بلغت حصيلة قتلاهم أكثر من 300، بينهم أكثر من 25 قيادياً»، بحسب المصدر نفسه. ويصف القائد الميداني هذه المعركة بمعركة «كسر الإرادات»، فالمسلحون «أصروا على متابعة هذه المعركة، صمدوا وقاتلوا واستنزفوا».
وكان الجيش قد بدأ العملية العسكرية في المليحة منذ أكثر من شهرين عبر ثلاثة محاور، الأول من الجهة الشرقية، عبر شبعا، والثاني من الوسط حيث الكتل العمرانية، والثالث من الجهة الغربية من ناحية جرمانا.
ويتوقع أن تأخذ معركة الغوطة الشرقية منحى جديداً بعد استعادة المليحة من قبل الجيش. وسيؤدّي ذلك حكماً الى انهيار بلدات مجاورة لها في الأسابيع المقبلة، «وأولاها دير العصافير، لأنها ستصبح بحكم الساقطة». إضافة إلى أنه «سيقطع الطريق الرئيسي الخلفي الذي يربط قرى الغوطة الشرقية بعضها ببعض. وستكون مدينة دوما، معقل جبهة النصرة وجيش الاسلام، ومكان قياداتهم تحت تأثير التهديد المباشر للجيش السوري». كذلك سيرتاح أهالي جرمانا حتماً من عشرات قذائف الهاون التي تمطر المدينة يومياً من المليحة. ويؤكّد القائد أنّ «استعادة المليحة سيكون لها تأثير على حسم معركة جوبر، المنفذ الأقرب الذي يهدّد العاصمة... وسيتّجه المسلحون بعدها الى جسرين وسقبا وعربين، وصولاً إلى دوما».
وأغار الطيران بالتزامن على منطقة جوبر، ما أدى إلى مقتل سبعة مسلحين، فيما ردت المجموعات المسلحة بقصف احياء المزة 86 وشارعَي بغداد والمالكي في العاصمة دمشق.
إلى ذلك، قال مصدر عسكري رسمي إن الجيش أحكم سيطرته على بلدة الثورة المتاخمة لمدينة الكسوة في جنوب دمشق التي تطل على طريق درعا الدولي.
من جهة ثانية، كشف مصدر متابع لملف المياه أن مدينة حلب باتت «على شفير أزمة إنسانية جديدة تهددها بالعطش، بعد تعرض خطوط المياه الرئيسية لأضرار كبيرة، إثر تفجير نفق مفخخ وقع بالقرب من محطة ضخ المياه الرئيسية في حلب».
وعلى صعيد العمليات العسكرية في حلب، كشف مصدر عسكري أن قوات الجيش و«الدفاع المحلي» أحكمت سيطرتها على قرى عدة في جنوب حلب، بالإضافة إلى تلال إستراتيجية وكتيبة دفاع جوي في منطقة عزان، وقرى عبطين ورسم الشيح وكفرعبيد وبلاس وصولاً إلى مشارف منطقة الزربة غربا التي تعتبر أولى نقاط العبور على طريق حلب - دمشق الدولي، المغلق منذ أكثر من عام.
وقال المصدر العسكري إن من شأن سيطرة الجيش على مجموعة القرى في الريف الجنوبي وصولاً إلى الغرب إحكام الطوق الذي بات يفرضه الجيش على مدينة حلب، وذلك لضمان حصار المسلحين داخل مدينة حلب وعزلهم عن الريف.
إلى ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، ان «مقاتلي جبهة النصرة والكتائب الإسلامية انسحبوا من كامل الريف الغربي لمدينة دير الزور (خط الجزيرة) ليعود مجدداً تحت سيطرة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، فيما تدور اشتباكات عنيفة بين الدولة الإسلامية من جهة ومقاتلي «النصرة والكتائب الإسلامية في محيط بلدة الشولا جنوب غرب مدينة دير الزور».
من جهة ثانية، قررت أوروبا، المتخوفة من عودة «جهادييها» من سوريا، تضييق الخناق على المتشددين الإسلاميين، وذلك من خلال إعداد سلسلة إجراءات ملموسة للتعرف على متطرفين أوروبيين ذهبوا للقتال في سوريا ومنعهم من ارتكاب اعمال عنف في دولهم التي انطلقوا منها.
وقال المنسق الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيل دو كيرشوف انه تم تحديد سلسلة إجراءات «للرصد والوقاية والردع» في اجتماع عمل في لوكسمبورغ بين وزراء داخلية تسع دول هي: بلجيكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا والدنمارك والسويد والنمسا.
ويتمثل الهدف في تحسين إمكانات التعرف إلى المرشحين المستعدين للتوجه إلى سوريا للقتال، وتعميم هوياتهم على دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وجعل مغادرتهم صعبة ومتابعتهم بعد عودتهم مع احتمال توقيفهم.
وأشار دو كيرشوف إلى أن ضرورة احترام التوازن بين الدواعي الأمنية والحريات المدنية تفرض إجراء اختبار لفعالية الإجراءات التي تم اعتمادها، غير أن أجهزة الاستخبارات لا ترغب في كشف مصادرها.
وستعقد مجموعة عمل بعد عشرة أيام لإجراء فحص تقني لهذه الإجراءات والآليات التي ستطبقها الأجهزة الأمنية.
وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي مازيير: «علينا أن نقرر بسرعة ما نحتاجه واتخاذ قرارات لأن خطر التطرف الإسلامي أصبح حقيقيا»، فيما قال نظيره الاسباني خوسيه فرنانديز دياز: «يجب ألا نستفيض في توضيح الإجراءات التي نبحثها لدواع أمنية، لكنها إجراءات عملانية على علاقة بنظام معلومات شنغن وجمع المعطيات عن المسافرين جوا».
وكالات
إضافة تعليق جديد