خلافات الصوفية والسلفية تؤخر قيام مرجعية موحدة للسنة بالبحرين
قال الشيخ الدكتور ناجي العربي، الذي يعتبر "شيخ الصوفية" في البحرين، إنه يسعى لإقامة مرجعية موحدة للسنة في البحرين، مرحباً بالتعاون مع علماء أهل السنة في البحرين"شريطة أن لا يكونوا من المتعصبين أو المتحزبين الذين يحتكرون الحق في جماعتهم"، في إشارة منه إلى السلفيين.
ويأتي هذا الإعلان عن السعي لإنشاء مرجعية سنية موحدة في وقت يتبادل فيه السلفيون وصوفية البحرين اتهامات بـ"الانحراف" أو التكفير، وذلك وسط حديث عن الدعم الذي تناله الصوفية من قبل بعض الأطراف الشيعية.
وقال الشيخ ناجي العربي إن "الشيعة مسلمون وهم في حظيرة الإسلام بالرغم من أننا نختلف معهم في بعض المسائل في الفروع والأصول ومظلة الإسلام تشمل كل المسلمين".
ونفى شيخ الصوفية الإقرار بالاحتفالات المختلطة بين الرجال والنساء والرقص. وقال: "معتقداتنا معتقدات أهل السنة والجماعة (...) الصوفية لا تقوم بمثل هذه الأعمال(...) هناك من يدعون الانتساب للصوفية ونحن لا نقرهم على ذلك".
وتحدث "العربي" عن نشر "إشاعات" تتحدث عن قيام إيران بدعمه في الانتخابات الماضية لتخويف الناس منه ودفعهم لعدم التصويت إليه. وقال: "لقد اتهمت من قبلهم (السلفية والإخوان) بأني موال للشيعة وسأقوم ببناء مأتم (حسينية) لهم إذا ما نجحت في الانتخابات".
وساند عدد من الشيعة الشيخ ناجي العربي الذي ترشح للانتخابات النيابية التي أقيمت في نوفبر/ تشرين الثاني من العام الماضي في الدائرة الخامسة بالمحرق قبل أن يخسر لصالح سامي قمبر أحد مرشحي الإخوان المسلمين.
ويشتكي أتباع المدرسة الصوفية في البحرين من الحملات المستمرة لتكفيرهم وتضليلهم، ويتحدث هؤلاء عن ممارسات عديدة يقوم بها "غلاة السلفية" في التضييق عليهم، علما أن الصوفية لا تعاني من مضايقات من قبل الدولة بسبب هامش الحرية الكبير الذي تعيشه الطوائف في البحرين.
ويقول الشيخ العربي "إن التكفير الذي تتعرض له جماعته أمر قائم وضجة لم تهدأ". ويضيف"هذه الأفعال من الإخوة السلفية والإخوان المسلمين صارت بالنسبة لنا شيئا عاديا اعتدنا سماعه أو قراءته وهذا الأمر مشهور".
ويتهم الدكتور "العربي" الأستاذ المساعد بجامعة البحرين السلفية بـ"نبذ وتحطيم الآخر" فيما يتهم تيار الإخوان بـ"الاستحواذ والسعي وراء مصالحه الخاصة". ويقول أتباع المدرسة الصوفية إن بعض خصومهم ينشرون بين العوام أن "الصوفية والكفر شيء واحد".
وتقول الصوفية إن السلفيين والإخوان يسيطرون على وزارة العدل، والأوقاف السنية، والمساجد والجمعيات الخيرية.
غير أن الشيخ عادل المعاودة، شيخ السلفيين، يقول إنه "لا أحد يمارس الإقصاء كما يفعل الصوفية من تملقهم للحكام والمسؤولين لإبعاد الدعاة". ويتحدث الشيخ "المعاودة" عن معاناة التيار السلفي قبل ربع قرن عندما كان يعاني التهميش على حد قوله لكنه يستدرك"لقد بدأ التيار السلفي يقوى لكنه حتى الآن لم يحصل على ما يستحقه".
وتمثل جمعية الإمام مالك التي يرأسها الشيخ إبراهيم المريخي بعض صوفية البحرين، لكن الشيخ ناجي العربي وبعض أصحابه غير منضوين فيها.
ويعد الشيخ ناجي العربي أحد أساتذة الحديث والفقه، ويأتيه طلبة العلم والصوفية من خارج البحرين، ويزوره هذه الأيام طلبة الداعية اليمني الشيخ الحبيب علي الجفري وهم في دورة علمية مكثفة في علوم الحديث.
وأمام اتهامات الصوفية، دافع شيخ سلفية البحرين الشيخ عادل المعاودة عن جماعته ودفع بـ"انحراف الصوفية". يقول الشيخ المعاودة:" الصوفية بها بدع وخرافة وانحراف وهي متفاوتة فيما بينها". ويضيف"بعضهم لديه مخالفات صغيرة وبعضهم لديه انحرافات تفضي للكفر".
من جانبه رفض الدكتور "العربي" تكفير شيخ سلفية البحرين الشيخ عادل المعاودة على يد جماعة مجهولة تدعى "أنصار الخلافة" قبل أسابيع. وقال:"إننا لا نقر تكفيره (المعاودة) رغم أنه كم فسَّق وبدَّع الناس" لكنه استدرك "بعد أن فرغ (السلفية) من تكفير الآخرين تفرغوا لبعضهم البعض (...) وهذا الفعل خطأ ولا نقر تكفير أحد إلا بحجة واضحة ظاهرة".
فيما يرد الشيخ عادل المعاودة عن نفسه قائلاً:"مازلت أفسق الفاسق، وأبدع المبتدع، وأكفر الكافر وهذا ديني (...) لكن ناجي العربي دفع بعدم الصلاة خلفي قبل سنوات".
ويدافع الشيخ ناجي العربي عن نفسه قائلاً: "دفعت بعدم الصلاة خلف عادل المعاودة لأنه يقول بالتجسيم ونحن لا نرى الصلاة وراء من يقول بالتجسيم".
ينقل المتصوفة عن "سيد الطائفة" الإمام أبو القاسم الجنيد المتوفى في 279 هـ الذي يعرف التصوف بـ"تصفية القلب عن موافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد صفات البشرية (..) والنصح لجميع الأمة، والوفاء لله على الحقيقة، واتباع الرسول (ص) في الشريعة".
ولا يعرف بالتحديد عدد منتسبي هذه المدرسة في البحرين، لكن الشيخ ناجي العربي (43 عاماً) يعتقد أن"العدد كثير جداً (...) أهل البحرين قبل أن تنتشر أفكار "السلفية" و"الإخوان المسلمون" كلهم صوفية إذا نظرنا إلى أن التصوف كما يظنه كثير من الناس وهو الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وزيارة النبي (ص) والتعلق والحب الشديد له (ص)".
يقول (إ.أ) أحد طلبة العلم عند الصوفية:"عندما نحتفل بالمولد النبوي نتفاجأ بأناس كثر وجوههم غير مألوفة يحضرون للاحتفال".
ويخالفهم الشيخ عادل المعاودة قائلا: "نعم لقد كان الناس على هذه الخرافات والبدع قبل 25 عاماً عندما كان الجهل منتشراً" متسائلاً "أين هم الآن؟".
وينتسب صوفية البحرين إلى عدة طرق، وقد تأثروا بشيخهم في البحرين محمد بن علي الحجازي المتوفى في يوليو 1996 والذي كان مجازاً على الطريقة النقشبندية والقادرية، ويوافقه الشيخ ناجي العربي المجاز على عدة طرق لكنه ينتمي للطريقة القادرية نسبة إلى الشيخ عبدالقادر الجيلاني المولود في 470 هجرية في جيلان الواقعة في بلاد الديلم (شمالي إيران) والمتوفى سنة 561 هـ.
وقال شيخ الصوفية من مكتبه الذي يحوي مكتبة ضخمة إن فتاوى التبديع والتضليل تنهال على جماعته في كل مناسبة خصوصاً في الاحتفال بالمولد النبوي. ويعتقد الصوفية أن الاحتفال بالمولد النبوي "أمر جائز وهو سنة". وتقام احتفالات المولد النبوي في 12 ربيع الأول من كل عام بحسب التقويم الهجري.
وتحدث الدكتور "العربي" عن عجز جماعته عن الاحتفال بالمولد في السنوات القليلة الماضية بشكل علني في المساجد، وقال: " لقد كنا نحتفل في السنوات الأخيرة بالمولد في المساجد والبيوت (...) غير أن الوضع اختلف" مرجعاً الأمر إلى "سيطرة السلفيين والإخوان على بيوت الله".
وترتبط الصوفية في البحرين بقريناتها في الخليج والعالم العربي. ويسافر الطلبة بين هذه الدولة لأخذ العلم على أيدي مشايخ هذه المدرسة في البحرين والسعودية والشام ومصر والمغرب الغربي.
ويتحدث الدكتور ناجي العربي عن مشاركة جماعته في احتفالات المولد التي تقام في الرياض والحجاز والمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية.
ونفى شيخ الصوفية الإقرار بالاحتفالات المختلطة بين الرجال والنساء والرقص. وقال: "معتقداتنا معتقدات أهل السنة والجماعة (...) الصوفية لا تقوم بمثل هذه الأعمال(...) هناك من يدعون الانتساب للصوفية ونحن لا نقرهم على ذلك".
ويرفض الدكتور ناجي العربي الخروج على الحاكم قائلاً إن موقف"أهل السنة والجماعة ثابت في هذا الباب". ويفصل الدكتور الذي درس في الأزهر وجامعة الزيتونية وجامعة محمد الخامس بالمغرب"إننا لا نخرج على الحاكم ولا نبيح هذا الأمر (...) إن لهم في أعناقنا بيعة وهذا موقف الصوفية لأنهم أعيان أهل السنة والجماعة وصوفتهم".
ويرى الدكتور "العربي" أستاذ اللغة العربية بجامعة البحرين "أن هناك ظلما واقعا على الشعوب من حكامهم" لكنه يفضل خيار "المناصحة سراً وعلانية ولكنها العلانية التي لا يقصد منها الفضيحة" محرماً اللجوء إلى "القوى الخبيثة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا".
وحول موقفه من العلمانيين قال الدكتور "العربي" إنه لا يحب هذه التوصيفات، مضيفاً: "الكثير ممن يسمون بالعلمانيين يصلون في المساجد وليس قصدهم الوقوف ضد الدين إنما تسللت إلى أنفسهم أفكار من هنا وهناك. نحن لا نكفرهم إلا من أتى بكفر بواح". ويرى أنه من "الواجب الانفتاح عليهم بقصد التقارب وبيان الخطأ والصواب". لكنه في الوقت نفسه حذر من المساس بالدين قائلا:" نحن سلم لمن سالم الدين وحرب لمن حاربه".
علي ربيع
المصدر: العربية نت
إضافة تعليق جديد