كاتب أمريكي يطالب بالواقعية الأمريكية وإشراك سورية
الجمل: نشر الكاتب الأمريكي ليون تي هادار، تحليلاً نشره موقع غلوباليست الالكتروني الأمريكي، وتداولته العديد من الصحف والمواقع الالكترونية الأمريكية المعارضة لسياسات وتوجهات إدارة بوش المعادية لسورية، مثل صحيفة انتي وار الالكترونية الأمريكية الذائعة الصيت، وغيرها.
التحليل حمل عنوان (الواقعية الأمريكية وإشراك سورية)، وقد كتب محرر موقع غلوباليست الالكتروني الأمريكي مقدمة للتحليل قال فيها:
برغم أنكم لن تستطيعوا معرفة ذلك، بسبب رفض واشنطن للتحادث مع سورية، فإن سورية قد أصبحت بقدر متزايد بلداً هاماً لسياسة الولايات المتحدة الخارجية في الشرق الأوسط،. وكما طرح ليون هادار، فإن على الولايات المتحدة أن تتحقق من أن الحفاظ والإبقاء على الروابط الدبلوماسية مع سورية، يمكن أن يساعد واشنطن في تطوير وترقية مصالحها في العديد من الجبهات، من بينها: العراق، لبنان، والسلام مع إسرائيل.
كتب ليون تي هادار قائلاً:
على النقيض من دفع المحافظين الجدد باتجاه وصم سورية باعتبارها عضواً في تحالف الحركات والأنظمة السياسية الإسلامية، فإن سورية في الحقيقة، دولة غربية النمط والطابع، يلتزم زعماؤها بمذهبية حزب البعث (النهضة العربية) القومية العلمانية.
لقد تم إنشاء وتأسيس الحزب –أي حزب البعث- بواسطة المفكرين المسيحيين السوريين في أربعينيات القرن الماضي، وحكم –الحزب- العراق حتى سقوط صدام حسين. والمذهبية البعثية تهتم بترقية العلمانية والاشتراكية، والقومية العربية.
• تغيير الدستور:
قامت الجماعات السياسية الإسلامية بعكس التوجه العلماني في دستور البلاد على النحو الذي أدى إلى إشعال الاضطرابات. ومن ثم تم تعديل الدستور لاحقاً، وحالياً يشدد على أن يكون الرئيس مسلماً ولكن دون أن يقوم بجعل الإسلام عقيدة ودين الدولة. فالفقه الإسلامي على أية حال، يستلزم أن يكون (أحد) المصادر الرئيسية للتشريع.
الدستور والنظام القضائي في سورية –على المثيل من المجتمع السوري- هو مزيد من التأثيرات العثمانية والنزعات العلمانية الحديثة (المأخوذة من فرنسا) إضافة إلى القيم الإسلامية. وبالتالي لا يختلف الأمر عما يحدث في إسرائيل، فالمحاكم الدينية تقوم بمعالجة قضايا الأحوال الشخصية والعائلية والأسرية.
المسيحيون العرب، الذين يشكلون 10% من السكان، لعبوا دوراً هاماً بارزاً في الحياة السياسية والاقتصادية لسورية، التي توجد بها أيضاً أقليات غير عربية صغيرة، من بينها الأكراد الذين يتميزون بالعناد السياسي.
• خطر الأصولية الإسلامية:
بغض النظر عن كل شيء، فإن نظام البعث السوري، وعلى وجه الخصوص تحت حكم والد الرئيس الحالي، قد اعتبر الأصوليين الإسلاميين، بقيادة حركة الاخوان المسلمين، بمثابة الخطر ومصدر التهديد الرئيسي للنظام. وبين عام 1976م، وعام 1982م، قام الأصوليون الإسلاميون –الذين استخدموا العنف، والإرهاب، كجزء من حملة الإطاحة بالبعثيين- قاموا بتحدي الحكومة.
كان البعثيون قادرون على إخماد وقمع التمرد والعصيان بقوة كبيرة –كما ظهر وتأكد ذلك في عام 1982م- وليس مثيراً للدهشة والاستغراب أن يكون زعماء سورية أكثر قلقاً واهتماماً إزاء صعود قوة وقدرة الجماعات الأصولية السنية في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص، الخطر الإرهابي الذي تمثله القاعدة وشبكاتها.
• الروابط مع الولايات المتحدة:
في الوقت نفسه، يعرف السوريون تماماً أيضاً، أن روابطهم المتزايدة مع النظام الشيعي الأصولي في طهران يمكن أن تساعد في تطرف الأغلبية السنية السورية. وهو الأمر الذي يفسر اهتمام دمشق ومصلحتها في التعاون مع واشنطن، العمل الذي يمكنهم من اصطياد عصفورين بحجر واحد، في مقاتلة ومحاربة القاعدة، والنأي بأنفسهم عن التطرف الشيعي.
