هل ستنشب الحرب العربية-الإسرائيلية وما هي الخسائر المتوقعة؟
الجمل: تزايدت في هذه الأيام التحليلات السياسية الجارية, والتي تهدف إلى الإجابة الشافية على العديد من التساؤلات المتعلقة بالشؤون الشرق أوسطية, ومن أبرزها السؤال الرئيسي القائل: هل ستشهد منطقة الشرق الأوسط جولة مواجهة عسكرية عربية-إسرائيلية جديدة؟ وهل ستكون هذه الجولة بمثابة حرب محدودة منخفضة الشدة أم حرب شاملة مرتفعة الشدة؟ وفي معرض الإجابة على هذه التساؤلات تتباين الآراء ووجهات النظر, وما هو لافت للنظر, إن كان كل رأي وكل موقف, ظل يتميز محتواه بالمزيد من عوامل الضعف واللايقين, وما ذلك إلا لأن المسرح الشرق أوسطي سوف يظل لفترة طويلة قادمة عصيا على تكهنات المحللين والخبراء.
البيئة الاستراتيجية الشرق أوسطية:
تضمن معطيات البيئة الاستراتيجية الشرق أوسطية معطيات المواجهة بالوسائل الدبلوماسية أو الوسائل العسكرية الملائمة, إضافة إلى الدراسة والتحليل والبحث المقارن لجهة تهيئة الأسباب والتخطيط والإعداد لاستخدام وتوظيف جميع الموارد المتاحة والممكنة من أجل تحقيق النجاح في جميع المجالات المدنية والعسكرية.
أدت مفاعيل الصراع العربي-الإسرائيلي, إلى إكساب البيئة الاستراتيجية الشرق أوسطية طابع الحركية المستمرة, والفاعلية المتجددة, وفي هذا الخصوص نشير إلى المفاصل الآتية:
• حركية تطوير وتنويع أنماط التسلح والتزود بالعتاد العسكري الفاعل والمتطور, وفي هذا الخصوص نلاحظ أن كل أطراف الصراع العربي-الإسرائيلي قد سعت إلى تزويد نفسها بالقدرات العسكرية اللازمة.
• حركية التحديد والتعرف المبكر والمتجدد لطبيعة المواجهات العسكرية العربية-الإسرائيلية المحتملة, ومشروطيات حدوثها.
• حركية الإعداد المدني-العسكري لاحتمالات المواجهة الحربية-العسكرية وفقا لمتطلباتها المتجددة والمستمرة.
• حركية الجاهزية لإدارة الحرب واستدامة المواجهة بما يحقق الأهداف والغايات.
• حركية جهود معرفة العدو مدنيا وعسكريا, إضافة إلى التعرف على إمكانياته ومخترعاته وقدراته ووسائطه.
• حركية معرفة تفكير العدو ومخططاته وإدراكاته وردود أفعاله المتوقعة.
• حركية بناء التحالفات وروابط الصداقة مع مختلف الأطراف الداخلية والخارجية.
تندرج جميع هذه الحركيات ضمن عملية تفعيل الحقل الاستراتيجي الشرق أوسطي, والذي يسعى –عربيا- إلى الخيار الدبلوماسي-السياسي, وصولا إلى قرار السلام العادل الدائم القائم على رد الحقوق العادلة المشروعة وفقا لاعتبارات مذهبية الأرض مقابل السلام, ومن جهة الطرف الإسرائيلي يسعى إلى الخيار العسكري-الحربي, وصولا إلى المشروع الإسرائيلي القائم على الاستيلاء اللامحدود على حقوق الأطراف العربية, وفقا لاعتبارات مذهبية السلام مقابل السلام, والتي تقوم على كسر إرادة الأطراف العربية عن طريق الإسقاط المستمر للقوة الغاشمة الإسرائيلية.
المواجهة الشرق أوسطية المحتملة: السؤال الحرج؟
درجت أطراف الصراع العربي-الإسرائيلي طول الستين عاما الماضية على القيام بعمليات التعبئة الفاعلة من أجل خوض المواجهة, سواء بالوسائل الدبلوماسية, أو بالوسائل العسكرية, وأكدت معطيات الخبرة, بأنه على خلفية فشل الجهود الدبلوماسية, مع وصول عمليات التعبئة العسكرية إلى النقطة الحرجة, فإن ملف المواجهة ينزلق دائما تلقائيا إلى مسار الخيار العسكري, كسبيل وحيد من أجل تغيير التوازنات السياسية-الدبلوماسية, بما يتيح لإسرائيل الخروج من حالة العزلة والحصار السياسي الذي يحدث من جراء الهزائم التي ظلت تتعرض إليها إسرائيل في ساحة المواجهات الدبلوماسية.
تشير المعطيات السياسية الجارية في الساحتين الإقليمية والدولية, إلى أن الدبلوماسية الإسرائيلية قد منيت خلال الأعوام الثلاثة الماضية بالمزيد من الهزائم والخسائر الفادحة, ومن أبرزها:
• الخسارة في المسرح التركي على يد الدبلوماسية السورية.
• الخسارة في مسرح الرأي العام الدولي على يد الإعلام العربي والعالمي المحايد.
• الخسارة في مسرح المنظمات-غير الحكومية الإقليمية والدولية, وفي هذا الخصوص يمثل تقرير غولدستون, وقرارات الملاحقة القضائية للزعماء السياسيين الإسرائيليين معالم بارزة في هذا الجانب.
• الخسارة في المسرح اللبناني على يد حزب الله اللبناني وحلفائه, بما أدى إلى إفشال برامج السياسة الإسرائيلية إزاء لبنان لجهة نزع أسلحة حزب الله والمقاومة اللبنانية.
• الخسارة في المسرح الفلسطيني بسبب صعود قوة حركة حماس الفلسطينية وحلفاءها, وذلك على النحو الذي قوض بنود السياسة الإسرائيلية إزاء الأراضي الفلسطينية.
• الخسارة في المسرح الأوروبي, بسبب تزايد الأصوات والأطراف الأوروبية التي أصبحت أكثر حرصا واهتماما بشجب ورفض الجرائم الإسرائيلية, وأكثر اقتناعا بأن التوجهات العدوانية الإسرائيلية هي السبب المباشر لعدم إحلال السلام في الشرق الأوسط.
• الخسارة في المسرح الإيراني, على يد العقل الاستراتيجي السوري, الذي راهن أن ردع التهديد الإسرائيلي ضد إيران والمنطقة, يتم حصرا عن طريق تعريض أمن إسرائيل للخطر, وبكلمات أخرى: جعل إسرائيل تدرك بأنه طوال ما كان التفوق الجوي يعطي إسرائيل اليد الطويلة في استهداف الآخرين, فإن هؤلاء الآخرين يملكون الأيادي الأكثر طولا لجهة الوصول إلى عمق القلب الحيوي الإسرائيلي.
علمتنا معطيات خبرة تواتر ثنائية الحرب-الدبلوماسية في المسرح الشرق أوسطي, إلى أن القوات الإسرائيلية, ظلت دائما على هيئة الاستعداد لجهة شن الحروب, عندما تتعرض الدبلوماسية الإسرائيلية للهزائم, وهذه المرة, فقد تعرضت الدبلوماسية الإسرائيلية لأكثر من هزيمة, فهل يا ترى سوف تتحرك القوات الإسرائيلية لإيقاف مسلسل الهزائم الدبلوماسية, ونقل المسرح الشرق أوسطي إلى مرحلة جديدة, تبدأ فيها الدبلوماسية من نقطة الصفر, أم أن القوات الإسرائيلية لن تستطيع هذه المرة القيام بما درجت على القيام به؟ وهذا هو السؤال الحرج, والذي لم تعد دوائر صنع واتخاذ القرار الاستراتيجي الإسرائيلي وضع إجابة محددة له, خاصة وأن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل هذه المرة هو وجودها نفسه.
تحليل المعطيات الجارية في مسرح المواجهة الشرق أوسطية المحتملة:
تتضمن عملية تحليل المعطيات الجارية, تغطية جميع القدرات المادية والبشرية والتنظيمية, إضافة إلى جميع الآراء والقرارات, التي لا تأتي وفقا للاعتبارات العسكرية البحتة الخالصة وحسب, وإنما أيضا تلك المتعلقة بسياسات ومذهبيات القيادة, ولما كان من غير الوارد أن تسعى الأطراف العربية إلى إشعال المواجهة العسكرية, بسبب نجاحاتها المضطردة في المواجهات الدبلوماسية, فإن من الثابت, إن اشتعلت الحرب, أن تكون إسرائيل هي التي بادرت إلى إشعالها مستخدمة شتى صنوف وأنواع بناء حملة الذرائع, على غرار ما حدث في حرب لبنان الثانية في صيف عام 2006م, وعملية الرصاص المسكوب العدوانية ضد قطاع غزة في مطلع عام 2009م الماضي, وتأسيسا على ذلك نشير إلى تزايد النوايا العدوانية العسكرية, وفقا للآتي:
• متغير التعبئة الإسرائيلية: يقصد بمفهوم التعبئة الإسرائيلية, عملية تفعيل حركة القوات الإسرائيلية بفعالية وكفاءة عالية لجهة حشدها بشكل منظم في جبهات المواجهة العسكرية المحتملة وهي: جبهة المواجهة مع سوريا-جبهة المواجهة مع لبنان-جبهة المواجهة مع قطاع غزة-جبهة المواجهة مع الضفة الغربية.
• تقول المعلومات أن عدد الأفراد العاملين بالجيش الإسرائيلي حاليا يبلغ 17650 عنصرا, مع وجود احتياطي قابل للاستدعاء في حدود 445000 عنصر, وهذا معناه, أن طاقة التعبئة العضوية للجيش الإسرائيلي سوف تكون في حدود 721500 عنصر, هذا بحسب الأرقام والمعلومات المتاحة, مع ملاحظة إمكانية حشد المزيد من العناصر, طالما أن عدد القادرين على أداء الخدمة العسكرية في إسرائيل يبلغ في حدود 1,5 مليون شخص بافتراض أن كل من هو في عمر الـ18 عاما فما فوق يستطيع المشاركة في القتال.
• متغير التكتيك الإسرائيلي: يقصد بمفهوم التكتيك الإسرائيلي جميع الإجراءات الهادفة إلى استخدام القوات الإسرائيلية في مسارح المواجهة ظلت تنطوي على سيناريو تنتظم مفاصله ضمن نسق واحد: الضربات الجوية الخاطفة-الاستخدام المكثف للمدفعية-الاستخدام المكثف للوحدات المدرعة, وذلك ضمن جهد رئيسي يهدف إلى إنجاز ما هو مطلوب خلال أقصر فترة ممكنة, لا تتجاوز الـ(بضعة أيام).
• متغير الوسائط الحربية الإسرائيلية: يقصد بمفهوم الوسائط الحربية الإسرائيلية, جميع الوسائط التي تستخدمها القوات الإسرائيلية: أسلحة وعتاد القوات-وسائط النقل والمواصلات-وسائط الدفاع-الصناعات الحربية-المواد الحربية-القدرات التكنولوجية, ونلاحظ أن القوات الإسرائيلية, تملك ترسانة الوسائط الحربية الأكثر تطورا في المنطقة, ويقول أحد التقارير بأن ميزانية الدفاع الإسرائيلية تصل سنويا إلى حوالي 13,5 مليار دولار أميركي.
على خلفية جولات المواجهة العسكرية الإسرائيلية-العربية, خلال عقود طويلة من الزمن, ظلت إسرائيل تتميز بالقدرة الفائقة, لجهة القيام بإدارة جولات الحرب والصراع, ضمن جهد حربي عملياتي, يتيح لها حسم المواجهات في أقل فترة ممكنة, وتحقيق أكبر المكاسب, وذلك ضمن ما عرف بـ«أسلوب الحرب الخاطفة» الإسرائيلية ولكن, وبرغم التفوق النوعي الإسرائيلي, الذي ظل يركز على العامل التكنولوجي أولا, ثم العامل البشري ثانيا, فقد تغيرت الأوضاع, بحيث أكدت معطيات خبرة علم الحرب, بأن العامل البشري عاد ليحتل المقدمة, وأصبح العامل التكنولوجي يأتي بعده.
خطة الحرب الإسرائيلية المحتملة: استقراء النوايا والسيناريو؟
تشير عملية الفحص والاستقراء إلى أن قرار الحرب الإسرائيلي, سوف يواجه المزيد من الصعوبات, وبرغم أنه ممكن الحدوث, فإن عملية صنع قرار الحرب في حد ذاتها, سوف تتضمن المزيد من توفير الإجابة الواضحة للأسئلة الصعبة, والتي مصدرها إشكالية كيفية التغلب على العوامل الحاكمة في سيناريو الحرب الإسرائيلي:
• العامل الحاكم الأول: ويتمثل في السؤال الحرج المتعلق بتحديد جبهة المواجهة العسكرية وفقا للتطورات والمستجدات الراهنة, وبكلمات أخرى, لن تستطيع إسرائيل هذه المرة السيطرة على العمليات العسكرية ضمن خطوط الحدود الجغرافية, وعلى سبيل المثال لا الحصر, وباعتراف الخبراء الإسرائيليين نفسهم, فإن مرتفعات الجولان قد فقدت أهميتها الجيو-ستراتيجية كنقطة تمركز لحماية الداخل الإسرائيلي, ومن ثم, فإن الخطوط العسكرية الإسرائيلية تواجه صعوبة كبيرة في بناء خطة توفر الحماية لمنطقة القلب الحيوي الإسرائيلي, والتي بلا شك, سوف تظل لفترة طويلة قادمة مكشوفة تماما أمام النيران والضربات العابرة للحدود.
• العامل الحاكم الثاني: ويتمثل في السؤال الحرج المتعلق بالخسائر البشرية, وفي هذا الخصوص, إذا كانت تقديرات الإسرائيليين تركز على حصر الخسائر البشرية ضمن أقل حد ممكن, بفعل الاستخدام المكثف للوسائط المدرعة في مسارح العمليات, فإن انكشاف العمق الإسرائيلي, يجعل من التقديرات الإسرائيلية مجرد حسابات واهمة, إلا إذا قامت إسرائيل بتوفير وسائط مدرعة, تكفي لحمل كل الشعب اليهودي الموجود داخل إسرائيل!!!
• العامل الحاكم الثالث: ويتمثل في السؤال الحرج المتعلق بالخسائر المادية, وفي هذا الخصوص, وبحسب أقل التقديرات الممكنة, نجد أن تكلفة الحرب سوف تحتاج في أسبوعها الأول فقط إلى حوالي تريليون دولار أي (ألف مليار دولار), فمن أين تحصل إسرائيل على هذا المبلغ طالماالإدارة الأميركية الحالية تجاهد من أجل الحصول على أقل من هذا المبلغ لتغطية تكاليف برنامج الضمان الصحي للمواطنين الأميركيين!! وحتى إذا قررت الإدارة الأميركية تقديم هذا المبلغ لإسرائيل, فمن أين تحصل عليه أميركا, واقتصادها يعاني من ضغوط الأزمة, وأصبحت العشرات من منشآتها الاقتصادية على حافة الإفلاس.
• العامل الحاكم الرابع: ويتمثل في الجانب النفسي-المعلوماتي, والسؤال الحرج المتعلق بالإجابة على كيفية التغلب على مشكلة الرأي العام العالمي, خاصة وأن كل العمليات العسكرية التي نفذتها إسرائيل-العدوان ضد لبنان في حرب صيف عام 2006م-والعدوان ضد قطاع غزة في مطلع عام 2009م-بدأت جميعها, ضمن موقف نفسي-معلوماتي, صدرت فيها إسرائيل نفسها على أساس "الضحية في مواجهة الجلاد" ولكن, بعد اندلاع العمليات العسكرية, انقلبت صورة إسرائيل, بحيث أصبح الرأي العام العالمي يدرك إسرائيل باعتبارها الجلاد, ويطالب حكوماته بضرورة التصدي لمهمة القيام بمعاقبة الإسرائيليين باعتبارهم المسئولين عن هذه الحروب العدوانية, وقد أدت هذه الظاهرة النفسية-المعلوماتية إلى الإضرار أولا بمنظمات اللوبي الإسرائيلي والجماعات اليهودية الموجودة في البلدان الغربية, وأيضا ألحقت الأضرار بمكانة وشعبية الزعماء الغربيين الحليفين لإسرائيل, وعلى وجه الخصوص أحزاب وقوى يمين الوسط في البلدان الأوروبية, والتي أصبح الرأي العام في بلدانها, ينظر إليها بالمزيد من الشك والريبة لجهة عدم المصداقية في التعامل مع الأداء السلوكي العدواني الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط.
