إسرائيل: القلق الأساس من لبنان وسوريا
في سلسلة مقابلات مع عدد من وسائل الإعلام الإسرائيلية تنشر اليوم، كشف رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بني غانتس عن عدة جوانب مهمة. فقد اعترف ضمنا بأنه لا يعلم شيئا عن مصير القائد العام لـ«كتائب عز الدين القسام» محمد ضيف، مشددا على أن ما يمنع نشوب حرب جديدة في قطاع غزة هو تقديم تسهيلات واسعة لسكانه.
وأعلن غانتس أن الجيش الإسرائيلي انتصر في حربه الأخيرة على غزة، ولا جدال في ذلك، رغم أن المعركة طالت «أكثر مما أردنا». واعتبر أنه رغم ما جرى في غزة فإن مصدر القلق هو الجبهة الشمالية و«حزب الله» فضلا عن ميزانية العام 2015. وقال إن «المجتمع الإسرائيلي يكاد ينتحر وهو يضحي بالجيش الإسرائيلي».
وكانت صحيفة «ماكور ريشون» اليمينية أول من سأل رئيس الأركان: محمد ضيف حي أم ميت؟ وبدلا من أن يرد صراحة اختار لغة الألغاز، فقال «أعتقد أنه معنا، يتجول معنا في مكان ما، وتقديري أنه موجود في مكان ما».
كما سألته عما إذا كان وزير الدفاع أثناء الحرب على غزة رأى في عيني رئيس الأركان رغبة في الإطاحة بحركة «حماس» أم رغبة في احتواء الهجوم في الجنوب. ورد غانتس على ذلك بالقول إن «الموضوع أكثر جدية من رؤية عيني رئيس الأركان. وقد دارت بيني وبين رئيس الحكومة ووزير الدفاع أيام وساعات من المباحثات، نقاشات معمقة، حول معنى كلمة الإطاحة ومعنى الحسم، وما هي العمليات الواجب تنفيذها. هذا المثلث عمل بالإجمال بشكل جيد، ليس من دون جدالات، ليس من دون آراء مختلفة هنا وهناك».
واعترف غانتس، في مقابلته مع «والا»، بأن الحرب على غزة طالت «بالتأكيد أكثر مما أردنا. فقد كانت معركة طويلة». وأوضح أن الانتقادات التي وجهت له من جانب بعض الوزراء «لم تمر بجوار أذني، وقد أفلحت في التصرف رغم ذلك».
وأشار، في مقابلته مع «معاريف»، إلى أن «الجيش عمل بمسؤولية، بمبادرة، بإخلاص وعزم، من أول الجنود، أنا في هذه الحالة، وحتى آخرهم. أنا رئيس الأركان وأنا لا أعطي علامات للمستوى السياسي. ولا أشعر بالإهانة ولا أريد التعامل مع التفسيرات».
وفي مقابلته مع «هآرتس» شدد غانتس على تقديره أن في نتائج الحرب على غزة «احتمالا لسنوات طويلة من الهدوء، إذا عرفنا كيف نتصرف بحكمة». وأشار إلى أنه رغم النصر الإسرائيلي فإن ضمان الهدوء لفترة طويلة مع «حماس» مشروط بترسيخ «أساس اقتصادي يدعم إنجازات القتال»، موضحا أن «حماس، بوضعها الراهن، لن تهرع لتوتير الوضع الأمني ضدنا. فشعورها بالأهلية تضرر. وقد فُقدت ممتلكات، أنفاق، وصواريخ». ومع ذلك فإن الهدوء في نظره مشروط «بالجزرة» التي ستنالها «حماس»، أي بالتسهيلات الاقتصادية التي ستمنح لغزة.
ومعروف أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية، برعاية الأمم المتحدة، اتفقتا مؤخرا على آلية لمراقبة البضائع ومواد البناء للقطاع. ويقول غانتس انه «ينبغي الحرص على ذلك، والتصرف بشكل متزن.. ينبغي السماح بفتح القطاع أمام البضائع. في النهاية هناك 1.8 مليون نسمة، ومصر وإسرائيل تحيطان بهم. هؤلاء الناس بحاجة للحياة. أنا مع أن يكون هذا الميزان يميل ذرتين باتجاه الأمل بدلا من اليأس. هذا في نظري مفتاح النجاح».
وأضاف أن الصورة الكلية للوضع الإقليمي في العام 2015 تشبه كثيرا صورته في العام الماضي. وبحسب كلامه «فإننا لا نتوقع حربا يبادر اليها أحد ضدنا في السنة المقبلة، لكن يمكن أن يحدث تدهور نتيجة أحداث موضعية»، كما حدث هذا العام مع قطاع غزة. وأضاف أن «حزب الله وحماس على حد سواء لا يريدان حاليا فتح حرب معنا. فلأعدائنا حاليا تحديات أخرى. لكن عدم الاستقرار هو ما يجعلنا غير واثقين بأننا لن نحارب في لبنان في العام 2015».
وأشار إلى الذعر الذي دب في المنطقة جراء نجاحات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» - «داعش» فقال إنه «في كل مرة يلتقون فيها بقوة عسكرية منظمة، عازمة وموحدة، وليس منظومة تتفكك، فإنهم يهزمون. لدينا رد على داعش».
وقال في لقائه مع «والا» ان العام الحالي كان عاما بالغ الصعوبة وكثير التحديات. وشدد على أن سوريا ولبنان في العام المقبل هما مصدر القلق الأمني الأساس لإسرائيل. وفي مقابلته مع «يديعوت» قال إن الخطر المحتمل من لبنان أكبر بكثير من الخطر من غزة، مضيفا أن «الخطر الممارس على الإسرائيليين من لبنان أكبر بكثير من غزة. إذاً، هل لي أن أسافر على عجل للقدس لأوصي بمهاجمة لبنان؟ ينبغي لنا أن نعرف كيف ندير المخاطر».
وأبدى غانتس قلقه إزاء مستقبل الجيش الإسرائيلي في السنوات المقبلة في ظل الخلاف حول ميزانية الدفاع. وقال انه في ضوء المخاطر الأمنية المستقبلية، وفي ظل تآكل ميزانية الدفاع، «فإنني ببساطة قلق من الرد الأمني الذي سيتوفر». وأعلن أن الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى مليارات الشواقل الأخرى. وقال ان النقاش حول ميزانية الدفاع «مقلق جدا»، إذ ان «الفجوات بيننا أكبر مما اتفق عليه. وأنا أرى التحديات المقتربة منا، وإذا لم نفلح في الحفاظ على الرجال الجيدين، ولم ننجح في الحفاظ على الجاهزية، ففي المرة المقبلة حين يحتاج الناس للجيش الإسرائيلي فسيجدونه، لكننا سنوجد بمستوى ليس الأصوب، ولا مع الناس الأفضل».
وحذر في مقابلته مع «يديعوت» من أن الانتقادات لرجال الخدمة النظامية قبل الحرب على غزة كادت تشكل خطرا حقيقيا. وقال «تقريبا كادت تقع كارثة في العام الماضي. لقد وقع ضرر هائل. المجتمع الإسرائيلي شبه انتحر، وضحى بهذا الشيء المسمى الجيش الإسرائيلي».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد