الشرع يلتقي لجنة مراسلي الإعلام الخارجي
الجمل-سعاد جروس : التقى السيد فاروق الشرع نائب رئيس الجمهورية أمس بحضور الدكتور محسن بلال وزير الاعلام عددا من مراسلي وسائل الإعلام العربية والعالمية المعتمدين بدمشق. وجاء هذا اللقاء كأول نشاط للجنة مراسلي الإعلام الخارجي التي تم تشكيلها في 16/ 10/ 2006 بناء على قرار من المكتب التنفيذي في اتحاد الصحافيين إلى جانب عدة لجان أخرى تسد الفجوة في الحياة النقابية الصحافية بعد التغييرات الكثيرة التي استجدت على الساحة الإعلامية السورية خلال السنوات الست الأخيرة، كظهور عدد من الإذاعات والصحف والمجلات الخاصة ، وتكاثر عدد المواقع والصحف الالكترونية . وتعتبر مبادرة اتحاد الصحافيين باتجاه تشكيل هذه اللجان من ضمن السياسة الجديدة للاتحاد بعد تغيير رئاسته حيث استلم الزميل رئيس صحيفة البعث الياس مراد موقع نقيب الصحافيين كما تغير عدد من أعضاء المكتب التنفيذي نتيجة الانتخابات الأخيرة، وجدير بالملاحظة أن لجنة المراسلين المؤلفة من سبعة زملاء هم عساف عبود مراسل الـ( بي بي سي) رئيساً للجنة، صفاء محمد مراسلة قناة الـ (أ أم بي ) نائباً لرئيس اللجنة، شعبان عبود مراسل النهار أمين سر اللجنة، نضال حميدي مراسل قناة (الإخبارية) أمين صندوق، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء بارعة ياغي مراسلة (الوطن السعودية) و إبراهيم حميدي مراسل (الحياة) سعاد جروس مراسلة الكفاح العربي ومديرة تحرير جريدة الجمل.
وتهدف اللجنة بحسب قرار المكتب التنفيذي إلى رعاية شؤون المراسلين ومتابعة قضاياهم في وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين .وقال رئيس اللجنة عساف عبود لـ (الجمل) أن الهدف من تشكيل اللجنة هو بلورة عمل مؤسساتي يضم المراسلين ويرعى شؤونهم وينقل مقترحاتهم إلى الجهات المعنية عبر فتح قنوات مع مواقع القرار السياسي في سوريا، وبما يمكنهم من القيام بمهمتهم الإعلامية بالشكل الأمثل ، وتمكينهم من نقل حقيقة الموقف السوري حيال المستجدات على الساحتين الداخلية والخارجية بالإضافة إلى نقل صورة متوازنة عما يجري في البلاد. كما تهدف اللجنة إلى تعويض الغياب الطويل للعمل الجماعي المؤسسي فيما يخص عمل المراسلين ،حتى أن تسميتهم في النظام الداخلي للاتحاد ورد تحت بند متفرقات. وفيما يخص نشاط اللجنة قال عساف عبود أنها تكاد تكون الأنشط بين اللجان الأخرى حيث تم عقد خمسة اجتماعات جرى خلالها توزيع المهام على الزملاء أعضاء اللجنة كما نوقش وضع نظام داخلي خاص بها سيتم عرضه على الاتحاد للتوصل إلى صيغة مؤسساتية تنظم عمل المراسلين في سوريا، كما قامت اللجنة بعدة نشاطات اجتماعية من بينها إقامة حفل تكريم لأحد الزملاء العرب بعد انتهاء مهامه في سوريا، وجاء اللقاء مع السيد نائب الرئيس الأستاذ فاروق الشرع بمثابة الدعم لهذه اللجنة ولعملها ولإعطاء مزيد من الدفع نحو تحمل مسؤولياتها بجدية، ولفت عبود إلى أنه لولا حماس وتشجيع السيد وزير الإعلام الدكتور محسن بلال لما تم هذا اللقاء، حيث لمسنا لديه تجاوباً حقيقياً لتقديم كل ما يلزم للارتقاء بعمل المراسلين، واعتبر عبود هذا اللقاء خطوة أولى نحو لقاءات أخرى لاحقة نتمنى لها أن تكون على ذات السوية من النجاح.
وقد عبر بعض الزملاء المراسلين عن شكرهم للسيد نائب الرئيس على حسن استقباله وسماعه لهم ورحابة صدره لاستماعه لعرض مشاكلهم المتعلقة بالجوانب الإجرائية، كما شكروا جهود السيد وزير الإعلام على اهتمامه ورعايته متمنين أن يؤسس هذا اللقاء للقاءات أخرى تشرح لهم المواقف السورية حيال ما يجري من أحداث. حيث عرض الشرع خلال رده على أسئلة المراسلين تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية ومواقف سورية إزاءها وخصوصا التطورات في فلسطين والعراق ولبنان والمحكمة الدولية والتضامن العربى والعلاقات السورية مع كل من السعودية وروسيا والولايات المتحدة ودول الخليج العربى والاردن والعلاقات السورية الأوروبية واتفاقية الشراكة بين سورية والاتحاد الأوروبي والعلاقات العربية الإيرانية والسياسة الأميركية في المنطقة ودورها في تعثر عملية السلام.
كما وعد بالنظر في مطالب المراسلين والتنسيق مع وزارة الإعلام ، التي وعدت بتلقي مقترحاتهم ومطالبهم، وبحث السبل الكفيلة بمساعدتهم على أداء مهمتهم الإعلامية.
وشغل الشأن السياسي الجزء الأكبر من مناقشات الاجتماع الذي استمر لمدة ساعة ونصف تقريباً، بدا خلالها الشرع مرتاحاً وجاءت إجاباته أقرب إلى عرض سياسي شامل .
وكانت البداية من الأزمة اللبنانية ووجهة النظر السورية بإنشاء المحكمة الدولية فقال الشرع أن "الولايات المتحدة هي التي تمنع حل الأزمة الحالية في لبنان"، وأن هناك أطرافا لبنانية تستغل المحكمة الدولية لتستخدمها في الاستهداف السياسي.وليس للتوصل الى الحقيقة فنحن لا نوافق على هذا الاستهداف لاننا نريد التوصل الى الحقيقة، وكل من يركز على الجانب الاستهدافي، الذي يأتي من وحي خارجي، هو غير مخلص لقضية الحريري بكل تأكيد".
وعن انعكاس العلاقات السورية ـ السعودية على الساحة اللبنانية، ومستوى الاتصالات بينهما راهناً، وضح الشرع أنه لا يمكن الحكم على العلاقات التاريخية السورية -السعودية من خلال فترة زمنية قصيرة . الجزء الأكبر من هذه العلاقات كان بمستوى الممتاز اذ شمل كل مناحي العلاقات التي تتمناها أي دولتين فيما بينهما: سياسيا واقتصاديا وتجاريا وثقافيا وسياحيا". مذكراً "بوجود تعاون كبير وواسع منذ توقيع اتفاق الطائف والمرحلة التي سبقت الاتفاق وأعقبته". مؤكدا "استمرار التشاور حتى الان بين البلدين، صحيح انه متقطع لكنه موجود... لا شك في أن العلاقات السورية – السعودية مهمة لنا ولغيرنا ولاستقرار المنطقة ومهم لمنع محاولات خطيرة تستهدف إثارة فتن في المنطقة، يترتب على هذه الفتن تقسيم المنطقة وشرذمتها". وخلص إلى أن"العلاقة بين البلدين، إذا أضيفت إليها مصر وإيران، هي الضمان لاستقرار الشرق الأوسط، وأي تفكير آخر لن يؤدي إلى ضمان حقيقي".
وعن التصور السوري لإيجاد حل للأزمة في لبنان قال:"لدي اقتناع ان كل القضايا في المنطقة مترابطة، من العراق الى لبنان وفلسطين، واللاعب الاساسي هو الولايات المتحدة ". وأضاف: "اقول ويا للأسف ان هناك مشروع أميركي لاستهداف وحدة هذه المنطقة وتعايش شعوبها وتحقيق السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط"، وضرب أمثلة على هذا الاستهداف الأميركي، منها ان "عدم دعم الإدارة الأميركية لكل الأطراف اللبنانيين المتنازعين معناه أنها تدعم طرفا ضد طرف، وهي لا تريد الاستقرار وتدفع بعض الأطراف إلى اتخاذ مواقف متشنجة لتوتير الأجواء، والولايات المتحدة لا تقف على مسافة واحدة من كل اللبنانيين وهذا سبب الاستعصاء وعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية". ورأى ان "الديموقراطية في لبنان تختلف عن الديموقراطية في الغرب ، فديموقراطية لبنان توافقية، لا يمكن فيها تجاهل أي طرف، أي أن الحكومة لكي تنجح وتستطيع ان تعالج المشاكل الأساسية في البلاد، يجب ان تستند إلى وفاق وطني"، موضحا انه "في فلسطين يفعلون الشيء نفسه، يؤيدون طرفا ولا يؤيدون الطرف الآخر، بل يعاقبون الطرف الآخر من خلال التجويع والحصار". وشدد على "أن السلام لكي يتحقق في فلسطين، يجب ان يتم مع الطرف الفلسطيني الموحد"، وتساءل: "كيف يمكن تحقيق سلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين اذا كان الجانب الاميركي منحازا الى طرف فلسطيني ضد آخر، واذا كان منحازا بشكل كبير الى اسرائيل؟".
وعن المشاركة السورية في مؤتمر مدريد القادم خصوصاً ان هناك مشاركة اسرائيلية، أوضح ان "المشاركة السورية ليست رسمية، والمشاركون ليسوا رسميين، وسوريا تشارك تلبية لدعوة من دولة صديقة هي اسبانيا".
ولم يتوقع من اللقاء "ان يخرج بشيء عملي، فسوريا ستطرح موقفها في هذا المؤتمر، لكنها لن تشارك في نشاطات أخرى تتطلب اتصالاً مباشراً، لان هذا المؤتمر غير رسمي ويجب أن يؤخذ في الاعتبار ان سوريا تطالب باستثناف مفاوضات رسمية وليس مفاوضات غير رسمية، واذا وجدت ورش عمل اعتقد إن سوريا لن تشارك فيها، اذا كان هناك مسؤولون اسرائيليون".
وحول مستقبل العلاقة بين دمشق وواشنطن بعد صدور تقرير بايكر – هاميلتون، قال ان "هناك محاولة للقفز والالتفاف على هذا التقرير من الإدارة الأميركية، ولم يتوقع أن تكون إستراتيجية بوش ـ التي اعلن عنها بعد ساعات ـ ايجابية بالضرورة ، لافتاً الى ان " مجرد زيادة عديد القوات الاميركية في العراق نحو 20 الفاً يعني أن بوش تجاهل تقرير لجنة بيكر ـ هاملتون، وهذا ليس ايجابياً ، لاننا نريد إنهاء الحرب وليس تصعيدها، وهو بمثابة صب الزيت على النار... وأن الحل العسكري غير مجد وأن الحل السياسي هو الحل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الخطيرة". وحول إمكانية العودة الى مفاوضات السلام توقف الشرع عند "العدوان الإسرائيلي على لبنان وعدم وقف النار الا بعد 33 يوماً كان بطلب أميركي أكثر مما هو رغبة إسرائيلية، لان الإسرائيليين كانوا في حال ارباك، وجزء من الارباك هو الطلب منهم الاستمرار في حرب لم يرغبوا في الاستمرار فيها"، لذا "لا مسؤول إسرائيلي يوافق على عملية سلام مع سوريا من دون موافقة اميركية. لاننا لا نعتقد ان هناك دعوة الى المفاوضات من دون موافقة اميركية وضوء اخضر اميركي... كيف يمكن ان يقدم اي اسرائيلي على القيام بعملية سلام تغير وجه المنطقة من دون موافقة اميركية، اذا لم يأخذ بوش بتقرير بايكر – هاميلتون، لا سلام في المنطقة".
وسئل الشرع عن علاقات سوريا بكل من ألمانيا وفرنسا ومستقبل اتفاق الشركة السورية – الاوروبية، افاد الشرع ان "الفتور في العلاقة السورية – الالمانية كان سببه فرنسا، وليس كل فرنسا بل الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحديدا"، لافتا الى ان "التعليمات تأتي بألا تكون هناك علاقات بين فرنسا وسوريا من شخص واحد في فرنسا". واوضح ان "السفير الفرنسي الجديد في سوريا كان ايجابيا في لقاءاته مع المسؤولين السوريين، وكنت واحدا منهم، ولم اشعر ابدا بانه يكن حساسية او عداء او تشنجا ضد سوريا. وما يخص مستقبل اتفاق الشراكة ينطبق على العلاقة السورية – الفرنسية. السبب واحد".
وعن زيارة الرئيس العراقي جلال طالباني المرتقبة لدمشق خلال الأسبوع القادم ، قال أنها "تأتي تلبية لدعوة قديمة لم يستطع طالباني ان يلبيها بوقت أبكر بسبب الظروف في العراق". وتوقع "ان يأتي وفد فني من المسؤولين العراقيين للقاء نظرائهم السوريين وتوقيع عدد من الاتفاقات". وقال أن دمشق ترى في "تطوير العلاقات الثنائية مصلحة للبلدين والشعبين، بصرف النظر عن المواقف السياسية التي تخضع لتطورات آنية في بعض الأحيان". واضاف ان سوريا "حريصة على دعم عملية سياسية تأخذ في الاعتبار مصالح كل الشعب العراقي، عملية تؤكد وحدة العراق وتعمل على استقلاله الناجز وتضع جدولا لانسحاب قوات الاحتلال". ونفى ان يكون هناك "بعد أميركي للعلاقة السورية – العراقية، فهي علاقات عربية ـ عربية ، وعودة العلاقات الديبلوماسية بينهما تهدف بشكل الرئيسي وأساسي إلى تعزيز المصالح المتبادلة بين الشعبين وهذا يمنع الكثير من المزالق والفتن التي تستعر في المنطقة".
وحول موقف سوريا من الدور الإيراني في العراق،قال : "الدور الايراني في العراق يجب الا نفصله عن دور دول جوار العراق المعنية، لكل دولة جارة هاجس، قد يكون هذا الهاجس عميقا او اقل عمقا، يجب الا ننسى عندما نتحدث عن الدور الإيراني ان البلدين دخلا في حرب دامت ثماني سنوات، وإسقاط هذه السنوات معناه عدم القدرة على فهم الدور الإيراني في العراق". ونبه إلى أن "الغياب العربي عن العراق، يشجع أي دولة أخرى على ملء الفراغ في أي دولة، ولا يجوز لنا نحن كعرب عندما نعجز عن ملء الفراغ أن نلوم غيرنا".
وعن احتمال قيام الرئيس بشار الاسد بجولة عربية قد تشمل السعودية، أو عقد قمة ثلاثية (السعودية مصر سوريا) في الرياض، قال: "كل الاحتمالات واردة"، مؤكدا ان "سوريا لم تخرج قط عن السرب العربي وكل من يحاول ان يزعم ان سوريا خرجت او تخرج فان هذا الزعم خاطئ، وان بدا هذا خروجا للبعض فهو لمصلحة الامة العربية". ووصف العلاقة مع الاردن بأنها "اخوية ويجب ان تبقى اخوية ايا كانت المسببات التي ربما تستغلها جهات أخرى بطريقة سيئة... نحن في سوريا حريصون على أفضل العلاقات مع الأردن.
ولدى سؤاله عن "العلاقة السورية – الروسية أكد أنها تتطور بشكل مستمر، وهي اليوم أفضل مما كانت عليه، وزيارة الرئيس بشار الاسد الاخيرة لموسكو مهمة وذات بعد استراتيجي واستهدفت مواجهة التحديات، ونحن ننظر إلى العلاقة الثنائية على أنها في غاية الأهمية".
وفي سياق الكلام وضح الشرع على أن سياسة السورية هي سياسة واقعية مذكراً بكلمة للرئيس الراحل حافظ الأسد وما تزال سارية المفعول بأن سوريا تقرأ الواقع قراءة المناضلين وليس قراءة المستسلمين .
الجمل
إضافة تعليق جديد