• العامل الحاكم الخامس: ويتمثل في دائرة الاستقطاب الجيو-سياسي, والسؤال الحرج المتعلق بالإجابة على كيفية حصر المواجهة, بحيث تكون بين إسرائيل وجيرانها العرب, خاصة وأن العديد من الأطراف الجديدة بدأت تظهر أكثر فأكثر, لجهة عدم الحياد, وأخذ مكانها إلى جانب الطرف العربي في الصراع مع إسرائيل, وبكلمات أخرى, فقد أصبح الرأي العام التركي والحكومة التركية, والرأي العام الإيراني والحكومة الإيرانية, أكثر التزاما بالوقوف إلى جانب الطرف العربي في أي صراع محتمل ضد إسرائيل, ومن المخاطر الجديدة, احتمالات أن تقف العديد من الدول الأخرى, وعلى وجه الخصوص أذربيجان-باكستان-دول آسيا الوسطى الخمسة, إضافة إلى دول الاتحاد الأفريقي الـ"53" جميعها إلى جانب الطرف العربي يشكل أكثر حزما هذه المرة, الأمر الذي سوف يلحق المزيد من الأضرار بمواقف إسرائيل في المنظمات الدولية والإقليمية.
• العامل الحاكم السادس: ويتمثل في أمن المصالح الأميركية, والسؤال الحرج المتعلق بالإجابة على كيفية منع تدهور أمن المصالح الأميركية, وعلى وجه الخصوص في منطقة الشرق الأوسط, فالمصلحة الأميركية في العراق سوف تتدهور إلى مستوى غير مسبوق, إضافة إلى أن الرأي العام الخليجي سوف يبدأ في فرض المزيد من الضغوط الرافضة للوجود الأميركي, إضافة إلى أن الأنظمة الحليفة لأميركا, والمرتبطة باتفاقيات سلام مع إسرائيل, وتحديدا مصر والأردن, سوف تجد نفسها مهددة بخطر السقوط والانهيار المؤكد.
• العامل الحاكم السابع: ويتمثل في ضبط التوازنات, والسؤال الحرج المتعلق بكيفية حماية وجود أصدقاء إسرائيل في الساحة اللبنانية, والساحة الفلسطينية, وبكلمات أخرى, سوف تؤدي الحرب الإسرائيلية إلى "نحر" حلفاء إسرائيل اللبنانيين, إضافة إلى إنهاء نفوذ الأطراف الفلسطينية التي ظلت تراهن على عملية سلام الشرق الأوسط, وما هو أخطر من ذلك سوف يتمثل في تحويل زمام المبادرة والسيطرة في الضفة الغربية من معسكر خيار التسوية بالمفاوضات إلى معسكر خيار المقاومة بالسلاح.
• العامل الحاكم الثامن: ويتمثل في إدارة العمليات العسكرية, والسؤال الحرج المتعلق بكيفية السيطرة على فترة الحرب, وبكلمات أخرى, فإن قرار إشعال الحرب إن كان بيد إسرائيل, فإن قرار إنهاء الحرب لن يكون هذه المرة بيد إسرائيل ولا بيد أميركا, ولا حتى مجلس الأمن الدولي, وذلك لأن خصوم إسرائيل في المنطقة أصبحوا يدركون أن التفوق النوعي الإسرائيلي سوف يترتب عليه إلحاق المزيد من الخسائر, ولكن في الأيام الأولى للحرب, والتي درجت إسرائيل على إنهاء الحرب بعد مرورها, ولكن هذه المرة, فإن خصوم إسرائيل يدركون بشكل واضح, أن نافذة انكشاف إسرائيل الحقيقية تكمن في استمرار الحرب, وبشكل مستدام, وفقا لمعطيات نموذج الحرب اللامتماثلة, وعندها لن تستطيع إسرائيل تغظية الخسائر البشرية والمادية, وهي اللحظة الحرجة التي لن يغامر الإسرائيليون بالتورط فيها.
وباختصار, نشير إلى أن كل الحسابات الاستراتيجية والسياسية, البسيطة أو المعقدة, تؤكد بوضوح النتيجة القائلة بأن خيار إشعال الحرب, لن يكون في مصلحة إسرائيل, و"لكن" من يدري, فالمتهورون في الساحة السياسية الإسرائيلية كثيرون, وإذا حدث وسعى ائتلاف نتنياهو-ليبرمان إلى الضغط على الزناد, فعندها سوف يكون كل شيء مباحا..
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد