واشنطن المنهكة في حرب العراق تليّن مواقفها حيال أسوأ خصومها
اضطرت الادارة الاميركية تدريجاً الى تليين مواقفها الديبلوماسية حيال اسوأ خصومها، ايران وسوريا وكوريا الشمالية، على خلفية تورطها منذ اربع سنوات في حرب مدمرة في العراق قلصت نفوذها في العالم.
فلئن كان هدف اجتياح العراق في آذار 2003 بقيادة الولايات المتحدة الى اطاحة نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وايجاد معقل جديد للديموقراطية يوالي الاميركيين في العالم العربي، يبدو بعد اربع سنوات أن الحرب لم تعزز تنظيم "القاعدة" فحسب، بل ايران وحلفاءها، سوريا و"حزب الله" وحركة المقاومة الاسلامية "حماس"، وكلهم خصوم معلنون للولايات المتحدة.
وقال الخبير والي نصر في العدد الاخير من مجلة "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية) التي يصدرها مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث مستقل: "كان مفترضاً أن يصير العراق الجديد نموذجاً للشرق الاوسط وتهديدا للنظام الايراني، ولكن يبدو ان ايران هي الفائز الاكبر في حرب الولايات المتحدة".
ومع أن الحرب تسببت بمقتل 3200 عسكري اميركي وعشرات الآلاف من المدنيين العراقيين، لا تزال الادارة الاميركية عاجزة عن التصدي للعنف. كذلك، أثار وجود سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي آي إي" استياء في اوروبا خصوصاً، حيث اظهر تحقيقان ان نحو 20 بلدا تعاونت بدرجات متفاوتة مع هذا البرنامج.
ورأى المستشار السابق للامن القومي الاميركي زبيغنيو بريجنسكي ان الرئيس جورج بوش أضعف صدقية الولايات المتحدة في العالم بالتضحية بالمبادئ الاخلاقية الاميركية تحت شعار الحرب على الارهاب. وقال في برنامج "توداي شو" الذي وجه انتقادات لاذعة الى الرئيس الاميركي: "الواقع انه بدد صدقيتنا وشرعيتنا وحتى احترام الاخرين لسلطتنا".
ومعلوم ان الحزب الجمهوري خسر الغالبية في الكونغرس من جراء الحرب التي ادت ايضا الى تدهور شعبية بوش التي لم تعد تتجاوز 35 في المئة. ومنذ فشله الانتخابي في تشرين الثاني ونشر تقرير في كانون الاول ينتقد بشدة ادارته للحرب في العراق، اضطر بوش الى تليين سياسته الخارجية.
فقد عين روبرت غيتس وزيراً للدفاع بدلاً من دونالد رامسفيلد الذي اعتبر مسؤولا عن الفشل في العراق، وكلف وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اعادة احياء مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لتهدئة الخواطر المناهضة للولايات المتحدة في العالم العربي، واجاز لها فتح حوار مع ايران وسوريا.
وليست ايران الوحيدة التي افادت من اخفاقات الولايات المتحدة في العراق، فخبراء السياسة الخارجية يشيرون الى الصين التي اغتنمت انشغال الاميركيين بالقضية العراقية خلال السنوات الاربع الاخيرة لتوسيع نفوذها في افريقيا واميركا اللاتينية.
ويلفت الخبراء ايضا الى الحلفاء العرب للولايات المتحدة، مثل مصر والمملكة السعودية، الذين حصلوا من ادارة بوش على فترة سماح في ملف حقوق الانسان في مقابل دعمها في مواجهة ايران.
واوضح ارييل كوهين الخبير في مركز الابحاث المحافظ "هيريتج فاونديشن" ان روسيا افادت بدورها من الحرب في العراق للعودة الى الشرق الاوسط، بمحافظتها على علاقاتها الوثيقة مع ايران وتعزيز صلاتها بدول الخليج. وقال: "يبدو واضحا ان المناخ في الشرق الاوسط يتجه الى مزيد من التنافس والصعوبة، انطلاقا من التهديد الذي تتعرض له هيبة الولايات المتحدة وسلطتها في العراق وفي ضوء تحدي موسكو (للاميركيين) كقوة عظمى".
المصدر: و ص ف
إضافة تعليق جديد