ما كان مدهشاً ومثيراً للاستغراب هو فشل واشنطن في إدراك وفهم تلك الحقيقة الواقعية، وبدلاً من ذلك اتخذت الخطوات التي دفعت سورية إلى التعامل مع إيران من أجل حماية وتأمين مصالحها، وفي الوقت نفسه قامت –واشنطن- أيضاً بالمساعدة في تعزيز وتقوية قوى المعارضة الإسلامية السورية التي تسعى من أجل الإطاحة بالبعثيين من السلطة.
في مواجهة خطر الانعزال، وأيضاً بالأحرى خطر سياسة (تغيير النظام) المنتهجة بواسطة واشنطن، فقد رأت سورية أن شراكتها مع طهران تمثل السبيل إلى موازنة قوة الولايات المتحدة وإسرائيل.
• تأمين المصير:
تعلم القيادة السورية أن الهيمنة الإيرانية في المنطقة، أو الصراع المتزايد والمتنامي بين الكتلة الشيعية التي تقودها إيران، والتحالف السني- العربي، سوف يهددان النظم البعثي.
وتبعاً لذلك، فإن المصالح السورية طويلة الأجل تقع وتكمن في إبقاء الأمر الواقع، وهو هدف تشارك فيه سورية مع كل من السعودية ومصر.
• فرصة التقارب وإقامة العلاقات الودية:
يجب على الإدارة الأمريكية ألا تتجنب وتتفادى تطبيق سياق عمل ذرائعي- مذهبي لائق، تستطيع من خلاله النظر لمصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط –والذي من المفترض فيه أن تقوم بقيادة كفاح ضد الأشرار، ومحور الشر، أو الفاشيين- وتعترف بأن علاقتها مع حركات وحكومات المنطقة، تهدف إلى الاهتمام أولاً، وقبل كل شيء بتقوية المصالح القومية الأمريكية، وبأن ذلك يتطلب التوصل إلى الإبقاء والحفاظ على الروابط والعلاقات الدبلوماسية مع سورية، البلد العربي القائد في منطقة الشرق الأوسط، الذي يجاور لبنان، وإسرائيل، والعراق، وتركيا، وذلك لأن الروابط مع سورية، سوف تساعد واشنطن في ترقية وتعزيز مصالحها في العديد من الجبهات، بما في ذلك: العراق، لنبان، والسلام مع إسرائيل.
إن إنهاء عزل سورية سياسياً واقتصادياً يمكن أن يؤدي إلى خلق الظروف المواتية من أجل استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل وسورية، إضافة إلى مفاوضات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على النحو الذي يمكن أن يقود إلى تحقيق السلام والأمن لإسرائيل.
• نموذج من أجل السلام:
بإمكان سورية أن تظهر التزامها من أجل السلام بأكثر من طريقة، وبالمقابل أن تقوم إسرائيل بالاستجابة إيجابياً إزاء رغبة سورية في حل النزاع حول مرتفعات الجولان المحتلة.
هناك نموذج للتسوية الإسرائيلية مع الأنظمة العربية الأخرى: لقد حققت إسرائيل السلام مع مصر في عام 1079م وتمتعت بعلاقات جيدة وطيبة مع الأردن بدءاً من عام 1994م. والآن ليس هناك سبب لعدم وجود اتفاقية مماثلة بين سورية وإسرائيل.
• توازن القوى الإقليمية:
بالمعنى العام الواسع: إن إقرار سورية بإبعاد نفسها عن إيران سوف يشير بالتأكيد إلى أن توازن القوى في المنطقة لن يتحول بقدر أكبر لصالح إيران.
إذا استمرت قوة إيران في النمو، فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى حرب إقليمية بين الحكومات السنية العربية والكتل الشيعية التي تقودها إيران، وهي حرب (إن وقعت) سوف تحدث دماراً وخراباً في المنطقة، وسوف تؤدي إلى تهديد مصالح الولايات المتحدة.
وعموماً، برغم نقاط الضعف التي تضمنها التحليل، والتي من أبرزها عدم الإشارة إلى طبيعة القوى التي تدفع عملية صنع واتخاذ القرار داخل الكونغرس والإدارة الأمريكية في الاتجاه الذي يضر أولاً وقبل كل شيء بالمصالح الأمريكية نفسها، فإن ثمة نقاطاً وجوانب إيجابية تتمثل في بروز الكثير من المفكرين الأمريكيين الذين أصبحوا أكثر إدراكاً لأهمية سورية ودورها القائد في المنطقة، ومدى قدرتها على تحقيق الاستقرار والسلام، وحماية –ليس المصالح الأمريكية وحسب- بل ومصالح أمريكا والمجتمع الدولي في الشرق الأوسط.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد