الإسلام في الصين:23 مليون مسلم و34 ألف مسجد و21معهدا وجامعة
شهد عام 651 بداية دخول الإسلام في الصين، وذلك عندما بعث ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه، مبعوثا إلى مدينة تشانغان، عاصمة الصين آنذاك.
حيث التقى المبعوث الإمبراطور الصيني، وأحاطه علما بأحوال دولة الخلافة وأحوال الإسلام وعادات المسلمين، ومن هنا اعتبر المؤرخون هذه السنة بداية وصول الإسلام إلى الصين، نظرا لتوافر مراجع تاريخية حقيقةً.
وفي هذه المرحلة كان المسلمون في الصين قادمين من بلاد فارس والعرب أو الدول الأخرى، من التجار والدبلوماسيين والجنود، حيث أقاموا في أماكن مختلفة بالصين، أطلق عليهم «المقيمون في تانغ».
وبعد سنوات من الاختلاط بالزواج والتناسل صار «المقيمون في تانغ» «الضيوف الأجانب المحليين»، وأضحى أبناؤهم وأحفادهم مسلمي الصين المحليين.
وفي عهد أسرة يوان، والذي يقع بين عامي 1206 و1368، وهي الأسرة التي أسسها قوبلاي خان حفيد جنكيز خان، ازداد عدد مسلمي الصينيين بسرعة، ولأن مكانتهم الاجتماعية عالية شهد الإسلام تطورا سريعا في الصين، وتشكل وضع «انتشروا في مختلف أنحاء الصين من حيث الكل، وتجمعوا في مناطق معنية من حيث الجزء» تدريجيا.
وفي أسرة مينغ الواقعة بين عامي 1368 و1644، شهد الإسلام في الصين تطورا مستمرا، حيث أنجز المسلمون الصينيون منجزات مثمرة. فقد أبحر البحار المسلم والدبلوماسي «تشنغ خه» خلال 28 عاما، ابتداء من 1405 وحتى 1433، إلى المحيط الغربي 7 مرات، واعتبر قائد أكبر أسطول بحري في العالم حينذاك.
وفي عام 1433، وصل تشنغ خه إلى ميناء جدة، وأرسل بعثة الحج إلى مكة المكرمة، كما كلفهم برسم صورة للكعبة المشرفة ليأخذها إلى الصين.
ويبلغ عدد المسلمين في الصين اليوم أكثر من 23 مليون نسمة، ويوجد حاليا أكثر من 34 ألف مسجد في المناطق التي يعيش فيها المسلمون، بمعدل مسجد لكل 500 مسلم تقريبا، ويبلغ عدد الأئمة أكثر من 45 ألف فرد.
وبحسب السفارة الصينية في السعودية، فإن إقامة العلاقات الدبلوماسية بين بكين والرياض أتاحت للحجاج الصينيين تيسيرات أكثر، حيث يبلغ عدد الحجاج في الصين أكثر من 70 ألفا.
وبينت أن مستوى تعليم المسلمين من القوميات المختلفة يرتفع بشكل متواصل، ويوجد في شينغيانغ 21 معهدا وجامعة يبلغ عدد طلابها أكثر من 30 ألفا، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الباحثين في الدراسات العلمية الإسلامية في الصين، ويتم إعداد الباحثين من الأقليات القومية بصورة طيبة، وأقيمت في بعض المعاهد أو الجامعات القومية فروع خاصة بالإسلام.
في حين تبين السفارة أنه من ناحية التبادل الدولي، فقد نشأت العلاقات التعاونية والتبادلات الودية بين الجمعية الإسلامية الصينية وبين رابطة العالم الإسلامي والمؤتمر الإسلامي العالمي وجمعية الدعوة الإسلامية بليبيا وجمعية الدعوة الإسلامية التابعة للهيئة الخيرية بماليزيا وجمعية محمد ضياء بإندونيسيا، وغيرها من المنظمات الإسلامية العالمية.
وشهدت عملية توطين الإسلام في الصين تطورا سريعا من القرن الـ17 إلى القرن الـ19، حيث اكتسب الإسلام في الصين في هذا الوقت خصائص الثقافة الصينية التقليدية العبقة، من أسلوب التعبير الخارجي إلى الأصول والأخلاق العميقة.
وجاء دمج الإسلام في ثقافة الصين من حيث المعمار والاحتفالات والعادات والتقاليد الدينية وبخاصة الدمج العميق في مجال الأصول الدينية والأخلاق لتعزيز عمليات الإسلام في الصين، مما شكل الإسلام الصيني ذا الخصائص القومية الصينية. وعلى الرغم من أن الإسلام في الصين تأثر بثقافة الصين التقليدية عميقا، فإنه لم تتغير «أركان الإيمان الستة» و«العبادات الخمس» والقواعد الإسلامية الأساسية، بفضل تمسك الإسلام في الصين بهذه القواعد. وتماشيا مع مواصلة انتشار الإسلام وعملية التوطين، شكلت 10 قوميات إسلامية في الصين وهي قومية الويغور، وقومية القازاق، وقومية قرغيز، وقومية الأوزبك، وقومية الطاجيك، وقومية التتار، وقومية هوي، وقومية سالار، وقومية دونغشيانغ، وقومية باوان، بحسب ما تذكره السفارة الصينية.
وفي عام 1911 دخلت الصين المرحلة الجمهورية التي شهدت فيها الصين اضطرابات داخلية وتعرضت للحرب من الخارج، وقد ربط بعض الشخصيات الإسلامية البارزة مصير الدولة بمصير القوميات والأديان، وجعلوا من «حب الوطن وحماية الدولة» أول واجب على المواطن الصيني، وأشاروا بصورة واضحة إلى ضرورة تعزيز التضامن بين جميع القوميات في الصين، وبادر مسلمو الصين من القوميات المختلفة إلى الانضمام لحركة إنقاذ الدولة ضد المعتدين الخارجيين مع أبناء الصين غير المسلمين.
بعد تأسيس الصين عام 1949، انتهجت حكومة الصين سياسة مساواة القوميات وحرية العقيدة، وحقق مسلمو الصين حياة جديدة، وتمتعوا بحرية الاعتقاد، والمساواة القومية والسياسية والاقتصادية.
واهتمت الحكومات المحلية في أنحاء الصين بحماية المساجد، والقباب، والمواقع الدينية، وتحترم عادات وتقاليد المسلمين، من ذلك تحديد إجازات خاصة للمسلمين وفقا لعادات وتقاليد القومية، فيحصل المسلمون على إجازات في عيد الفطر، وعيد الأضحى وغيرهما.
وتعفي الحكومة المسلمين من مختلف القوميات من ضريبة البقر والأغنام التي يستهلكونها في الأعياد، وتعفي المساجد والقباب والمواقع الإسلامية من الضرائب العقارية.
وتنفذ سياسة الحكم الذاتي في المناطق التي يتجمع فيها المسلمون، وتقام الحكومات الشعبية ذاتية الحكم على المستويات المختلفة، مثل منطقة شينغيانغ الإيغورية الذاتية الحكم التي تأسست في أكتوبر (تشرين الأول) 1955 ومنطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي أيضا في أكتوبر (تشرين الأول) 1958 وغيرهما.
وعقد المؤتمر الإسلامي الوطني الأول في 11 مايو (أيار) 1953، وأعلن تأسيس الجمعية الإسلامية الصينية في ذات اليوم، وبفضل ذلك، أصبح المسلمون من مختلف القوميات سادة لدولتهم، وبدأوا يتولون بأنفسهم إدارة شؤونهم الاجتماعية بما فيها الشؤون الدينية، حيث إن المسلمين دخلوا حياة جديدة، وتغير مصيرهم، فقد بادروا إلى المشاركة في بناء الصين الجديدة. ومنذ انتهاج الصين سياسة الإصلاح والانفتاح إلى الخارج عام 1978، دخلت الصين مرحلة تنموية سريعة، مما فتح صفحة تاريخية جديدة لتطور الإسلام في الصين من الناحية السياسية، إذ يوجد عدد غير قليل من ممثلي المسلمين من الأقليات القومية في الحكومات الشعبية ومجالس نواب الشعب والمؤتمرات الاستشارية السياسية للشعب الصيني على مختلف المستويات، وهم يشاركون في مناقشة شؤون الدولة مع النواب المنتخبين من القوميات المختلفة، وإدارة ومراقبة شؤون الدولة.
ومن الناحية الاقتصادية، يتطور المسلمون في الأعمال الجديدة، مثل الملابس، التطريز، معالجة الأطعمة، تربية البقر والأغنام، النقل بالسيارات، والأجهزة الكهربائية المنزلية، إضافة إلى تقدمهم في مجال الأطعمة، حتى إن بعضهم يعمل في مجال العقارات، والفنادق، والنقل. وبعض منتجات المسلمين سلع رائجة في السوق، وبعضها يصدر للخارج.
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد