خطة السلام المصرية-السعودية: القيود والمحددات
الجمل: تحدثت التقارير والأخبار عن ما أطلقت عليه خطة السلام المصرية-السعودية, والتي برغم كثرة الأحاديث والتسريبات فإن تفاصيلها ما تزال غامضة, فما هي الخطوط العامة لهذه الخطة, وما هي محفزاتها, وإلى أين سوف تمضي؟
أبرز النقاط والمعالم:
تقول المعلومات والتقارير بأن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط, ووزير المخابرات المصرية اللواء عمر سلمان, قد قاما يوم الجمعة الماضي الموافق 7 كانون الثاني (يناير) 2010م بزيارة العاصمة الأميركية واشنطن, حيث عقدا لقاء في البيت الأبيض الأميركي, قدما فيه للرئيس الأميركي باراك أوباما اقتراحا مصريا من أجل إعادة إحياء محادثات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية, أكدت التسريبات, بأن الاقتراح المصري المقدم للإدارة الأميركية تضمن النقاط الآتية:
•أن تصدر الإدارة الأميركية خطاب ضمان للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
•أن يتضمن الخطاب التزاما أميركيا ينص على ضمان حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على أساس حدود ما قبل حرب عام 1967م, مع إجراء بعض التعديلات وفقا للتغييرات الديموغراطية والسكانية التي حدثت خلال الأعوام الماضية.
•أن يطالب أوباما بضرورة الحد من التجاوزات في الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى أدنى حد ممكن.
•إبداء الاستعداد للنظر في تأييد القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية.
تشير المعطيات الأولية, إلى أن بنود خطة السلام المصرية-السعودية, تتضمن إشكاليات كبيرة, لجهة عدم تماسك المفاهيم التي يفترض أن تشكل أساسها, وعلى سبيل المثال لا الحصر, تقول الخطة بضرورة الالتزام بحل الصراع على أساس حدود ما قبل حرب عام 1967م, ولكنها تضيف نصا يلغي ذلك عندما تقول مع إجراء بعض التعديلات وفقا للتغيرات الديموقراطية والسكانية التي حدثت خلال الأعوام الماضية, وبكلمات أخرى, إذا كانت الفقرة الأولى تلغي حق الإسرائيليين في المستوطنات التي أقاموها في الأراضي الفلسطينية. فإن الفقرة الثانية تمنحهم حق إقامة المستوطنات طالما أنها تندرج ضمن التغييرات الديموقراطية والسكانية التي حدثت خلال الأعوام الماضية, ونفس الشيء عندما تحدثت عن الانتهاكات التي تحدث في مجال الأراضي, حيث لم تطالب الخطة بوقف هذه الانتهاكات, وإنما تحدثت عن حصرها ضمن أدنى حد ممكن, وهذا معناه أن الخطة قد سمحت بانتهاك الأراضي.
إسرائيل ومكانتها في الخطاب الرئاسي الأميركي:
أكدت التسريبات الإسرائيلية, بان الخطاب الرئاسي الأميركي سوف يتميز بالنقاط الآتية:
•مخاطبة الفلسطينيين حصرا, وليس الإسرائيليين.
•عدم إلزام إسرائيل بوقف بناء المستوطنات.
•عدم إلزام إسرائيل بالدخول في المفاوضات.
•عدم إلزام إسرائيل بوقف استمرار عملية تهديد القدس الشرقية.
وأكدت المعلومات, بان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وافق على الخطاب الأميركي, طالما أنه خطاب لا يترتب عليه إلزام إسرائيل بأي شيء, وإنما سوف يتيح لإسرائيل الحصول على المزيد من المزايا الإضافية, ومن أبرزها إطلاق يد وإخلاء سبيل إسرائيل من الالتزام بما ورد في التعهد الذي سبق أن أصدره الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في عام 2004م لجهة التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون بعض البنود والنقاط الواردة في مشروع خارطة الطريق.
خطة السلام المصرية-السعودية: القيود والمحددات
تشير بعض التسريبات والتحليلات, بان محور القاهرة-الرياض, يرى بان تحقيق أي نجاح إزاء إرغام حركة حماس بما يجعلها تلتزم بأي اتفاق يتم التوصل إليه مع إسرائيل, سوف يكون نجاحا يساعد محور القاهرة-الرياض في سحب البساط من تحت إسرائيل, والتي ظلت تستخدم وجود حماس كذريعة من أجل التأكيد على أن الأمن الإسرائيلي يتعرض للخطر.
أكدت بعض التقارير والتسريبات, بان الرياض قد عقدت اجتماعا مع الزعيم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس, طالبته فيه بشكل نهائي, لضرورة قطع روابط حماس-طهران, وتقول التقارير والتسريبات, بان وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل, قد قام ببعض التحركات الدبلوماسية في المنطقة, وذلك بهدف التسويق لخطة السلام المصرية-السعودية.
أبرز نقاط ضعف خطة السلام المصرية-السعودية الجديدة يتمثل في أنها:
•لم تهتم بإعطاء أي دور لدمشق.
•لم تهتم بالالتزام بالخطوط العامة الأساسية لمبادرة السلام العربية, والتي لم يتم الإعلان رسميا عن إلغائها أو التخلي عنها.
•لم تهتم بالربط بين ملف المحادثات الفلسطينية-الإسرائيلية, وملف المحادثات السورية-الإسرائيلية.
•لم تهتم بإعطاء أي دور لتركيا.
عدم إعطاء أي دور لدمشق, وربما الاكتفاء بمجرد المشاورات معها, إضافة إلى عدم الربط بين ملف احتلال الجولان واحتلال الأراضي الفلسطينية, إضافة إلى تجاهل تركيا, هي جميعها تمثل عاملا يتيح لإسرائيل الحصول على المزيد من نقاط القوة المضافة في صراعها الدبلوماسي وغير الدبلوماسي مع الأطراف العربية, فإخراج تركيا يصب في مصلحة إسرائيل, وتجاهل دمشق يضعف الخطة, أما عدم الالتزام بالخطوط العامة لمبادرة السلام العربية, فهو أمر يتيح إسقاط المبادرة العربية بـ(التقادم) وضياع الوقت.
جاءت التحركات المصرية باتجاه واشنطن, والسعودية باتجاه دمشق, بعد ان أصبح الجدار العازل الفولاذي على وشك الاكتمال لجهة إكمال عملية حصار قطاع غزة, فهل يا ترى يمكن الافتراض بان محور القاهرة-الرياض قد أصبح أكثر ثقة لجهة تحقيق النجاح في "ترويض" حركة حماس, وإخراج الأطراف الإقليمية الرئيسية الأخرى من جهود السلام والتسوية, وما هو أكثر خطورة يتمثل في أن خطة السلام المصرية-السعودية قد تمت برمجتها باتجاه عدم تحقيق أي شيء, سوى الفشل, وهو الفشل الذي سوف تستند عليه إسرائيل كذريعة لشن الحرب الجديدة, باعتبارها تمثل حلم ائتلاف نتنياهو-ليبرمان.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد